إسلام مجدي

متلازمة بديل عبد الله السعيد

خلال فترة كأس العالم 2010 برزت العديد من المقالات في الصحف الإنجليزية والألمانية حول أهمية صناع اللعب في الكرة الحديثة خاصة مع كثرة استعمال طريقة 4-2-3-1 في تلك الفترة.
الأربعاء، 21 يونيو 2017 - 16:37
عبد الله السعيد

خلال فترة كأس العالم 2010 برزت العديد من المقالات في الصحف الإنجليزية والألمانية حول أهمية صناع اللعب في الكرة الحديثة خاصة مع كثرة استعمال طريقة 4-2-3-1 في تلك الفترة.

من المستحيل أن تلعب بنظام ناجح في كرة القدم بدون لاعب مهاري قادر على صنع الفرص في خط مكون من 3 لاعبين في تلك الطريقة، لكن ماذا عن صانع الألعاب المتقدم والمتأخر؟ بالطبع في مصر لا نكترث كثيرا لتلك المسميات، لأن السعي دائما حول إيجاد بديل للاسم الكبير، الأهلي يبحث عن بديل لمحمد أبو تريكة منذ اعتزاله، وبديل لعبد الله السعيد بعد ابتعاده عن مستواه المعهود، والزمالك فعل نفس الأمر مع حازم إمام.

أولا صناعة اللعب، ريال مدريد توج بطلا لدوري أبطال أوروبا من دون صانع ألعاب متقدم حقيقي، اعتمد على الأجنحة السريعة، وموهبة إيسكو في خلق الفرص، لنعود لسؤال جدلي من هو صانع اللعب؟

لوكا مودريتش يمكن اعتباره صانع لعب والأمر ذاته مع توني كروس، حتى إيسكو وهو جناح بإمكاننا اعتباره كذلك، لكن ماذا عن الأساس؟

"كرة القدم الحديثة أصبحت تعتمد على السرعة والمهارة وعدم التقيد بالمراكز، بإمكانك أن تلعب بـ3 مدافعين في الخلف مع طرفي ملعب سريعين للغاية". تلك كانت كلمات يوسف شيبو نجم الكرة المغربية عن رأيه في دور صانع الألعاب وإمكانية التخلي عنه أم لا.

أما زيكو أسطورة البرازيل فقال :"ما نراه حاليا هو نوع مختلف من لاعبي الوسط، لم يعد هناك ما يسمى بصانع الألعاب المتقدم في دوره المعهود، تجده لاعبا سريعا يجري على الجناح ويمتلك المهارة، أو لاعب وسط محوري يمتلك موهبة وقدرة رائعة على التمرير".

وأضاف "بعض لاعبي الوسط قد يكونون أسرع بالكرة والبعض الأخر بدونها، لكنك تعتمد على تركيبة وتكوين في خط الوسط، ذلك الذي يضمن لك التنوع والكثافة المطلوبة في خط الوسط لتطبيق أفكارك بشكل أوسع".

إن اتخذنا الأهلي ومنتخب مصر كمثال لا حصرا فبإمكاننا الوقوف على تساؤل تكرر في عديد من المرات.. من بديل عبد الله السعيد؟

لماذا تكون "من" دائما وليس "ما"؟ لما لا يفكر المنتخب والأهلي في طريقة أفضل من ذلك، تلك التي تضمن صلابة دفاعية وكثافة وسرعة هجومية؟

هناك أمثلة كثيرة على لاعبين يقال عنهم صناع لعب ودورهم متأخر وبعضهم برع ولمع في طرق مثل 3-4-3 و3-5-2 و4-3-3، من دون أن يكون بنفس المبدأ، أندريا بيرلو وشابي هيرنانديز وبول بوجبا.

ألمانيا بعد ابتعاد ميسوت أوزيل عن مستواه لفترة عمدت إلى استخدام ذلك النوع من الطرق، وبعدما عاد أوزيل إلى مستواه لعب كجناح أكثر من تواجده كصانع ألعاب متقدم.

ما كان يعنيه زيكو في ذلك الوقت أن يكون لاعب الوسط المحوري أو المتأخر هو صانع الألعاب، الفارق فقط أن هؤلاء اللاعبين يتخذون أكثر من خطوة إضافية لنقل الكرة لكن النتيجة مضمونة أنك تمتلك حلولا وأكثر من سيناريو لتلعب به المباراة.

دونجا نجم وسط البرازيل السابق تحدث عن صناعة اللعب من العمق أكثر فقال :"أهم شيء أن تلك النوعية من اللاعبين تعرف جيدا متى تجعل الفريق يتقدم لضغط الخصم، ومتى يعود، للعب بين قلبي الدفاع وبعد ذلك يبدأ التحرك لشن مرتدة".

وتابع "تلك المميزات ضرورية للغاية، هو ليس صانع ألعاب متقدم، ليس عليك أن تقلق إن لم تمتلك واحدا بإمكانك أن تلعب بثلاثة لاعبين في الوسط محوريين لكن على الأقل أحدهما أو كلاهما يمتلك القدرة على نقل الكرة".

نستنبط من ذلك أنه من الممكن أن تلعب بلا صانع لعب وبإمكانك أن تسجل وتصنع وتضغط بصورة أفضل، ليفربول على سبيل المثال أيضا لا يمتلك ذلك النوع من صناع اللعب المتقدمين، ويورجن كلوب يلعب بفيليبي كوتينيو وساديو ماني كأجنحة، لكن في الوسط يمتلك لاعب متأخر مثل آدم لالانا قادر على صناعة اللعب وتأدية دور دفاعي أعمق في الملعب.

قال يورجن كلوب :"لا يوجد صانع ألعاب في العالم بإمكانه أن يكون جيدا مثل مواقف الضغط العكسي".

وبالتالي بديل عبد الله السعيد في منتخب مصر والأهلي لا يجب أن يكون لاعبا ليس موجودا، إن لم تمتلك مهاجما للمنتخب فلا ضرر أبدا أن تغير من طريقة لعبك فالمدرب يلعب بناء على ما لديه من لاعبين ويبني مخططاته بناء على قدرات لاعبيه لا العكس.

ليفربول عانى من غياب المهاجم واستغل روبيرتو فيرمينو الذي كان يلعب كصانع ألعاب وجناح كمهاجم، ليس شرطا أن يسجل لكن يجب أن ينفذ تعليمات يورجن كلوب بحذافيرها.

الأهلي أو منتخب مصر بإمكانه اللعب بثنائي ارتكاز دفاعي ولاعب وسط محوري قادر على خلق الفرص مع الوضع في الاعتبار استخدام أجنحته بصورة أكبر وأفضل.

ليس شرطا أن تجد لاعبا بنفس مميزات لاعب أخر فهناك لاعبون يأتون مرة في الحياة، وأخرون يتألقون لموسم واحد فقط، وأخرون يمرون بفترات سيئة، ليس عليك أن تجد بديلا لاسما وسيكون مؤقتا، عليك أن تجد حلا دائما لمشاكلك الفنية.

كرة القدم تغيرت وتطورت كثيرا، أصبحت أسرع وبمثابة العلم، أي لاعب لديه الموهبة والقدرة على التكيف مع تلك السرعة بإمكانه أن يكون نجما، عليك أن تسمح لنفسك أولا بتخطي مرحلة إيجاد البديل للوصول لمرحلة التفكير في إيجاد عدة حلول.

بيرلو كان صانع ألعاب ولم يكن يلعب خلف المهاجمين، فيرمينو يسجل ولم يكن يوما مهاجما صريحا، كوتينيو لم يكن جناحا، وبكل تأكيد بإمكاننا الوصول إلى تطور الكرة وتطوير اللاعبين باكتشاف مراكز أكثر وإشراكهم في أكثر من مركز، ولا يجب أن يقتصر الأمر على أحمد فتحي وحمادة طلبة.

أيا كانت حالة الفريق أو المنتخب، أيا كان البديل الذي سيخلف عبد الله السعيد، هناك حقيقة واحدة ثابتة، أي خط وسط مكون من لاعبين موهوبين يمتلكون العقلية والقدرة على تحويل مسار اللاعب من العمق إلى الأمام فهذا يعني أن خط الوسط ناجح، أي خط وسط يمرر الكرة بطريقة صحيحة إيجابية ينتج عنها أهدافا فهو صانع ألعاب في حد ذاته.

ناقشني

Follow @eslamagdi