بينيتث.. ضربة موجعة وعودة إلى الصفوة بالمجهود الشخصي

اعتاد الإسباني رافا بينيتث على قراءة اسمه في الصحف كعبقري فني وذلك منذ بداية مسيرته التدريبية منذ بدايتها في 1992 أينما حل، سواء في أسبانيا أو إيطاليا أو إنجلترا.

كتب : عمر ناصف

الإثنين، 08 مايو 2017 - 11:33
كريستيان أتسو - رافا بينيتث

اعتاد الإسباني رافا بينيتث على قراءة اسمه في الصحف كعبقري فني وذلك منذ بداية مسيرته التدريبية منذ بدايتها في 1992 أينما حل، سواء في أسبانيا أو إيطاليا أو إنجلترا.

في فالنسيا يقدسونه لقيادتهم الفريق لبطولتي دوري بجانب بطولة كأس الاتحاد الأوروبي وفي ليفربول يعشقونه بسبب خمس بطولات منهم دوري أبطال أوروبا في 2005 ورغم فشله في إنقاذ إنتر ميلان المجهد الذي تركه جوزيه مورينيو بطلا متوجا إلا أنه حصل على بطولتي كأس العالم للأندية وكأس السوبر الإيطالية معهم.

قاد تشيلسي للحصول على الدوري الأوروبي ليصبح زرق لندن أول فريق في تاريخ الاتحاد الأوروبي يحصل على دوري الأبطال والدوري الأوروبي في موسمين متتاليين منذ إستحداث البطولة الأخيرة.

ومع نابولي أعاد الفريق إلى المنافسة على الألقاب بقوة وقام ببناء فريق ممتع حقق كأس إيطاليا وكأس السوبر المحلية أيضا.

ولكن تعرضت سمعته لضربة قوية عندما قبل في صيف 2015 عرض ريال مدريد لخلافة المخضرم الإيطالي كارلو أنشيلوتي ولم يستمر سوى لـ17 مباراة معهم فقط قبل أن يخرج رئيس النادي فلورينتينو بيريز بقرار إقالة الإسباني وتعين مدرب الشباب زين الدين زيدان خلفا له.

سبعة أشهر و25 مباراة هي مجمل ما ظهر مدربا لريال مدريد ففاز في 17 مباراة وتعادل في خمس وخسر ثلاثة كانت واحدة منهم القشة التي قسمت ظهر البعير أمام برشلونة برباعية في مباراة ظهر فيها خط وسط الملكي غائبا كما هي تدخلات المدرب الفنية.

لم يتحدث أحد في مدريد عن عبقرية المدرب بل تهكموا على كل ما يقوم به بداية من طريقة اللعب إنتهاء بحصوله على قطمة ساندوتش على دكة البدلاء في محاولة بائسة للتغلب على التوتر والقلق الذي أصابه بسبب الضغوطات والهجمات التي تعرض لها من الصحافة والإعلام ومشجعي ريال مدريد على عكس ما اعتاد عليه.

بلا عمل بعد ذلك، حتى جاء في مارس 2016 عرض من نيوكاسل المنافس على الهبوط في الدوري الإنجليزي لقيادة الفريق في المباريات العشر الأخيرة من الدوري الإنجليزي، البقاء يبدو صعبا وإن لم يكن مستحيلا فمصير الفريق ليس بيديه فقط ولكن مع مرهونا بسقوط منافسيه فقط.

أراد بينيتث تحدي جديد عليه في مسيرته فقبل المهمة وأراد مايك أشلي مالك نيوكاسل إعطاء بعض الضمانات في عقد المواسم الثلاث للإسباني المميز فأعطاه حرية التصرف في مستقبله في حال هبط الفريق بنهاية الأشهر الأولى في مسيرته مع الفريق.

فشل كما المتوقع في الإبقاء على نيوكاسل في الدرجة الأول بفارق نقطتين فقط عن سندرلاند الذي نجا من معركة الهبوط الموسم الماضي وإن سقط هذا الموسم في نهايته.

لم يستسلم بينيتث للهبوط وقرر البقاء في نيوكاسل وإنجلترا المكان الأخير الذي تعطيه الصحافة والجمهور بعض الإحترام الذي فقده في مدريد.

ولكن للبقاء كان عليه إجراء تغيرات شاملة على كل ما يحدث حوله في النادي الإنجليزي الذي عانى كثيرا قبل وصول الإسباني له، والهبوط كان فرصة كبرى للتغيير.

"سأبقى هنا للموسم المقبل بشرط أن أمتلك التشكيلة الأقوى في المكان الذي هبطنا إليه" هكذا تحدث بعد الهبوط.

رسالة بينيتث كانت واضحة للمالك مايك أشلي "ما يطلبه بينيتث يحصل عليه بينيتث" فكان له ما أراد رغم فشل كل من سلفه في الحصول على هذا الحق.

درس المدرب الإسباني كل من هبط في الأعوام السابقة وتوصل إلى المشكلة التي تجعل الهابط لا يعود سريعا فكان طلبه الأول من المالك "ميزانية كبرى وتشكيلة هي الأقوى في الدرجة الأولى".

حصل بينيتث على ما يريد بجانب تحكمه في حركة الراحلين وإختياره للتعاقدات فتم بيع موسى سيسوكو وداريل يانمات وجورجينيو فاينالدوم وأندروس تاونسند نجوم الفريق وذلك لإفساح المجال لتعاقدات مميزة تساعد الفريق على العودة سريعا إلى الدوري الممتاز.

لم يذهب بينيتث إلى الكبار الأقرب للإعتزال منه إلى لعب كرة القدم وتخلى عن سياسة الفريق التعاقدية في المواسم السابقة في جلب كل ما يدعى "موهبة شابة" أو يسبقها لقب "خليفة اللاعب الشهير".

نجح بينيتث في إقناع مات ريتشي لاعب بورنموث ودوايت جايل مهاجم كريستال بالاس ومحمد ديامي هداف هال سيتي في ترك جنة الدوري الإنجليزي والإنتقال إلى الدرجة الأولى واللعب لنيوكاسل مع وعود بتعويضهم عن القرار الذي بدا غير صائب حينها بالنجاحات المستقبلية.

مايك أشلي كان الأسعد بنهاية سوق الإنتقالات فبينيتث بعد أن أتم شراء كل أحتياجاته ترك له ربح تجاوز الـ30 مليون جنيه إسترليني.

تحدث نيل وارنوك المدير الفني لكارديف سيتي عن نيوكاسل بينيتث قائلا في بداية الموسم "هي التشكيلة الأقوى في تاريخ البطولة التي أراها" كان على الفريق تحويل ذلك إلى إنجازات عملية على أرضية الملعب.

خلال تلك الفترة تعرض بينيتث لضربة أخرى فمساعده فابيو بيتشي الذي جلس بجانبه في نابولي وريال مدريد قرر الرحيل عنه وبدء مسيرته التدريبية كمدير فني في إيطاليا مع هيلاس فيرونا تبعها خيبة أمل في يناير الماضي بسبب فشل الفريق في إجراء أي تعاقد شتوي.

لكن بينيتث نجح في إعادة نيوكاسل إلى الدوري الإنجليزي مرة أخرى قبل النهاية بأسابيع قليلة وصيفا لبرايتون المتصدر حتى الثانية الأخيرة من الموسم عندما سجل جاك جريليش هدف التعديل لأستون فيلا ليذهب بلقب البطولة إلى الماكبايز ويهدي بينيتث البطولة الأولى في مسيرته التدريبية مع نيوكاسل.

لم يكن هذا هو الهدف الأساسي للإسباني الذي تم سؤاله سابقا عن منافسته على اللقب وإحتمالية ضياعه فقال "بعد ستة أشهر لن يتحدث الناس أننا فزنا باللقب ولكن سيقولون لقد صعدوا وهذا هو هدفي".

لا تبدو مسيرة بينيتز في نهايتها مع الفريق فكل ما حدث هو البداية فقط، الإسباني تحدث بعد ضمان التأهل للإعلام قائلا "هدفي هو الصعود لأعلى مع الفريق كل يوم".

"حديثي هنا ليس فقط من خبرات سابقة ولكن بالأرقام والإحصائيات في السنوات الخمس الماضية من يصعد من هنا يعود سريعا مما يدل على صعوبة الأمور على الصاعدين دائما".

عمل بينيتث لم يقتصر على الأمور الفنية وإدارة التعاقدات بل قرر العمل على اكتساب حب الجماهير ليس فقط بالإنتصارات بل بمشاركتهم اللقاءات الدورية والحديث مع الإعلام المحلي والتواصل مع محبي النادي في سابقة لم تكن تحدث طوال تواجد المالك الحالي مايك أشلي.

يوميا، يتحول بينيتث إلى رمز كبير في نيوكاسل ويدخل قلوب محبيه ليقترب من منزلة مدربهم الأسطوري بوبي روبسون وهو ما يزيد من خوف الجماهير من أشلي وقراراته الخاطئة دائما في مسيرته مع النادي.

ستضع الجماهير أيديها على قلوبها الصيف القادم من صدام يتوقعونه ما بين بينيتث وأشلي حول سوق الإنتقالات فرغم نجاح بينيتث في إرضاء المالك ماديا إلا أن الأخير اعتاد التدخل في ما لا يعنيه وفي حال بينيتث هذا الأمر مرفوض شكلا وموضوعا وبقاءه في الفريق مرهون دائما بتلك النقطة.

نجح بينيتث في إعادة الثقة إلى نفسه في قدرته على التغلب على المعوقات والصعوبات والوصول إلى أهدافه ومعها إعادة اسمه مرة أخرى بين الصفوة بمجهوده الشخصي وليس بسمعته السابقة.