300 قصة حزينة كتبهم جابرييل عمر باتيستوتا

"استيقظت هذا الصباح مثل كل يوم، أحب أن أعتقد أني شخص جديد، ولكن الزمن يفعل ما يفعله وثمار الفراولة تركت لتتعفن". المتابعون لتاريخ موسيقى الروك يعلمون أن لفريق "ريد هوت تشيلي بيبيرز" فضلا كبيرا على تلك الموسيقى وأن لتاريخ وإبداع...

كتب : فادي أشرف

الأربعاء، 01 فبراير 2017 - 15:06
باتيستوتا

"استيقظت هذا الصباح مثل كل يوم، أحب أن أعتقد أني شخص جديد، ولكن الزمن يفعل ما يفعله وثمار الفراولة تركت لتتعفن".

المتابعون لتاريخ موسيقى الروك يعلمون أن لفريق "ريد هوت تشيلي بيبيرز" فضلا كبيرا على تلك الموسيقى وأن لتاريخ وإبداع مغني الفريق ومؤسسه أنتوني كيديس في دمج الروك بالفانك تارة وبالراب تارة أخرى دورا عظيما في تشكيل شخصية ولاية كاليفورنيا الموسيقية منذ 1983، ولكن في ألبوم الفريق الأخير "الهروب" أو "The Getaway" بدت الأغاني أبطأ، الزمن فعل فعلته في كيديس صاحب الـ54 عاما وقت إصدار الألبوم العام الماضي، الكلمات أحزن والموسيقى أبطأ، هذا ما ستجده في أغنية "الصياد" أو "The Hunter" التي ننصح بسماعها بينما نقص عليك 300 قصة حزينة بأقدام ورأس جابرييل عمر باتيستوتا الذي يتم اليوم 1 فبراير عامه الـ48.

"الصياد يتم اصطياده"

في مرحلة ذهبية لكرة القدم في العام 2000، يواجه فيورنتينا مانشستر يونايتد المتوج بثلاثية ذهبية في عام 1999. يستلم ذلك الأرجنتيني الذي يعلمه الإنجليز جيدا بسبب تراجيديا سانت إتيان قبل ذلك التاريخ بعامين، يراوغ ياب ستام – وما أدراكم ما ياب ستام في ذلك التاريخ – يسدد صاروخا يحول أولد ترافورد إلى الصمت لمدة 5 ثواني تقريبا، بين الصدمة لتلقي هدف في مسرح الأحلام ومحاولة فهم ما حدث.

الحكاية تبدأ على ارتفاع 35 مترا عن سطح البحر وعلى بعد 790 كيلومترا من بوينيس أيرس، بالتحديد في مدينة أفيينادا في ولاية سانتا في.

في 1 فبراير 1969 يحتفل عامل المجزر عمر باتيستوتا وسكرتيرة المدرسة جلوريا زيلي بأول أبنائهم الأربعة، جابرييل، الذي سيعرف لاحقا بباتيجول".

التداول السلمي للسلطة التهديفية.. لماذا علينا أن نشكر ماريو كيمبس

في 1978 لم يكن هناك دييجو أرماندو مارادونا، كان شابا في الـ17 يلعب في أرجنتينوس جونيورز لكن الكل على علم بموهبته ويطالبون سيزار مينوتي بضمه لقائمة الفريق الذي سيخوض كأس العالم على أرضه بأمل حصد اللقب الأول.

المدرب الأسطوري لم يرضخ ولم يضم مارادونا، ولكن كان هناك ماريو كيمبس الذي سجل 6 أهداف قادت راقصي التانجو للقبهم العالمي الأول، ومعه ألهم جيلا من مواليد أخر الستينيات وأوائل السبعينيات للعب كرة القدم، أسماء مثل دييجو سيميوني وآرييل أورتيجا وخوان سيباستيان فيرون وخافيير زانيتي والرئيس المقبل لجمهورية راقصي التانجو التهديفية، والذي سيقترن اسمه للأبد بكلمة "جول".

في الشارع، كانت بداية جابرييل قبل الانضمام لنادي جروبو ألجيريا ومنه لبلاتينسي قبل أن يبدأ الاحتراف الحقيقي في 1988 مع نيولز أولد بويز.

قبل أن نشكر كيمبس، علينا أن نشكر خورخي جريفا، مدرب شباب أولد بويز الذي أقنع جابرييل بترك أفيياندا والقدوم إلى روساريو التي في وقت لاحق ستمنح كرة القدم هدية ليونيل ميسي.

"الحيوان"، هكذا كان لقبه في روساريو، تلك العين لاصطياد المساحات واصطياد المدافعين بعد ذلك واصطياد الزاوية المستحيلة على حارس المرمى واصطياد الهدف، ولكن في روساريو لم تكن الأموال كافية لذا عمل جابرييل في قص عشب ملعب الفريق وتنظيف الزجاج والمدرجات من أجل أموال أكثر تسانده على المعيشة في روساريو والاستمرار في لعب كرة القدم.

مع تألق جابرييل الملفت، كانت أعين ريفر بليت العدو اللدود لبوكا جونيورز نادي جابرييل المفضل موجودة، والتقطته، وفي تلك المرحلة لم يكن جابرييل يريد سوى تسجيل الأهداف والفوز، ورأى ريفر بليت المكان الأفضل لذلك – سيكرر فعلته تلك مرة أخرى وسيعتذر.

ولكن قائد جيل 1978 الذهبي دانييل باساريلا لم يقتنع بقدرات جابرييل، ورغم ذلك سجل 17 هدف في 19 مباراة بقميص يكرهه، قبل أن يعبر الخط الفاصل إلى الحلم، بوكا جونيورز.

عندما رحل جابرييل لبوكا جونيورز لعب خارج مكانه الأساسي تحت قيادة أوسفالدو بوتينتي قبل أن يرحل ويستلم أوسكار تاباريز الذي رأى ما لم يراه باساريلا وبوتينتي.

بقية القصة معروفة، عشرات الأهداف وتألق مع الألبيسيليستي في كوبا أمريكا 1991 خرجت به من "لا بومبونيرا" إلى أرتيميو فرانكي، 9 سنوات بلا بطولة لكنهم تزينوا بـ168 هدفا وصار رمزا بعد أن بقى مع النادي بعد هبوطه وقاده للصعود مرة أخرى.

ولكن غياب الألقاب قاده في العام 2000 للذهاب إلى روما ونيل لقب السكوديتو مع الشاب فرانشيسكو توتي، وهي الخطوة التي اعتذر عنها لاحقا عندما نال وسام مدينة فلورنسا، المدينة التي شيدت له تمثالا من البرونز.

لن يكفي السرد رحلة جابرييل في إيطاليا، أو رحيله غير المؤثر إلى إنتر ورحلته الخليجية مع العربي القطري حتى اعتزاله في 2005، وكذلك مشواره مع الأرجنتين التي صار هدافها التاريخي بـ56 هدفا قبل أن يكسر ليونيل ميسي رقمه العام الماضي.

كل ذلك كان له سعرا، الضغط الكبير على قدمه تسبب له في ألم شديد لم يقوى على إثره على القيام لدخول الحمام.

"تركت كرة القدم، وفي يوم شعرت أني لا أستطيع المشي. بللت سريري مع أن الحمام كان على بعد 3 أمتار، كانت الساعة الرابعة فجرا وعلمت أني لو نهضت من مكاني سيقتلني ألم الكاحل، ذهبت للطبيب بأعجوبة وقلت له أن يقطع قدمي، وصفني بالجنون ولكن لا يمكنني تحمل الألم أو وصفه في كلمات".

ألم باتيستوتا كان بسبب مشاكل في الغضاريف والأربطة ما أزاد الاحتكاك بين عظامه، ووجد الأطباء حلا للمشكلة بتركيب دعامات في مكان الغضاريف ليخلصوا جابرييل من ذلك الألم.

300 هدف، ولقبين للدوري الأرجنتيني وبطولة دوري إيطالي وكأس إيطاليا وكأسين سوبر إيطالي ولقبين كوبا أمريكا ولقب كأس قارات كانت التركة التي تركها جابرييل، مع ألقاب فردية كثيرة منها هداف كوبا أمريكا 1991 و1995 وهداف الدوري الإيطالي في 1995 وثالث أفضل لاعب في العالم في 1999.

300 قصة حزينة

لماذا كتب جابرييل وترك لنا 300 قصة حزينة؟

"الملاك" سجل 300 هدف, أو أكثر من ذلك، في عصور لم يكن المتوقع من اللاعب تسجيل أكثر من 50 هدف من الموسم، في عصور قبل هوس الأرشفة والإحصائيات والأرقام، في زمن كانت المتعة الكروية هي هدفه الأول، كان يوجد نجوما عالميين مثل زين الدين زيدان ورونالدو ودينيس بيركامب وريفالدو ولويس فيجو وكثر أخرون.. لكن الصراع كان أفضل من الصراع دائما على المركز الثالث في جائزة أفضل لاعب في العالم خلف ميسي وكريستيانو رونالدو.

300 قصة كانت سعيدة في وقتها، وحزينة الآن لما تحولت كرة القدم لعملية ميكانيكية تعتمد على الفيزياء أكثر من الفن، بعيدا عن بعض الإبداعات الفردية، مثلما صارت الموسيقى الإلكترونية هي الغالبة في نوادي كاليفورنيا الليلية مع القليل من إبداعات "كولدبلاي" مثلا، وتوقف المعظم عن سماع "ريد هوت تشيلي بيبيرز" كما توقف العالم عن إنجاب مهاجمين مثل جابرييل عمر باتيستوتا.