بطل في الجول - ياو مينج.. صنعته الحكومة الصينية وأصبح من رموز الإنترنت

إذا كنت مسؤولا عن الرياضة في بلد ما وأردت أن تحسن مستوى الرياضيين فيمكنك الاهتمام بالنظم التدريبية وتطبيق الأحدث منها أو التعاقد مع خبراء ومدربين على مستوى عال أو تقديم حوافز ومكافآت كبيرة في حالة الإجادة مع وضع خطة تستمر عدة سنوات، الأمور لا تتم هكذا في الصين، البلد التي يشكل سكانها سدس تعداد العالم تنشئ حرفيا رياضيين بالشكل المطلوب ثم تجبرهم على التدريب وممارسة رياضة معينة لتحقيق إنجازات تعلي من شأن البلاد في المحافل الدولية.<br>

كتب : إسلام محمود

السبت، 07 مايو 2016 - 12:14
إذا كنت مسؤولا عن الرياضة في بلد ما وأردت أن تحسن مستوى الرياضيين فيمكنك الاهتمام بالنظم التدريبية وتطبيق الأحدث منها أو التعاقد مع خبراء ومدربين على مستوى عال أو تقديم حوافز ومكافآت كبيرة في حالة الإجادة مع وضع خطة تستمر عدة سنوات، الأمور لا تتم هكذا في الصين، البلد التي يشكل سكانها سدس تعداد العالم تنشئ حرفيا رياضيين بالشكل المطلوب ثم تجبرهم على التدريب وممارسة رياضة معينة لتحقيق إنجازات تعلي من شأن البلاد في المحافل الدولية.

هكذا بدأت قصة ياو مينج والتي ذكرها الصحفي بروك لارمر في كتاب صدر عام 2008 بعنوان "عملية ياو مينج" قبل أوليمبياد بكين التي أقيمت ذلك العام.

بطل في الجول - تومي كاسيدي الذي اعترف برشوة فريقه للحكم فكان مصيره الإيقاف مدى الحياة

بطل في الجول - آيرتون سينا.. الرجل الذي مات في حلبة الفورملا تحت أنظار كاكا

بطل في الجول - حكاية الاسطورة التي تختفي خلف ركلة جزاء مجدي عبد الغني

العملاق الصيني الذي مر بطفولة قاسية ولعب كرة السلة رغما عنه فأصبح من أساطير الصين وأفضل ارتكازات اللعبة لكنه ظل رجلا صاحب قلب كبير بعد اعتزاله ولم تؤثر طفولته على أعماله الخيرية واشتهر بالصدفة وأصبح من رموز الإنترنت.

البداية بأمر حكومي

حكومة الصين كان لديها مشروع لتطوير الرياضيين عن طريق الجينات، فهناك فريق طبي متكامل تابع للحكومة يجري أبحاثا وراثية تتوقع شكل المواليد وبقياسات وحسابات دقيقة للعظام وتكوينها تتوقع حجمهم في المستقبل قبل ولادتهم، وتستمر الأبحاث على عظام المواليد وهورموناتهم بعد الولادة كي تتوقع حجمهم وبناء على ذلك ترسم لهم طريقا في رياضات محددة تناسب تكوينهم الجسماني المنتظر.

عام 1979 بعد عقدين من متابعة عائلته، وضمن مشروع لإنتاج لاعبي كرة سلة ذوي أطوال غير معتادة تم دفع ياو جيان، وهو لاعب كرة سلة يبلغ طوله 205 سم للزواج بفانج فيندي وهي الأخرى لاعبة كرة سلة ويبلغ طولها 182 سم، وبعد عام واحد أنجب الثنائي طفلا أطلقا عليه اسم ياو.

ومنذ طفولته، لعب ياو كرة السلة نظرا لطوله الفارع مقارنة بسنه، فقد بلغ طوله 171 –وهو متوسط الرجل البالغ في الصين- وهو بعمر 8 سنوات فقط، وكأي رياضي في الصين ضمن مشروعات الحكومة تعرض لتدريبات شاقة وكان جزءا من أبحاث علمية شملت التحكم في غذاؤه وإعطاؤه أدوية معينة في محاولة لجعله أكثر طولا.

بالرغم من رفض والديه إدراجه في النظام القاسي الذي تعرضا له ليجعل منهما رياضيين في المستقبل فإن الخيار في الواقع لم يكن لهما، ولعب ياو كرة السلة مجبرا وكرهها منذ طفولته حتى سن المراهقة -والتي بلغ فيها طوله 228 سم-، ولم يكن بارعا فيها بشكل كبير.

وكان ياو مينج قد عدل عن رأيه في النهاية إذ صرح ذات مرة وقال: "بالنسبة لي، كرة السلة رياضة ممتعة وهواية وأمر أهتم به كثيرا في المقام الأول، هي أيضا مهنتي لكن ذلك يأتي في المقام الثاني. أنا محظوظ للغاية أنني وجدت مهنة أحبها".

بداية رحلة NBA وتألق مفاجئ

على مدار 5 سنوات منذ عام 1998 حتى عام 2002 لعب ياو مينج لفريق شنجهاي شاركس في الدوري الصيني، وحقق متوسطات قدرت بـ23.4 نقطة و15.4 متابعة في المباراة.

مستواه، وبضغط من الحكومة الصينية التي شكلت فريقا مكون من 3 وكلاء وخبير اقتصادي وآخر تسويقي عرف بفريق ياو ليكون بمثابة وكيل أعماله في مفاوضاته، أهله لدخول اختيارات NBA عام 2002. واختاره هيوستن روكتس صاحب البطاقة الأولى ليصبح أول لاعب أجنبي لم يلعب في دوري الجامعات الأمريكي يتم اختياره أولا في NBA Draft.

الأمر لم يكن بسيطا، فياو تم الضغط عليه ليدخل اختيارات NBA، ووقع عقدا بناء على نصيحة مدربه لي ياومين مع شركة Evergreen Sports الصينية لتكون وكيله الرسمي مقابل الحصول على 33% من دخله، لكن بعد توقيعه لعقود انضمامه لـNBA أُبطل هذا العقد.

كما اشترط الاتحاد الصيني أن يتم اختيار ياو في الاختيار الأول وإلا فإنه لن يذهب للولايات المتحدة الأمريكية من الأساس، كما تم إجباره على اللعب للمنتخب الوطني دون إعطاؤه حق القبول أو الرفض.

رحلة ياو مينج في NBA كانت ناجحة للغاية، بالرغم من توقع خبراء اللعبة فشله حتى أن أسطورة فينيكس تشارليز باركلي راهن على ألا يسجل ياو أكثر من 19 نقطة طوال موسمه الأول، لكن العملاق الصيني أثبت خطأ الجميع فعلها في مباراته السابعة كما تم اختياره ثانيا في سباق أفضل لاعب صاعد بعد أماري ستودماير، كما تم التصويت له ليبدأ أساسيا في مباراة كل النجوم على حساب العملاق شاكيل أونيل ليكون أول لاعب يبدأ مباراة كل النجوم في سنته الأولى منذ عام 1995 بعد جرانت هيل.

وبرغم ضم ترايسي مكجريدي الذي كان نجما في أورلاندو ماجيك وقتها وتشكيله ثنائيا قويا مع ياو مينج فإن هيوستن لم يرتق أبدا لتطلعات مشجعيه ولم يصل لنهائيات المجموعة الغربية أو نهائيات NBA طوال مدة تواجد ياو مينج مع الفريق.

وعلى مدار مسيرة استمرت 10 سنوات لعب خلالها ياو 486 مباراة كانت متوسطاته 19 نقطة و9.2 متابعة و2 تصدي، أعلى متوسط تسجيل وصل له ياو في موسم 2007 وكان 25 نقطة، أعلى معدل متابعات كان 10.8 عام 2008، وهو رقم قليل مقارنة بطول ياو مينج الذي كان يتفوق بفارق 12 سم عن أقرب لاعب إليه طولا!

تم اختياره لفريق كل النجوم في المجموعة الغربية 8 مرات في مسيرته منذ عام 2002 حتى عام 2011. فقط غاب عن مباراة كل النجوم عام 2010 للإصابة.

اعتزل ياو عام 2011 بعمر 30 عاما بعد انتهاء عقده مع هيوستن بعد إصابات عديدة في ساقه وركبته اليسرى كحال الكثيرين من لاعبي الارتكاز الذين أنهت الإصابات مسيرتهم مبكرا.

غزو الإنترنت بسبب ضحكة

في مؤتمر صحفي عقد في مايو 2009 بعد إحدى مباريات هيوستن ظهر فيه ياو مينج برفقة زميله رون أرتست يتبادلان المزاح التقطت عدسة إحدى الكاميرات لقطة لياو يضحك بعفوية شديد، وفي يوليو 2010 حول أحد رسامي الكاريكاتير ويدعى Downlow الصورة نفسها لرسمة كارتونية يتم استخدامها بشكل ساخر لصنع "كوميكس" وتحول ياو مينج من نجم في أوساط كرة السلة فقط لوجه مشهور عالميا يستخدمه الجميع على الإنترنت.

العملاق الصيني لم يبد اعتراضه أبدا على تحوله لصورة ساخرة يستخدمها مستخدمي الإنترنت في العام حتى أنه ذات مرة ارتدى قميصا عليه صورته الكارتونية.

ياو مينج معروف أيضا بحبه للأعمال الخيرية والمشاركة في المباريات التي تهدف لجمع التبرعات لصالح الأطفال ويرجع ذلك بسبب ما عاناه خلال طفولته، وجمع 300 ألف دولار عام 2007 في مباراة خيرية بهدف محاربة مرض سارس وقت انتشاره، وتبرع بـ2 مليون دولار لصالح ضحايا زلزال سيشون عام 2008. كما قام عام 2011 بشراء ناديه الأول شنجهاي شاركس لإنقاذه من الإفلاس الذي هدد بإغلاقه.

ياو أيضا سفير للأوليمبياد الخاصة بمتحدي الإعاقة وعضو في لجنتها الدولية.

كما أنه عضوا في مبادرة كرة سلة بلا حدود والتي تهدف لنشر اللعبة في الدول الفقيرة، بالإضافة لحبه للحياة البرية ومشاركته في حملات لحماية الحيوانات المهددة بالانقراض.