أحمد مختار

تحليل أهلاوي – القائد الحقيقي لأوركسترا الشياطين الحمر

ابعدوا 4-2-3-1 ولو قليلا.. هكذا كان الشعار الأهلاوي في قمة برج العرب أمام الدراويش بعد رحيل بيسيرو إلى بورتو، وعودة زيزو من جديد كحل مؤقت قبل الإعلان عن المدير الفني الجديد.
الأربعاء، 20 يناير 2016 - 21:31
ابعدوا 4-2-3-1 ولو قليلا.. هكذا كان الشعار الأهلاوي في قمة برج العرب أمام الدراويش بعد رحيل بيسيرو إلى بورتو، وعودة زيزو من جديد كحل مؤقت قبل الإعلان عن المدير الفني الجديد.

هل فعلا الأهلي لم يلعب بخطة بيسيرو المفضلة؟

بكل تأكيد مشاركة أنطوي وعمرو جمال في تشكيل واحد قضت تماما على رهانات اللعب بمهاجم واحد، حتى وإن لعب أنطوي على الجانب الأيمن، لأن تحركات لاعبي الهجوم ابتعدت بعض الشيء عن المركزية، وظهر هجوم المارد الأحمر وكأنه يلعب مع زيزو منذ بداية الموسم.

يلعب عمرو جمال في العمق الهجومي، على يمينه أنطوي وعلى يساره رمضان، مع الضرب في العمق برمانة الميزان عبد الله السعيد كلاعب كلاسيكي رقم 10 أمام ثنائي الارتكاز غالي وفتحي.

هو رسم خططي قريب من 4-3-3 ومشتقاتها، لأن الجناح في هذه الخطة يكون في الأغلب مهاجم "أنطوي" أو ساعد هجومي "رمضان".

بدون درويش

يُعرف الإسماعيلي بمهاراته وكراته البينية، لكن أمام الأهلي ظهر الدراويش بدون أي درويش.

ظهر الإسماعيلي كفريق دفاعي بامتياز، لا يهاجم أبدا، وحتى عندما يفكر في الهجوم يلعب كرات طولية متوقعة تجاه المهاجم الوحيد مروان محسن.

لعب التونسي بخطة قريبة من 4-5-1، ثنائي على كل جانب مع ثلاثي بالعمق يتقدمهم العشوائي بامتياز عفروتو، من أجل البقاء فقط أمام دائرة المنتصف، بعيدا عن مرمى الأهلي.

اللعب بضغط منخفض أو متوسط Low-Mid Block أعطى دفاع ووسط الأهلي حرية أكبر.

لكن الأهلي عابه أمرا هاما بسبب خطة الإسماعيلي.

فقد استمر الضغط من جانب الإسماعيلي على غالي، الكابتن لم يعد إلى الدفاع من أجل الاستلام، بل ظل في موقعه بالوسط، ما جعل بناء الهجمة يعتمد بشكل كلي على تمريرات من ثنائي الدفاع حجازي ورامي ربيعة.

فلسفة بناء الهجمة

نعيد ونزيد من جديد على أهمية بناء الهجمات من الخلف، إنها فلسفة تحتاج لعمل كبير من الفريق الأهلاوي، لأن الضغط على غالي يعني شل الوسط تقريبا.

وبالتالي تزيد الحاجة في الأهلي إلى تمريرات أحمد حجازي من الخلف، المدافع الذي يقوم بدور لاعب الارتكاز عند الحاجة.

كيف يصعد حجازي بالكرة إذن؟

يجب أن يتحرك باستمرار ثنائي الارتكاز أمام الدفاع، لماذا؟ حتى يفتح الفراغ اللازم للتمرير من الخلف إلى الأمام، ويجب أن يقترن تحركات لاعبي الوسط بخفة وسرعة لاعبي الثلث الهجومي.

آرسنال كمثال، يتحرك كوكلين قبل إصابته باستمرار في الوسط، هو ليس ممررا جيدا من الأساس، لكنه يتحرك ولا يقف أبدا من أجل صعود كوسيلني بالكرة لكي يمررها إلى أوزيل في وبين الخطوط، وهذا ما يجب أن يكرره الأهلي، سواء أمام الإسماعيلي أو الاتحاد أو الزمالك.

صعود حجازي مع تحرك رمضان صبحي أو عبد الله السعيد، تمريرة طولية من الخلف تصنع الفارق.

ورقميا حجازي يستطيع.. لعب مدافع فيورنتينا السابق 6 كرات طولية خلال المباراة، رقم يتفوق به على الجميع باستثناء حراس المرمى!

مثلثات الهجوم

قلت في بداية التحليل إن الأهلي لم يلعب أبدا بـ 4-2-3-1، لأن جون أنطوي لعب كمهاجم مائل للطرف وليس كطرف صريح أبدا.

لذلك كانت كل الخطورة مع مثلثات أنطوي، رمضان، وعبد الله. لاعب يأتي من اليمين أمام آخر ينطلق من اليسار إلى العمق، لكي يفتح الثنائي الفراغ أمام عبد الله السعيد في قلب العمق الهجومي.

يظهر السعيد بشكل مميز كلما حصل على مساحة أكبر للتحرك، هو لاعب بطيء بالفطرة، لكنه صاحب لمسة خاصة، حتى في أسوأ مستوياته. يستطيع صناعة الفارق! لذلك ساهمت تحركات أنطوي ومهارة رمضان في جعل السعيد أفضل.

فبسبب أنطوي ورمضان تسلم عبد الله السعيد الكرة كل مرة دون ضغط، فلعب بشكل أفضل.

أوفرلاب

لعب الأهلي بثنائي طرفي يميل للعمق، فتح الفرصة أمام الظهيرين للصعود كثيرا إلى الهجو.

ورغم لعب الإسماعيلي بثنائي على كل طرف، إلا أنه فشل تماما في التعامل مع طريقة هجوم الأهلي، والسر في التمركز السليم من جانب معظم لاعبي النادي الأحمر.

التمركز المثالي أي الحصول على المكان المناسب في الملعب من أجل التحكم في الفراغات وخنق الخصم في نصف ملعبه. الفريق الناجح هو من يتوقع أين ستلعب الكرة، وهذا ما ظهر في بعض فترات المباراة.

فريق الإسماعيلي لا يستطيع الصعود بالكرة من نصف ملعبه، يغطي وسط الأهلي على الظهيرين، ويدخل ثنائي الأجنحة إلى العمق، لذلك شاهدنا اكثر من هجمة خطيرة عن طريق صبري رحيل وهاني، الأظهرة تتمرد أخيرا!

الرسم يوضح باختصار عدد العرضيات الناجحة للأهلي خلال آخر نصف ساعة بالشوط الأول، 3 عرضيات ناجحة من جهة صبري رحيل ورمضان صبحي، أوفرلاب مثالي.

الشخصية المفقودة

ظهر الأهلي بصورة أقل في الشوط الثاني، ربما بسبب الإصابات والتغييرات الاضطرارية، خروج حسام غالي وصبري رحيل، مع عدم وجود بديل حقيقي في المنتصف، مما أجبر السعيد على العودة للخلف قليلا، خصوصا بعد مشاركة مؤمن زكريا ومتعب في الهجوم.

كذلك أيضا تحسن أداء الإسماعيلي، إبراهيم حسن افضل من عفروتو بمراحل، والفريق بشكل عام يريد التعادل، فظهر بصورة أميز من الشوط الأول، كل هذه العوامل طبيعية، متوقعة، ومقبولة، لكن الأهلي لا يزال يفتقد إلى شخصية البطل!

بمعنى، لا يتحكم الفريق بنجاح في نسق المباريات الكبيرة هذا الموسم. لا يعرف متى يهاجم ومتى يدافع، كيف يُنهي المباراة من البدايات، وأين يحتفظ لاعبوه بالكرة.

هذا الخلل طبيعي بسبب توالي المدربين، جاريدو، فتحي مبروك، بيسيرو، زيزو، أسماء كثيرة في فترة زمنية قصيرة، ليتحول البطل تدريجيا إلى أحد الفرق، مثله مثل غيره في الدوري الممتاز، ودور أي مدرب جديد سيكمن أولا في إعادة الهيبة.

السعيد

يستحق عبد الله السعيد نجومية المباراة، الفكرة ليست في الهدف أو الضربة الحرة المباشرة، ولكن في تأثيره القوي على طريقة لعب الأهلي وتحكمه في مجريات اللعب.

السعيد ليس لاعبا سريعا، ولا يتحرك بشكل خاطف، كذلك من الصعب عليه فعل شيء في موقف 1 ضد 1، لكنه إيجابي ومختلف في المساحات الشاغرة، والأمر لا يتعلق بانطلاقاته، ولكن في لمسته وتمريراته، كلما ابتعد عن الضغط.

لذلك لعب عبد الله دور "الوسيط" في كل عمليات الأهلي هجوميا، لأنه أقرب لاعب باستمرار إلى زملائه، قريب من حسام غالي، من رمضان صبحي، من عمرو جمال، من فتحي والجميع.

19 تمريرة بين غالي وعبد الله، 11 بينه وبين فتحي، 8 بينه بين رمضان، إذن عبد الله السعيد هو المايسترو الحقيقي في قمة الأهلي والإسماعيلي.

جيجن برسينج

كلمة أخيرة لا بد منها، تلاشت الفوارق بين الأهلي وبقية الأندية المصرية، الإعلام يتحدث عن نضج وتطور بقية المنافسين. لكن أجد نفسي في صف المخالف، لأن كرة الأهلي صارت أقل كثيرا من الماضي، ولم يعد الفريق يضغط بشكل متقدم على الفرق الأخرى، لذلك لم يعد هناك خوف.

الضغط العالي حل جذري أمام فرق الدوري المصري، لأن معظم المدافعين غير قادرين على التمرير الإيجابي، أو الخروج بالكرة، لذلك كلما ضغطت في نصف ملعبهم، كلما قطعت كرات عديدة، وبالتالي تمنع الهجمات من مرماك، وتصل إلى مرماهم في فترة زمنية أقل، فيما يعرف تكتيكيا بالـ "كونتر برسينج"،

أي محاولة تطبيق الضغط في نصف ملعب الخصم، وبمجرد قطع الكرة، يتم تطيق هجمة سريعة خاطفة بأقل عدد ممكن من اللمسات.

يعاني فتحي من انخفاض مستوى واضح، أمر لا اختلاف عليه، سواء في مركز الظهير الأيمن أو في الارتكاز، وللأسف يعيش النجم الكبير فترة سيئة على كافة المستويات، لكن أمام الإسماعيلي، كلما قطع أي لاعب الكرة، كلما وصل الأهلي إلى مرمى صبحي بسهولة!

هذه هي مناطق استلام الكرات بالنسبة لعبد الله السعيد، بكل تأكيد أكبر عدد ممكن من الكرات في العمق، سواء بالحالة الهجومية أو الدفاعية، إنها أماكن تحت سيطرة عبد الله السعيد، وبقية لاعبي الوسط، وهذا ما نجح فيه زيزو خلال هذه المباراة.

تقريب المسافات بين اللاعبين، أنطوي قريب من عمرو جمال، بينما يدخل رمضان في العمق، ثلاثي يتحرك كثيرا أمام دفاع الإسماعيلي، فيتحرر عبد الله السعيد ويلعب بهدوء وأريحية شديدة، وبكل تأكيد هو ليس ببعيد عن حسام غالي وأحمد فتحي، 30 كرة "10 + 20" كرة تم استلامها قرب منطقة جزاء الإسماعيلي في العمق، إنها النجاعة التمريرية في أفضل صورة.

هي مباراة جيدة في شوطها الأول، عادية في شوطها الثاني، نتيجة فقد البطل لصورته وهيبته، لكن مع ظهور بين فترة وأخرى لأحد النجوم القدامى، والسعيد هو البطل في برج العرب، لأنه وجد ضالته أخيرا، عن الفراغ المتاح وسره الباتع.