أحمد مختار

تحليل أهلاوي - صالح يرقص مع الذئاب رغم نشاز لحن الطرفين

حتى وإن كانت صدارة مع إيقاف التنفيذ، وإذا تربع على عرشها الفريق بفارق الأهداف فقط، يستحق جمهور المارد الأحمر فرحته. بكل تأكيد ليس بسبب التحسن "الطفيف" في الأداء، ولكن لزيادة الثقة من مباراة إلى أخرى.
الإثنين، 11 يناير 2016 - 16:12
حتى وإن كانت صدارة مع إيقاف التنفيذ، وإذا تربع على عرشها الفريق بفارق الأهداف فقط، يستحق جمهور المارد الأحمر فرحته. بكل تأكيد ليس بسبب التحسن "الطفيف" في الأداء، ولكن لزيادة الثقة من مباراة إلى أخرى.

فوز بعد فوز ومع بداية مشاهدة العناصر الجديدة، أعطى صالح جمعة بيسيرو صافرة البداية، ليلمح الأنصار أحمد الشيخ لعدة دقائق كانت كافية بانطباع أول جيد، وفي الدوري المصري، هذا الانطباع في الغالب يدوم!

دون البحث عن مقدمات طويلة أو محاولة شد القاريء بعنوان جاذب، هذا التحليل "أهلاوي" بامتياز، بعيد كل البعد عن الاستفزازات الجماهيرية.

ولهؤلاء الذين يريدون مضاد كروي لأي مشاعر سلبية، ولا في غيره يفرحني، إنها الرسالة الأكمل على الإطلاق، دعونا نبدأ.

# البداية

بدأ الأهلي المباراة بالخطة المفضلة لمعظم المدربين البرتغاليين، 4-2-3-1. رباعي دفاعي أمامه ثنائي محوري، يتقدمه ثلاثي متحرك خلف المهاجم الوحيد الصريح.

وحتى في حالة غياب غالي وعاشور، ثنائي الارتكاز الأهلاوي وضع بيسيرو كامل ثقته في أحمد فتحي وعبد الله السعيد، مع معاونة مستمرة من صالح جمعة.

في الهجوم لا خلاف على ماليك إيفونا، مع الضرب في الطرفين بكل من رمضان صبحي على اليمين، ومؤمن زكريا على اليسار، هكذا تقول الخطة على الورق خلال الشوط الأول.

ويقول أريجو ساكي، الإيطالي الخبير في أمور التكتيك: "لا تفكر فقط في فريقك، يجب أن تنظر إلى منافسك، يضم الملعب 22 لاعب".

وبتطبيق هذه الكبسولة الفنية، فإن فريق المقاولين العرب تحت قيادة طارق العشري، لعب بطريقة مزيج بين 4-2-3-1 و 4-4-2، بتقدم المحترف ديدييه كوريه في الأمام بجوار رأس الحربة أحمد علي.

مع التركيز على أمرين، الأول خاص برهان المقاولين على الدفاع المتقدم، واللعب على مصيدة التسلل في بعض الأوقات خصوصا بالشوط الأول.

أما الملاحظة الثانية فمتعلقة بمحاولة توقع أماكن قوة الأهلي على اليسار نتيجة تحركات صالح جمعة، لذلك لعب المقاولون بثنائي يمينا، طاهر محمد على مسافة قريبة جدا من الظهير مودي، والعين على الصالح!

# رهانات غير جريئة؟

تقدم الأهلي في الشوط الأول بهدف دون رد ولعب الفريق بنسق أسرع من المباريات السابقة، لكن واصل بيسيرو رهاناته "غير الجريئة".

نعود إلى العمل الفني، وضع بيسيرو الثنائي فتحي والسعيد في خانة الارتكاز، ثنائي غير محوري بالفطرة، غير قوي في قطع وافتكاك الكرات مثل عاشور وغالي، لذلك وضع المدرب معظم اللاعبين في المنتصف تقريبا، ولم يفكر أبدا في الضغط العالي ومحاولة قطع الكرة من نصف ملعب المقاولين.

كذلك راهن المدرب على ثنائي لا يطلب الكرة باستمرار في ظهر المدافعين، يميل مؤمن زكريا دائما إلى العمق لتسلم الكرة. بينما قدم رمضان صبحي أقل مستوياته.

لذلك ظهر الأهلي وكأنه فريق بدون جناحين أمام خصم يلعب بظهيرين متقدمين ودفاع غير متأخر، أي لم يستغل البرتغالي نقاط ضعف المقاولين بنجاح في الشوط الأول، رغم الهدف من ضربة ركنية.

* لقطة من الشوط الثاني توضح لعب الأهلي بدون ضغط، تمركز اللاعبين بطول الدائرة، ودفاع المقاولين يمرر بكل أريحية.

# الخطة البديلة

النظام التكتيكي الناجح لا يحتاج إلى خطة بديلة، هكذا يقول العارفون بأمور اللعبة، لكن هناك رأي آخر يؤكد وجوب التفكير في خطة بديلة أو Plan B، وبيسيرو فكر في الحلول الأخرى خلال النصف الأخير من عمر المباراة بعد فشل رهاناته الأولى، نتيجة ضعف الأطراف الهجومية، وعدم استغلال تقدم أظهرة المقاولين.

لذلك كان الحل عن طريق العمق، وبالتحديد ثنائية عبد الله السعيد وصالح جمعة.

لعب السعيد 3 تمريرات طولية، بينما لعب صالح جمعة 5 تمريرات، ولعب الثنائي أكبر عدد تمريرات بينهما، 17 تمريرة كاملة بين السعيد وصالح، مما أعطى الأهلي ثقلا حقيقيا داخل العمق.

يتحرك مؤمن زكريا باستمرار إلى الداخل، ولا يتوقف أبدا صالح عن المراوغة، لذلك حصل السعيد على زوايا تمرير أكثر، كلما صعد بالكرة من الوسط، وجد أمامه أكثر من خيار في العمق، وهذا جعل الكرة تتحرك بشكل أسرع من الخلف إلى الأمام، في شكل عمودي مباشر يليق بأفكار بيسيرو.

+ لقطة يظهر بها الوفرة العددية للأهلي في منطقة العمق، صالح، فتحي، السعيد، وأمامهم مؤمن زكريا.

وجد وسط الأهلي مساحات حقيقية أمام دفاع الخصم وخلف خط وسطه، لذلك جاء الهدفين بالشوط الثاني من اختراقات مباشرة.

يمر صالح ويحصل على ضربة جزاء، بينما يجد السعيد نفسه في موقع مثالي، بعد أن حصل الثنائي مؤمن وصالح على تركيز الدفاعات، ليسدد وينهي المباراة رسميا بالهدف الثالث.

# الريشة

* خارطة صالح جمعة الحرارية اثناء المباراة، جوكر يتوغل بخفة بين العمق والأطراف.

يقول بيب جوارديولا: "الخط الجانبي هو أفضل مدافع"، بمعنى أن لاعب الجناح يكون محاصرا في الأغلب بمدافع أمامه وخط الملعب بجواره، لذلك يحتاج لاعب الطرف إلى مهارة خاصة جدا، تساعده على الاحتفاظ بالكرة في أضيق الفراغات.

وهذه الملكة العظيمة هي من جعلت لاعبي الأجنحة يتحولون إلى العمق في مراكز صناع اللعب، ولنا في مسعود أوزيل، ماتا، سيلفا، والبقية، خير مثال.

في المقابل، من الصعب أن تجد لاعب وسط يستطيع ملأ الفراغ على الأطراف، لأن معظم لاعبي الارتكاز يحتاجون إلى بعض الأريحية، من أجل الدوران بالكرة وخلق الفراغ المطلوب، قليلون جدا من يستطيعون فعل ذلك، تياجو ألكانترا، إيسكو، بوجبا في بايرن وريال ويوفي بالترتيب، وصالح جمعة في مصر والنادي الأهلي.

جمعة هو الريشة المهارية، أي لاعب الوسط الذي يجمع بين مهام لاعب ارتكاز العمق والجناح الصريح على الطرف، لذلك عرف بإسم الريشة، لأنه كان البديل الحقيقي في خطة 4-4-2 الجوهرة، أي التي تعتمد على رباعية الوسط، لاعب بالخلف وآخر بالأمام، وثنائي بينهما أقرب إلى الريشة.

رقميا، لعب صالح جمعة 65 تمريرة صحيحة، مع 3 مراوغات، و"أسيست"، بالإضافة إلى تسببه في ضربة جزاء.

ويقوم اللاعب الشاب بدور محوري في تشكيلة بسيرو، لأنه يغطي الفراغ الناقص على الطرف، نتيجة ضعف مستوى الجناح مؤمن زكريا، وغياب الشق الهجومي لدي صبري رحيل، بالإضافة إلى قيامه بدوره الاساسي في صناعة اللعب بجوار عبد الله السعيد في العمق.

# مزيد من صناع اللعب

"الأهلي سيء بدون حسام عاشور"، "لا تقدر على اللعب بدون عاشور"، وغيرها من الإكليشيهات الجماهيرية المحفوظة بعد كل سقوط أو خسارة، ولكـن، لا يوجد أبدا في الكرة دلالة كاملة على خسارة أو فوز بسبب لاعب، إلا لو كنا نتحدث عن ليو ميسي!

وبالتالي يستطيع الاهلي تقديم أداء مميزا بعاشور ومن دونه، شريطة توفير أكبر قدر ممكن من الفراغات أمام لاعبي الوسط، من أجل صناعة مزيد من الفرص لصالح لاعبي الهجوم، وكلما زادت الفرص كلما جاءت الأهداف.

يستطيع حسام غالي اللعب في مركز الارتكاز "الريجستا"، أي لاعب الوسط الدفاعي الذي يبني الهجمة من الخلف، ويمكنه اللعب بجوار عبد الله السعيد وصالح جمعة، ثلاثي قوي للغاية في صناعة اللعب من الخلف، وكلما زاد عدد صناع اللعب، كلما رأينا أداء فني أفضل.

العبرة أبدا ليس في الدفاع الأجوف، بل العبرة دائما في الدفاع بالكرة، هكذا هي الفرق الكبيرة التي تبحث دائما على خنق منافسيها، وحرمانهم من المستديرة، وفريق الأهلي الحالي يضم بين عناصره أسماء قادرة على صنع الفارق، شريطة مزيد من تجارب المدرب.

وهذا الكلام السابق ليس ابدا للتقليل من عاشور، بالعكس هو واحد من مراكز القوى داخل التشكيلة الأساسية، لكن الاهلي يستطيع اللعب بدونه، ولكن بيسيرو ليس بالمغامر!

# عيوب واضحة

* صورة توضح عدد العرضيات الناجحة والفاشلة للفريق الأهلاوي أمام المقاولين، اللون الأحمر يعطي فشل، واللون الآخر يعطي نجاح،

وبالعودة إلى أرقام أظهرة الأهلي، لعب صبري رحيل 7 عرضيات أمام المقاولين، 6 عرضيات خاطئة! بينما لعب محمد هاني 5 عرضيات، 3 صحيحة و 2 خاطئة، أي مردود الثنائي ضعيف على الصعيد الهجومي.

وبسبب انخفاض مستوى مؤمن وميله المستمر إلى العمق، يحتاج الاهلي في مثل هذه المباريات إلى ظهير أيسر هجومي بامتياز، قادر على ملأ الفراغ على الخط، وتطبيق فكرة "الأوفرلاب" بتحول الجناح إلى العمق، وصعود الظهير إلى مركز الجناح.

كذلك لاعب مثل رمضان يحتفظ بالكرة كثيرا، وبالتالي من الأفضل أن يلعب خلفه ظهير يدخل كثيرا إلى منطقة الجزاء من أجل التسديد أو لعب دور مساند المهاجم، وهذا غير متوفر حاليا في تشكيلة الأهلي.

أي على بيسيرو محاولة البحث في قائمته عن أجنحة متنوعة، لعب الشيخ عدة دقائق غير كافية، لكنه جناح مقلوب حقيقي، أي لاعب يقطع باستمرار من الطرف إلى العمق، ومع ظهير ثابت مثل هاني، من الممكن صناعة ثنائية مميزة على اليمين.

وحمدي ذكي مثل الشيخ، يستحق فرصة أيضا، ربما يملك شيئا!

# البلطجة الدفاعية

+هي أفضل وصف ممكن لدفاع الأهلي،

يضم دفاع الأهلي مجموعة من الاسماء المميزة في العمق، رامي ربيعة، حجازي، سعد سمير، وحتى محمد نجيب، لكنهم جميعا مندفعون بدون أي مبرر، سواء في ارتكاب الأخطاء الكارثية، أو التقدم دون حساب إلى الأمام، أو تجنب التغطية السليمة أثناء التحولات من الهجوم إلى الدفاع "المرتدات".

في لقطة ضربة جزاء المقاولين، يتواجد الظهير محمد هاني في مركز غريب، لا يراقب أحد ولا يحاول قطع الكرة، كذلك يصعد رامي ربيعة دون حساب، لم يغط فعليا على اليمين ولم يقم بدوره في العمق، وهذه الأخطاء تستمر في أكثر من مباراة، لذلك يتم ضرب الفريق بسهولة سواء من العمق أو الأطراف.

وكما قلنا من قبل بيسيرو مدرب متحفظ بطبعه، لذلك يأمر الأظهرة باستمرار بالبقاء في الخلف، لكن رامي ربيعة يتقدم باستمرار إلى منطقة الارتكاز، ويحدث الخلل في العمق أمام مرمى إكرامي.

لذلك مثل هذه الهفوات تحتاج إلى عمل من خارج الخط، صحيح معظمها أخطاء فردية، لكن تكرار الأخطاء الفردية يضرب سلبا المنظومة الدفاعية للفريق ككل.

في النهاية

حقق الأهلي ثلاث نقاط مهمة، أخيرا شاهدنا أحمد الشيخ، وتأكدنا أن صالح جمعة هو الدليل الجديد لهذا الجيل، في انتظار عروض أفضل، واختبارات أقوى في قادم المواعيد.

للتواصل:

حساب الفايسبوك: https://www.facebook.com/CoachoTactics/

حساب تويتر: https://twitter.com/Attacking_Mid