قصة إنجاز – أساطير ميلان يتحدثون عن "التلذذ بسحق خصومهم"

"كان طريقتي تهدف إلى الهيمنة، السيطرة الكاملة طوال المباراة.. هدفي كان، أن يستمتع الناس برؤية ميلان وهو يلعب كرة القدم ويسحق خصومه على أرضية الميدان"..هكذا وصف أريجو ساكي فريق ميلان الذي سحق أوروبا كلها في الثمانينيات من القرن الماضي..

كتب : نادر عيد

الجمعة، 27 فبراير 2015 - 13:44
"كان طريقتي تهدف إلى الهيمنة، السيطرة الكاملة طوال المباراة.. هدفي كان، أن يستمتع الناس برؤية ميلان وهو يلعب كرة القدم ويسحق خصومه على أرضية الميدان"..هكذا وصف أريجو ساكي فريق ميلان الذي سحق أوروبا كلها في الثمانينيات من القرن الماضي.

فرانكو باريزي "لعبنا كرة قدم جديدة ومختلفة عما تراه دائما في إيطاليا، كنا نقدم كرة قدم ممتعة للجمهور".

باولو مالديني "كنا فريقا يتمتع بإمكانيات فنية وبدنية رائعة، وكان الجميع لديه شخصية قوية.. كل ما يحتاجه الفريق حتى يكون عظيما".

جيوفاني جالي "في إيطاليا، نحن ندافع أولا ثم نفكر في المباغتة عن طريق الهجوم المعاكس.. عندما جاء ساكي، أراد العكس تماما".

دانييلي ماسارو "في كل مرة كنا نقرأ فيها الصحف ونشاهد على شاشة التلفاز ما يقوله كرويف ولاعبو برشلونة، كان إصرارنا على الفوز بالمباراة يزداد ويزداد".

ماورو تاسوتي "لم نفهم، لماذا ظن لاعبو برشلونة أنهم سينتصروا علينا بمنتهى السهولة؟".

أريجو ساكي"كان طريقتي تهدف إلى الهيمنة، السيطرة الكاملة طوال المباراة..هدفي كان، أن يستمتع الناس برؤية ميلان وهو يلعب كرة القدم"..

هو أحد أعظم الفرق على مستوى العالم..ميلان.

فخزائنه المليئة بالكؤوس، تعكس تاريخا هائلا لهذا النادي ساهم في بنائه أساطير كروية ارتدوا القميص الأحمر والأسود.

يقدم FilGoal.com لزواره سلسلة حلقات تستعرض قصص الإنجازات التاريخية التي حققتها مختلف الفرق على مستوى العالم في أزمنة مختلفة.

وبعد قصة الثلاثية التي حققها مانشستر يونايتد عام 1999، وإنجاز ريال مدريد بالعودة للتتويج الأوروبي بعد 32 سنة.. يحين موعدنا الآن مع ميلان، زعيم الأندية الإيطالية على المستوى الأوروبي، والذي كان أخر نادي في القارة العجوز يحقق لقب الأبطال عامين متتالين.

نسترجع ذكريات تلك الحقبة التاريخية لميلان مع أبطاله السابقين، من خلال فيلم وثائقي تم تسجيله بواسطة شركة "بيتش إنترناشيونال".

سبعة ألقاب في دوري الأبطال حققها ميلان، منها ثلاثة في الثمانينيات والتسعينيات.. أظهر النادي في تلك الحقبة أسلوب لعب غير كثيرا مفهوم كرة القدم في إيطاليا والعالم بأسره.

في الستينيات من القرن الماضي، ميلان حقق بطولة أوروبا مرتين.. ولكن في العقدين التاليين فشل الفريق في اعتلاء الهرم الأوروبي لمرة ثالثة.

ولكن تغير كل شيء بعد ذلك، وبالتحديد في عام 1986.. عندما ترأس النادي المليونير والسياسي اللاحق سيلفيو بيرلسكوني.. بعد أربع سنوات فقط من تواجد النادي بدوري الدرجة الثانية في إيطاليا، وإدانته بالتلاعب في نتائج المباريات بـ"الكالتشيو".

في 1987، قرر برلسكوني تعيين أريجو ساكي مدربا للفريق..قرار فاجأ الجميع إذ في الموسم السابق لتولي ساكي تدريب ميلان، كان قد أطاح بالأخير من كأس إيطاليا مع نادي بارما وهو يلعب في دوري الدرجة الثانية.

يحكي الأسطورة التدريبية ساكي"برلسكوني حول حلم ميلان الجميل بالوصول إلى القمة إلى حقيقة..فلقد قام في البداية بإعطاء سيارة فيراري لشخص مجهول تماما".

"عندما سألوني، هل تستحق تدريب ميلان وأنت لم تفز بأي بطولة من قبل؟..فأجبتهم، لم أكن أعلم أنك يجب أن تكون حصانا حتى تدرب حصانا أخر!".

ويحكي المدافع ماورو تاسوتي"تعيين ساكي كان قرارا مفاجئا إلى حد كبير، مقارنة بخبرته القليلة آنذاك..لقد درب بارما في الدرجة الثانية، وقام بعمل جيد..ولكن كمدرب، كانت معرفته بالكرة قليلة جدا جدا".

ويروي جيوفاني جالي حارس الفريق"وفقا لثقافتنا الكروية في إيطاليا، نحن ندافع أولا ثم نفكر في المباغتة عن طريق الهجوم المعاكس..عندما جاء ساكي، أراد العكس تماما".

ساكي صنع ثورة في ميلان، كانت تتمركز بالأخص على لاعب مهم جدا..هو الهولندي رود جوليت..والذي تعاقد معه النادي مقابل مبلغ قياسي آنذاك، 10 ملايين دولار..وبعدها بقليل لحق به مواطنه وزميله في المنتخب..القناص ماركو فان باستن..

يحكي ساكي"جوليت قائد بطبيعته، لديه شخصية قوية جدا..بالنسبة لي كان اللاعب الأهم، وكان صاحب الفضل الأكبر في تغيير عقلية الفريق".

"في إيطاليا، عندما تسجل هدفا، تتراجع للدفاع..أنا رفضت ذلك..وقلت للاعبين، إذا سجلنا هدفا سنواصل الهجوم على الخصم..وكان لدينا فان باستن..أفضل مهاجم بالعالم".

"كان طريقتي تهدف إلى الهيمنة على المباراة..السيطرة الكاملة طوال المباراة..هدفي كان، أن يستمتع الناس برؤية ميلان وهو يلعب كرة القدم".

ويقول باريزي:"لعبنا كرة قدم جديدة ومختلفة عما تراه دائما في إيطاليا، كان شيئا رائعا بالنسبة لنا أن نقدم كرة قدم ممتعة للجمهور..وللفرق الأخرى أيضا".

في ذلك الموسم (1987-1988)، ميلان قدم أسلوب أداء ممتع للغاية، ليس معتادا أن تراه في إيطاليا..البلد المعروف بالحذر حين يتعلق الأمر بكرة القدم..وقتها، توج بالدوري على حساب نابولي، الذي كان يسبقه بنقطة واحدة قبل أخر ثلاث جولات من الموسم..بعدما هزمه 3-2 على ملعب سان باولو ونال تحية حارة من جماهير نابولي عقب استعراضا رائعا قدمه رجال ساكي.

في الموسم التالي..انضم لاعبا هولنديا ثالثا للفريق فرانك ريكارد ..بعد فوزه ببطولة اليورو إلى جانب زملاؤه بالمنتخب جوليت وفان باستن.

يقول ساكي عن ريكارد"كان لاعب وسط استثنائي..وبعيدا عن كونه لاعبا محترفا بمعنى الكلمة، كان أداؤه مذهلا أيضا".

ويتحدث عنه الحارس جالي قائلا:"من بين الثلاثة هولنديين بالفريق، لقد كان ريكارد الأكثر اكتمالا..وكان اللاعب الأكثر تنوعا بميلان".

خماسية ريال مدريد

كبطل إيطاليا، لعب ميلان دوري الأبطال موسم 1988-1989..وبعد تخطيه فيتوشا البلغاري، ريد ستار بلجراد اليوغوسلافي (بركلات الترجيح)، وبريمن الألماني (بركلة جزاء فان باستن)، اصطدم بريال مدريد في قبل نهائي البطولة.

مباراة الذهاب انتهت 1-1 في مدريد..ومن بين كل ذكريات ميلان الرائعة في ملعبه سان سيرو، تبقى مباراة العودة وقتها أمام ريال مدريد هي واحدة من أعظم المباريات التي خاضها الروسونيري على أرضية ميدانه.

بعد أول 18 دقيقة من المباراة، مدرب ريال مدريد الحالي كارلو أنشيلوتي، افتتح التسجيل لميلان من تسديدة بعيدة المدى لم يستطع صدها الحارس باكو بويو..

ثم تناوب لاعبو ميلان على التسجيل في مرمى ريال مدريد..ريكارد، جوليت، فان باستن وروبرتو دونادوني، أطاحوا بالعملاق الإسباني بهزيمة مذلة في إيطاليا 5-0.

يقول ساكي"الإنجاز الحقيقي في هذه المباراة، هي أننا قدمنا ملحمة كروية..وريال مدريد كان فريقا رائعا آنذاك".

"ولأننا كنا فريقا مختلفا، لم نتوقف عند التقدم بهدفين في أول 25 دقيقة.. أردنا المزيد".

"عند 3-0، أردنا الهدف الرابع.. عند 4-0، أردنا الهدف الخامس.. ولو استمر اللقاء أكثر كنا سنسجل مزيدا من الأهداف".

"بالنسبة لي، كانت هذه اللحظة هي التي أبهر فيها ميلان عالم كرة القدم بأسره".

ويقول جالي عن مباراة ريال مدريد:"المباراة كانت أشبه بحصة تدريبية لميلان".

ويحكي تاسوتي "في هذه المباراة أثبتنا للجميع أن ميلان قد عاد مجددا لاعتلاء العرش الأوروبي".

اللقب الثالث

انتقل ميلان لمدينة برشلونة من أجل المباراة النهائية والتي واجه فيها ستيوا بوخارست الروماني..وكان الملعب ممتلئا عن آخره بجمهور الروسونيري..

ساكي"بعد رؤية الملعب ممتلئا بجمهور ميلان، سألني باريزي، ماذا لوخسرنا؟..فأجبته لا يمكن أن نخسر".

"سألت اللاعبين يوم المباراة ماذا سنفعل الليلة؟، فأجابني جوليت، سنهاجمهم منذ الدقيقة الأولى حتى نستنفذ كل الطاقة الموجودة في أجسادنا".

باريزي"نظرنا إلى بعضنا البعض وقلنا لأنفسنا، لا يمكن أن نفشل الليلة".

وبالفعل، بعد 18 دقيقة فقط ترجم ميلان سيطرته بهدف سجله جوليت..بعدها بتسع دقائق أضاف بان باستن الهدف الثاني..

ثم أضاف جوليت الهدف الثالث، ولكن ساكي لم يكن راضيا عن النتيجة..

ساكي"قلت لهم بين الشوطين، النتيجة 3-0 لصالحنا ولكن نريد تسجيل أهدافا أكثر".

وبعد أول دقيقتين من الشوط الثاني، سجل فان باستن الهدف الرابع.. ليتوج بعدها ميلان بلقبه الأوروبي الثالث بعد 20 سنة من أخر تتويج له بالبطولة.

اللقب الرابع

بدأ ميلان موسم 1989-1990 حملة الدفاع عن لقبه الأوروبي..ووقع في طريقه مجددا نادي ريال مدريد.

جالي"لاعبو ريال مدريد كانوا غاضبين جدا، لأننا دوما ما كنا نخرجهم من البطولات..كنا نفوز عليهم حتى في المباريات الودية..كل مرة يقابلوا ميلان، يخسروا..هذه كانت فرصتهم الأخيرة".

هدفي ريكارد وفان باستن أطاحوا مجددا بريال مدريد من البطولة، على الرغم من خسارة لقاء العودة 1-0 في إسبانيا..

بعدها أقصى ميلان نادي ميتشيلين البلجيكي، ليضرب موعدا مع بارين ميونيخ في نصف النهائي..

فاز ميلان 1-0 على ملعبه، وفي مباراة العودة انتهى الوقت الأصلي بتقدم بارين بهدف نظيف..وفي الدقيقة العاشرة من الوقت الإضافي، سجل ستيفانو بورجونوفو هدف تأهل الروسونيري للنهائي..إذ انتهت المباراة بفوز الفريق البافاري 2-1، ولكنه ودع المسابقة.

ومع خسارة الدوري لصالح نابولي، وخسارة نهائي الكأس المحلية ضد يوفنتوس، كان لابد لميلان من إنقاذ موسمه عن طريق الفوز بدوري الأبطال.

التقى ميلان بعدها فريق بنفيكا البرتغالي في المباراة النهائية، وتفاجأ الجميع من وجود جوليت في قائمة المباراة..إذ ابتعد اللاعب عن الفريق طيلة الموسم بسبب الإصابة، ولكن دفع به ساكي في المباراة منذ البداية.

باريزي"كانت مفاجأة بالنسبة لنا نحن اللاعبين أن يقرر ساكي البدء بجوليت في النهائي، ولكن كنا سعداء بهذا لإدراكنا قيمة جوليت للفريق، وما يستطيع فعله حتى وإن لم يكن جاهزا بنسبة 100%".

وفي مباراة صعبة جدا أمام بنفيكا بالعاصمة النمساوية فيينا، فاز ميلان بهدف سجله ريكارد من لعبة تدرب عليها الفريق كثيرا..تتمثل في عودة فان باستن لوسط الملعب حتى يوفر المساحة لريكارد عند انطلاقه نحو المرمى..ولقد جاءت بثمارها..

بعد ثمانية ألقاب أحرزها مع ميلان خلال ثلاث سنوات، قرر المدرب ساكي الرحيل عن الفريق عام 1991.. بعدما حقق كل البطولات الممكنة مع النادي، أراد البحث عن تحدي جديد بعيدا عن الروسونيري..

تولى تدريب ميلان بعد ساكي، المخضرم فابيو كابيللو..وفي أول موسم له مع الفريق، أعاد لقب الدوري الإيطالي لقلعة الروسونيري..وليس هذا فحسب، فقد أنهى الموسم بلا أي خسارة!..

يقول كابيللو:"ميلان كان لا يقهر، لم نخسر في 58 مباراة متتالية..هذا رقما قياسيا من الصعب تكراره".

ميلان خسر نهائي بطولة دوري الأبطال في ثوبها الجديد عام 1993 أمام مارسيليا الفرنسي، ولكنه حافظ ذلك الموسم على لقبه المحلي في بطولة الدوري بخسارة مباراتين فقط طوال مشواره في المسابقة.

وبعد رحيل ريكارد وجوليت عن الفريق، لم تتوقف انتصارات ميلان..إذ حقق الفريق لقب الدوري للموسم الثالث على التوالي 1993-1994، متلقيا 15 هدف فقط في البطولة.

ومرة أخرى، تأهل ميلان لنهائي دوري الأبطال..هذه المرة الخصم هو بطل إسبانيا، فريق "الأحلام" لبرشلونة مع مدربه يوان كرويف..

يحكي كابيللو"عندما وصل لاعبو برشلونة لملعب المباراة في أثينا، كانوا متكبرين جدا..كانوا يظنون أن كل ما عليهم فعله هو ارتداء قمصانهم وهزيمتنا بمنتهى السهولة".

ويقول تاسوتي:"كنا قلقين للغاية..كان لديهم في الهجوم روماريو وستويتشكوف، لاعبان عظيمان".

"كان لديهم رونالد كومان أيضا..لقد احترمناهم، حتى وإن لم يلعبوا بشكل جيد، فلا يزالوا فريقا مذهلا".

"ولكننا لم نفهم، لماذا ظنوا أنهم سينتصروا علينا بمنتهى السهولة؟".

ويقول دانييلي ماسارو:"في كل مرة كنا نقرأ فيها الصحف ونشاهد على شاشة التلفاز ما يقوله كرويف ولاعبو برشلونة، كان إصرارنا على الفوز بالمباراة يزداد ويزداد".

ميلان دخل المباراة بدون مدافعيه باريزي وكوستاكورتا بسبب الإيقاف..ومع هذا، أنهى الفريق الشوط الأول متقدما 2-0 بهدفي دانييلي ماسارو..

ومع انطلاق الشوط الثاني، قرر ميلان القضاء على أي أمل متبقي لبرشلونة من أجل العودة في النتيجة..فسجل ديجان سافيسيفيتش الهدف الثالث بعد أول دقيقتين..

ثم أتى دور المدافع الفرنسي مارسيل دوساييه من أجل المشهد الختامي..فسجل الهدف الرابع لميلان في الدقيقة 58، ليعلن انتهاء المباراة رسميا قبل نهايتها بأكثر من نصف ساعة!!..

يقول كابيللو عن هذه الليلة الاستعراضية"إذا أردت عزف مقطوعة موسيقية جميلة، فعليك أن تأتي بأفضل قائدي الأوركسترا على مستوى العالم من أجل تنفيذها..وهذا الفريق كان كذلك بالضبط، كان بإمكاننا هزيمة أي أحد".

ويقول مالديني: "كنا فريقا يتمتع بإمكانيات فنية وبدنية رائعة، وكان الجميع لديه شخصية قوية..كل ما يحتاجه الفريق حتى يكون عظيما".

مالك ورئيس ميلان سيلفيو برلسكوني قاد الفريق للعديد من التتويجات في أول 8 سنوات أمسك فيها بزمام النادي، ولكن يبقى الشيء الأهم الذي قام به، هو إعادة ميلان للعرش الأوروبي مرة أخرى..من خلال فريق قدم كرة قدم مبهرة للجميع كان يتلذذ بها في الإطاحة بخصومه واحدا تلو الأخر.