شريف حسن

تحليل – كيف تسلق مورينيو شجرة أنشيللوتي؟

جلس الثلاثي ديديه دروجبا وفرانك لامبارد وجون تيري وسط زملائهم من أصحاب القمصان الزرقاء يستمعون بتركيز إلى شرح لخطط مدربهم، قبل أن يهتفون في صوت واحد “He is the Special one”. <br>
الأربعاء، 17 مارس 2010 - 13:42
مورينيو انتر ميلان
جلس الثلاثي ديديه دروجبا وفرانك لامبارد وجون تيري وسط زملائهم من أصحاب القمصان الزرقاء يستمعون بتركيز إلى شرح لخطط مدربهم، قبل أن يهتفون في صوت واحد “He is the Special one”.

ومرت الأيام ورحل المدرب إلى ناد آخر في بلاد أخرى، وعاد ليلاقي أولاده في فريقه القديم على الملعب الذي شهد فرحته وانتصاراته، ليلقنهم درسا جديدا في فنون كرة القدم.

عاد البرتغالي جوزيه مورينيو الملقب بـ"الإستثنائي – Special one" المدير الفني الحالي لإنتر ميلان إلى ستامفورد بريدج ملعب تشيلسي ليقصي فريقه القديم من دور الـ16 من دوري أبطال أوروبا ويبرهن للجميع أنه مازال يستحق لقبه.

مزج مورينيو بين قدراته الفنية المذهلة وخبرته الكبيرة، وأضاف عليهم معرفته الدقيقة بلاعبي الزرق ليحقق الفوز ذهابا وإيابا على واحد من أقوى فرق العالم بفضل ذكاءه الخططي.

كيف تتسلق الشجرة؟

يقدم تشيلسي أداء مميزا في الدوري الإنجليزي بفضل خطة الشجرة 4-3-2-1 التي يتبعها مديره الفني الإيطالي كارلو أنشيللوتي ويتقنها منذ أن كان يدرب ميلان.

فوجود مايكل بالاك وفرانك لامبارد بجوار جون أوبي ميكيل في منتصف الملعب يمنح الفريق قدرة كبيرة على السيطرة على مجريات أي لقاء، كما يمنحه ميزة الزيادة العددية لخلق الفرص على مرمى المنافسين.

ولكن مورينيو استغل سذاجة أنشيللوتي وإصراره على الدفع بنيكولا أنيلكا على الجناح الأيمن ليعاون نظيره الأيسر فلوران مالودا خلف المهاجم الوحيد دروجبا، وبنى خططته على ذلك.

وضع المدرب الإستثنائي مدافعه الأرجنتيني الصلب خافيير زانيتي في مركز المدافع الأيسر وطلب منه عدم التقدم للهجوم، فعليه فقط مراقبة أنيلكا - الذي لا يجيد التحرك على الأطراف من الأساس - ليمنع خطورته بالكامل.

كما قرر مورينيو قتل خطورة الزرق تماما بعدما اختار بناء هجماته من نقطة قوة منافسه في العمق، لأنه يعرف بشدة نتائج تقدم بالاك ولامبارد إلى حدود منطقة جزاء فريقه.

فدخل إنتر اللقاء بطريقة 4 -2 -1 -3 بوجود تياجو موتا وكامبياسو خلف صانع الألعاب النشيط ويسلي شنايدر للضغط بقوة على عمق الزرق وهو ما منع لامبارد أو بالاك من التقدم أو تسديد أي كرة من خارج منطقة الجزاء طوال التسعين دقيقة.

وبعدما أوقف مورينيو جبهة تشيلسي اليمنى وعطل العمق، ترك مهمة الجانب الأيمن لظهيره مايكون مع عودة شنايدر لمعاونته والاعتماد على صامويل إيتو كجناح أيمن طوال الشوط الأول.

ورغم تشكيل مالودا خطورة نسبية في الشوط الأول إلا أن تحركات إيتو خلف الظهير يوري زيركوف أزعجته بشدة بسبب شعوره أن ظهره "مكشوف" مما اضطره للعودة كثيرا للقيام بواجباته الدفاعية.

كما منح تألق الثنائي لوسيو ووالتر صامويل المدير الفني البرتغالي الطمأنينة بعدما نجحا في التعامل مع "تهديدات" الفيل دروجبا المزعجة طوال الشوط الأول.

قطف الثمار

يعرف مورينيو منافسه جيدا لذا لقن لاعبيه خطوات بناء هجمتهم بشكل سليم حتى تنتهي أمام مرمى الزرق دون اجتهادات شخصية أو محاولات عشوائية.

فضغط إيتو على الظهير الأيسر يدفع جون أوبي ميكيل ارتكاز تشيلسي الدفاعي لتغطيته تاركا عمق الزرق خاليا، وهي المساحة التي وضع فيها شنايدر صاحب التمريرات المباشرة في القلب والتسديدات القوية أيضا.

كما أن تواجد جوران بانديف على اليسار يجبر الظهير الأيمن برانيسلاف إيفانوفيتش على مراقبته ويفتح الملعب على مصراعيه مما يخلق مساحة إضافية بين قلبي دفاع تشيلسي جون تيري وأليكس يتحرك فيها دييجو ميليتو بحرية.

وهو ما ظهر بقوة بعدما أعطى مورينيو في الشوط الثاني تعليماته لإيتو وبانديف باختراق العمق لحظة تسلم شنايدر الكرة مما جعلهم ينفردون بالمرمى أكثر من مرة أبرزهم أحرزت هدف اللقاء الوحيد.

مدرب ومتفرج

وضح جليا في الشوط الثاني هيمنة إنتر على مجريات اللعب والتحكم في إيقاعه فالفريق بات يسرع الهجمة وقتما يريد ويحتفظ بالكرة في وقتما يريد، ولكن أنشيللوتي لم يتحرك.

فأسلوب إنتر الدفاعي بدأ يخرج دروجبا عن تركيزه بعدما انعزل وحيدا، وأنيلكا اختفى تماما ومالودا أرهق من انطلاقاته العنترية.

فلو كان أنشيللوتي وضع أنيلكا بجوار دروجبا منذ البداية، لما استطاع صامويل ولوسيو أن يقدما هذا العرض الدفاعي الرائع في قلب دفاع إنتر بعدما تبادلا رقابة الفيل ليقسما مجهودهما عليه مما جعله يلجأ للعنف.

وعندما قرر المدرب الإيطالي التغيير، أخرج بالاك ودفع بجو كول ليشغل الجانب الأيمن وينضم أنيلكا إلى العمق، رد مورينيو بإشراك ستانكوفيتش بدلا من بانديف.

عدل المدير الفني البرتغالي من خططته ليلعب 4-1-2-1-2 بإسقاط موتا للخلف على أن يجاور ستانكوفيتش كامبياسو ليشكل مزيدا من الزيادة العددية في العمق ويخنق المساحات التي يتحرك فيها الثنائي أنيلكا- دروجبا.

وفقد أنشيللوتي اتزانه عقب التأخر بهدف وافلات المباراة من يديه مما دفعه لإخراج زيركوف والدفع بسالمون كالو، ولكن ماذا يفيد في ظل غابة السيقان في منتصف ملعب إنتر؟

بل أن مورينيو قرر معاقبته مجددا وأقحم الشاب ماكدونالد ماريجا ليركض في الجناح الأيمن الذي بات خاليا بعد خروج زيركوف مما أجبر مالودا وكالو للتراجع مجددا.

وأنهى الإستثنائي آمال فريقه القديم ليدفع بماركو ماتيرازي بدلا من موتا الذي تسبب في تلقي دروجبا بطاقة حمراء بعدما ضربه بدون كرة، ليغلق تماما كافة الطرق المؤدية إلى مرمى النيراتزوري.

نجح مورينيو في العبور بإنتر إلى دور الثمانية وأزاح منافسا عتيدا، وأعاد إلى الأذهان الأسطورة الذي توج باللقب مع بورتو البرتغالي وقاد تشيلسي لأذهى عصوره، كما أثبت جدارته بلقب The Special one.