حلمي حلمي

محدش بياكلها بالساهل يا برادلي! (1-2)

احترم كثيرا الشخص الذكي الذي يقبل العمل في كيان كبير براتب قليل ساعيا خلف أهداف معنوية أكبر، في الوقت الذي يسرع فيه الشخص الغبي للبحث عن الراتب الكبير مهما حذره الجميع من أنه لن يدوم.<br>
السبت، 24 سبتمبر 2011 - 23:10
احترم كثيرا الشخص الذكي الذي يقبل العمل في كيان كبير براتب قليل ساعيا خلف أهداف معنوية أكبر، في الوقت الذي يسرع فيه الشخص الغبي للبحث عن الراتب الكبير مهما حذره الجميع من أنه لن يدوم.

بوب برادلي المدير الفني الجديد للمنتخب المصري اختار أن يكون الشخص الذكي صاحب النظرة بعيدة المدى، لا أن ينظر تحت قدميه ويختار الطريق الأسهل.

فالرجل رفض الشهر الماضي عرضا لتدريب منتخب قطر مقابل 4.5 مليون يورو سنويا (375 ألف شهريا)، بل وانتظر العرض المصري لأكثر من شهر.

فقد قال صديقه زكي عبد الفتاح وقتها "رفض برادلي العرض القطري بعد أن درس الموقف من كل الجوانب ووجد أن قطر لم تحقق شيئا على المستوي الكروي من إنجازات أو بطولات، كما أنها لا تملك القاعدة الأساسية من اللاعبين للوصول إلى كأس العالم".

والآن، عندما جاءه العرض المصري الهزيل جدا ماديا مقارنة بنظيره القطري، 360 ألف يورو سنويا (30 ألف شهريا) وافق فورا، وإذا نظرت مرة أخرى لكل الأرقام، ربما ستتهم الرجل بالجنون، كيف يرفض راتبا شهريا يفرق قليلا عن ما سيتقاضاه في عام كامل مع مصر؟

هذا ما أكد لي أن برادلي جاء لتحقيق ما فشل فيه غيره بالتأهل لكأس العالم، فالرجل أثبت بهذه التصرفات أن المال لا يهمه وأن ما يشغله هو تحقيق إنجازات تظل في الذاكرة.

قبل أن أدخل في صلب الموضوع، سأعرض عليكم سردا بسيطا لمشوار برادلي، الرجل لم يصبح مدربا مميزا لأنه أحد نجوم الكرة الأمريكية (في زمن الاضمحلال) ولكن لأنه بدأ مشواره التدريبي حين بلغ من العمر 22 عاما فقط.

بعد هذه القراءة البسيطة في مشواره يجب أن نذكر أن برادلي سيجد في طريقه الكثير من التحديات التي قد تمنعه من تحقيق الهدف الذي جاء لأجله والذي انتظرنا تحقيقه لأكثر من 20 عاما.

وأود ألا ينتظر أحد أن يحقق منتخب مصر الفوز تلو الآخر في بداية فترة تولي برادلي التي أتوقع لها أن تشهد انتقادات حادة للرجل الذي سيحاول أن يصلح ما أفسده الدهر.

فالأجواء التي تربى فيها اللاعب المصري لا تفرز على الاطلاق لاعب كرة قدم متكامل، فإذا وجدت المهارة لن تجد الأخلاق، وإذا وجدت الاثنين لن تجد اللياقة، وإذا وجدت الثلاثة لن تجد العقلية الذكية.

برادلي مطالب بصناعة لاعب كرة "زي ما بيقول الكتاب" لكي يصبح ترس في ماكينة الفريق، وأن يمحي مسحة الأنا في نفس كل لاعب يظن أن المنتخب "من غيره ولا يسوى"، خاصة أن اللاعب المصري تعود دوما على التدليل.

وعلى برادلي أن يبذل مجهودا مضاعفا كونه سيعمل مع قائمة معظمها يلعب في الدوري المصري، فالقائمة التي سافر بها لكأس العالم بجنوب إفريقيا والمكونة من 23 لاعبا ضمت 17 لاعبا ينشطون في أندية أوروبا، "متأسسين صح".

ولا أريد الخوض في فروق التدريب بين أوروبا ومصر فكلكم تعلمونها وتشاهدون الناتج على الجزيرة الرياضية يوميا، فمنتخبنا ينقصه لياقة بدنية عالية تناطح قدرات الأفارقة، التزام خططي يخرجك من المباراة فائزا بما دخلتها من أجله، ذكاء ملعب يجعلك توزع مجهودك على الـ90 دقيقة.

نعم لا ينقصنا ثقافة اللعب في البطولات الكبرى أو اللعب بروح قتالية عند ارتداء قميص المنتخب، ولكننا في الوقت نفسه نعتمد على "البركة" في كل شئ، فقد ترى نسبة الاستحواذ وصلت لـ75 % وعدد الفرص الحقيقية وصل للرقم سبعة، والنتيجة هي فوز المنافس.

أنا شخصيا لا انتظر كرة جميلة، فقط أود أن أشاهد كرة فعالة تعرف "من أين تؤكل الكتف" أي كيف تستطيع تحقيق الفوز – ولا شئ غيره – بأقصر وأسهل الطرق.

إلى جانب ذلك فبرادلي مطالب بالبحث بين المواهب الشابة المتواجدة بكثرة لانتقاء أفضلها ومزجها بعناصر الخبرة، وليس استبعاد كل من تخطى الثلاثين، فإذا كان صاحب الـ35 عاما سيفيدني أكثر من صاحب الـ25 لما لا أضمه.

كما أن الرجل الجاد المنظم سيواجه العديد من الصعوبات مع التخبط في جداول البطولات المصرية، معلش يا بوب "هاتتعب معانا شويه" لأن "محدش بياكلها بالساهل".

وطبعا سيجد برادلي في انتظاره بعض الأقلام التي تهاجمه بسبب وبدون سبب، فأنني لا استبعد أن يوجه ناقد على شاكلة - المش إعلامي - توفيق عكاشة سؤال للمدرب الأمريكي مثل "لو عرفتلي يا برادلي الملعب في مصر فيه كام حفرة، هختارك مدرب للمنتخب".

وآخر سيزايد على اهدار المال العام و"الكلام اللي بنسمعه" كلما تولى تدريب المنتخب رجلا أجنبيا، علما بأن راتب برادلي أكثر بقليل عما كان يتقاضاه حسن شحاتة وهو 200 ألف جنيه شهريا.

وسأطرح عليكم في الجزء الثاني من المقال العوامل التي قد تساعد برادلي على تحقيق حلم المصريين بالتأهل لمونديال البرازيل 2014 والمشاركة الفعالة فيه، بالإضافة لمشوار الأمريكي في الدور الأول من كأس القارات 2009 فهو يستحق الوقوف أمامه قليلا.

تابعوني على تويتر: http://twitter.com/7elmy7elmy

وعلى فيس بوك: www.facebook.com/7elmy7elmy