كتب : شريف حسن | الإثنين، 29 يوليه 2013 - 23:20

تفويض لحضور الجماهير

"ما الخوف إلا من مريض الهواجس .. وجهل تفشى في كثير الوساوس" وهكذا هي العلاقة الآن بين جماهير الكرة في مصر وأنديتها وبينهما وزارة الداخلية.

فعندما يقرر الأهلي نقل مباراته الودية من ملعبه إلى مدينة السادس من أكتوبر قبل إقامتها بساعات خوفا من حضور "جماهيره" يجب أن نستشعر جميعا حالة الخوف والهواجس والمأساة التي نعاني منها في الوسط الرياضي.

فخوف فريق من حضور جماهيره مبارياته هو واقعة نادرة الحدوث في تاريخ كرة القدم بل يعتبر واقعة مؤسفة في العلاقة التي من المفترض أن تربطه بمن يعتبروا أنصاره الداعمين.

دعونا نبدأ القصة من قبلها بأسبوع عندما رفضت وزارة الداخلية تأمين مباراة القمة بين الأهلي والزمالك بحجة الظروف السياسية والأمنية في البلاد دون أي محاولة للتوصل لحل وسط يقنع الأطراف الثلاث (جماهير وأندية وأمن).

عندها قررت المجموعات الجماهيرية رفض القرار وتحدي الأمن والسفر إلى الجونة وحضور المباراة وإظهار صورة جديدة أمام العالم أجمع شهد على رقي مظهرها الجميع.

رسالة الجماهير كانت واضحة خلال مباراة القمة، دعونا نعود إلى بيتنا إلى مدرجاتنا إلى حياتنا، وسندعكم تأمنونا بل وسنساعدكم على التأمين فلماذا تصروا على منعنا وحرماننا من متعتنا؟.

ولكن الطرف الثاني في المعادلة – وزارة الداخلية – يمتلك رؤية أخرى مليئة بالذكريات المؤلمة، فهذه الجماهير على مدار الموسمين الأخيرين طالما ارتكبت العديد من التجاوزات والأخطاء التي وصلت إلى إزهاق الأرواح في الملاعب.

نعم، ليسوا الجماهير ليست أبرياء، ولكنهم ليسوا شياطين، فالتجربة أثبتت أن في كل مرة تحملوا فيها المسؤولية خرجت المباريات على مستوى مذهل من التنظيم والأمان ربما فاق التنظيم الأمني بطرقه العتيقة والعقيمة.

الطرف الثالث في المعادلة يلعب أكبر الأدوار سلبية فهو ينفذ أوامر الداخلية بلا نقاش ويفتقد لأبسط أنواع الحوار مع جماهيره لفرض شروط والتزامات محددة تمنع التجاوزات.

إدارات الأندية تقف في المنتصف ترفض تحمل المسؤولية، كما ترفض التوسط لإيجاد الحل لأزمة إقامة المباريات بحضور الجماهير وإعادة كل الأمور إلى مجاريها الطبيعية.

الأمر الآن يشبه الواقع السياسي في مصر، الكل في انتظار الشخص الشجاع الذي يقف لتحمل مسؤوليته ويطلب تفويض الجماهير لجمع الأطراف الثلاثة للتوصل لحل لحضور المباريات.

والحلول والأفكار كثيرة تبدأ باختيار استادات معينة يسهل تأمينها مع تحديد عدد الجماهير المسموح بحضورها لفترة مؤقتة ثم تتحمل الأندية مسؤولية التواصل مع جماهيرها لضمان من سيحضر المباريات، ولكن من يأخذ المبادرة.

مثال: قد يقتصر حضور المباريات على الجماهير التي تشتري التذاكر السنوية من ناديها والتي يتطلب أن تترك بياناتها لدى إدارة النادي لضمان عدم إندساس أفراد مخربة بين الجماهير.

الكرة يا سادة صنعت من أجل الجماهير ولا يمكن أن تستمر خلف الأبواب المغلقة طويلا، والدوري الملغي أكبر مثال على فشل تجربة اللعب بدون جماهير فالمباريات كانت بلا طعم ولا رائحة ولا لون.

على الأطراف الثلاثة أن يتحملوا مسؤوليتهم وعلى إدارات الأندية أن تؤخذ المبادرة فهي المعني الأول بالتوسط بين الطرفين والوصول لحلول قابلة للتنفيذ تكون ضامنة لعدم حدوث تجاوزات وغير مقيدة لحريات الجماهير في تشجيعهم لفرقهم.

وعلى الجماهير أن تعي أن ما فات في بلادنا يجب أن يعلمنا جميعا أن حرياتنا يجب أن نستخدمها بحكمة، فالاندفاع والتهور ليسوا وسيلة التعبير المثلى عن حبك لفريقك ودعمك له، ولكنها تسبب في كثير من الأحيان لخسائر وصلت إلى أقصى مما تخيلت عقولنا وإنسانيتنا.

رسالة أخيرة: تحملوا مسؤولياتكم يرحمكم الله

للتواصل مع الكاتب عبر تويتر Sherif7assan

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات