كين وبيكام ولعنة الجيل الذهبي ليونايتد

السبت، 01 أبريل 2017 - 12:53

كتب : إسلام محمود

كين وبيكام

أغلقت نافذة الانتقالات الشتوية لمانشستر يونايتد الإنجليزي بلا عملية شراء وعمليتي بيع، ممفيس ديباي ومورجان شنايدرلين كانا الاسمين الراحين عن الشياطين الحمر.

الأمر يبدو عاديا، لاعبان لا يشاركان وغير مهمان لتكتيك المدربان ويرغبان في اللعب بشكل أساسي، أتتهما عروض مقبولة لإدارة الفريق، وافقت عليها ورحلا، إلا أنه يوجد أكثر من ذلك.

رحيل ديباي وشنايدرلين يرسخ لعنة بدأت عام 2003 وزادت في 2005 واستمرت حتى اليوم.

جميعنا نتذكر شجار أليكس فيرجسون وديفيد بيكام الشهير، الفتى الإنجليزي المدلل صاحب قصات الشعر المميزة والمفضل لعدسات المصورين في قمة تألقه يخرج مدربه السير أليكس لينتقده علانية في الإعلام بأنه يجب عليه الاهتمام أكثر بالكرة وعدم التركيز مع الكاميرات، ليتطور الأمر بعدها وركلة فيرجسون الشهيرة للحذاء الذي اصطدم بأعلى حاجب بيكام الأيمن والرحيل لريال مدريد بعدها عام 2003 قبل أن تهدأ الأجواء بين الثنائي بمرور السنوات.

سنتان مرتا على تلك الواقعة، قبل أن تتأجج أخرى تخص فردا آخر من الجيل الذهبي ليونايتد، روي كين، خسارة من ميدلسبره 4-1 جعلت القائد يخرج عن شعوره ليهاجم دارين فليتشر ولاعبين آخرين شاركوا في اللقاء بأن مستواهم لا يناسب يونايتد، وبحسب كلامه طلب منه أن يمتدحهم في حوار تلفزيوني مع قناة النادي وهو ما رفضه.

فيرجسون الآمر الناهي في مانشستر يونايتد لا يعلو صوت فوق صوته، رحلة 12 عاما في قيادة يونايتد انتهت خلال أيام بفسخ العقد مع كين ليرحل لسيلتيك عام 2005 ويشن وصلات هجومة ممتدة حتى وقتنا هذا على فيرجسون.

لسنا هنا لمناقشة مع فعله فيرجسون، الرجل أرسى مبادئ تطبق على الجميع، لكن بعد رحيل الثنائي كيف كان التعويض؟ أو تحديدا ماذا حدث للرقم 7 ومركز 6 بعد بيكام وروي كين؟

الرقم 7

نبدأ مع بيكام، وباسثناء كريستيانو رونالدو لأنه غير خاضع للعنات وقوانين البشر على ما يبدو فإن كل من ارتدى الرقم 7 بعد ديفيد بيكام فشل مع يونايتد فشلا ذريعا رغم قيمة الرقم وإرثه في النادي، كيف لا وهو من ارتداه جورج بيست وإريك كانتونا من قبل؟

باستثناء هدفه القاتل في شباك مانشستر سيتي وثلاثية في شباك فولفسبورج فإن رحلة مايكل أوين مع الشياطين الحمر لم تكن ناجحة، لا جدال على موهبة أوين لكنه قدم لمانشستر منتهيا بعد الإصابات المتتالية ولم يترك بصمة كبيرة تليق بالرقم الموجود على قميصه، 52 مباراة خاضها أوين مع يونايتد جل فيها 17 هدفا قبل الرحيل لستوك سيتي والاعتزال.

الضحية التالية للعنة بيكام كان لويس أنطونيو فالنسيا، الجناح الأيمن الذي أتى معوضا لكريستيانو رونالدو ارتدى في البداية الرقم 25 وتألق بشكل لافت مع يونايتد، ثم قرر تغيير رقمه لـ7 لتحل عليه لعنة بيكام، موسم سيء للغاية وهجوم كبير من مشجعي النادي دفع فالنسيا للتراجع والعودة لرقمه القديم، ومع الوقت ارتفع مستواه مجددا للدرجة التي جعلت مدربه الحالي جوزيه مورينيو يشيد به ويصفه بأنه أفضل ظهير أيمن في العالم حاليا، وهو المركز الذي تحول له الجناح الإكوادوري منذ سنتين.

هل يمكنك أن تضم لاعبا بحجم أنخل دي ماريا وتدعله صفقتك القياسية –قبل بول بوجبا بالطبع-ويفشل؟ نعم إذا أعطيته رقما ملعون من ديفيد بيكام.

دي ماريا قدم من ريال مدريد في أول مواسم المدرب الهولندي لويس فان خال، أسماء كبيرة مثله ومثل راداميل فالكاو كان متوقعا أن تنتشل الفريق من موسم ديفيد مويس الكارثي، وبالفعل عاد الفريق لدوري أبطال أوروبا لكن الحياة لم تكن وردية في مدينة مانشستر.

دي ماريا بدأ في الشكوى من ملل المدينة والحياة الباردة، ثم شكوى أخرى من مديره الفني ولعبه في مركز المحور الثالث والذي لا يفضله فهو يفضل أن يشغل أيا من الجناحين –رغم توظيف كارلو أنشيلوتي له في آخر مواسمه مع ريال مدريد في نفس المركز تقريبا وتألقه الذي جعله نجما للفريق قبل رونالدو في بعض الأحيان- والنتيجة في النهاية كانت الرحيل لباريس سان جيرمان بعد موسم واحد قضاه الأرجنتين بالقميص الأحمر لعب خلاله 32 مباراة سجل فيهم 4 أهداف وصنع 12.

الضحية الأخيرة للعنة ديفيد بيكام كان ممفيس ديباي، الجناح الهولندي الشاب جاء هدافا لدوري بلاده برصيد 22 هدف مع أيندهوفن الهولندي ليلعب تحت قيادة مدربه في كأس العالم 2014 الذي حققت فيه هولندا المركز الثالث، كل عوامل نجاح الصفقة متوفرة إلا أن إدارة يونايتد –أو ممفيس باختياره- أخطات مجددا بإعطاؤه الرقم 7.

في موسم ونصف قضاهم ديباي بقميص يونايتد لعب 56 مباراة، سجل 7 اهداف وصنع مثلهم لكنه لم يقدم المأمول منه أبدا ليفقد مكانه في التشكيل الأساسي وحتى قائمة الـ18 لاعب لكل مباراة مع جوزيه مورينيو ويرحل لأوليمبيك ليون ويبدأ في استعادة بريقه مجددا، بالرقم 9 هذه المرة.

المركز 6

تقسيم مراكز اللاعبين قديما كان يعتمد على الأرقام، فحارس المرمى هو الرقم 1، رأس الحربة هو الرقم 9، ولاعب الارتكاز أو قاطع الكرات هو الرقم 6.

منذ انضمامه من نوتينجهام فوريست عام 1993 أصبح روي كين جزء لا يتجزأ من تشكيل مانشستر يونايتد بل وقائدا للفريق، وحتى انتهاء علاقته مع الشياطين الحمر في 2005، كين كان العنصر الثابت مهما تغير من حوله وشكل ثنائيا خارقا مع بول سكولز ربما كان الأفضل في الكرة الإنجليزية.

بعد رحيله كان التعويض عن طريق مايكل كاريك الذي كان مايسترو خط وسط توتنام هوتسبر وقتها، لكن شتان الفارق بين كين وكاريك في الملعب، الأول كان شرسا، عنيفا، ذو شخصية تخيف زملاؤه قبل خصومه، أما الثاني فهادئ، يفضل الاستحواذ والتمريرات المتقنة، نادرا ما يقوم بتدخل لافتكاك الكرة.

كاريك حظى بمواسم ناجحة برغم تفاوتها صعودا وهبوطا حتى يومنا هذا، بجوار بول سكولز حتى اعتزاله، قبل أن يقوم هو بدور سكولز في الفترة الحالية كعنصر خبرة في منتصف الملعب لسيطرة أكبر على مجريات اللعب.

بديل آخر لكين كان دارين فليتشر، أحد المتسببين برحيله بعد أن انتقده الأيرلندي علانية بعد خسارة قاسية من ميدلسبره 4-1 ووصفه بأنه لا يجيد لعب كرة القدم.

لكن مجددا أليكس فيرجسون كسب الرهان، فخلال الفترة من 2008 حتى 2010 كان فليتشر دينامو في وس ملعب مانشستر يونايتد، box to box، تجده في كل مكان يساند الدفاع ثم يتقدم ليسجل هدفا، لكن داهمه مرض معوي أنهى مسيرته مع مانشستر يونايتد مبكرا ليرحل بعدها لويست بروميتش ألبيون. أهي لعنة كين؟

ثم نأتي لموهبة برازيلية تفجرت في كأس العالم للشباب 2007، البرازيلي أندرسون الذي انضم ليونايتد بقيمة كبيرة (31 مليون يورو) بداية موسم 2008، بعد بعداية مبشرة تدهور مستوى أندرسون فجأة حتى صار حبيسا لمقاعد البدلاء، ومع رحيل فيرجسون تقلصت فرصه أكثر وأكثر ليرحل معارا لفيورنتينا ثم يعود بعدما لم يقنع مسؤولي فلورنسا ليفسخ يونايتد عقده ويعود للبرازيل من جديد. اللعنة مستمرة.

ربما كان أفضل المعوضين وأكثر شبهًا لروي كين هو أوين هارجريفز، الإنجليزي الذي حضر من باين ميونيخ بتاريخ طويل مع مشاكل الركبة كان ركنا أساسيا في الفريق المتوج بدوري أبطال أوروبا عام 2008، لكن الإصابات المتكررة جعلته يلعب فقط 27 مباراة في 4 سنوات هي مدة عقده مع مانشستر يونايتد حتى أنتهى ورحل في صمت، لعنة كين ليست المُلام الأكبر نظرا لإصابات أوين المتعددة.

الدور بعدها جاء على مروان فيلايني، ذو الشعر الأشعث الشهير وصاحب الرأسيات المتقنة كان صفقة إيفرتون القياسية حتى وقت قريب، انتقل ليونايتد مع قدوم "المختار" ديفيد مويس مدربه السابق في إيفرتون، وبرغم استمراره حتى الآن ولعبه أساسيا مع لويس فان جال تارة ومع جوزيه مورينيو تارة إلا أنه كان قاب قوسين أو أدنى من الرحيل عن يونايتد أكثر من مرة وتعرض لانتقادات قاسية من مشجعي الفريق حتى أن جاري نيفيل محلل قنوات سكاي وقائد الشياطين الحمر سابقا وصفه مرة بأنه لا يجيد لعب كرة القدم على الإطلاق. كيف تحول نجم إيفرتون سابقا لمن لا يجيد لعب الكرة؟ كلمة السر: لعنة كين.

أخر المتضررين من اللعنة كان الفرنسي مورجان شنايدرلين، نجما في ساوثامبتون يتصارع عليه يونايتد وأرسنال لينضم للأول، من أفضل قاطعي الكرات في الدوري الإنجليزي وهو ما افتقده يونايتد منذ رحيل كين لكنه أبدا لم يكن أساسيا مع لويس فان جال برغم تقديمه لمستويات جيدة عند مشاركته، ثم أتى جوزيه مورينيو ليخرجه من حساباته تماما إذ لم يشارك سوى في مباراتين قبل أن يرحل لإيفرتون ويبدأ في استعادة مستواه شيئا فشيئا، البداية كانت بالمشاركة أساسيا ثم استعادة الحاسة التهديفية.لعنة كين كانت مؤثرة هذه المرة أيضا.

جوزيه مورينيو بصدد الوصول لنافذة انتقالاته الثالثة مع مانشستر يونايتد في يوليو 2017، البرتغالي يستهدف تدعيم مركز الهجوم والهدف الأبرز أنطوان جريزمان الذي يرتدي الرقم 7 في أتليتكو مدريد، كام يستهدف التعاقد مع معوض لمايكل كاريك الذي شارفت مسيرته على النهاية، تيموي باكايوكو موهبة موناكو الصاعدة هو أبرز المطروحة، باكايوكو مركزه في الملعب 6، لاعب ارتكاز وقاطع كرات.

هذا الصيف ربما يكون بداية جديدة بلا لعنات في عهد الاستثنائي، أو ربما تكون اللعنة أكثر استثنائية من مورينيو نفسه وتفشل الصفقات الجديدة الملعونة مثلما فشلت من قبلها ورحلت سريعا دون بصمة تذكر

التعليقات
/articles/292896