كواليس المدربين (3) – أنشيلوتي .. "رجل السلام" الذي رفض باجيو .. وليلة إسطنبول

الجمعة، 03 فبراير 2017 - 23:47

كتب : حسين لطفي

أنشيلوتي

مكالمة جالياني التي غيرت كل شيء

ساعة الملعب الأوليمبي بتورينو تشير إلى تقدم الفريق المحلي على ميلان بهدف نظيف، اضطراب فاتح تيريم ينبئ عن اقتراب رحيله، التركي لم يفز سوى في أربعة مواجهات من آخر ثمانية.

على الجانب الآخر من البلاد هناك في الشمال، صافح كارلو أنشيلوتي، كاستيلو تانزي رئيس نادي بارما قاطعاً على نفسه وعداً بالعودة إلى قيادة الفريق الأزرق والأصفر مرة أخرى بعد فشل تجربته مع اليوفي.

إقالة تيريم تصدرت عناوين اللاجازيتا ديللو سبورت دون أن تلمّح الصحيفة إلى سمات بديله، لكن جالياني لم يكفّ عن الهمس في أذن رئيسه من أجل إعادة الجندي القديم إلى سان سيرو .. كمدربٍ هذه المرة.

أومأ بيرلسكوني بموافقته فلمع هاتف كارلو في لحظتها كاشفاً عن اسم جالياني:

"-هل وقّعت عقداً مع بارما؟

-لا، لكنني في طريقي إلى هناك!

-إياك والذهاب! أنا آتٍ إلى منزلك الآن .. أنت مدرب ميلان الجديد!".

"كواليس المدربين" سلسلة جديدة يقدمها FilGoal.com تسلط الضوء على بعض المواقف خلف الكواليس لدي المدربين منذ بداية مسيرتهم التدريبية. بطل حلقتنا اليوم هو الثعلب الإيطالي.. كارلو أنشيلوتي.

طالع أيضا - الحلقة الأولى.. بيب .. حلم الـ11 لمسة في المكسيك والثقب الأسود

طالع أيضا - الحلقة الثانية.. استعد .. أنت على وشك أن تكره جوزيه مورينيو

*الدرس المستفاد من رفض "باجيو" !

فريق بارما كان المحطة التدريبية الثانية لأنشيلوتي بعد ريجينا، وقضى في "إنيو تارديني" موسمين ناجحين من عام 1996 حتى عام 1998 -بعد أن رفض كابيللو تدريب الفريق-حقق في أولهما المركز الثاني في الكالتشيو خلف اليوفنتوس بثلاثة نقاط، أما في الثاني فقد جاء سادساً في جدول الترتيب، وهو مركز مرضي بالنسبة إلى نادٍ بحجم بارما.

تشكيلة كارلو حينها كانت تعج بالعديد من النجوم، لك أن تتخيل أن الدفاع كان يتكون من فابيو كانافارو وليليان تورام ومن خلفهما أخطبوط إيطاليا جانوليجي بوفون ، أما السلاح المدمر في المقدمة فقد كان الأرجنتيني هيرنان كريسبو.

لكن، هل تعلم أن أنشيلوتي رفض انضمام روبرتو باجيو إلى فريقه في تلك الفترة؟

أن يطأ باجيو أعشاب الملعب مرتدياً قميص فريقك هو حلم أي مدرب حتى لو كان يلعب بقدمٍ واحدة، فما الذي دهاك يا كارلو ؟!

المدرب برر تصرفه قائلاً:"حينما سنحت لي الفرصة للتوقيع مع باجيو كنت دائماً أفضل أن ألعب بطريقة 4-4-2 ، قررت ألا نضمّه لأنه أراد أن يلعب خلف المهاجم ، وهذا لن يناسب طريقتي ، لم أكن أريده أن يلعب في المقدمة بل في وسط الملعب ، أدرك الآن كم كنت مخطئاً بكل تأكيد".

"رفضت أن أغير طريقتي لأنني لم أكن أمتلك الثقة والخبرة الكافية، كان من المفترض أن أعمل معه على إيجاد طريقة ما".

"حينما ذهبت الى اليوفي، غيرت طريقتي كي تلائم زيدان بدلاً من إجباره على التكيّف مع 4-4-2، لعبنا بثلاثة مدافعين، أربعة في وسط الملعب أمامهم زيدان ثم المهاجمين".

"مع كريستيانو رونالدو، اعتقدت أن أفضل مركز له أن يلعب كمهاجم بجانب بزيما ، بهذه الطريقة يمكنني وضع بيل على اليسار ، خاميس رودريجيز على اليمين ، مع مودريتش وأي لاعب آخر ، تحدثت مع رونالدو وأخبرني أنه لا يشعر بالراحة هكذا ، يريد أن يلعب كجناح ، من أنا لأعارضه ؟ كيف يمكنني أن أغير مركز لاعب يسجل 60 هدفاً في الموسم؟ لم ألعب بطريقة 4-3-3 كثيراً من قبل، لكنني استخدمتها في النهاية لكي يلعب رونالدو في المركز الذي يناسب موهبته."

نهائي إسطنبول .. والثأر

أوقن أنه عند سرد مواقف من حياة أي شخص عاصر ميلان 2005، فإن الجميع سيتحرّق شوقاً للحديث عن نهائي إسطنبول، فما بالك بمدرب الفريق حينها؟ لاعبوك سجلوا 3 أهداف في شوط واحد ولم يرفعوا الكأس في النهاية! بالتأكيد كان هذا النهائي هو الأقسى على كارلو ولاعبيه

ما هو رأي أنشيلوتي في المباراة؟ ماذا حدث بينه وبين جالياني؟ وكيف كانت الأجواء في النادي؟ .. انت الآن في رحلةٍ داخل أروقة الميلانيللو بعد يوم الخامس والعشرين من مايو لعام 2005.

يقول أنشيلوتي:"إنه أفضل نهائي أدرته في تاريخي، لقد تحكّمت في كل شيء، استراتيجية اللعب، النواحي الفنية، الدوافع، حتى الفريق الخصم، لكنني لم أستطع التحكم في النتيجة النهائية".

"بالطبع لا يمكنني القول أن الإحباط لم يصبني، لكن لو رجع بي الزمن لم أكن لأغير أي شيء خلال اللقاء، الجميع يعتقد أننا تخاذلنا عقب الشوط الأول، هذا ليس صحيحاً، لعبنا بشكل جيد حتى في الأشواط الإضافية، ليفربول لعب بشكل جيد في 6 دقائق، أما ميلان فاستحوذ على الـ114 الآخرين".

"بعد هدف الليفر الأول ظننت أننا سنسجل المزيد، بعد الهدف الثاني فكرت في إجراء تغيير لزيادة صلابة الدفاع لكن الهدف الثالث جاء بسرعة ولم يمنحنا الفرصة، سيطرنا على مجريات اللقاء مجدداً بعد تلقي 3 أهداف وكدنا نسجل المزيد".

"الأجواء كانت صعبة في النادي، لكن الرئيس وجالياني دعماني أنا واللاعبين، لم يشكّا بنا أبداً، الجميع كان يتألم، لكن ليلة إسطنبول كانت دافع لنا، أنا واثق أن هذه الهزيمة ساعدتنا في رد اعتبارنا أمامهم مرة أخرى في أثينا".

أما العقل المدبر للروسونيري أدرينالو جالياني فكانت هذه كلماته:

"دائماً ما يسألونني حول تبادل اللوم والاتهامات بعد نهائي 2005، لكن هذا لم يحدث، لقد دعمنا كارلو ، في إسطنبول ميلان لعب بشكل رائع ما عدا تلك الست دقائق الملعونة ، في الدقيقة 120 تصدى دوديك لفرصة خطيرة من شيفشينكو. القدر!"

"ميلان فاز بعد سنتين في أثينا لكنه كان أسوأ. أحد أبرز المواقف التي أتذكرها لأنشيلوتي كان عندما حضرت التدريب الأخير ليلة نهائي أثينا ، مهاجمنا الأساسي إنزاجي كان في حالة يرثى لها، لقد كان قادراً بالكاد على تحريك الكرة، أما جيلاردينو فقد استعد بشكل جيد، خاصةً بعد هدفه في شباك مانشستر يونايتد في نصف النهائي".

"كنت أقف بجانب كارلو واقترحت عليه أن يبدأ بجيلاردينو نظراً لحالة إنزاجي ، قال لي : لا .. غداً ستكون ليلة إنزاجي ، وبالفعل بيبو سجّل هدفين".

أما قلب الدفاع أليساندرو نيستا، فقد رأى أن أنشيلوتي أخطأ في شيء واحد فقط:"أعلم أن الجميع يريد التحدث عن مباراة 2005، لكنني أفضل الحديث عن يوم أثينا، كارلو كان متأكداً بنسبة 100% أننا سنفوز، كان يثق في نفسه وفينا".

"حينما خسرنا في إسطنبول، كان الناس يتحدثون أن المدرب هو سبب الخسارة، لا لم يكن هو بل نحن، بعد الشوط الأول قال لنا أن المباراة لم تنتهي بعد، علينا ان نسجل هدف او اثنين آخرين كي نقتلها".

"في نهائي مانشستر أمام اليوفي ، سجلت أثناء الركلات الترجيحية ، ربما خطأه الوحيد معي خلال 8 سنوات أنه لم يخترني للتسديد في ركلات الجزاء في إسطنبول ، ليس سيئاً ، صحيح ؟".

وداعاً كارلو

في الأول من يونيو لعام 2009 أعلن بيرلسكوني رحيل أنشيلوتي عن الميلان قبل نهاية عقده بعامٍ واحد، هذا الإعلان جاء بعد أقل من 24 ساعة على آخر لقاء تواجد فيه كارلو على دكة بدلاء الروسونيري والذي انتهى بتفوق فريقه بهدفين نظيفين لكاكا وباتو على حساب فيورنتينا في أرتيميو فرانكي.

الحزن والسكوت كانا يخيمان على غرفة خلع ملابس الفريق قبل صافرة البداية، لم لا؟ واليوم يعتزل مالديني ويغادر أنشيلوتي.

بيكهام المعار من لوس أنجيلس جالاكسي في ذلك التوقيت كان شاهداً على تلك اللحظات الأخيرة، وكل ما يلي جاء على لسانه.

"أتذكر مباراة كارلو الأخيرة جيداً، رأيت في غرفة خلع الملابس كم الحب الذي يكنّه اللاعبون له، لم يكن يحبون المدرب فقط، بل كارلو الشخص أيضاً".

"لهؤلاء اللاعبين، رحيله كان يعني خسارة أب، أنشيلوتي قال خطاب مؤثراً ، لكن الأكثر تأثيراً كان بكاء إنزاجي ، جاتوزو ، مالديني ونيستا".

"لقد لعبت معه ست أشهر فقط، لا أجيد الإيطالية لكنني فهمت قليلاً من حديثه وترك بي أثراً".

"حينما يغادر مدرب عظيم النادي، فإن الجميع سيدرك شيئاً فشيئاً كم كان وجوده مهماً".

"إذا لم تفز، لا تزعج نفسك بالعودة إلى العمل!"

علاقة أنشيلوتي بابراموفيتش كانت مضطربة إلى حد ما، بعد كل خسارة للفريق كان يتم استدعاؤه في الصباح لتقديم تقارير مفصلة عن أسباب الهزيمة فضلاً عن تدخلات الرئيس المستمرة في الأمور الفنية وإقالة مساعد أنشيلوتي بدون إخباره وما إلى ذلك، ما ساعد كارلو قليلاً على البقاء لفترة أطول في الكوبهام كان تحقيقه لثنائية الدوري والكأس في موسمه الأول مع البلوز.

مواجهة ربع نهائي دوري الأبطال –موسم 2010/2011-أمام مانشستر يونايتد كانت القطرة التي أفاضت الكأس، في ليلة المباراة حذّر ابراموفيتش اللاعبين وخيّرهم بين الفوز أو حدوث تغييرات كبيرة للفريق، ثم قال لكارلو منفرداً :" إذا لم تفز ، لا تزعج نفسك بالعودة إلى العمل مرة أخرى".

تمريرة ساحرة من جيجز إلى تشيتشاريتو أعطت التقدم للشياطين الحمر قبل أن يلفظ الشوط الأول أنفاسه الأخيرة، دروجبا يسجل هدف التعادل لكنه لم يهنأ كثيراً به بعد أن قتل بارك جي سونج المباراة بهدفٍ منح فريقه تذكرة العبور إلى نصف النهائي.

السير أليكس فيرجسون تحدث عن أصعب يوم لأنشيلوتي مع تشيلسي وقال:"لقد جاء إلى غرفتي في الأولد ترافورد بعد المباراة، حينها علمت أن شيئاً ما قد حدث، بدا شاحباً ومحطماً، اعتقدت أنه أمر عائلي لكنه كان ابراموفيتش".

"قلت له: انسَ الأمر، لا يمكنه التخلص منك في منتصف الموسم، حينما رجع إلى غرفة تشيلسي كان ابراموفيتش ينتظره على الباب، أخبره بأن العواقب ستكون وخيمة".

"أنشيلوتي أخرج توريس وأدخل دروجبا بدلاً منه -الذي أحرز هدف التعادل-، ابراموفيتش كان قد اشترى توريس بخمسين مليون إسترليني، يا له من إهدار للمال! كل هذا المبلغ مع خسارتهم وإخراج أنشيلوتي لتوريس وسوء أداء اللاعب مع تشيلسي كانت عوامل حددت مصير كارلو".

في مايو 2011، خسر تشيلسي آخر مباراة في الموسم أمام إيفرتون في الجوديسون بارك بهدف جيرمين بيكفورد لينهي حامل اللقب موسمه وصيفاً بفارق 9 نقاط عن مانشستر يونايتد.

المدير التنفيذي للفريق كان في طريقه إلى لندن بعد المباراة لكنه عاد إلى الملعب بعد مكالمة غاضبة من ابراموفيتش:"ارجع مرة أخرى وأخبر كارلو أنني أقلته".

لم يغادر أنشيلوتي في حافلة الفريق بل في سيارة خاصة كانت تنتظره أمام الملعب، وعند عودته إلى لندن أقام جون تيري، لامبارد ودروجبا حفلاً لتوديعه قال خلاله كارلو آخر كلماته كمدربٍ لتشيلسي:"أنا محبط جداً لمغادرة ستامفورد بريدج".

"صانع السلام" .. واحتواء كاسياس

"لقد رحل صانع الحروب –جوزيه مورينيو-وجاء صانع السلام" – فلورنتينو بيريز في مؤتمر تقديم أنشيلوتي.

حينما وصل أنشيلوتي إلى مدريد كانت نيران أزمة "كاسياس-مورينيو" لم تهدأ بعد، قائد الفريق كان مثخن بالجراح جرّاء طعنات مورينيو المتتالية قبل رحيله، وصفه بالخائن، جمّده على دكة البدلاء ولم يملّ من الهجوم عليه في الصحافة الإسبانية.

كارلو أراد أن يعيد الاستقرار إلى الفالديبيباس بعد فترة مورينيو العصيبة، فرأى أن أول ما يجب عليه فعله هو احتواء القائد.

"مورينيو كان يفضل دييجو لوبيز دائماً، الاختيار بينهما كان صعب بالنسبة لي، لكن في هذه المواقف من الأفضل أن تتخذ من الأمور الفنية عذراً لك".

"أخبرت كاسياس بأنني اخترت دييجو لوبيز ليكون الحارس الأساسي، لأنه خاض فترة الإعداد كلها بينما جاء إيكر متأخراً عن بقية زملائه".

"بعد أن اتخذت قراري، شعرت بأن إبقاء كاسياس كخيار ثاني دائماً ليس بالأمر الصائب، لذلك جعلت دييجو حارس الليجا، وكاسياس حارس الكئوس، أخبرت لوبيز بالأمر وقلت له أننا يجب أن نحافظ على الأجواء الإيجابية في غرفة خلع الملابس".

"أما كاسياس فأبلغته بأنه حارس عظيم ولا يجب أن يبقى احتياطياً دائماً، قال لي: أنا لست سعيداً ، لكنني احترم قرارك ، سأواصل العمل".

"بالرغم من مشاركته في مباريات الكأس ودوري أبطال أوروبا، إلا انه لم يكن راضياً إلى حد ما، أعتقد أنني فعلت الامر الصائب، الاثنان كان لديهما دافع للعمل، في نهاية الموسم لعب دييجو 37 مباراة بينما حرس كاسياس مرمى الفريق في 24 آخرين".

"لوبيز كان متواضعاً إلى أبعد حد، مجرد رؤية كاسياس على دكة البدلاء كاحتياطي له وضعت عليه الكثير من الضغوطات، قراري أراحه".

"في كرة القدم هناك العديد من القرارات الصعبة التي يجب أن تتخذها، لكنني ربحت الاثنين في النهاية".

كيف يرى خصومه؟

تُرى ما هي آراء أنشيلوتي فيمن واجههم من صفوة المدربين بعد أكثر من عشرين عاماً على سدة حكم العديد من الأجهزة الفنية والفرق المختلفة؟ لنرى.

يقول كارلو:"سُئلت مراراً عن العديد من المدربين الذين لا أعرفهم بالضرورة على المستوى الشخصي، لذلك لا يسعني سوى الحديث عن فرقهم وطرق لعبهم".

"على سبيل المثال، فرق أرسين فينجر دائماً ما تميل إلى النزعة الهجومية، يحبون دائماً أن يمتلكوا الكرة، لذلك حينما تلعب أمام فريق مثل أرسنال عليك أن تكون عنيفاً، تلتحم بقوة، تتحلى بالصبر، ولا تصاب بالذعر حينما يسيطرون على الملعب، لأن نقطة قوتك ستكون الهجمات المرتدة".

"طريقة مورينيو مختلفة، يستطيع أن يحافظ على هدوئه والنتيجة تشير إلى التعادل السلبي إلى ما لا نهاية، سينتظر وينتظر. لنشبهها بالملاكمة .. فريق مورينيو يعتمد على مكافحة اللكمات، سيظل يحمي نفسه 11 جولة، وفي الجولة الـ 12يضربك بالقاضية، يعمل على إرهاقك وحينما تُصاب بالإجهاد، يقتلك".

"مع بيب، الجميع يعلم ان الاستحواذ على الكرة هو مفتاح نجاحه، فريقه سيمتلك الكرة معظم أحيان المباراة وعليك أن تقبل ذلك، لا يمكنك منافسته في الاستحواذ، لكن هذا ليس سيئاً كما يبدو. مشاكل عدم امتلاك الكرة أقل من مشاكل امتلاكها، دائماً خلق الفرص يكون أكثر تعقيداً من تدميرها، أليس كذلك؟".

"المباريات أمام السير أليكس دائماً ما تكون مفتوحة، التكتيك لا يهمهم كثيراً في مانشستر، ما يهمهم هو التحكم في إيقاع المباراة، السرعة، القوة وحسن الانتشار، لكي تواجه فيرجسون عليك أن تعلم كيف تقوم بتعطيل فريقه".

رسالة زلاتان

ابراهيموفيتش وانشيلوتي عملا سوياً خلال فترة تدريب الأخير لباريس سان جيرمان أو بكلمات أخرى ما أطلق عليه " المشروع الباريسي"، الاثنان انتدبهم ناصر الخليفي من أجل بداية عهدٍ جديد يستطيع فيه فريق العاصمة الفرنسية مقارعة أعتى أندية القارة العجوز.

زلاتان كان يعتبر كارلو بمثابة أب له بالرغم من قصر الفترة التي قضاها معه، لكن يبدو أن الإيطالي كان لديه مشكلة صغيرة مع إبرا.

" أكبر مشاكلي معه كانت تحدث في التدريبات، لم يكن يحب الخسارة أبداً حتى فيها لأنه شخص مقاتل، الناشئون كانوا يتدربون معنا أحياناً، كنت أخبره حينها ألا يلعب بقوته المعتادة وأن يعاملهم بهدوء وتروّي لأنه قدوة لهم".

"يوم ما، ظنّ إبرا أن أحدهم كان يتقاعس بعض الشيء خلال التمرين، بعد أن انتهينا ذهب له وقال: حينما تذهب إلى البيت من الأفضل أن تكتب في مذكراتك أنك تدربت مع ابراهيموفيتش اليوم، لأنني أعتقد أنها المرة الأخيرة لك".

زلاتان بدوره أجرى حواراً كاملاً تحدث فيه عن علاقته بأنشيلوتي وبعض المواقف المميزة التي ربطتهما سوياً، وتم نشره في كتاب أنشيلوتي الأخير، إليكم أجزاء منه:

"للأسف، كتبت (أنا زلاتان) قبل أن ألتقي به، لو قابلته قبلها لكان هناك فصل كامل يتحدث عنه، بعد العمل مع العديد من الشخصيات المختلفة، أخيراً قابلت المدرب الأفضل".

"معظم أحاديثك مع أي مدرب تكون عن كرة القدم، لكن الأمر مختلف مع كارلو، إذا واجهتني مشكلة في المنزل أتحدث إليه، إذا احتجت إلى نصيحة أتحدث إليه، أيا كان ما يحدث فإنني أعلم انه باستطاعتي الاعتماد عليه، لا يريد أن يكون مدربك فقط، بل صديقك أيضاً ".

"في كرة القدم حينما تتعامل مع مدرب لا يضع بينك وبينه حدود، يكون الأمر أكثر راحة، ستثق فيه ويبادلك الثقة في المقابل، مما يجبرك على القيام بأي شيء من أجله".

"أثناء بداياتي في باريس قال لي بأنه يريدني أن أكون قائد الفريق، قلت له أنني لا أعلم هل سأبقى هنا طويلاً أم لا، قائد الفريق يجب أن يكون مثلك، يؤمن بهذا المشروع وسيبقى طويلاً، أخبرته بأن يجعل تياجو سيلفا قائداً، إنه الطلب الوحيد الذي رفضته له، لكنه ظلّ يؤمن بي كمسئول عن الفريق، حينما تمرّ 10 دقائق من المباراة من دون أن نقوم بهجمات خطيرة، كان يقول لي: إبرا .. حان الوقت لإيقاظ زملائك".

"أنشيلوتي يعرف كيف يحمي لاعبيه جيداً، لا يسمح لرئيس النادي أو أي شخص بمهاجمتهم، إذا تأخر لاعب عن التدريب صباحاً بسبب سهره في المساء، سيقول له: هذا الأمر سرّ بيني وبينك، لا تفعله مجدداً كن محترفاً، وفي النهاية سيقول له: عليك أن تصحبني معك في المرة القادمة".

"أتذكر مباراة إيفيان جيداً، الطقس كان بارداً وملعبهم كان مزري لذلك لم يكن اداؤنا جيد في الشوط الأول، حينما وصلت إلى غرفة خلع الملابس قال لي مساعده بول أنه سمع كارلو يغلق الباب بقوة خلفه، مما أصابه بالقلق على ذراعه وليس الباب، فقلت له أعتقد أنه غاضب".

"حينما دخلنا الى الغرفة بدأ يتحدث، وكان هناك صندوق أمامه، ركله فجأة وأصابني في رأسي فصرخت: يا ألهي!، أخذت الصندوق ووضعته بجانبي وقلت لبول: الآن أنا متأكد أنه غاضب جداً، لقد كانت المرة الوحيدة التي رأيته فيها غاضباً هكذا، لكن في اليوم التالي اعتذر لنا جميعاً".

"جميع اللاعبين كانوا متوترين قبل مباراة الإياب أمام برشلونة في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا، صمت كارلو قليلاً ثم قال: إبرا .. لقد فكّرت في هذا الأمر كثيراً، سوف تكون احتياطياً، صِحت: ماذا ؟!، فردّ بأنه أمر تكتيكي وأنني سأشارك قبل نهاية المباراة بـ20 دقيقة لأستغل إرهاق لاعبي البرسا، صُدم الجميع لكنني أبديت موافقتي، وبعد أقل من دقيقة ضحك أنشيلوتي وقال: ماذا بكم ؟ إني امزح معكم، ابتسم اللاعبون وزال التوتر".

"علاقتنا كانت مميزة، شعرت بالأسف الشديد عندما أعلمني برحيله من باريس، قبل أن يغادر قال لي لا تقل لي أيها المدرب مرة أخرى –كنا نناديه بالمدرب أو سيد كارلو-نادِني بإسمي، لو قلت لي سيد كارلو مرة أخرى سأعتبرها إهانة".

"أشعر بالسعادة لأنني عملت معه، وبالحزن لأنه لم يدم طويلاً، ربما ربحت صديقين حقيقين من كرة القدم، ماكسويل، وأنشيلوتي بالتأكيد".

---------------

*كل ما ورد على ألسنة المدربين واللاعبين هي أجزاء من كتاب Carlo" Ancelotti – Quiet Leadership" والذي كتبه أنشيلوتي بنفسه بمساعدة اثنين من أصدقائه الصحفيين، وصدر في مايو 2016.

التعليقات