كتب : محمد البنا | الجمعة، 11 نوفمبر 2016 - 20:24

تجاهلوا الإسرائيلي حتى لا تتكرر مأساة "طوبة زيمبابوي"

أفرام جرانت مدرب غانا

تحذيرات من الموساد لأفرام جرانت المدير الفني لغانا من السفر إلى مصر.. الإعلام الغاني يتحدث عن تأمين مضاعف للمدرب الإسرائيلي قبل مواجهة الفراعنة في برج العرب، حسنا الأمر ليس هينا.

تابعت خلال الفترة الماضية عبر مواقع التواصل الاجتماعي ردود الأفعال المختلفة التي تحيط بمواجهة المدرب الإسرائيلي لغانا.

ولا أخفي سرا، أنني قلق من ردود أفعال عاطفية لا ينتج عنها إلا عقوبات شديدة ضد مصر.

دعونا في البداية نستعرض لوائح الاتحاد الدولي (فيفا) ضد الهتافات الجماهيرية التمييزية أو السياسية:

المادة 23: عدم التمييز

"يلتزم الأشخاص بعدم الإساءة إلى كرامة ونزاهة أي بلد أو شخص أو مجموعة من الأشخاص من خلال الكلمات أو الأفعال أو الإزدراء أو التمييز بسبب العرق أو اللون أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الجنس أو اللغة أو الرأي السياسي أو أي شيء آخر سواء النسب أو المولد أو التوجه الجنسي أو أي سبب آخر".

وبداية من 2013 أصدر الاتحاد الدولي لكرة القدم حملة موسعة تحت شعار "Say No to Racism" والتي تم تغليظ العقوبات حول التمييز لمحاربة العنصرية في ملاعب كرة القدم.

وأصدر الفيفا مسودة شملت ضمانات وعقوبات وتحذيرات للحد ومنع التمييز بكل صوره، والتي منها:

  • ضابط مكافحة التمييز (Anti-Discrimination Officer)

وهو رجل رسمي يوجد في الملعب مكلف من الفيفا بمراقبة أي أحداث عنصرية محتملة، وذلك لمساعدة الحكام ورفع ضغط المباراة عنهم بالإضافة إلى تسهيل توافر دليل للجنة القضائية لاتخاذ القرارات.

  • تطبيق صارم للعقوبات (Strict Application Of sanctions)

* بالنسبة للمرة الأولى، تشمل العقوبات التحذير وغرامة مالية أو اللعب بدون جمهور.

* أما في حالة التكرار أو وقوع أفعال مشينة فإن العقوبات تشمل خصم نقاط أو الإقصاء من المنافسة، وعلاوة على ذلك فإن أي شخص سواء لاعب أو مدرب أو مسؤول يرتكب هذه الأخطاء فإنه يتم إيقافه بما لا يقل عن خمس مباريات.

-------------------

نعود لموضوعنا، سيحضر المدرب الإسرائيلي إلى الإسكندرية لقيادة فريقه.. والكل يعلم الموقف السياسي للمصريين مما يدعى "الكيان الصهيوني".

البعض مشحون لسبب أو لآخر بحمل أعلام فلسطين أو هتافات مسيئة لدولة مدرب غانا التي يحمل جنسيتها.

السؤال هنا، هل هذا سيدعم القضية الفلسطينية أو يضفي جديدا على الساحة العالمية؟

الإجابة بمنتهى البساطة، لا.. أولا، نتذكر ما فعله إسلام الشهابي بطل مصر في الجودو بعدم مصافحة المنافس الإسرايلي (هي حرية شخصية بالطبع وشخصيا أؤيد ما فعله) وردود الأفعال في وسائل الإعلام العالمية في أولمبياد ريو دي جانيرو.

وثانيا لأن المنافس غانا وليس إسرائيل.

عموما.. لست في موقع توضيح الأسباب أو دعم دولة بيننا وبينها عداء تاريخي، لكن الأهم الآن هو الصالح لمنتخب مصر من أجل تحقيق حلم لم يتذوقه –لن أكون مبالغا إذا قلت- أكثر من 50% ممن سيحضرون المباراة في مدرجات برج العرب.

طوبة زيمبابوي

مباراة مصر وزيمبابوي في 1993 هي الأبرز في تصفيات كأس العالم 1994.. فوز الفراعنة يضمن التأهل للمرحلة النهائية للتصفيات والتي سنكون فيها برفقة منتخبين آخرين.

تقدم منتخب زيمبابوي لكن نجح أشرف قاسم وحسام حسن من تسجيل هدفين لتصبح النتيجة قبل الشوط الأول 2-1.

بدون داعي، طوبة تم إلقائها على لاعب زيمبابوي سقط أرضا فأوضى الحكم بإعادة المباراة في أرض محايدة وأقيمت حينها في مدينة ليون بفرنسا.. وكلنا لا ننسى فرصة مجدي طلبة الشهيرة.

الأمر الآن تطور، فلم يتعد كونه إصابة جسدية للمنافس.. لكن أيضا يهتم الفيفا بحرية الفكر والسلامة العقلية، وهو موجود في بند كامل من بنود الاتحاد الدولي.

ومعنى هذا أن الأمر لن يحتاج لـ"طوبة" حتى تعاقب مصر بالعقوبات المذكورة سلفا.

فربما رفع علم واحد لدولة أخرى كفلسطين ولن يضفي جديدا على دعمنا وتأييدنا للقضية الفلسطينية يتم استغلاله بشكل سيء ضد المنتخب.

فيرصده "ضابط مكافحة التمييز" وليس شرطا أن يظهر على كاميرات التليفزيون يتسبب في عقاب مصر سواء بغرامة مالية على الأقل أو الإقصاء من المنافسات كحد أقصى من العقوبات.

كيف يتعامل جرانت مع الهتافات؟

نظرا لجنسية جرانت، فقد واجه العديد من الهتافات في مختلف الملاعب، أبرزها عندما تغنت جماهير وست هام الفريق الذي يدربه بهتافات معادية للسامية عندما تغنت "أدولف هتلر قادم من أجلك" مع إشارة النازية والتي تشير إلى محرقة اليهود "هولوكوست" بعد أن قاد الهامرز للهبوط.

People power: The board and fans lost faith with Grant

معلومة تاريخية: والد أفرام جرانت نجى من محرقة اليهود وهرب إلى بولندا مع ثلاثة ملايين من مواطنيه قبل الحرب العالمية الثانية، وفقد المدرب الإسرايلي 15 من أسرته في المخيم. وهو ما استغله جماهير وست هام للضغط على المدرب.

لكن عقب المباراة صرح جرانت: "لا أتعجب من قيام بعض الجماهير وهم قلة، لكن لابد من الاتحاد الإنجليزي اتخاذ إجراءات لعدم تكرار ذلك في الملاعب".

هذه جماهير فريقه الغاضبة.. ونجح جرانت في استغلالها إعلاميا لصالحه.

الأمر لم يتوقف عند جرانت، بل استغلته وسائل الإعلام الإسرائيلية، وقد تكرر الأمر مع جمهور الجزائر عندما رفع أعلام فلسطين في مواجهة ودية ضد غانا.

وفي موقف آخر رصدت صحيفة (أورشليم بوست) وجود أعلام لفلسطين في مباراة بين سانت إتيان وبيطار أورشليم الإسرائيلي في الدوري الأوروبي هذا الموسم، وألمحت إلى منع دخول جماهير فريق بيطار أورشليم بأعلام إسرائيل فيما ظهرت أعلام فلسطين.

إذن وسائل الإعلام الإسرائيلي ستترصد أي محاولة من أجل تسييس أي تصرف جماهيري ضد المدرب أفرام جرانت، ناهيك عن العقوبات التي تفرضها الفيفا.

أمثلة؟

في مايو 2016 أصدر الفيفا عقوبات صارمة ضد اتحادات شيلي وباراجواي وبيرو والمكسيك وسلفادور وهندوراس وكرواتيا بسبب هتافات عنصرية لجماهير هذه المنتخبات، ويكفيك أن تعرف أن الفيفا يعاقب أيضا على الهتافات في المباريات الودية ليس الرسمية فحسب.

فتم عقاب منتخب تشيلي بحرمانه من اللعب على ملعبه لمدة مباراتين الأولى في تصفيات كأس العالم بالإضافة لغرامة 30 ألف فرانك سويسري.

بينما وقعت على الاتحادات الأخرى عقوبات مالية تتراوح من 15 ألف فرانك سويسري وحتى 40 ألف فرانك سويسري.

لكن العقوبة الأغلظ كانت ضد كرواتيا بسبب هتافات عنصرية شملت اللعب بدون جمهور لمدة مباراتين وغرامة 150 ألف فرانك وذلك بسبب هتافات جماهيرية في مباراة ((ودية)) ضد إسرائيل وتكرر الأمر أمام المجر.

وأحدثها، عندما رفع جمهور سيلتيك أعلام فلسطين في المدرجات خلال مواجهة هابوييل بير شيفع في الدور التمهيدي لدوري أبطال أوروبا. تم تغريم سيلتيك للمرة التاسعة في آخر خمس سنوات..

Celtic fans hold up Palestine flags.

ولكن

في المرة الأخيرة حرص جمهور الفريق الاسكتلندي على جمع تبرعات وصلت إلى 130 ألف جنيه استرليني وتم التبرع بها للجمعيات الخيرية التي تمد أهل فلسطين بالدواء والغذاء. هذا هو الجانب الإيجابي المضيء.

رفع الأعلام يعاقب الجمهور ويضر بمصلحة المنتخب، فدعم القضية الفلسطينية ليس موقعها مباراة كرة قدم.. والأدلة كثيرة.

لا أقول توجيه تحية لأفرام جرانت، لكن التجاهل سهل تماما، وإن كنت أفضل بث الرعب بالهتافات للفراعنة وصافرات استهجان عند استحواذ غانا والضغط العصبي على المنافس هو دور الجماهير في المدرجات خصوصا مع منتخب قوي مثل غانا.

ناقشني عبر

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات