سيناريو تخيلي - ما سيكتبه كوبر في مذكراته قبل 24 ساعة من مواجهة غانا

الخميس، 10 نوفمبر 2016 - 16:32

كتب : فادي أشرف

هيكتور كوبر

السبت 12 نوفمبر 2016.

أبلغ اليوم من العمر 60 عاما و11 شهرا و27 يوما. أكتب اليوم قبل 4 أيام من عيد ميلادي الـ61 وقبل يوم وحيد من عودة لأجواء لم أرها منذ أن تركت ميلانو.

ربما سأنشر مذكراتي تلك بعد اعتزالي التدريب، وربما لن أفعل لأني لا أريد كسر صورة الرجل الصلب الذي يستشير عقله 100 مرة قبل أن يسأل قلبه، ولكني سأوجه حديثي لكم وكأني سأنشرها يوما ما.. أنا في غرفة الفندق في برج العرب. ربما لو سألتني قبل بضعة شهور لم أكن سأعرف أن هناك مكانا يسمى كذلك ولم أكن أعرف أني سأصير جزء فاعلا في حلم 90 مليون شخص.. ما هذا الذي أدخلت نفسي فيه؟

حدث أمر البارحة أريد أن أقصه عليكم، طفل صغير ومعه والده في بهو الفندق أتوا ليصافحوني ويلتقطون صورة معي. أمر يحدث يوميا في مصر. ولكن ما لا يحدث هو أن الأب قال لإبنه بالعربية "هل تتذكر اللاعب الذي شاهدته على اليوتيوب وكنت مبهورا به؟ لقد كانت له معركة شهيرة مع هذا الرجل وترك فريقه على إثرها وذهب لناديك المفضل ريال مدريد وقال عليه إنه لم يربح أي شيء في حياته". لا، لغتي العربية لم تتحسن لذلك الحد ولكن محمود تكفل بترجمة ما قيل لاحقا لي.

اليوم، قبل أن أتم أول أعوامي بعد الـ60 أدرك أن كلمات رونالدو لم تكن خاطئة. في أوروبا كان هناك رجلين منحوسين.. أنا وكلاوديو رانييري، الإيطالي اللعين فعلها وعرف العالم اسمه ولكن ماذا عني أنا؟

يبدو وأن لعنتي ونحسي سيظلان المشاريع غير المكتملة. ربما استحققت أكثر من الهزيمة أمام لاتسيو مع مايوركا، ولا أعرف مدربا غيري وصل لنهائي دوري أبطال أوروبا مرتين متتاليتين وخسرهما. ثم ذلك الموسم اللعين 2003/2002، تصريحات ذلك البرازيلي السمين بعد رحيله عن ميلانو وعودة لاتسيو اللعين ليدمر حلم السكوديتو بعدما دمر ميلان حلم دوري الأبطال للمرة الثالثة بسيناريو سخيف.. كيف أخسر باللجوء للأهداف خارج الأرض إذا كان اللقاءين لعبا في جيوسيبي مياتزا!

حوالي 20 عاما من المشاريع غير المكتملة.. أقترب كثيرا ثم أهزم، تماما كما تقترب الفراشات كثيرا من الضوء ثم تحرقها الحرارة. طبعا تشبيه نفسي بالفراشة يبدو كوميديا ومهدرا للوقت كلما فكرت فيه لأني علي أن أجتمع بأسامة نبيه وأحمد ناجي ومحمود فايز لوضع الرتوش الأخيرة على خطة مواجهة غانا.

مع قدومي لمصر ترجم لي فايز ألقاب أعضاء جهازي الفني، نبيه وناجي وبطبيعة الحال كنت أعلم ماذا تعني كلمة فايز.. ربما كل ما أتمناه الآن هو قليل مما تعنيه أسماءهم يوم الأحد.

بعدها سيكون التدريب الأخير أمام مدرجات ستكون خاوية للمرة الأخيرة قبل أن يملأها 50 ألف متفرج ينطقون الكلمة التي حفظتها بالعربية لأنها أكثر كلمة سمعتها منذ أن وصلت قبل عام ونصف.. كأس العالم.

لن أدرب كلاوديو لوبيز أو ديدييه ديشامب كما كان الأمر في فالنسيا، أو رونالدو وزامورانو وفييري كما كان الأمر في ميلانو.. ولكني أرى في عيون هؤلاء الصغار أمرا مختلفا. أمر لم أره في 20 عاما من التدريب، ربما لم أستطع تفسير ما هو ولكني أتمنى أن يراه أفرام جرانت الآن.

منذ أن حللت على مصر وأنا أسمع اسم كثيرا. الجوهري. قالوا لي إنه أخر مدرب وصل بمنتخب مصر إلى كأس العالم وكلما تحدثت مع أحد أشعر بأنهم يتحدثون عن قديس ما وليس عن مدرب كرة قدم.

ربما بالغد تكون النهاية الفعلية لمشواري مع كرة القدم، وربما أحصل على تجديد إلهي أخر إلى 2018 وأعتزل بعدها. سيذكرونني بالخير في مايوركا وفالنسيا وسيلعنونني في ميلانو ولن يتذكروني في بيتيس أو بارما، ولكن تلك اللمعة في أعين كل من رأيتهم يتحدثون عن الجوهري هي ما أريد بعد أن أعتزل أو أموت، ربما حرقتني الأضواء في كل مكان ذهبت إليه.. ولكني أريد أن أكون ملكا هنا. هذا مشروعي الأخير الذي أتمنى له الكمال. ربما لم أسجل في نهائي كأس العالم مثل تارديللي ولكنكم لا تريدون أن تعلموا سيل الشتائم التي لا يمكن كتابتها عندما يذكر اسمه هنا، ربما لن أفوز بكأس الأمم الإفريقية مثل شحاتة الذي سمعت عنه إنه فعل كل شيء ولم يصل للمونديال، ربما لن يعتبرونني أيقونة في وطني مثلما يعتبر الأمريكيون برادلي ولكن هنا في مصر يعترفون إنه ظُلِم قبل نعته بالتهور والغباء.. لن أحصل على كل ذلك ولكن كل ما أريد هو تلك اللمعة في أعين الأب الذي ذكرني بقصة رونالدو عندما قال اسم الجوهري.

العالم عرف كلاوديو رانييري في عامه الـ65، وإن وصلت بالمصريين للمونديال غالبا لن يهتم العالم بقدر اهتمامه بفوز ليستر سيتي بالدوري في إنجلترا.. ولكن لا يهم. أعتقد أن التأهل بهؤلاء الصغار يكفيني.

إلى اللقاء.

هيكتور كوبر. 12 نوفمبر 2016.

التعليقات