تقرير في الجول - هل بدأت السامبا العودة إلى إيقاعها؟

الجمعة، 07 أكتوبر 2016 - 17:06

كتب :

فوز خماسي نظيف على بوليفيا في الجولة التاسعة من تصفيات أمريكا الجنوبية المؤهلة إلى كأس العالم 2018 بروسيا كانت كفيلة بجعل سهرة الخميس سعيدة للبرازيليين.

ويأتي ذلك الانتصار ضمن محاولات للمدير الفني الحالي تيتي لإصلاح مسار راقصي السامبا والعودة إلى الأداء الذي اعتاد عليه عشاق البرازيل على مدار تاريخها الكروي، بعد فترة من الهبوط مؤخرا.

ما بعد مونديال 2014

البرازيل تعاني فنيا بشكل كبير منذ نهاية مشاركتها في مونديال 2014 والتي تبعها إقالة لويس فيليبي سكولاري وإعادة تعيين دونجا كمُدير فني لولاية ثانية.

بداية دونجا كانت جيدة، فقد حقق انتصارات وأداء جيد في العديد من المباريات الودية، أبرزها الفوز على فرنسا في باريس بنتيجة 3-1، بالإضافة إلى سلسلة من الانتصارات الأخرى دون هزيمة.

ولكن لم يفلح دونجا في اختباره الرسمي الأول في كوبا أمريكا في صيف 2015 بتشيلي. تمكّن من تجاوز المجموعات ولكنه غادر من ربع النهائي أمام الباراجواي، ولم يقدم أداء مقنعا.

جدد الإتحاد البرازيلي الثقة في دونجا ليكمل المسيرة، ويبدأ السامبا بعد أشهر لاحقة مسيرتهم في تصفيات مونديال روسيا 2018.

بداية غير موفقة وهزيمة أمام تشيلي، تبعها فوز على فنزويلا بصعوبة لم تكن بالبداية المقنعة لمشوار التصفيات. بعد 6 جولات في نهاية مارس الماضي، كان بحوزة البرازيل 9 نقاط من انتصارين و3 تعادلات وهزيمة. لم يكن الوضع مبشرا.

نهاية فترة دونجا كانت حتمية بعد انتهاء مشاركة البرازيل في كوبا أمريكا المئوية 2016 بالولايات المتحدة، والتي ودعها السامبا من دور المجموعات بعد اختيار قائمة ضعيفة وإراحة العديد من الأساسيين، وأبرزهم نيمار. ظن دونجا أنه سيكرر ما فعله في كوبا أمريكا 2007، ولكن المسيرة انتهت سريعا بهزيمة أمام الإكوادور كانت كفيلة بالإطاحة بالسامبا مبكرا من البطولة.

في الـ14 من يونيو الماضي، أعلن الاتحاد البرازيلي إقالة دونجا، وفي وقت لاحق أعلنوا تعيين "تيتي" مديرا فنيا جديدا.

إنجاز أوليمبي يجدد الآمال

استضافت الجماهير البرازيلية منافسات كرة القدم في أوليمبياد ريو 2016 بآمال ضعيفة بعد فترة قليلة من خيبة كوبا أمريكا.

في ظروف سابقة، كانت قائمة البرازيل الأوليمبية أفضل حالا ولكن لم يسبق لها تحقيق الذهبية الأوليمبية مسبقا. الوضع لا يبدو مبشرا من أجل تحقيق ذلك الإنجاز في هذه المرة تحديدا.

على كل حال، تسلحت الجماهير بآمالها المعقودة على قائدها نيمار رفقة مجموعة من اللاعبين الشباب الذين لم ينالوا الفرصة مع المنتخب الأول حتى ذلك الحين.

بداية المسيرة تحت قيادة المدير الفني الأوليمبي، روجيرو ميكالي، لم تكن موفقة بتعادلين أمام جنوب أفريقيا والعراق. ولكن بدأ الأداء في التصاعد وحققت البرازيل فوزا رباعيا على الدنمارك أهلها لربع النهائي. ثم حققت الفوز بثنائية نظيفة أمام كولومبيا، وسحقت الهندوراس بخماسية نظيفة في نصف النهائي، قبل أن تحقق الإنجاز التاريخي وتنتزع ذهبية غير مسبوقة بفوز صعب على ألمانيا بركلات الترجيح بعد التعادل 1-1.

الإنجاز الأوليمبي أتاح فرصة لتيتي لضم بعض المتألقين إلى الفريق الأول في أقرب استدعاء دولي.

جابرييل خيسوس مهاجم بالميراس، والذي يبلغ من العمر 19 عاما وسينضم لمانشستر سيتي الإنجليزي في يناير القادم، كان من أبرز المتألقين الذين استحقوا الانضمام للمنتخب الأول. بالإضافة إلى مدافع باريس سان جيرمان، ماركينيوس، الذي تألق بشكل كبير خلال الأوليمبياد.

ولكن الأهمية الأكبر للإنجاز الأوليمبي كانت استعادة ثقة الجماهير البرازيلية في لاعبيها ومنتخبها.

ماذا غيّر تيتي في السامبا؟

أدينور ليوناردو باتشي، والمُلقّب بـ"تيتي"، يعمل جاهدا منذ يومه الأول على استعادة إيقاع السامبا.

تيتي -55 عاما- قاد عددا من الأندية البرازيلية، أبرزها كورينثيانز في 3 ولايات منفصلة كان أبرز إنجازاته خلالها الفوز بكوبا ليبرتادوريس 2012 والفوز بكأس العالم للأندية في العام نفسه، كما سبق له خوض تجربتين في الإمارات العربية المتحدة مع أندية الوحدة والعين. ولكن قيادة منتخب البرازيل بالتأكيد تجربة مختلفة عن أي فريق آخر قد قاده في مسيرته التدريبية.

بدأ تيتي مباشرة في محو آثار عصر دونجا، وبدت التغييرات إيجابية من خلال النتائج.

اعتمد في حراسة المرمى على أليسون، حارس مرمى روما، واستدعى ويفيرتون الذي تألق بشكل أساسي مع المنتخب البرازيلي في أوليمبياد ريو، كما استدعى أليكس مورالها حارس مرمى فلامنجو، وذلك في القائمة الحالية التي خاضت مباراة بوليفيا صباح الجمعة. الإسمين الأخيرين لم يكونا في قائمة دونجا مسبقا.

داني الفيش وميراندا وجيل وفيليبي لويس وماركينيوس، جميعها أسماء اتفق فيها دونجا وتيتي. ولكن تيتي قام باستبعاد اسمين من قائمة دونجا في كوبا أمريكا المئوية وهما رودريجو كايو ودوجلاس سانتوس وكذلك فابينيو ظهير أيمن موناكو الفرنسي.

وضم بدلا منهم كلا من فاجنر مدافع كورينثيانز، وويندل الذي يتألق بشكل كبير في دفاع بايرن ليفركوزن الألماني. واتفق تيتي كذلك مع دونجا في استمرار استبعاد ديفيد لويز مدافع فريق تشيلسي، لكنه أعاد تياجو سيلفا، والذي أعلن دونجا مرارا وتكرارا أنه لن يضمه في عهده، وبالفعل لم يفعل.

جانزو وإيلياس ووالاس، جميعها أسماء في خط الوسط كان يفضل دونجا ضمها، ولكن فرصها تلاشت مع المدير الفني الجديد الذي يعتمد في خط الوسط حاليا على أوسكار وويليان وفيليبي كوتينيو وفيرناندينيو. كما استدعى جويليانو لاعب وسط زينيت الروسي ورافاييل كاريوكا لاعب وسط أتليتكو مينييرو. واستمر في الاعتماد على ريناتو أوجوستو ولوكاس ليما، اللذان طالما تواجدا في قوائم دونجا.

كذلك يعتمد تيتي على ارتكاز ريال مدريد كاسميرو، ولكنه يغيب حاليا للإصابة.

هجوميا، حاول دونجا إجراء تجارب عديدة لحل العقم التهديفي ومشكلة رأس الحربة الصريح، وكانت آخرها جوناس مهاجم بنفيكا البرتغالي، ولكن أغلبها انتهى بالفشل.

في عهد تيتي، انتهت تلك التجارب بالإضافة إلى نهاية عصر هالك. وبدأ الاعتماد على أسماء شابة وأكثر حيوية. فمنح الشاب جابرييل خيسوس، الذي تألق في أوليمبياد ريو 2016 ويُشار إليه بـ "الظاهرة الجديدة"، الفرصة في المشاركة أساسيا مستغلا فنياته العالية خلال الفترة الحالية وانسجامه الكبير مع نيمار مؤخرا. كما ضم روبيرتو فيرمينو الذي يؤدي جيدا مع ليفربول، وضم تايسون مهاجم شاختار دونتسيك الأوكراني كخيار رابع.

تلك التعديلات جميعها أدت إلى تحسُّن النتائج بشكل واضح. فقد خاضت البرازيل تحت قيادة مدربها الجديد 3 مباريات رسمية في تصفيات المونديال. فجاء الفوز الكبير والمقنع في ملعب الإكوادور بثلاثية نظيفة، ثم فوز آخر مهم للغاية على حساب كولومبيا، المنافس القوي، بهدفين مقابل هدف، وذلك قبل شهر من الآن.

جاء الفوز الكبير على بوليفيا الذي رفع رصيد السامبا إلى 18 نقطة في المركز الثاني خلف أوروجواي المتصدرة بـ19 نقطة. وقد تحسّن الوضع كثيرا في التصفيات عن الوضعية التي ترك دونجا الفريق عليها.

تيتي اعتمد في مباراة بوليفيا بشكل أساسي على خطة 4-3-3، وجاء أليسون أساسيا كحارس مرمى، وأماه رباعي دفاعي مكون من داني ألفيش وماركينيوس وجواو ميراندا وفيليبي لويس. ثم ثلاثي وسط مكون من فيرناندينيو وريناتو أوجوستو وجويليانو الذي قدم مباراة جيدة. ثم الثلاثي الهجومي المكون من نيمار وفيليبي كوتينيو وأمامهما جابرييل خيسوس كمهاجم صريح.

وتستعد البرازيل لمواجهة فنزويلا، أضعف فرق التصفيات الحالية برصيد نقطتين فقط بالمركز الأخير، يوم الأربعاء القادم.

والفرصة ربما تكون مواتية لتحقيق انتصار رابع على التوالي في عصر تيتي، وإثبات أن رقصة السامبا قد عادت إلى إيقاعها المعتاد.

التعليقات