أنا سواريز (3) – "المجنون" واختيار يول وغرائب فان باستن والمدرسة الهولندية

الثلاثاء، 23 أغسطس 2016 - 13:14

كتب : محمد الفولي

يمرر ويصنع ويسجل الأهداف، هذا ليس كل شئ، فهو يصنع الحدث أيضا. إنه العضاض..

لويس سواريز.. المهاجم الأفضل في العالم كما يصنفه البعض، لديه من حكاياته أسرارا أخرى يرويها بنفسه.

في تلك السلسلة، سيستعرض لكم FilGoal.com أهم ما ورد بكتاب لويس سواريز الذي كتبه بنفسه.

المجنون

- "لا لا لا! هل أنت مجنون يا لويس؟ لا تقدم على ذكر هذا الأمر مجددا.. نحن لا نفعل هذه الأشياء في هولندا!".

كانت نهاية موسم 2009-2010 ، الأخير الكامل لي في هولندا قد اقتربت. إذا ما فزنا في أخر مباراة وخسر تفينتي من خصمه كنا سنتوج بالدوري، لذا اقترحت على الادارة بصفتي قائدا لأياكس عرض مكافأة على لاعبي الفريق الأخر من أجل الفوز على تفينتي.

أخبرتهم بأن اللاعبين لديهم استعداد لدفع النقود. "خمسة آلاف يورو من كل لاعب".. هذا كان اقتراحي بخصوص المكافأة التي سنقدمها إلى لاعبي ناك بريدا إذا ما فازوا على تفينتي. لم أكن أقترح دفع رشوة لأحد لكي يخسر مباراة. بل دفع مبلغ لتحفيزهم على الفوز.

ما اقترحته كنت أعرف أنه يحدث في دول أخرى... كنت أعرف هذا ولكن الرفض كان حاسما، لذا تركت الفكرة. فاز تفينتي على ناك بريدا ونحن فزنا بمباراتنا وسجلت هدفين ووصلت إلى 35 هدفا بالدوري في 33 مباراة واجمالي 100 هدف ولكن فشلنا في الفوز بالدوري للمرة الثالثة على التوالي.

خسارة الدوري في 2010 كانت قاسية. المدرب مارتن يول أظهر ثقة كبير في وجعلني قائدا للفريق والفوز بالدوري كان ليصبح أفضل طريقة للرد على هذه الثقة.

كان وصوله بمثابة نسمة منعشة بعد حقبة ماركو فان باستن. أسلوب يول كان مشابها لهينك تين كيت أول من دربني في أياكس والذي رحل ليعمل مساعدا لأفرام جرانت في تشيلسي.

شعرت بالراحة في أيامي الأولى مع هين كيت لأنه كان يتحدث الإسبانية ما سهل علي الكثير من الأمور، ولكن بعدما رحل تولى ادري كوستر المنصب لنهاية الموسم.لم نتوج بالدوري بفارق ضئيل. كان رجلا هادئا ومباشرا. تعلمت منه ولكن لم أشعر منه فنيا بالدعم الذي حصلت عليه من مدربين أخرين.

غرائب فان باستن

رأى أياكس أنه هذه لحظة تعيين اسم كبير ووقع الاختيار على ماركو فان باستن.

سجلت 28 هدفا في 43 مباراة بذلك الموسم، ما يعد تطورا ملحوظا عن ذلك السابق حينما سجلت 22 في 42 مباراة، ولكن تلك الكيمياء التي كنت أبحث عنها في علاقتي مع مدرب أحلامي لم تكن موجودة.

التطلعات التي تكون موجودة لديك حينما تتدرب تحت إمرة مدرب كان لاعبا استثنائيا وأحد أفضل الهدافين في التاريخ دائما ما تكون مثيرة للحماس. كانت الانطباعات الأولى جيدة. كان حازما للغاية وهذا الأمر يعجبني. كان يقول ما يجب عليه قوله ولكن بمرور الأسابيع أدركت أن أساليبه لم تكن تتوافق معي.

كان مصرا على أن نقوم بأنشطة جماعية كل أسبوع. حسنا.. رؤيتي للأمر أنه يجب أن نكون متحدين داخل الملعب ولكن ليس هناك ضرورة لأن نتحد خارجه. الأمر يبدو كما لو كان يتم بالاجبار. لم يكن طبيعيا.

لم أكن متفقا مع أساليبه وكان يدرك هذا. لم أكن أنا الصوت الوحيد المعارض لأن الكثير من اللاعبين كانوا يفضلون قضاء الوقت في منازلهم مع عائلاتهم عن "توطيد العلاقات". في أحد الأيام ذهب بنا إلى ورشة للرسم.. من أجل أن نرسم معا!!

الاحساس الوحيد الذي كان بداخلي هو.. ما الذي نفعله هنا تحديدا؟ داخل "فصول الرسم" هذه كان يتحدث باستعارات مكنية وكان يجب علينا أن نرسم ما يقفز إلى رؤوسنا. كان هناك خمسة أو ستة لاعبين بيننا يحاولون البحث عن "فان جوخ" بداخلهم، ولكن فصل "الأساتذة الهولنديين هذا" لم يكن يخصني. لم نفز أيضا بالدوري هذا الموسم ولكن فان باستن لم يتراجع عن فكرته بخصوص فرض الروح الجماعية للفريق عبر القيام بأنشطة خارج الملعب.

أتذكر أنه كانت تتبقى ثلاثة أسابيع على نهاية موسم 2008-2009 حينما كان ألكمار ضمن التتويج باللقب، ولكن فان باستن أرسلنا في رحلة للمدينة للبحث عن كنز. نعم للبحث عن كنز! قسمنا إلى فرق وكنت داخل مجموعة مكونة من خمسة أشخاص تهيم في الشوارع بسيارة (سيتروين تو سي في) من أجل البحث عن أدلة بخصوص كنزه الغامض في الوقت الذي كان فيه الخصم على بعد 35 كلم يحتفل بالتتويج باللقب.

هذه القصة تقول كل شيء: هم فازوا ونحن ندور بالسيارة بحثا عن كنز..

البعض قال لي إن من أسباب عدم اعجاب فان باستن بي هو أنني كنت أقترب من بعض أرقامه القياسية. أتذكر بأنني لم أحصل على استدعاء في إحدى المباريات بالدوري الأوروبي حينما كنت قريبا من تخطي أحد أرقامه الأوروبية. في الحقيقة لم أفهم أسلوبه أبدا ولم أفهم لماذا لم يحدث اتصال بيننا. ربما لأنني لم أكن لاعب أياكس التقليدي صاحب المزاج المعتدل والهادىء. حصلت على بطاقات صفراء كثيرة هذا العام. ربما كان صداما بين شخصياتنا.

المدرسة الهولندية

يمكن القول أنني لعبت في هولندا بنفس طريقة لعبي في شوارع مونتفيديو، ولكن هناك فوارق صغيرة إذا ما أردت في التحسن فعليك قبولها وتعلمها. على سبيل المثال أصبحت في أياكس أقل فوضوية. تعلمت التحلي بالذكاء والتفكير بخصوص اللعب.

تعلمت أنه يجب أن تتدرب جيدا ولكن التدريب الجيد لا يعني التدريب الشاق. الذكاء هنا مهم بنفس أهمية حدة التدريبات. جعلت طريقة لعبي منظمة بصورة أكبر. تعلمت أن يكون لعبي وفقا لمتطلبات الفريق. تحسنت تكتيكيا في هولندا. متى تقوم بالضغط ومتى لا تقوم به.

كنت أفضل أيضا الركض نحو الأمام أكثر من الخلف. كلاس يان هونتيلار كان هو رأس الحربة في تلك اللحظة وأنا كنت ألعب إما على يمينه أو يساره وبكل تأكيد يطلب من الأجنحة في خطة 4-3-3 التقليدية لأياكس التراجع ومتابعة ظهيري الخصم حينما يصعدان للأمام. إذا ما صعد الظهير سبع مرات فكنت غالبا أعود له في مرة واحدة. كنت أقول للمدرب أنه إذا ما عدت فلا يمكنني الهجوم بنفس الطاقة. في بعض الأحيان كان يتسبب هذا الأمر في مشكلات ولكن في أحيان أخرى كنا نتوصل لاتفاق.

في أياكس على عكس أوروجواي وجدت أسلوب في التدريبات أكثر راحة: حصص مران موجهة نحو المباراة وأفضل من تدريبات بدنية بلا معنى كنت لا أتحملها فيما سبق. ما يهم في أياكس هو الكرة وتمريرها جيدا. هذا الأمر كان صعبا في البداية بالنسبة لي. كنت أحب الصراع على الكرة أكثر. كان هناك تأقلم من قبل الطرفين، هم على طريقة لعبي وأنا على احتياجات الفريق.

في بعض الأحيان كنت أستمر لوقت اضافي بعد التدريبات من أجل تحسين نقاط ضعفي: ساقي اليسرى وارتقائي وتسديداتي. لا زلت أفعل هذا. أرغب في مواصلة التطور. رأيت الكثير من اللاعبين يقعون في هذا الخطأ بالاعتقاد أنهم وصلوا وليسوا في حاجة للمزيد، ولكن هذا ليس صحيحا.

مع مارتن يول

حينما وصل مارتن يول لتدريب الفريق خلفا لفان باستن شعرت بأنني أخيرا أصبح لدي مدرب على نفس الموجة. دائما ما كانت لدي رغبة في إصابة باقي الفريق بعدوى الرغبة في الفوز ويول أدرك هذا. كان يقول للاعبين "انظروا له وافعلوا مثله".

كان يحب طريقة لعبي والجماهير أيضا. كانت تقريبا أول مدرب يقول لي صراحة أنه يمكنني الوصول بعيدا كلاعب. في أول أيامه شاهدني على الطبيعة وفي تلك الفترة كان الفريق بحاجة إلى قائد. توماس فيرمايلين كان رحل نحو أرسنال لذا وقع الاختيار علي.

لم يكن القرار سهلا لأن الكل فكر بأنه سيمنح القيادة للاعب هولندي، ولكنه اختارني. شعرت بالكثير من الفخر. لم أظن أبدا أنني سأحصل على شارة القيادة. ساهم مارتن أيضا في تحسين طريقة لعبي. ما يميزني كلاعب هو غريزتي ويول عرف كيف يطور هذه الخاصية. صحح بعض الأمور في طريقة لعبي وجعلني أخف من سرعتي في بعض اللحظات بالمباريات.

غير يول طريقة اللعب من 4-3-3 التقليدية إلى 4-4-2 وكانت أفضل بالنسبة لي. كان يجب علي أن أصبح المرجعية الهجومية للفريق. هذا الأمر ليس سهلا ولكنني تعلمت أنه في بعض الأحيان يجب عليك التوقف لثانية اضافية للتفكير فيما تفعله أو ما اعتدت على فعله. مارتن ساعدني كثيرا في هذا.

في مايو 2010 فزنا بكأس هولندا على حساب فينورد. كانت هذه هي أفضل لحظاتي في أياكس ولكن وقت تتويجي أيضا بجائزة لاعب العام كانت خاصة للغاية، بخلاف كونها مفاجأة لأن أياكس لم يفز بالدوري. جئنا في الوصافة بعد تفينتي، ولكن حصلت على الجائزة التي تحددها تقييمات من الصحفيين المتخصصين.

الأشياء كانت تتحسن ولكن خلال الموسم جاءت أسوأ لحظاتي في هولندا حينما قمت بعض عثمان بقال. حينما انتهت المباراة عانقته واعتذرت له وخرجنا من الملعب معا ولكن الضرر كان وقع بالفعل.

دعمني يول كثيرا. إحدى الصحف أطلقت علي لقب "آكل لحوم البشر، ولكنه حاول التقليل من أهمية الواقعة وقال إنه كانت "عضة حب". كان يدرك مدى احباطي. أعتقد أنه كان يعتقد أنني لم أخذله بل خذلت النادي. هذه ليست الصورة المطلوبة للقائد. فرض النادي غرامة علي وقبلتها دون احتجاج ثم وقع الاتحاد الهولندي عقوبة الايقاف لسبع مباريات علي.

دي بوير وليفربول

رحل يول وجاء بعده فرانك دي بوير المنتمي لمدرسة برشلونة مثل مدربي الأول في أياكس تين كيت. أسلوبه كان يتناسب معي كثيرا. كان رجلا قاسيا ولكنه عادلا في نفس الوقت. تحدث معي بخصوص وضعي وما حدث مع بقال. قال لي أنه يرغب في قائد هولندي للفريق وهو ما احترمته وتفهمته.

كان يول منحني إذنا للسفر بعد تلك المباراة وقد احترمه دي بوير وحينما عدت للتدريبات في يناير وصل عرض من ليفربول. إذا ما بقيت أنا متأكد من أنني كنت سأتعلم وأستمتع كثيرا. رحلت عن النادي بعد تسجيل 111 هدفا في 159 مباراة. كانت فترة رائعة بالنسبة لي. لم تكن مثالية لأنني لم أفز بالدوري في موسم كامل وبسبب الايقاف ولكنها كانت حقبة رائعة في مسيرتي. دائما ما أقول بأنه في لحظة ما بمسيرتي سأحب كثيرا العودة لأياكس لأن فترتي معه كانت حاسمة في عملية تطوري.

اقرأ أيضا

أنا لويس سواريز – (1) عن العض والعامل النفسي ومارتن يول وبرشلونة

أنا لويس سواريز (2) - أيام صعبة.. وصوفي التي فتحت باب أوروبا

التعليقات