كتب : أمير عبد الحليم | الثلاثاء، 10 فبراير 2015 - 16:46

من قتل جمهور الزمالك؟

"ممدوح عباس المسؤول عن قتل عمرو حسين، ولا تصالح معه إلا بعد براءته من دمه" .. مرتضى منصور في أبريل 2014 بعد فوزه برئاسة نادي الزمالك.

تشعر بالإندهاش؟ لا هو فعلا مرتضى منصور نفسه الذي قال أنه اتصل بوزير الداخلية وطلب منه التعامل مع الجماهير التي تريد دخول مباراة الزمالك وإنبي.

وهو أيضا مرتضى نفسه الذي ظل يخرج من اجتماع يدخل في الآخر مع مسؤولي الدولة لإقناعهم بإعادة الجماهير - كما كان يصرح في كل مكان -.

والآن مع سقوط 22 ضحية من جمهور الزمالك وليس من الأولتراس فقط، يريد مرتضى ألا يتم تضمينه في أي مسؤولية.. بل أصبح الآن يصرح بكل استفزاز بأنه لا يعترف بـ"الوايت نايتس".

-----

الأولتراس يقف في صف الفريق مهما كان اسم الرئيس .. هذا ما لم يعرفه مرتضى منصور عن الوايت نايتس .. فالمستشار الشهير يحب دائما أن يكون في دائرة الضوء وهؤلاء المشجعين لا يهتفون باسمه مهما فعل للنادي، لذلك كان العداء بينهما.

مرتضى قبل الانتخابات هاجم ممدوح عباس بسبب وقوفه أمام ثورة الأولتراس المطالبة برحيله والتي راح ضحيتها عمرو حسين، وتدخل بنفسه لإخلاء سبيل أحمد شبرا كابو الوايت نايتس بعد اقتحام مؤتمر العامري فاروق وزير الرياضة السابق.

نجح مرتضى في الانتخابات وتعاقد مع فريق جديد بالكامل ببدلائه ضمن له صدارة الدوري بعيدا عن الأهلي المترنح.. كل هذا ولم يهتف الأولتراس باسمه.

ولكن رئيس الزمالك لا يضمن ألا تهتف الجماهير باسمه، الكابوس بالنسبة له أن تهتف ضده هذه الجماهير في أول مباراة للفريق الأبيض بحضور جماهيري هذا الموسم والذي يرى أنه تحقق بفضله.

فكان الحل أن يتم توزيع 5000 دعوة مجانية بعلم مرتضى منصور، وطبعا رئيس الزمالك هو من اختار من ستذهب له هذه الدعاوي .. بل هو من كان يسلمها بنفسه في مكتبه بالنادي.

الأكثر من ذلك؟ مرتضى منصور استفسر من اتحاد الكرة عن قانونية عدم طرح أي تذاكر للبيع، وأن يكون حضور الـ10 آلاف مشجع بالدعاوي فقط.

كان من الطبيعي أن يصطحب حامل التذكرة صديقه الذي لم يوفق في الحصول على واحدة في المشوار إلى ملعب الدفاع الجوي على أمل أن ينجح في الدخول .. هذه أول مباراة للزمالك في الدوري بجماهير وليس من الطبيعي أن يكون الحضور "حبايب مرتضى" فقط.

"لو كنت سائق أوتوبيس الزمالك كنت دهست البلطجية الذين حاولوا منعنا من دخول الاستاد" الإعلامية نجلاء حلمي على لسان مرتضى منصور في حوار قبل انطلاق مباراة إنبي.

-----

"كيف يمكن للدولة التي تنظم انتخابات رئاسة ألا تنجح في تأمين مباراة بحضور الجماهير" .. مرتضى منصور قبل مباريات الدورة الرباعية لتحديد بطل الدوري الموسم الماضي.

عقب كارثة بورسعيد، وضعت النيابة 10 توصيات اشترطت استيفاءها قبل إقامة أي مباراة كرة قدم في مصر، و7 منها ينظمون دخول الجماهير إلى المدرجات.

والحقيقة أن أعظم استاد في مصر يتوافر فيه شرطين على الأكثر.

وطبعا، كانت الشرطة تتحجج بهذه الشروط في كل مرة تطلب فيها الجماهير حضور مباراة .. أو كان الحل الأسهل نقل المباراة إلى ملعب الجونة في "التراوة" بعيدا عن العاصمة وأزماتها.

واستمر اتحاد الكرة هو الآخر في تطنيشه الإشراف على تنفيذ الأندية لهذه التوصيات في ملاعبها حتى مر ثلاثة أعوام كاملة على حادث بورسعيد .. أطاحت مصر برئيس وانتخبت رئيسا جديدا، قلت المظاهرات والأمور في طريقها للاستقرار، والأهم عادت بطولة الدوري قوية ويلعب الأهلي مع الزمالك في القاهرة.. الجماهير تضغط أكثر للعودة.

ما الحل!

على الطريقة المصرية، اتفقت وزارة الداخلية مع اتحاد الكرة على أن تكون العودة مشروطة .. أعيدوا الجماهير ولكن لن تحضر مباريات بين فريق جماهيرية .. أيضا لن تحضر مباريات خارج ملعبها .. كل هذا وبعدد محدد لا يتجاوز 10 آلاف مشجع.

الاستعانة ببوابات كاشفة للمعادن، دعوة رؤساء الأندية لعقد اجتماعات متكررة مع الأولتراس قبل المباريات، مشاركة قيادات الأولتراس في تنظيم دخول الجماهير .. كلها توصيات لم تٌنفذ.

وبدلا من أن يتم إنجاز الشروط .. وضعوا صندوقا حديدا أمام استاد تابع للقوات المسلحة ويعتبر من الأفضل في مصر، عاملوا الجماهير بطريقة غير آدمية وفي النهاية اتهموا التدافع بقتلهم.

-----

"وجود 2000 مشجع لبتروجيت في المدرجات رغم إقامة المباراة بدون جماهير أمر لن نتجاهله" .. مرتضى منصور عقب خسارة الزمالك من بتروجيت في الدوري أبريل 2014.

في مباراة القمة، سمح اتحاد الكرة لكل فريق بحضور 150 ممثلا عنه .. ولكن أضعاف هذا العدد حضروا لتشجيع الزمالك بدعوة من مرتضى منصور منهم "الخواجة" المشجع الزملكاوي المعروف.

وقتها كان الحضور الجماهيري ممنوعا، ولكن الخواجة ومن معه لتشجيع الزمالك مروا من بوابات ملعب الدفاع الجوي .. والأمن لم يعاملهم على أنهم مقتحمون لا يحملون تذاكر.

أخذوا هؤلاء مقاعدهم في مدرجات الدفاع الجوي .. شجعوا الزمالك وهتفوا ضد الأهلي واحتفلوا بهدف أيمن حفني .. شاهدهم الصحفيون وظهرت أصواتهم واضحة لمن تابع المباراة في التلفزيون.

"شاهدت نفس ما شاهدتموه، ودونت الحضور الجماهيري في تقريري" .. اللواء محمد علي مراقب مباراة القمة

قدم الأهلي شكوى رسمية لاتحاد الكرة ضد حضور جماهير الزمالك .. وكان رد اتحاد الكرة "اخبطوا دماغكم في الحيط".

المشجع الزملكاوي الذي يشعر بعقدة الظلم منذ سنوات لأول مرة يرى اتحاد الكرة يقف في صف ناديه "المخطئ" ضد الأهلي .. مرتضى منصور نجح في حربه ضد الدولة الحمراء .. مسموح بحضور 10 آلاف مشجع ولكن من يستطيع أن يقف في وجه رئيس الزمالك القوي لو دخل 15 ألف!

"هو حضرتك مش فاهم ليه إن حضرتك مش هتدخل بالعافية، الرجاء أن تدرك أنك لن تدخل أي مباراة للزمالك إلا لو كنت تحمل تذكرة" .. أحمد مرتضى منصور وقت الكارثة.

-----

"لابد أن يتم إسناد مهمة تأمين المباريات لشركات خاصة مثلما جاء في البيان .. هذا نؤيده تماما ونريد التفرغ لمكافحة الجريمة في الشوارع" .. هاني عبد اللطيف المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية عن تأييد الوزارة لمبادرة الأولتراس التي طالبت بإبعاد رجال الأمن من المدرجات.

مجموعات الأولتراس المنتمية لأكثر من فريق اتحدت في مارس 2014 لطرد الداخلية من تأمين المباريات، وبحسب ما صرح به المتحدث الرسمي للوزارة رحب المسؤولون بهذه المبادرة .. بل قالوا "على قلبنا زي العسل".

لكن في النهاية، ماذا حدث؟ لم تترك الداخلية التأمين ولم تنفذ أيا من وعودها.. وسقط 22 ضحية على أيديهم.

-----

في مصر، بدأ الناس يشعرون بأن تحقيق العدالة على الأرض أمرا مستحيلا.. فتحول السؤال من لماذا قتلت إلى لماذا لعبت المباراة .. لماذا لم يتعاطف لاعبو الزمالك مع الجماهير.

ابتعد الناس عن قضيتهم الأساسية، وبدلا من البحث عن القاتل أصبح البحث عن اللاعب الذي كان يعرف بسقوط ضحايا ولعب المباراة.

قالها باسم مرسي الذي احتفل بهدفه في إنبي وجماهير الزمالك تموت خارج أسوار الملعب: "لو كان حق الذين ماتوا في بورسعيد قد عاد، لما حدث ما حدث".

لو يظن مسؤولو اتحاد الكرة أو لاعبو الزمالك أن جماهيره ستسعد لو عاد الدوري والفريق متصدرا أو حتى فاز بالمسابقة في النهاية، فهم مخطئون.

حل روابط الأولتراس مع التزام قوات الشرطة بالتأمين فقط كان حلا مثاليا قبل الأحد الماضي، ولكن الآن أي قرار ضد الأولتراس سيزيد الأمور اشتعالا .. فهم ليسوا ممن فقد الشعب تعاطفهم معه.

فالدولة ترفع شعار "محاربة الإرهاب" من أكثر من سنة ولكنها تركت من يرهب بصوته العالي .. من يحرض ثم يهرب من المسؤولية .. من يزيد التعصب ثم يعاتب الشباب، فهل ستعتبر الدولة من يحترق قلبه على فقدان عزيز ولجأ إلى طرق غير مشروعة الآن للانتقام إرهابيا؟

الآن لا يريح قلب أي شاب مصري يرى ممن في عمره يسقطون الواحد يلو الآخر، إلا أن يرى العدل يتحقق في بلده ويصون له أقل حقوقه .. حياته.

أرجوكم .. عاقبوا ولو مرة واحدة من قتل، من حرض على القتل، من تآمر.

للتواصل مع الكاتب عبر تويتر ناقشني

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات