كتب : هاني عسل | السبت، 08 أكتوبر 2005 - 21:39

الجوهري وحسام حسن!

أحببت الجوهري مدربا ورجلا وقائدا .. أعجبتني قدرته على قيادة اللاعبين وشحن الجماهير .. ولمست بنفسي جاذبيته الشخصية في تعامله مع الإعلاميين .. ولكنني أكاد أعترف أنني بدأت أكرهه منذ بضع سنوات .. والبركة في "مجاذيبه"!

كل من يعمل في الوسط الصحفي الرياضي المصري يعرف تمام المعرفة أن هناك حزبا يسمى "حزب الجوهري" .. هذا الحزب يضم في صفوفه عددا كبيرا من أصحاب الصوت العالي من أقطاب الجماهير والإعلاميين ، فهم منذ عام 1990 وحتى يومنا هذا يحملون شعار "الجوهري وبس" ، فإذا جاء مدرب مصري قالوا "الجوهري يا جماعة" .. "طالما مدرب مصري يبقى مافيش غير الجوهري" ، وإذا جاء مدرب أجنبي قالوا : "طب وكان ماله الجوهري"؟ "هوة الجوهري كان كخه"؟! "مش هوة إللي وصلنا كأس العالم"؟! وإذا جاء الجوهري وتولى تدريب المنتخب حملوه على الأعناق بضعة أيام ، ثم انهالوا عليه بالشتائم والإهانات والتوبيخ ، وتدخلوا في اختصاصاته ، واتهموه بالإفلاس ، فتحدث القطيعة بينهم وبينه ، ويدفع المنتخب الثمن .. ثم تتكرر المسرحية مع قدوم أول مدرب .. أو بالأحرى أول ضحية ، تماما مثل مشاهد النهاية في أفلام صلاح أبو سيف التي كان يعرض فيها بداية جديدة لقصة أخرى مماثلة لقصة الفيلم نفسه!

وهناك في مصر حكمة لا نؤمن بها ولا نحبها ولا نحب من يرددها ، تقول : "الرجل المناسب في المكان المناسب وفي الوقت المناسب".. فالجوهري كان هو الرجل المناسب لتولي تدريب منتخب مصر قبل مونديال 1990 ، ولكنه لم يكن مناسبا في المرات الأخرى التي تولى فيها المنتخب ، والدليل على ذلك أن هزيمتنا أمام السعودية في كأس القارات 5-1 كانت على يده ، والخروج من تصفيات مونديالي 1994 و1998 كانا على يديه ، أما الفوز بكأس الأمم الأفريقية 1998 ببوركينا فاسو تحقق بفريق شكله الهولندي رود كرول.

أما الآن فلم يعد مناسبا على الإطلاق ، وتجربته مع المنتخب الأردني هي الأفضل له ولنا!

باختصار .. البقاء في المنصب فترة طويلة "أحرق" الجوهري من زمان وجعلنا ننسى مميزاته ، وليس خافيا على أحد القول إن البقاء على الكرسي آفة خطيرة من آفات بلادنا ، فلا أحد يتناول عن منصبه طواعية ، ولهذا قال هيكل إن مشكلة مصر الحقيقية تكمن في أن السلطة "شاخت في مقاعدها" .. وأنا أضيف كل أنواع السلطة ومستوياتها ، بما فيها منصب مدرب المنتخب!

والآن ، لا أرى أي مبرر للمناداة بعودة الجوهري إلى المنتخب في ظل وجود حسن شحاتة ، لأن الراجل شغال ، وحتى لو ما كانش شغال ، عيب إننا نقولله كدة بساطة قبل كأس الأمم : "معلش يا حبيبي إركن شوية على جنب عشان نجيب الجوهري يمسك الفريق بدالك"!

ماذا سيفعل الجوهري أكثر مما يفعله شحاتة؟ هل سيختار الجوهري لاعبين آخرين غير من اختارهم شحاتة؟ هل سيلعب الجوهري بلاعب زيادة في الملعب وإحنا مش عارفين؟ هل الجوهري هوة إللي ها يخلينا نضمن بنسبة 100% الفوز بكأس الأمم الأفريقية على أرضنا بقيادة الجوهري؟!

ولماذا تحدث مسئولون كبار في اتحاد الكرة أصلا عن احتمال عودة الجوهري؟ ألا يعد ذلك نوعا من عدم الإحساس بالمسئولية؟!

والأهم من ذلك ، ألا تتفقون معي في أن مشكلة منتخب مصر ليست مشكلة مدرب ولا مشكلة لاعبين ، وإنما هي مشكلة تراكم عدد كبير من المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟!

ألا تتفقون معي أن المشكلة ليست في الجوهري ولا في شحاتة وإنما العيب أساسا في "النظاااام" على رأي "برايز"؟!

الغريبة أن أقطاب هذا الحزب الرجعي هم أنفسهم الذين يطالبون بعودة حسام حسن إلى المنتخب ، وكأن المنتخب ناقص مشاكل!

طيب بالله عليكم ، هل من يطالب بعودة حسام حسن هذا عنده أي فكرة عن كرة القدم؟ هل يعرف أحد منا ما هو معدل اللياقة البدنية لحسام حسن الآن ، يعني باختصار ممكن يدي كام دقيقة؟!

هل يعرف هؤلاء أن حسام الآن يلعب على الواقف تقريبا مع المصري حتى يستطيع إكمال المباراة؟!

هل يعرف هؤلاء أن اللاعبين الكبار لهم حركات معينة يضحكون بها على الجمهور الغلبان لكي يوهمونه بأنهم لاعيبة جامدة ولياقتهم لسة مية مية ، يعني مثلا أروح أجيب الكورة من ورا الجون ، وأصرخ في الاعتراض على الحكم ، وأصرخ في وش زمايلي عشان أقوللهم ليه مش بتدوني الكورة؟!

إن من يطالبون بعودة الجوهري وحسام حسن هم أنفسهم الذي أحاربهم دائما في نفس هذا المكان ، منهم جماهير ، ومنهم نقاد ، ومنهم مسئولون ، ولن ينصلح حالنا في الكرة ولا في غير الكرة طالما أن من يتكلم في الكرة لا يفهم في الكرة ، ومن يتكلم في الرياضة لا يفهم في الرياضة ، ومن يتكلم في السياسة لا يفهم في السياسة.

سيبوا حسن شحاتة يشتغل .. وإذا خسرنا كأس الأمم الأفريقية مش مهم .. بس المهم يبقى اسمنا أنهينا من قاموسنا حكاية اللزقة على الكرسي دي!

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات