اتفاق مشاركة بين الأرسنال وإسرائيل يثير جدلا في بريطانيا

الإثنين، 27 مارس 2006 - 16:49

كتب : أحمد سعيد

في يوليو 2002 فقد الطفل الفلسطيني يوسف أبو جزا - الذي لم يتجاوز عمره آنذاك الأعوام الثمانية - ساقه أثناء لعب مباراة كرة قدم مع أصدقائه في خان يونس .. السبب لم يكن تدخلا عنيفا من أحد اللاعبين ولكن رصاص قناصة الاحتلال التي رأت فيه خطرا على أمن إسرائيل!

وبعد عامين ، لم تعد السيقان كافية ، فقد قُتل ثلاثة مراهقين فلسطينيين تتراوح أعمارهم بين 14 و15 عاما أثناء مباراة مشابهة في غزة ، بعدما أصابتهم طلقات قوات الاحتلال أثناء عملية إطلاق نار عشوائية.

ولكن يبدو أن العقلية الإسرائيلية التي وجدت في لاعبي الكرة الفلسطينيين الصغار أهدافا للقنص وجدت في نجوم اللعبة نفسها من الكبار أهدافا للربح المادي والمعنوي وفرصة للترويج للسياحة الإسرائيلية عبر واحد من أعرق وأشهر أندية الكرة في العالم .. الأرسنال الإنجليزي.

ونجحت الحكومة الإسرائيلية في إبرام تعاقد مع النادي اللندني يتيح لها الترويج للسياحة الإسرائيلية في ملعب الفريق الجديد الذي يبدأ اللعب عليه انطلاقا من الموسم المقبل ويحمل اسم "طيران الإمارات" ، ويمنح لها مساحات إعلانية على موقع النادي والمجلة الخاصة به إضافة إلى مميزات أخرى.

ضغوط على الأرسنال

إلا أن هذه الخطوة أثارت كثير من الجمعيات الأهلية الداعمة لفلسطين والمناهضة لإسرائيل ، ودفعتها لإطلاق حملات واسعة من أجل إقناع الأرسنال بإلغاء الاتفاق.

وأكدت لجنة حقوق الإنسان الإسلامية في حملة أطلقتها عبر موقعها الإليكتروني في وقت سابق من شهر مارس الجاري أن النظام الإسرائيلي صهيوني وعنصري ويمارس عمليات تطهير عرقي ضد العرب والفلسطينيين ، وهو ما يجعل من دعمه أمرا سلبيا وبشدة.

وقال مسعود شادجار رئيس اللجنة التي تتخذ من لندن مقرا لها : "طالما يتم دعم كيانات عنصرية مثل إسرائيل عبر أندية كرة القدم الإنجليزية ، ستبقى الحملة الرامية للقضاء على العنصرية في اللعبة (والتي أطلقها الاتحاد الإنجليزي) مجرد شعار براق بلا تنفيذ فعلي".

ولاقت الحملة تجاوبا كبيرا من عدد من المنظمات الحقوقية ، من ضمنها مركز العودة الفلسطيني ، جمعية أصدقاء الأقصى ، حملة التضامن الاسكتلندية الفلسطينية ، اتحاد مسلمي بريطانيا ، وآخرون.

وطالبت اللجنة كل المهتمين بالأمر بإرسال خطابات - وفرت نماذج منها على الإنترنت - إلى الأرسنال لإثنائه عن القرار ، وإلى الاتحاد الإنجليزي حتى يضغط على النادي لإلغاء الاتفاق باعتباره منافيا لحملته ضد العنصرية.

ومن جانبها ، أبدت شركة طيران الإمارات - الممول الأساسي لملعب أرسنال الجديد والناقل الرسمي للفريق - عدم رضاها عن الاتفاق.

وقال ناطق باسم الشركة في تصريحات لصحيفة "خليج تايمز" الإماراتية الناطقة بالإنجليزية : "بالطبع نحن غير راضين عن اتفاق الشراكة بين الأرسنال ووزارة السياحة الإسرائيلية ، وسنبذل قصارى جهدنا لإقناع أرسنال بعدم تمديد هذا التعاقد لعام إضافي".

مكاسب وارتياح

وتقضي بنود التعاقد - الذي يمتد عاما واحدا قابلا للتجديد - بإعلان إسرائيل الوجهة الرسمية والوحيدة لنجوم الأرسنال أثناء قضاء أجازاتهم ، ووضع إعلانات حملة "زوروا إسرائيل" على لوحات إعلانية عملاقة في الملعب الجديد ، كما تحصل إسرائيل على حق استغلال صور كل نجوم الفريق في أغراض دعائية على مدار العام مقابل 350 ألف جنيه إسترليني.

وقال أفرام هرتشسون وزير السياحة الإسرائيلي في تصريحات أبرزتها صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن الاتفاق يضمن "منح إسرائيل تغطية دعائية ضخمة كمزار سياحي لملايين من الناس ليس في إنجلترا أو في أوروبا فسحب ، وإنما في العالم أجمع".

ووفقا لدراسة الجدوى التي أعدتها وزارة السياحة الإسرائيلية ، فإن تصريحات هرتشسون ليس مبالغا فيها ، إذ قدرت الدراسة عدد السياح المتوقع زيارتهم لإسرائيل جراء مشاهدة الإعلانات التليفزيونية المشتركة مع الأرسنال - والتي من المقرر أن تصل إلى ما يقرب من 198 دولة - بنحو مليوني سائح على الأقل.

اطمئنان إسرائيلي

وعلى الرغم من هذه الحملات الضارية ، فإن الحكومة الإسرائيلية عبرت عن اطمئنانها إلى التزام الأرسنال بالاتفاق ، بل وبالأمل في تمديده التعاقد مع نهاية الموسم.

وقال جوناثان بوليك الناطق باسم وزارة السياحة الإسرائيلية إن الاتفاق "جاري تنفيذه" ، وأن إسرائيل مستعدة لاستقبال السياح الإنجليز من الآن.

وأضاف في تصريحات صحفية نشرتها عدد من الصحف المهتمة بالشأن اليهودي في أوروبا : "لا أدري إلى ماذا تهدف هذه الحملات ، إن الاتفاق في مصلحة الطرفين ، ولكننا نعرف أن بريطانيا دولة ديمقراطية تتسع لجميع

التعليقات