كتب : عمر عبد العزيز | الثلاثاء، 07 أغسطس 2012 - 17:57

كرم والاوغاد الحقيرة!

ذهلت عندما علمت أن كرم جابر استطاع أن يفقد 12 كيلوجراما من وزنه (وهو ليس بالقليل بالنسبة لمصارع) من أجل المشاركة في وزن معين في دورة لندن وهو يعمل بمفرده ويعد نفسه من حسابه الشخصي و"لابس ترينج تعبان مٌله"!

كرم يعمل "مع نفسه" لمدة سنوات من أجل مبارا ة مدتها أقل من خمس دقائق ومع ذلك فقد استطاع الوصول لهدفه في حين أن هناك لاعبي كرة قدم دوليين (دون ذكر أسامي) مازالوا يعانون من مشكلة "الكرش"!

المصارع – الذي اصبح يستحق لقب أسطوري – لم يستعن بأخصائي لياقة بدنية أو "مدرب عالمي" للوصول للشكل الرائع الذي بدا عليه ولم يسافر لمعسكرات إعداد طويلة لحصد الميدالية الثانية في 8 سنوات.

هذا هو الحال بالنسبة لكل المصريين المشاركين في دورة لندن باستثناء 18 لاعبا، وهم قائمة منتخب كرة القدم الذي أذكر أن إحدي شكواه في الشهور الماضية كانت عدم وجود راية في أحدي المباريات الودية!

أذكر ان موضوع الراية أثار استياء هاني رمزي ولكن كيف إذا وصل الحال إلي عدم وجود مدرب أو طبيب؟!

هذا التناقض يذكرني بفيلم الحاسة السابعة عندما كان البطل يحيي المصري واحد من "الأوغاد الحقيرة" في الوقت الذي كان الملعب "كله للكوووورة" علي رأي الراحل يوسف داود.

هانقولهم إيه؟؟

معلوم ان كرم جابر وعلاء ابو القاسم اقتنصا الميداليتين بمجهود ذاتي بحت وسط جو من عدم الاهتمام وضعف الإمكانات بالإضافة لظروف البلد "اللي ما يعلم بيها إلا ربنا"، وهذه هي شيم الرياضي المتحدي لأصعب الظروف وهي ليست غريبة علي شخصية البطل الأوليمبي.

ولن أخجل من الإعتراف بأني واحد من الملايين الذين لم يسمعواعن شخص إسمه علاء ابو القاسم قبل الأسبوع الماضي و لم أكن أفقه شيئا – مثل معظم المصريين – عن قوانين المصارعة الرومانية قبل متابعة كرم بشغف.

فالأهم طبعا هو مشهد محمد النني عندما اقتحم باب المستشفي او حجازي وهو وسط غابة من الصحف الصفراء او الشناوي وهو ينظر شزرا فهؤلاء هم "منتخب الامل اللي هيوصلنا للعالمية" و"اللي هيرسموا البسمة علي الوجوه المصرية الحزينة"!

بصرف النظر عن فكرة إشعال حماس شباب في سن ال22 عن طريق إقناعهم بأن الكل يحاربهم...يبقي السؤال: لماذا لم يظهر كرم جابر في إعلان قبل الأوليمبياد بالرغم من كونه بطل معروف؟

ربما هناك مبالغة في هذا السؤال، إذن فسأطرح سؤال أوقع وهو: لماذا يتدرب كرم بدون مدير فني؟؟؟!!!

."لا أطلب الكثير، فقط مدرب.. أنا لا يعمل معي إداري أو طبيب أو أي أحد"

."أحجز بنفسي تذاكر السفر، وأدفع ثمن الرحلات والإقامة في الدول التي تستضيف دورات تساهم في إعدادي"

هكذا صرح بطلنا الأوليمبي الذي لا يسمع عن أخباره أحد ولا يُكتب عنه خبر إلا عندما يقترب من منصات التتويج، فهو لم يجد من يؤمن له معسكرات في أوروبا ولم يتسني له المشاركة في دورة طولون أو البطولة العربية مثلا.

هذه ليست محاولة مني للمقارنة بين الاهتمام بكرة القدم علي حساب الرياضات الاخري لأن هذه المشكلة أزلية والكل يعلمها، ولا هي وسيلة "للتقطيع" في منتخب الكرة ولكن هو السؤال الدائم... لماذا المبالغة؟؟؟؟

لماذا نواجه تجاهلا تاما أمام اهتمام يصل إلي حد الدلع؟

فلو قرأتم تقارير مباريات المنتخب الأوليمبي علي موقع الإتحاد المصري "الرسمي" لن تصدقوا أن هناك مبالغة مبتذلة إلي هذا الحد من مدح "جيل الأحلام" و"كتيبة رمزي التي أرعبت نجوم السامبا (بالهزيمة 3-2)" و "الاداء الأوروبي الذي أبهر العالم أمام نيوزيلندا"!

هذه ليست عبارات من اختراعي بل هكذا كان التقرير الرسمي عن المنتخب في لندن قبل مباراة اليابان، وبالمناسبة أنا لا أتحدث عن الصحافة بشكل عام لأن الاهتمام الزائد بكرة القدم منطقي ولكني أخص بالذكر الإعلام الرسمي الذي يعكس صورة اهتمام المسئولين باللعبة المختصة.

وقد تكون هذه المبالغة تحديدا سببا مباشرا في إخفاق المنتخب الأوليمبي لأن وضع فريق بهذه السن تحت ضغط سيؤثر بالسلب ولا داعي لذكر ماذا يصيب لاعب الكرة المصري عندما يؤدي تحت ضغط.

الخلاصة أن "فيروس الأفورة" مستشري في المجتمع المصري سواء بالاهتمام المبالغ فيه أو التناسي التام وفي النهاية اتمني ان تكون وزارة الرياضة الجديدة علي قدر المسئولية ولاتكون مُسخرة لخدمة كرة القدم التي يتوهم المصريين أنها "المتنفس الوحيد" للشعب المخنوق.

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات