منافس الأهلي - سياتل بطل أمريكا الشمالية.. هل تقلصت الفجوة بين فرق أمريكا والمكسيك

السبت، 04 فبراير 2023 - 10:50

كتب : إسلام أحمد

سياتل ساوندرز الأمريكي بطل دوري أبطال كونكاكاف

عندما حقق سياتل ساوندرز الأمريكي لقب دوري أبطال كونكاكاف كأول فريق أمريكي يحصد اللقب القاري منذ 22 عاما، أنهى سلسلة دامت 17 عاما بدأت من 2006 وحتى 2021 من الهيمنة المكسيكية على قارة أمريكا الشمالية.

ويظن البعض أن سطوة أندية المكسيك ستتوقف عند هذا الحد، وأن السنوات المقبلة ستكون مثالية للأندية الأمريكية، لكن هذا اللقب ما هو إلا خطوة أولى نحو اقتراب الأندية الأمريكية من تقليص الفجوة في المنافسة مع نظيرتها المكسيكية بقوة.

الفارق بين انطلاق الدوري المكسيكي والأمريكي 53 عاما، فالأول بدأ عام 1943 فيما بدأ الدوري الأمريكي للمحترفين عام 1996 بعد عامين من استضافة نهائيات كأس العالم 1994.

حقق دي سي يونايتد عام 1998 ولوس أنجلوس جالاكسي عام 2000 لقب البطولة القارية.

لكن الفوارق الحقيقية ظهرت عندما غابت الفرق الأمريكية عن الوصول للنهائي القاري حتى 2011 وخسر حينها ريال سولت ليك من مونتيري المكسيكي بنتيجة 3-2 في مجموع المباراتين.

مونتيريال إمباكت وتورنتو وكلاهما من كندا ويشاركان في الدوري الأمريكي تأهلا للنهائي لكن خسرا، حتى عادت الأندية الأمريكية للنهائي مجددا لكن بخسارة لوس أنجلوس في نهائي 2020.

واستطاع سياتل أن يكسر القاعدة فحقق الفوز على أونام بوماس بنتيجة 5-2 في مجموع المباراتين.

فهل تقلصت الفجوة بالفعل؟

بالطبع لا، لكن الأندية الأمريكية بدأت مؤخرا التركيز على تقليص الفجوة مع نظيرتها المكسيكية وخاصة من خلال الرابطة الأمريكية.

الأندية الأمريكية كانت تعلم منذ البداية إنها عليها التعلم من الأفضل في القارة حينها، فأنشئت بطولة "سوبر ليجا" بين 8 فرق الدوري من الأمريكي والمكسيكي عام 2007 لكنها لم تستمر سوى 4 نسخ في 4 سنوات متتالية وتوقفت، فاز بـ 3 نسخ منها أندية مكسيكية.

في 2018 استحدثت بطولة جديدة تسمي "كأس الأبطال" بمثابة كأس السوبر بين بطلي الدوري الأمريكي والمكسيكي، حصدت الأندية الأمريكية اللقب في 3 نسخ من 4.

في 2019 استحدثت بطولة أخرى أيضا تجمع 4 فرق بواقع 2 من كل دوري تسمي "كأس الدوري" حقق لقبها ناديان من المكسيك من قبل.

وبدءا من العام الحالي ستشهد تلك البطولة مشاركة جميع الفرق من الدوريين بحثا عن بطل بالإضافة لتأهل بطل ووصيف المسابقة مباشرة لدور الـ 16 من دوري أبطال كونكاكاف 2024. (طالع التفاصيل)

كل تلك الاحتكاكات المباشرة بين أندية الدولتين ساهم في تقليص الفجوة خاصة لأندية الدوري الأمريكي، كما أن مباراة كل النجوم والتي تقام بشكل سنوي أقيمت آخر نسختين منها بين فرق الدوريين، وشهدت تفوقا لفريق نجوم الدوري الأمريكي على حساب نجوم الدوري المكسيكي.

بين 2016 وحتى 2018 انتقل 16 لاعبا من الدوري المكسيكي إلى الأمريكي مقابل 8 للجهة الأخرى.

شبكة ESPN حاولت معرفة السبب وراء تحول لاعبي الدوري المكسيكي إلى الأمريكي، والفوارق بين المسابقتين والتي ربما تكون نقطة تحول.

المكسيكي آلان بوليدو انضم من شيفاز جوادالاخارا إلى سبورت كانساس سيتي فقال للشبكة الأمريكية: "العديد من الأندية الأوروبية رفيعة المستوى لا تمتلك المرافق والتكنولوجيا والبنية التحتية الموجودة لدي الأندية الأمريكية هنا. لقد أسعدني رؤيتها".

وأضاف "ما قاله لاعبون هنا مثل جوناثان دوس سانتوس وكارلوس فيلا، نما الدوري الأمريكي كثيرا. الكثير من اللاعبين من الدوري المكسيكي قادمون هنا لأن الدوري تحسن ثم نضيف أن نوعية الحياة أفضل في جميع الجوانب، وهذا يجعل اللاعبين يرغبون في المشاركة أكثر وأكثر في هذا الدوري".

الآن ومع اقتراب بداية موسم 2023 يتواجد 16 لاعبا مكسيكيا في الدوري الأمريكي مقابل 11 في موسم 2019.

من جانب آخر قال لوكاس زيلاريان الذي انتقل من أونال تيجيريس إلى كولمبوس كرو: "كنت في نادٍ رائع حقا، نادٍ كبير، لكن لم ألعب بقدر ما كنت أتمنى، لم أحصل على هذه الدقائق العديدة وقررت التحول إلى ناد بمشروع جيد يريد أن يكون مهما في الدوري".

ديميتريوس إفستاثيو النائب الأول لرئيس علاقات اللاعبين والمنافسة في الدوري الأمريكي لكرة القدم تحدث عن تحول اللاعبين من الدوري المكسيكي قائلا: "رأيت زيادة طفيفة في نشاط الأندية في السوق، ولكن بشكل عام لا يزال الدوري المكسيكي يتمتع بقدرة شرائية فائقة".

في 2019 وصل متوسط رواتب لاعبي الدوري الأمريكي لـ 345 ألف دولار قبل خصم الضرائب دون النظر للاعبين المعينين الذين يتقاضون رواتبا أعلى (3 بحد اقصى في كل فريق).

في نفس العام في المكسيك النسبة أعلى من 20 لـ 30% عن الدوري الأمريكي كما إنه لا يوجد حد أقصى للرواتب، كما تعد أندية كلوب أمريكا ومونتيري وكروز أزول وشيفاز وتيجيريس من القوى الكبرى اقتصاديا.

على سبيل المثال تقاضى 7 لاعبين ما يزيد عن مليون دولار سنويا في صفوف تيجريس، في حين أن الفرنسي أندريه بيير جينياك يكسب أربعة أضعاف هذا الرقم، وهو أمر من المستحيل أن يفعله فريق في الدوري الأمريكي.

سيباستيان سوسيدو لاعب تولوكا المكسيكي الحالي والذي لعب من قبل لـ ريال سولت ليك بين 2014 وحتى 2019 قال: "الفارق كبير جدا، ليس هناك ضغط كبير في أمريكا كما هو الحال هنا في المكسيك".

وأوضح "عندما تأتي إلى ناد كبير يتحدثون كثيرا عن التصفيات ويجب أن يتأهلوا هناك. في أمريكا، في الفريق الذي كنت فيه، إذا تأهلنا للتصفيات، رائع، وإذا لم يحدث ذلك، فلن يحدث شيء".

موقع si تحدث أيضا عن رزنامة المسابقتين، وتأثير ذلك على المنافسة، حيث يبدأ دوري أبطال كونكاكاف في منتصف فبراير، دون أن يبدأ الدوري الأمريكي بينما الدوري المكسيكي على الأقل بدأ عدة أسابيع من المسابقة.

ينتهي الدوري الأمريكي عادة بنهاية نوفمبر ويبدأ مع مارس، 4 أشهر من الراحة ربما تكون فترة طويلة للغاية لكن السبب هو برودة الطقس ومن أجل ضمان الحضور الجماهيري فيتم إقامة الموسم الأمريكي بين فصول الربيع ثم الصيف وصولا للخريف.

ربما الأوضاع ستتغير في 2024 عندما تزداد عدد الفرق المتنافسة لـ 27 وزيادة عدد الفرق 11 دفعة واحدة والذي سيصاحبه تغيير في نظام البطولة، وربما تتغير المواعيد والتي لم تتحدد حتى الآن لتصبح في صالح الأندية الأمريكية.

المشاهدة التلفزيونية هي أحد العوامل المهمة لقياس قوة المنافسة والمنتج النهائي.

فكشف تقرير لموقع forbes أن الدوري المكسيكي هو الدوري المحلي الأكثر مشاهدة بين المشاهدين الأمريكيين، فتضاعف متوسط نسبة المشاهدة لمباريات الدوري المكسيكي على Univision (845000) تقريبا من نسبة مشاهدة الدوري الأمريكي على ESPN و Fox (355000) خلال موسم 2021.

كما لا تزال أمريكا تفتح يدها للمكسيك، فالأخير يخوض مباريات أكثر على الأراضي الأمريكية من أرضه في السنوات الأخيرة بفضل شركات الرعاية، كما جددت شركة Soccer United Marketing (SUM) ، الذراع التجارية لـلدوري الأمريكي شراكته مع الاتحاد المكسيكي حتى 2028.

منذ عام 2020 خاض منتخب المكسيك 13 مباراة ودية في الولايات المتحدة الأمريكية.

على سبيل المثال مباراة المكسيك والهندوراس الودية شهدت حضور ما يزيد عن 70 ألف مشجع في مرسيدس بنز ستيديوم بولاية أتلانتا.

والسبب هو أن منتخب المكسيك هو أكثر المنتخبات الوطنية شعبية للرجال داخل الولايات المتحدة مع ما يقدر بنحو 60 مليون مشجع.

وبما إن أمريكا هي ثاني أكثر دولة تمتلك متحدثين بالإسبانية بعد المكسيك، فإن كلا الدوريين يعملان معا خاصة قبل استضافة كأس العالم 2026.

دون جاربر مفوض الدوري الأمريكي علق عل الأمر من قبل قائلا: "من الواضح أن هناك الكثير من مشجعي الدوري المكسيكي في الولايات المتحدة والعديد من مشجعي الدوري الأمريكي الذين يتحدثون الإسبانية، ونعتقد أن هذه الفرصة لم تُستغل".

وأوضح "هناك مجموعة متنوعة من البرامج وعمليات التعاون التي سنفعلها بمفردنا، أو سنفعلها معا".

مؤخرا انتقل المهاجم الأمريكي جوزي ألتيديور إلى المكسيك حيث بوبيلا فأوضح الفارق بين المسابقتين قائلا: "هنا الدوري المكسيكي أكثر على المستوى الفني، العديد من اللاعبين بجودة عالية، لكن هنا من الناحية التكتيكية، كرة القدم أفضل قليلا، وفي الدوري الأمريكي يكون الأمر أكثر بدنيا" .

نقطة مهمة وهي المعدل العمري، الأندية الأمريكية والتي كانت في نظر البعض نقطة للاعتزال أصبحت الآن محط المواهب الشابة وخاصة من أمريكا الجنوبية، كما أن متوسط الأعمار قبل بداية الموسم الجديد وصل لـ 25.4 عاما.

طالع أيضا - المواهب اللاتينية إلى الدوري الأمريكي.. طفرة ألميرون وجسر إلى أوروبا

في المقابل يصل لـ 27.3 عاما في الدوري المكسيكي.

اهتمام أمريكا باللاعبين الشباب نتج عنه منتخب قوي استطاع في السنوات أن يقلص الفجوة مع منتخب المكسيك سواء في التصفيات القارية المؤهلة لكأس العالم أو حتى التتويج على حسابه بلقبي دوري الأمم الأوروبية 2021 والكأس الذهبية 2021 في غضون شهر تقريبا.

أيضا جذب الدوري للمواهب من القارة اللاتينية كان له مساهماته.

ميجيل ألميرون لاعب نيوكاسل الحالي ومنتخب باراجواي وأتلانتا يونايتد الأمريكي قال في 2018 قال: "يعتقد الجميع أن المرء يذهب إلى الدوري الأمريكي للاعتزال، لكن هذا خطأ".

وأضاف "الدوري ينمو عاما بعد عام. لا أعرف ما إذا كان بإمكاننا مقارنته بالآخرين ولكنه ينمو ببطء وهذا أمر مهم. يصل اللاعبون الشباب الذين يتناسبون مع أولئك الذين لديهم المزيد من الخبرة".

في 2016 تواجد 72 لاعبا من القارة اللاتينية في الدوري الأمريكي، وكان عدد اللاعبين الأرجنتينين الأكثر بين أبناء القارة بـ 26 لاعبا.

في 2020 ارتفع العدد اللاتيني إلى 125 لاعبا، فتجد أن الأرجنتين والبرازيل وكولومبيا ثاني وثالث ورابع الجنسيات الأجنبية تمثيلا في المسابقة بعد كندا.

سياتل ساوندرز الذي حقق اللقب القاري استفاد من تواجد 7 لاعبين من أمريكا الجنوبية بين عناصره الأساسية المتوجة باللقب بواقع 2 من كولومبيا و1 من الإكوادور و1 من بيرو و1 من البرازيل و1 من أوروجواي.

ستكون نسخة 2023 من دوري أبطال كونكاكاف منتظرة، ستشهد مشاركة فريقين من الدوري الأمريكي لأول مرة وفريقان من المكسيك سبق لهما تحقيق اللقب فقط من قبل، وبدون سياتل الذي فشل في حجز مقعد مؤهل للبطولة للدفاع عن لقبه.

فهل ستكون تلك النسخة تأكيد لتقليص الفجوة؟ أم عودة للهيمنة المكسيكية من جديد وكأن شيئا لم يكن؟

الإجابة يوم 4 يونيو 2023.

التعليقات