"أنفق كل عميل الوقت والمال على تطوير نفسه، إنهم مثل الطلاب الذين يحضرون دورة إضافية، يستثمرون في أنفسهم ليصبحوا أفضل. إنهم يرون أنهم بحاجة إليها لذلك يكرسون الوقت والجهد لتحقيق ذلك". لوران فريلينك محلل الأداء الفردي لشبكة "سكاي سبورتس".

لوران يمتلك شركة Tactalyse الهولندية المهتمة بتحليل الأداء الفردي للاعبين، تأسست عام 2016، والآن يمتلك ما يقارب من 175 عميلا، من بينهم كودي جاكبو الذي أصبح أولى صفقات ليفربول الشتوية في 2023.

أشاد لوران بـ جاكبو قائلا: "بعد كل مباراة نُجري جلسات، حتى خلال كأس العالم. إنه يتأكد دائما من أنه في الوقت المحدد وأنه مستعد لذلك، ويركز على تطوره. يفكر في المباراة ولكن ليس فقط في دوره. يقرأ الكتب. إنه رجل ذكي جدا".

تطور أداء جاكبو الملحوظ في الموسم الجاري وما ساهم به مع منتخب هولندا في كأس العالم جعل الأنظار مصوبة نحوه، فانقض ليفربول وحصل على خدماته رغم اهتمام مانشستر يونايتد به في الصيف الماضي وارتباطه بالانتقال لهم حسب التقارير.

*لوران فريلينك أثناء تحليل الأداء الفردي لـ جاكبو

في مصر، وفي الرابع من أبريل 2022 أعلنت شركة "Peak" لتحليل الأداء الفردي للاعبين تعاونها مع خالد عبد الفتاح ظهير سموحة لتحليل أداءه.

قبل ذلك امتلك خالد 18 مباراة في الدوري المصري فقط بقميص سموحة، ومنذ ذلك الحين خاض 29 مباراة وأصبح عنصرا أساسيا بقميص الفريق السكندري ما انتهى بانضمامه للأهلي في يناير الجاري كأولى صفقات الأحمر أيضا.

لكن السؤال كان "ما هي الخطوة التالية؟" لذلك عندما بدأنا العمل معه بدأنا في تحديد الأهداف. كان الأمر كله يتعلق بإعداده لمواقف اللعبة.

FilGoal.com حاول الاقتراب أكثر من أدوار تحليل الأداء الفردي للاعبين وبالأخص في مصر من كافة النواحي.

محمد بدوي أحد أعضاء فريق التحليل في شركة Peak أوضح في البداية أدوار محللي الأداء قائلا لـ FilGoal.com: "دور محلل الأداء هو رصد التفاصيل التكتيكية التي تحدث داخل المباراة، حسب التخصص".

وأوضح "حاليا هناك: محلل أداء فردي، وآخر جماعي وآخر للكرات الثابتة".

فكيف يعمل كل منهم؟

تحليل الأداء الفردي: رصد اللاعبين كأفراد في المباراة.

تحليل الأداء للضربات الثابتة: رصد المواقف في الضربات الثابتة.

تحليل الأداء الجماعي: رصد ما يفعله الفريق والخصم، عمله يقتضي على رصد تصرف الفريق في مراحل اللعب المختلفة، إذا ترصد الخطة والأفكار التي يضعها المدرب.

وأحيانا يكون هناك محلل للخصم فقط، وإذا كنت تدرس الخصم فيكون بناء على ما يحتاجه المدرب، هل يريد معرفة كل مراحل اللعب، أما مرحلة معينة للمنافس.

ويوضح محمد بدوي قائلا: "وظيفة المحلل هي الرصد، والأهم فهم التوظيف في الملعب حتى يكون عمله الرصد وليس إبداء الرأي، وهناك فارق بين الأمرين، فعلى سبيل المثال: فريق يبني الهجمة من الدفاع وآخر يضغط. عمل المحلل هو رصد تعامل الفريقين، في لحظة ربما تقول كان مفترضا أن يضغط اللاعب أو لا، إذن أنت هنا لم تواصل الرصد لأنك أبديت رأيك، وهذا ما يمثل الفارق بين المحلل والناقد، المحلل يتعامل مع كل شيء بينما الناقد يبدي رأيه في بعض اللقطات".

إذن ما الفارق بين محلل الأداء الفردي الذي يعمل مع لاعب بشكل فردي، ومحلل الأداء داخل الجهاز الفني؟

يواصل بدوي قائلا: "محلل الأداء داخل الجهاز الفني، هو عضو في الجهاز الفني وعلى سبيل المثال لدينا فريق مثل مانشستر سيتي والذي يدربه بيب جوارديولا رفقة مجموعة ضخمة من الطاقم الفني والذي يضم: محللين للفريق ومحللين للخصوم، ومحللين لأفراد الفريق ولأفراد الخصوم، والضربات الثابتة".

وأردف "بينما المحلل الخاص ليس على ذمة الجهاز الفني للفريق، اللاعب يتواصل معه لأن الجهاز الفني لا يلبي احتياجاته، لأن عندما يبدأ الموسم لن تستطيع كمدرب التركيز مع كل اللاعبين بسبب قلة عدد أفراد الجهاز الفني، حينها يلجأ اللاعب لمحلل خاص من أجل تحسين نفسه داخل الإطار الجماعي في الفريق".

وأكمل "لذلك إذا أخرجت اللاعب من إطار المطلوب من مدربه فأنت بذلك تضره".

كيف يختار المدرب في جهازه الفني المحلل، وهل من الضروري وجود توافق بينهما؟

أجاب بدوي "الجهاز الفني يضم محلل أداء يتوافق مع أفكاره، لذلك سنجد بعض المدربين يتحركون بين الفرق بمحلل الأداء خاص به بعدما نتج بينهما انسجام".

وواصل "بالتالي يتم اختيار المحلل للعمل مع المدير الفني كأي مجال عام، على سبيل المثال أنت مدرب وتبدأ في انتقاء العناصر، هناك محللين أداء يعرضون عملهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي لحين إيجاد الفرصة للعمل مع مدرب، وربما يتم الأمر من خلال معرفة سابقة بمدرب".

وأكمل "الثابت في الأمر أن المدرب يبحث عن محلل يرى المباراة بنفس وجهة نظره أو يقدم له إضافات على نفس الفكرة".

هل يمكننا إيجاد عددا ضخما من محللين الأداء في فرق الدوري المصري مثل مانشستر سيتي على سبيل المثال؟

أكمل محلل الأداء في شركة Peak حديثه "الأمر مرتبط بأن الأندية تُقدر قيمة تحليل الأداء والأفضلية التي تقدمها لك على الخصوم".

وأوضح "على سبيل المثال البرتغالي جوسفالدو فيريرا مع الزمالك، كان لديه أحد المساعدين يقوم بدور تحليل الضربات الثابتة وهو ما قّدم أفضلية للزمالك في الموسم الماضي بفضل ذلك، وساهم في حصد لقب الدوري، أي أن ما حدث من استغلال الفريق للركلات الثابتة ليس صدفة، عندما تبدأ الأندية في فهم قيمة محللين الأداء ستبدأ في الاعتماد عليهم".

وأردف "لكن الآن في أوروبا الأمر أصبح اعتياديا، فبات التحليل الآن حرب معرفية ومحاولة تجهيز أفكار جديدة، وهو مستوى آخر بعدما تخطوا تلك المرحلة منذ زمن طويل".

تحليل الأداء والاستثمار

يضيف بدوي قائلا لـ FilGoal.com: "قيمة تحليل الأداء في عملية الاستثمار بالنسبة للأندية، عندما تتعاقد مع لاعب فتحاول استخدام الأدوات لتعزيز أداء اللاعب، بالتالي تحلل أداء فريقك واللاعب لمعرفة كيف يناسبك، فتعزز نسبة نجاح استثمارتك، فإذا كان لديك 10 شروط لنجاح الصفقة فتحاول أن تنجح 7-8 منها، وتترك عملية التأقلم مع البلد والفريق بشكل عام للاعب والوقت".

وأكمل "صفقة جاكبو إلى ليفربول هي ثاني أغلى صفقة بيع في تاريخ إيندهوفن، عمل مع محلل أداء فردي، تطور والنادي استفاد من اللاعب في الملعب وأثناء عملية البيع، بالتالي محلل الأداء يفيدك كاستثمار، بالتالي قيمة اللاعب تضاعفت وحصلت على قيمة مالية أكبر".

وواصل "من الصعب معرفة مقدار التأثير العمل في السوق المصري، لأن الفكرة جديدة في مصر، وتجد مقاومة، هناك من يعمل مع اللاعب ولا يعلن فلن تستطيع رصد الأمر والتطور، الحركة الآن جيدة في السوق وتنظر لها بشكل إيجابي، وكأي سوق هناك الإيجابي والسلبي في العمل".

وأوضح سبب أن البعض لا يعلن عن عمله على سبيل المثال قائلا: "في الخارج يرون أن الموضوع مفيد ولا ينتقص من اللاعب أو المدرب، الأمر جديد في مصر، وهناك من يتمسك بالأفكار القديمة لدرجة تمنعه من مجرد الاستماع للأفكار الجديدة وبالتبعية تحديد مدى جدواها وأحقيتها بالفرصة".

نأتي للنقطة الأهم: كيف يبدأ العمل مع اللاعب بشكل فردي؟

يكشف بدوي قائلا: "لا نعمل في الملعب، نحلل الفيديوهات ونلتقي مع اللاعب افتراضيا عن طريق الفيديو، ونبدأ استعراض العمل وعملية التجهيز، نبدأ مشاهدة الفريق كمجموعة لفهم الأفكار، ومن ثم نشاهد اللاعب بمفرده من أجل معرفة كيفية العمل معه، العمل يبدأ بخطة لوضع الأولويات ونقاط مترابطة، ونحاول التركيز على جزء يستوعبه اللاعب ومن ثم ننتقل لنقطة جديدة".

فماذا تطلب من اللاعب؟ "أقدم منتج للاعب يتطلب عقلية معينة، ويريد التطوير ولديه قدر من الالتزام وتواضع معرفي وليس لديه مشكلة للحديث عن أداءه، لأن هناك من لا يريد السماع للنصيحة".

هل يتعارض عملك مع الجهاز الفني؟ "هنا تأتي البراعة في أداء العمل بالطريقة المناسبة لنقل اللاعب من مرحلة لأخرى أعلى، أنت تفيد اللاعب وتفهم ما يُطلب منه جماعيا، ومن ثم تبدأ تطور اللاعب بداخل الفريق، وتفهم المهام المطلوبة من مدربه له، لتبدأ وضع له خيارات أفضل ليقدم ما يريده مدربه بشكل أفضل، إذا لم يتم كل ذلك فلن يحصل العميل على الخدمة بشكل مثالي".

هل ترشح للاعبين مدرب خاص "نقدم للاعب حصصا تكتيكية بالفيديو، ولا أستطيع أن أرشح للاعب أن يتدرب مع مدرب خاص خارج النادي، حتى لا يتعارض الأمر مع الأحمال التدريبية وهذا خارج اختصاصاتنا حاليا، والأمر يعود للاعب بشكل شخصي".

الإحصائيات والأرقام

قال بدوي لـ FilGoal.com: "سلاح ذو حدين، لابد من قراءة الإحصائيات بشكل صحيح مع ما يتناسق في سياقها في المباراة".

وفسّر "من الممكن مشاهد لاعب في مركز الظهير الأيمن، تنظر على احصائياته فتجد إنه أرسل عرضيتين في المباراة وتنتقده، لكن إذا رأيت المباراة أن مدربه طلب منه ألا يتقدم أو يكون تحت الجناح، أو يقدم التأمين العددي في الدفاع مثل كايل ووكر مع جوارديولا، هنا الربط بين السياق والرقم مهم جدا حتى لا تسنتج بشكل مغلوط".

وواصل "الإحصائيات تتطور وأصبحت معقدة كثيرا عما اعتدنا عليه، فلابد أن تكون شاهدت المباراة من أجل قراءة الأرقام بشكل صحيح".

ماذا عن استيعاب اللاعب المصري للاحصائيات: "هي عامل مساعد نكمل بها الصورة وليست أساسية لتطوير اللاعب، التطوير هو تحليل ورصد مواقف اللاعب في الملعب لترى الإيجابيات والسلبيات، اللاعب لن تساعده أرقامه، إذا أخبرته إنه مرر عدد معين من التمريرات الخاطئة، لكن عندما يشاهد الحالات نفسها وتعرف الأسباب ستستطيع ترك الأثر فيه".

وأردف "فرديا استيعاب اللاعبين المصريين ممتاز جدا وهو أمر يعود للاعبين، وهذا يعني أن اللاعب المصري ممكن ألا يتطور في نفس مكانه لإنه لم يحظ بالتجربة من قبل،اللاعبون المصريون لديهم نهم للتعلم، وكلما يتطور الأمر ومواضع النقاش تزداد يصبح اللاعب أكثر انتباها وشغفا ويسيرون بشكل جيد جدا، وهذا مؤشر إيجابي للمستقبل".

تأثير Peak على اللاعبين

قال بدوي لـ FilGoal.com: "بدأنا العمل مع مروان حمدي الموسم الماضي عقب كأس الأمم الإفريقية 2021، أنهى الموسم كثاني هدافي الدوري، ساعدنا اللاعب على تحسين أداءه، والتخلص من حالة الانتقادات".

"واستفاد من ذلك الزمالك بانتقاله إلى المصري كثاني أغلى صفقة في تارخ النادي البورسعيدي، هنا نحن حققنا أقصى درجات الاستفادة سواء للاعب أو النادي".

الصورة التالية توضح تفوق مروان حمدي مقارنة بأقرانه في نفس المركز بالدوري المصري الموسم الماضي، وتظهر تفوقه في الأهداف المتوقعة والتسديدات وكذلك المراوغات والفوز بالصراعات الهوائية. المصدر: statsbomb.

مروان حمدي سجل 15 هدفا الموسم الماضي حل بها ثانيا في ترتيب هدافي الدوري خلف أحمد سيد "زيزو".

وأكمل بدوي حديثه "هناك من ظهر تحسن نسبي في مستواهم، خالد عبد الفتاح تألق مع سموحة بل وجدد تعاقده مع الفريق السكندري ومن ثم انضم للأهلي، وسابقا اهتم الزمالك بالحصول على خدماته، وكل ذلك نتاج أن اللاعب يتطور بشكل واضح ولديه العقلية المناسبة ليصل لهذا الطريق ويجني ثمار هذا".

وأضاف "في الموسم الجاري استطاع خالد عبد الفتاح أن يتفهم كيفية إحكام الرقابة على الخصم، بالتالي يمنع المنافس من التمرير للاعب المُوكل برقابته وجعله يبحث عن خيارات أخرى للتمرير، وهذا حدث في مباراة الأهلي ضد سموحة وأمام أحمد حمدي عبد القادر".

وأردف "عملنا أيضا مع كريم فؤاد الذي أنهى الموسم الماضي مع ريكاردو سواريش في الأهلي بشكل جيد، وانضم مع المنتخب الوطني وعندما تغير مركزه الموسم الحالي حاول التأقلم ويوضح تأثير العمل الفردي".

الصورة التالية توضح تفوق كريم فؤاد مقارنة بأقرانه في نفس المركز بالدوري المصري الموسم الجاري بمركز الجناح، وتظهر تفوقه في الأهداف المتوقعة والتسديدات وكذلك المراوغات ولمس الكرة داخل منطقة جزاء الخصم. المصدر: statsbomb.

الأمر يبدأ بماذا بعد، اللاعب يريد التطوير ومحلل الأداء يساعده في ذلك، ربما تَقبّل فكرة محلل الأداء الفردي سيأخذ وقتا طويلا في مصر، لكن بكل تأكيد هناك من سيستفيد منه ويتفوق الآن ليفتح المجال لغيره في قادم الأيام.