هامشيك على بُعد خطوة.. البقاء بين جدران الكنيسة في انتظار العودة للمقابر

الإثنين، 02 أكتوبر 2017 - 16:48

كتب : لؤي هشام

ماريك هامشيك

على ضفاف نهر هرون حيث تحيط الجبال الشاهقة بمدينة بانسكا بيستريتشا، وفي قلب سلوفاكيا الباردة، ولد الطفل الصغير في بلد تعشق كرة القدم ولكن لا تبرع بها.

ماريك هامشيك

النادي : طرابزون سبور

ربما إن سألك أحدهم عن الكرة السلوفاكية فلن تتذكر سوى ركلة جزاء أنتونين بانينكا الشهيرة – تشيكوسلوفاكيا قبل الانفصال – أمام ألمانيا الغربية في كأس الأمم الأوروبية 1976 واسم مارتن سكرتل، مدافع ليفربول السابق، ولكنك أيضا لن تنسى اسم ماريك هامشيك.

لاعب نابولي صاحب الـ30 عاما بات على بُعد خطوة واحدة فقط من معادلة رقم الأسطورة الأرجنتينية دييجو أرماندو مارادونا كهداف تاريخي لفريق الجنوب الإيطالي بعدما سجل هدفا في شباك كالياري، يوم الأحد، في مباراة الجولة السابعة من الدوري الإيطالي، ليصل إلى هدفه الـ114 بانتظار كرة واحدة تسكن الشباك.

FilGoal.com يستعرض لكم رحلة هامشيك من التألق في سلوفاكيا وحتى انتظار إنجاز تاريخي مع البارتينوبي.

ركلة البداية

بدأ هامشيك مسيرته الكروية مع فريق صغير للشباب يُدعى يوبي بودلافيتسي، ولكن سُرعان ما ساهمت موهبة ماريك المتفجرة في تخطيه المرحلة تلو الأخرى بسرعة كبيرة، لتلفت مهاراته أنظار سلوفان بارتيسلافا، الفريق الأكبر في سلوفاكيا والوحيد الذي حقق بطولة أوروبية، بعد عام واحد فقط مع بودلافيتسي.

عُرف بارتيسلافا دائما بسمعته الجيدة في تطوير اللاعبين الصغار لهذا اختار هامشيك أن تكون تلك محطته الانتقالية، وقد كانت كذلك بعدما لفت أنظار بريشيا الإيطالي عقب موسمين مع الفريق السلوفاكي الأكثر تحقيقا لبطولتي الكأس والدوري في بلاده.

ومن بريشيا إلى نابولي بعد موسمين أيضا، ليبدأ الطرفين معا رحلة العودة إلى السيري آ في 2007، بعدما استمر فريق الجنوب في الدرجات الأدنى ثلاث مواسم عقب إفلاسه في 2004 ثم انتشاله من قبل المنتج السينمائي أوريليو دي لورينتس.

انطلاقة وفاء مع الجنوب بانتظار فرحة المقابر

10 أعوام قضاها اللاعب السلوفاكي بين جدران ملعب سان باولو، حيث الجماهير المُتيمة التي ترفع الوفاء إلى درجة القدسية وتلعن كل من ركض يوما وراء المال، وقد كان في قصصهم عبرة.

خلال عقد من الزمان قضاها اللاعب، الذي أوصل منتخب بلاده إلى كأس العالم 2010 لأول مرة في التاريخ، ظل دائما هو القوة المحركة للفريق والعنصر الأهم تكتيكيا ومعنويا على أرض الملعب، وقد بقي رفضه الرحيل عن نابولي دائما هو السبب الأهم جماهيريا لكونه رمزا للفريق.

قبل 5 أعوام كان مينو رايولا هو وكيل أعمال هامشيك، وقد صرح أن لاعبه يحتاج لحافز جديد محاولا فتح باب التفاوض على رحيله، وقال: "اللاعبون العظماء بحاجة دائما لتحدي جديد، أيا ما كنت أنت: ميسي أوإبراهيموفيتش أو هامشيك".

كان رايولا يحاول استغلال تألق ماريك وقيادته نابولي لتحقيق كأس إيطاليا بعد 20 عاما من آخر لقب، ليستفيد من زخم المناسبة من أجل التفاوض على عرض جيد للاعبه.

ولكن ما الذي تغير بعد تلك الأعوام الخمس؟ حسنا، هامشيك مستمر مع البارتينوبي ورايولا لم يعد وكيل أعماله. هكذا ببساطة، وإذا ما حاولت فهم أسباب قرار مثل ذاك، فلن تجد أفضل من خطابه العاطفي لجماهير فريقه في مايو من العام الجاري، لكي تفهم سيكولوجية اللاعب.

"في نابولي نحن لا نمتلك مدرب واحد وإنما 3 ملايين مدرب. كل رجل وكل إمرأة وطفل يعرف ما هو أفضل لنابولي، هنا كرة القدم مثل الدين وملعب سان باولو مثل الكنيسة. كرة القدم هنا هي كل ما نتكلم عنه ونفكر به".

ويضيف الحاصل على جائزة أفضل لاعب سلوفاكي ست مرات" في نابولي أنا جزء من تلك العائلة التي لها مكانة كبيرة في قلبي، وأنا أريد ما هو أكثر من الأموال والبطولات، احتاج لأن أشعر بشيء في روحي وقد أعطتني نابولي إياه".

بافل نيدفيد قال سابقا: "هامشيك هو خليفتي في الملاعب سواء فيما يتعلق بجانب الشخصية أو أسلوب اللعب"، و يحكي الأسطورة التشيكية أنه حاول ضم لاعب بريشيا السابق إلى صفوف يوفنتوس قبل عامين، إلا أن عرضه قوبل بالرفض.

ويرد هامشيك: "نيدفيد كان دائما هو بطلي في الصغر، ولكني لم أكن مقتنع بتلك الخطوة، يوفنتوس هو غريمنا الأزلي. أنا سعيد بالبقاء هنا". الوفاء أصبح عملة نادرة هذه الأيام في كرة القدم خاصة إذا ما قارنا بين موقفه وموقف جونزالو إيجواين رغم رفض الدولي السلوفاكي للمقارنة.

ويقول صاحب الـ30 عام عن تلك المقارنة: "لا أظن أن اللاعبين يجب انتقادهم على اختيارهم للأندية التي يلعبوا بها، يوفنتوس يحقق الكثير من البطولات، ولكن الأمر بالنسبة لي كان خطوة مجنونة".

بالطبع يحلم ماريك برفع لقب الإسكوديتو يوما ما في ملعب سان باولو، ليعيد إلى الأذهان قصة مارادونا، وإن فعلها قد نرى مشجعي نابولي يوما يهتفون باسم سلوفاكيا كما فعلوها مع دييجو بالمونديال.

وقد قيل إن سكان نابولي ذهبوا تجاه المقابر بعدما حقق فريقهم لقب الدوري عام 1990 تحت قيادة مارادونا، وعلقوا لافتات كُتب عليها "لو تعلمون ما فاتكم، دييجو جلب الدوري"، ربما هذا الشعور هو ما يحنو إليه هامشيك ويتلهف إلى تحقيقه.

بات واضحا أن العاطفة أهم بالنسبة لماريك من المادة، وبالتأكيد لن يجد أفضل من عاطفة سكان الجنوب الفقراء، وقد أقر بذلك قائلا: "حسنا، بطولة واحدة مع نابولي بـ10 بطولات إسكوديتو مع يوفنتوس، لقد جربت شعور الاحتفال بالكأس مع الجماهير بعد 25 عاما من آخر لقب، وقد كان شعورا لا يُوصف".

اختلاف فني وذكاء تكتيكي

قد تكون محبوبا من الجماهير لأسباب عدة ولكن أدائك السيء لن يشفع لك يوما، ولن تمر 10 أعوام وأنت في موقعك أساسيا مع العديد من المدربين إلا إن كنت تملك حقا شيئا مختلفا، شيئا لن يقدر على تقديمه إلا هو. هكذا كانت معادلة هامشيك، ثبات مستوى وحلول مختلفة وذكاء فطري.

مجلة " These Football Times" الصادرة عن جريدة "جارديان" تناولت تحليلا عن أداء هامشيك تحت قيادة المدرب ماوريسيو ساري، قبل عامين، وكيف تغير دوره من لاعب الوسط الهجومي إلى لاعب الدائرة المتوازن القادر على استغلال المساحات مع احتفاظه بقدراته التهديفية أمام المرمى.

وتقول المجلة الشهيرة: "ربما دور هامشيك مع ساري هو الأهم في الفريق، لقد تطور أسلوبه كثيرا، حتى وصل إلى النقطة التي أصبح فيها القوة الدافعة للفريق، حينما يتسلم ماريك الكرة في عمق الملعب فإنه يتجه مباشرة إلى قلب الخصم، ويساعد كذلك على صنع المساحات لزملائه".

وتسترسل: "هو يخلق المساحة الكافية لزملائه، يحاول جذب الخصم تجاهه ومن ثم تمريرة لزميله المتحرك في المساحة الشاغرة، كما أنه قادر على التواجد في الأماكن المناسبة بذكاء كبير، هو يخلق لنفسه أيضا المساحة".

وعن كيفية تطوره فنيا خلال الفترات الماضية، يشرح هامشيك، الذي صنع 109 هدفا، العوامل التي ساعدته على ذلك في حوار مع مجلة "فور فور تو" ويؤكد أن التصرف ببساطة وسرعة اتخاذ القرار هما العاملان الأهم.

ويقول: "في الدوري الإيطالي حيث الدفاعات تتمركز بتنظيم كبير، وتزدحم منطقة الوسط يجب أن تكون قادرا على اللعب بكلتا قدميك من أجل اتخاذ أفضل القرارات، وكذلك تأكد دائما من خطوتك المقبلة سواء بالكرة أو دونها".

ويتابع "خلال المباراة أحاول دائما أن أتمركز في المكان المناسب كي أخلق الفرص لزملائي، أظن أن التمركز الجيد هو نقطة قوتي، تأكدك من وجودك في المكان المناسب واللحظة المناسبة قد يجعل حياتك أنت وزميلك أفضل، ولكن لا تفكر كثيرا، ألمس الكرة، مررها، وتحرك لزميلك، هكذا يجب أن تكون"

تحت قيادة ساري تطور نابولي كثيرا وبات الفريق الأكثر متعة في إيطاليا، صحيح أنه بات ينافس على البطولات ولكنه لم يعتد على منصات التتويج بعد، وربما تتحين الجماهير فرصة ذاك التطور أو تراجع يوفنتوس من أجل العودة إلى المقابر يوما ولكن هذه المرة سترفع "فاتكم الكثير، هامشيك ورفاقه جلبوا الدوري".

اقرأ -

حقيقة مبشرة للأهلي بعد الخسارة ذهابا 2-1 في لقاء إقصائي ببطولة قارية

لماذا كان غياب عاشور مؤثرا ضمن 4 ملامح في خسارة الأهلي من النجم

ماذا يفعل الأهلي حين يخسر ذهاب نصف النهائي

الأهلي في غياب عاشور بدوري أبطال إفريقيا = 31%

التعليقات