الولاية الثانية لبيريز.. كيف تغَّير وغَير ريال مدريد

الإثنين، 19 يونيو 2017 - 13:56

كتب : إسلام مجدي

فلورنتينو بيريز

لم يكن ريال مدريد في أفضل أحواله خلال عام 2009، مر بالكثير قبله، كان في تلك الفترة رئيس النادي هو رامون كالديرون، النادي عانى على الصعيد المحلي والأوروبي، مع تواجد جوسيب جوارديولا وبدايته لحقبة تاريخية في برشلونة.

في مارس 2009 كان ريال مدريد على موعد لمواجهة ليفربول في دور الـ16 من بطولة دوري أبطال أوروبا، تحطم الملكي كليا في تلكا لمواجهة، الثنائي فيرناندو توريس وستيفن جيرارد كانا على الموعد، وفاز الحمر بنتيجة 4-0.

بعد ذلك في مايو 2009، ريال مدريد كان متميزا في مسيرته في الدوري 18 مباراة لم يخسر، في المباراة الـ19 كان عليه مواجهة برشلونة، وما الذي حدث؟ خسر الفريق بنتيجة 6-2.

وفي نفس الشهر عام 2009 وبالتحديد يوم 14 مايو كان كل شيء مؤهلا لنهاية كالديرون، حتى بعدما أنجز صفقة كريستيانو رونالدو، لم يكن ذلك الوضع كافيا ليستمر في منصبه، أعلن فلورنتينو بيريز ترشحه لرئاسة النادي الملكي في مؤتمر صحفي.

وفي 1 يونيو 2009 كان هو المرشح الوحيد الذي قدم ضمانة مبلغ الـ57389000 يورو اللازمة للترشح للرئاسة، بيريز أصبح رئيسا لنادي ريال مدريد.

الأشهر التالية حملت أنباء سعيدة لعشاق الملكي، العديد من الصفقات الكبرى، على الرغم من أن صفقة رونالدو كان من قام بها كالديرون وهو من تدخل لتحويل وجهة اللاعب من برشلونة إلى النادي الملكي، إلا أن بيريز اكتسب تلك الهالة لصالحه على الرغم من أنه لم يكن يريد ضم رونالدو من الأساس للنادي الملكي، لكنها صفقة كان لها دورها الكبير.

صرح كالديرون :"بيريز أراد إيقاف صفقة ضم رونالدو حينما أصبح رئيسا للنادي في 2009، رونالدو كان قد وقع فعليا لريال مدريد، وبيريز أراد إيقاف الصفقة".

وتابع "لكن خورخي فالدانو وخوسي أنخيل سانشيز أقنعاه ألا يفعل، وأخبراه أنه كان مجنونا لأن رونالدو يعلم بأن الصفقة قد تمت فعليا، ويجب أن يتجنب الفريق أي مشاكل قد تحدث".

ريال مدريد ضم رونالدو بمبلغ 80 مليون جنيه إسترليني، ثم كاكا من ميلان بمبلغ 60 مليون جنيه إسترليني، وراؤول ألبيول من فالنسيا بمبلغ 15 مليون يورو، وكريم بنزيمة بـ30 مليون جنيه إسترليني من ليون وقد ترتفع إلى 35 مليون جنيه إسترليني، وتشابي ألونسو من ليفربول بمبلغ 30 مليون جنيه إسترليني وزميله ألفارو أربيلوا بمبلغ 3.5 مليون جنيه إسترليني.

بضم ألونسو تبدلت فلسفة ريال مدريد في اللعب، وبدا واضحا أن العملاق الملكي يجب أن يعود إلى طريق الانتصارات مرة أخرى، الفريق اتجه للعب بواقعية، وفي بدايته الجديدة مع بيريز.

بدا وكأن بيريز نفسه تغير، قديما كان قد تخلى عن كلود ماكليلي واحد من أفضل محاور الارتكاز في العالم من أجل أن تكون تشكيلته هجومية، وعانت تركيبة اللاعبين من قلة التوازن بسبب ضعف الخيارات الدفاعية في الكتيبة الملكية.

ثم قال بيريز بعد ذلك :"لن نفتقد لماكاليلي، أسلوبه متوسط، ويفتقر للسرعة والمهارة ليتخطى بالكرة المنافسين، وبنسبة 90% تمريراته إما إلى الخلف أو الجانبين".

في عهده الثاني مع الملكي، كانت صفقات بيريز معظمها دفاعية، ضم لاعبين مثل لوكا مودريتش وألونسو ورافاييل فاران وودانيلو وماتيو كوفاسيتش وكاسيميرو وتوني كروس، جميعهم كان لهم طابع دفاعي أو تكتيكي يضيف عمقا لتشكيل الفريق، عمق افتقر إليه بيريز في فترته الأولى.

عمل خط وسط ريال مدريد والذي لا يحصل على التقدير الكافي مقارنة بمن يسجلون الأهداف، كان بمثابة السلم الذي ارتقاه بيريز ليحصد الألقاب شيئا فشيء في فترته الثاني، لقبي دوري إسباني، و3 ألقاب دوري أبطال أوروبا هما الأبرز له.

خط وسط ريال مدريد سمح للهجوم بأن يقدموا أفضل أداء لهم، بيريز علم أنه أخطأ حينما تخلى عن مكاليلي، واحتاج لفرصة ثانية فقط، ليقدم النادي الملكي كرة قدم جميلة لم يقدمها منذ سنوات عديدة.

ذلك التطور الإداري أصبح أكثر ذكاء وعقلانية مع استعمال لاعبي الكاستيا، لم يعودوا مجرد أسماء تظهر بقميص ريال مدريد وتصبح نجوما بقميص فريق أخر، الأمر بدأ مع ألفارو موراتا، حينما رحل إلى يوفنتوس وعاد، ثم تطور مع أسماء مثل لوكاس فازكيز وماركو أسينسيو وبورخا مايورال، الثلاثي أكثر من رائع لدى ريال مدريد ويضمن له مستقبلا متميزا.

الأهم من ذلك هي حالة الاستقرار الفنية التي يبدو وأن النادي الملكي ينوي أن يعيشها مع زين الدين زيدان، يبدو وأن النادي أصبح لديه إيمانا بما يقدمه زين الدين زيدان وسيدعمه، بعيدا عما حدث مع جوزيه مورينيو وكارلو أنشيلوتي ورافا بينيتث.

المواهب الشابة لريال مدريد لديها إيمان بأن زين الدين زيدان سيمنحها الفرصة لتتألق والأمر بدا واضحا مع أسينسيو مثالا وليس حصرا، الجميع بإمكانه أن يثبت قيمته، عكس ما حدث مع مورينيو على سبيل المثال، للثنائي خوسيه كاليخون وموراتا حينما كانا يحصلان على عدد قليل من الدقائق ويشاركان في أكثر المناسبات كبديلين فقط.

مزيد من التغييرات طرأت على شخصية بيريز، لأعوام عديدة كانت المقارنة دائما بين بيريز وسيلفيو بيرلسكوني في ميلان، كلاهما يحب التحكم في فريقه وإبداء رأيه في الخطط وفرض لاعبين بعينهم على التشكيل، والتدخل في كل شيء.

لكن حاليا في فترته الثانية ومع زين الدين زيدان، ورفض المدرب الفرنسي لجيمس رودريجيز وجد ذلك قبولا من رئيس النادي، ومع ثقته في مدربه الذي يخرج لاعبا من التشكيل في نهائي دوري أبطال أوروبا وقيمة النجم الكولومبي 80 مليون يورو، بكل تأكيد ربح له ذلك لقب دوري أبطال أوروبا الـ12.

ثقافة بيريز في سوق الانتقالات كانت تعتمد على أن صرف مبالغ طائلة لجلب أسماء كبيرة ستجلب لك الفوز حتما، لكن ليس دائما، كان هناك عددا كبيرا من النجوم فور وصول بيريز إلى النادي الملكي ومع ذلك لم يكن الفريق ناجحا، كان هناك كلاس يان هونتيلار، ألفارو نيجريدو، ويسلي شنايدر، أريين روبن وجميعهم تم بيعهم إلى أندية مثل شالكة وإشبيلية وإنتر ميلان وبايرن ميونيخ.

العديد من الراحلين عن ريال مدريد كانوا من المفترض أن يصبحوا نجوما كبار يجلبون له الفوز الدائم والألقاب، لكن هذا لم يكن أمرا مضمونا، على سبيل المثال، ميسوت أوزيل رحل إلى أرسنال ليضم الفريق جاريث بيل من توتنام، أنخيل دي ماريا رحل إلى مانشستر يونايتد لينضم جيمس رودريجيز من موناكو.

ريال مدريد قديما وحديثا مع بيريز صرف مبلغ يقترب من الـ850 مليون جنيه إسترليني لضم لاعبين، قد يحقق الفريق نجاحات غالية الثمن أو فشلا باهظا، لكن في الحالتين تلك ثقافة باطلة في كرة القدم الحديثة.

على الرغم من ذلك ومع بيريز، اتخذ النادي الملكي اتجاها جديدا، واقعي مع صرف الأموال بحكمة في سوق الانتقالات، واستعمال لاعبي الكاتسيا لتدعيم الفريق الأول، كل ذلك ساهم في تكوين هوية قوية وممتازة لريال مدريد تعبر عن النادي فعلا وليس عن بيريز، كان ذلك أمرا ليس موجودا فيما مضى واكتسبه الفريق مع الوقت خاصة مع زيدان أصبح أمرا ملحوظا بصفة كبيرة.

قد لا تصبح السياسة الجديدة التي يتبعها ريال مدريد في سوق الانتقالات وضم اللاعبين أمرا محببا للجماهير، في ظل الثراء التي أصبحت أندية مثل باريس سان جيرمان ومانشستر سيتي تتمتع به، وحقوق البث الخيالية في إنجلترا، مع رشاوى الوكلاء، كل ذلك لن يكون أمرا محببا للجميع، لكن لا شك أن الولاية الثانية لبيريز في ريال مدريد جعلت النادي أكثر استقرارا وقوة وصنعت منه فريقا بطلا وذكيا يصعب التفكير في سقوطه سريعا.

قال بيريز فور إعلانه رئيسا لريال مدريد في 2009 :"نتطلع للمستقبل، سنعمل على مشروع ممتاز، وهذا سيجعل ريال مدريد أفضل فريق في العالم مرة أخرى".

التعليقات