كتب : إسلام مجدي | الأربعاء، 18 يناير 2017 - 16:15

متلازمة هروب حراس المرمى

أحمد الشناوي خلال مباراة مصر ومالي في كأس أمم إفريقيا

الأمر حقا يدعو للشك.. المباراة مهمة، حتى إن كان مصابا بالفعل سأشك فيه، لا لسوء الظن به لكن رغبة في إيجاد مخطئ تسبب في التعثر.. هكذا يفكر المشجع العادي مع لاعبيه.

اللاعبون يركضون 90 دقيقة.. من السهل أن يتعرضون لإصابة، لكن كيف لحارس أن يخرج محمولا على النقالة مصابا بشد عضلي؟ أي مجهود هذا يبذله؟ كل تلك الأسئلة قد تخطر ببال مشجع عادي.

إذا لنضع في اعتبارنا أولا أن حارس المرمى وضعه مختلفا، لأنه يقف في مرماه ولا يشترك في اللعب مع اللاعبين بالقوة التي يشارك بها زملائه، وعلى فترات طوال الـ90 يتدخل مع الخصم، ويقوم بمجهود، لذا خطر الإصابة لم يكن أبدا بعيدا عنه بل على العكس أن تتحرك فجأة من الثبات يجعلك عرضة أكثر للإصابة.

موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" نشر تقريرا في عام 2001 ووزعه على الأندية والمنتخبات من أجل رفع الوعي للاهتمام بالحالة البدنية لحارس المرمى نظرا لأنه وبحسب إحصاءاته فإنه أكثر لاعب في الملعب عرضة للإصابة.

الحارس ليس بحاجة لأن يكون في حالة بدنية جيدة فقط لكن عليه أيضا أن يتفاعل بسرعة مع أي تسديدة ضده، إنه بحاجة لأن يتحرك بتلك السرعة في جميع الاتجاهات.

لذا أن تكون حارس مرمى ليس عليك أن تكون صاحب بنية قوية فقط، لكنه يتطلب قوة نفسية أن تمتلك قوة تركيز كبيرة أثناء اللعب ومرونة وقوة أعصاب تتحمل الضغط الدائم سواء من الخصم أو الجماهير أو حتى أخطاء زملائك.

ما يحدث حاليا خاصة في مصر أمر خارج عن المألوف كليا، إن أصيب حارس ما في أي مباراة هامة فإنه قد تهرب إلا لو رأى من اتهمه فعليا أن قدمه قد تعرضت لإصابة قاتلة لا قدر الله.

شريف إكرامي قبل أحمد الشناوي تعرض لذلك الاتهام أنه خرج متهربا من المباراة لأنه ليس جديرا بها، اتهام بعيد كل البعد عن الحقيقة.

لكن لنتجه إلى أرض الواقع قليلا، ماذا لو أراد أحدهما أن يلعب دور البطل واستقبل أهدافا؟ سيتم اتهامه أيضا، إضافة إلى تفاقم الإصابة، أحمد عادل عبد المنعم حارس الأهلي كان قد قال ذلك بنفسه.

"لعبت مصابا مع الأهلي في مباراة وأكملتها وغبت لفترة أطول من التي كان من المفترض أن أغيبها". تلك كانت كلمات أحمد عادل عبر برنامج "اكسترا تايم".

حارس المرمى قد يقف بعيدا عن اللعب لمدة 10 دقائق وفجأة يتطلب الأمر تدخلا قويا منه وسريع ليتصدى لكرة صعبة للغاية وخطأ واحد يتسبب في هدف ويرفع ذلك النقد ضده حتى ولو قام بـ15 تصديا رائعا.

كرة القدم تطورت أكثر ونتج عن ذلك التطور العديد من الاعتراضات والحركات التي كانت قديما ليست موجودة، بمعني أصح أصبحت أعنف، والموسم طويل.

ما حدث مع أي حارس يحدث بالطبع مع غيره، لكن الأحداث المحيطة وكونه محور الأحداث يضع عليه الكثير من الضغوط.

ضع في عين الاعتبار أن تلك هي البطولة الأولى لعدد من اللاعبين وبعضهم ينقصه الكثير من الخبرة، إضافة لاعتيادهم اللعب بدون جماهير منذ فترة طويلة وفجأة وجدوا أنفسهم في بطولة لم يشارك بها منتخب مصر لثلاث دورات متتالية. كل هذه الضغوط بجانب ضغوط المباراة.

كل ما سبق يعني أن الحارس معرض أكثر للإصابة لأن الشد العصبي بكل تأكيد سيجعله صيدا سهلا للإصابات العضلية، حارس المرمى دائما يتورط في تدخلات خطيرة في منطقة الـ6 ياردات ومنطقة الجزاء على سبيل المثال لا الحصر رأينا تصدي عصام الحضري في مواجهة مهاجم مالي.

لم يضع أحد في اعتباره أن حارس المرمى يجب أن يجري بسرعة من وضع الثبات وهو يقوم بعكس جسده ولفه في اتجاه معاكس كل ذلك في لحظات وبالتالي الحل الأسهل هو اتهامه بالتهرب أصعب من تصديق إصابته.

في حالة أحمد الشناوي على سبيل المثال لا الحصر، فهو تعرض لضغط كبير حارس مصر الأول في بطولة أمم إفريقيا بعد العودة للمشاركة لأول مرة منذ نسخة 2010، اعتاد اللعب بدون جمهور مع ضغط أقل، أيضا عصام الحضري كان الخيار الأول في فترة من الفترات بطبيعة الحال هو أكثر خبرة في بطولة كأس الأمم، الشناوي كان مضغوطا للغاية لا يوجد ما يدعي للهروب خاصة وأنه تصدى لكرة ربما هو التصدي الأفضل في البطولة حتى الآن وقد يكون ذلك التصدي الأهم إن استمر منتخب مصر في البطولة فخسارة في المباراة الأولى لجيل معظمه لم يعتد المشاركة في تلك البطولة أمر صعب نفسيا.

الأبحاث حسب موقع الفيفا أثبتت أن 73% من إصابات الكرة تحدث خلال المباريات، وخطر الإصابة الأكبر في تلك النسبة لحارس المرمى نظرا لأنه يتحرك من وضع الثبات طوال المباراة.

موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم قال أيضا إن الإصابات العضلية التي يصاب بها حارس المرمى تكون عادة في بداية الشوط الأول، وعلل حدوثها في بداية المباراة لأسباب كثيرة قلة الإحماء قبل البداية وقوة أحداث المباراة والضغط النفسي الشديد الذي قد يعاني منه الحارس أثناء المباراة، التعب العضلي ينتج نتيجة حالة الشد العصبي التي يعيشها حارس المرمى.

ما الذي يجب أن يفعله حارس المرمى؟

بكل بساطة عليه الاستسلام إن شعر بتلك الآلام وألا يضغط على نفسه أولا ولأن سلامته أهم فتفاقم الإصابة لن يفيد، وثانيا لن يكون قادرا على الأداء وسيستقبل أهدافا، التفكير في الانتقادات مجرد خطوة للوراء.

ثانيا والأهم أن تكرار الإصابة العضلية في نفس المكان خاصة أثناء الضغط النفسي والعصبي الكبير يتطلب اهتماما في المقابل، لأن المدرب والطبيب يجب أن يصلا مع الحارس لأصل المشكلة، إن احتاج تهيئة نفسية فالوضع سيكون أسهل، وعليه أن يخضع لبعض التحاليل مثل تحليل DNA والذي سيخبره عن مناطق الضعف التي تستوجب التقوية.

لا شبهة أبدا في هروب أي لاعب من مباراة هامة لفريقه من لا يحب أضواء النهائيات والمشاركة؟ من لا يحب أن يكون الخيار الأول؟ فما بالك بمنتخب بلادك؟ الفكرة تكمن في الضغط وتحمله وبعض الحسابات الأخرى قد تبدو الأمور بسيطة لكن في أعماقها خطيرة ويجب معالجتها فورا.

لمناقشة الكاتب

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات