كتب : نادر عيد | الثلاثاء، 28 يونيو 2016 - 17:01

لماذا يفوز الأهلي دائما

ثلثا ألقاب الدوري من نصيبه، الرقم القياسي في دوري الأبطال يمتلكه، ثاني أكثر من شارك في كأس العالم، لماذا الأهلي على القمة دائما؟

استوقفني تتويج الأهلي بالدوري رقم 38، فنظرت إلى تتويجات منافسيه فوجدتها 19، أي أنه توج بالدوري ضعف عدد مرات فوزهم جميعا!

سألت نفسي، ما السبب وراء ذلك؟ لابد أن هناك مقومات ومعطيات يملكها الأهلي لا توجد عند من ينافسه سواء قاريا وبالأخص محليا.

ذهب عقلي في رحلة بحث عن هذه الأسباب، فوجدتها كثيرة، إلا أنني توقفت أمام سببين أعتبرهما الأهم.

المال والإدارة

هل سمعت يوما عن أزمة مالية في الأهلي؟ هل تذمر لاعب من عدم الحصول على مستحقاته في الأهلي؟

أعلم أنك قد تظن هذا سببا عاديا، دعني أختلف معك عزيزي القاريء، فكيف لموظف أن يعمل بإخلاص واجتهاد دون الحصول على راتبه؟

مشاكل الإسماعيلي التي لا تنتهي سببها المستحقات، امتنع اللاعبون عن التدريبات بسبب ذلك وذهب شوقي السعيد ليوقع لوادي دجلة.

"أنا مستاء لما انتهى عليه الأمر، مرتضى منصور ماطل في دفع مرتبات المدربين الذين جلبتهم" كانت هذه كلمات أليكس ماكليش لصحيفة دايلي ريكورد عقب إقالته من تدريب الزمالك!

تخيل أن المماطلة في حق أجنبي ترك العمل في بريطانيا واختار مصر، فما بالك باللاعبين المصريين؟

وأين، في نادي الزمالك، الذي من المفترض أن يكون ندا في كل شيء للأهلي.

"بعض اللاعبين لم يعجبهم استبعادي لهم من المباريات، لم أمانع غضبهم لأن ذلك يظهر رغبتهم في مساعدة الفريق، ولكن تأخر سداد المستحقات المادية زاد الأمر صعوبة" ماكليش يتحدث لـFilGoal.com.

حتى جوزوالدو فيريرا أفضل مدرب للزمالك في أخر 10 سنوات رحل بسبب نقص المادة و"غباء الإدارة".

أذكر في وقت سابق تصريح لمحمد شعبان لاعب المقاولون العرب قال فيه: "كنت أرفض الزمالك مسبقا بسبب المشاكل وأزمة المستحقات".

سأطلب منك للحظة عزيزي القاريء أن تضع نفسك مكان لاعب في الزمالك أو الإسماعيلي أو غيره، تتدرب وتفكر في قسط السيارة.

تدخل أرضية الملعب فتجد عقلك مشغولا بالمصروفات الدراسية لابنك، كيف ستسددها.

هذا اللاعب الذي يرتدي قميص الزمالك ينظر دون شك لنظيره في الأهلي، وشتان الفارق في التقدير بين هذا وذاك.

لاعب الأهلي لا يعاني أبدا من مشكلة مادية، راتبه يناله في موعده، وفوق ذلك ينال التقدير والاحترام الكافي، بل يكون نجما مجتمعيا من خلال ظهوره في الإعلانات والبرامج والحفلات وغيره.

ليس كلاعب في ناد أخر، يعيش معظم الوقت في الظل، من الوارد في أي لحظة أن يتحدث عنه مسؤول بالنادي سلبا في وسائل الإعلام. رأينا ذلك كثيرا.

من الوارد أن يخطيء أي لاعب، لكن هل يعقل أن يتم التشهير به تلفزيونيا من قبل ناديه!

يكفيك أن تنظر إلى قميص الأهلي والزمالك لتدرك الفارق المادي الرهيب بين الناديين، شتان الفارق بين راعي هذا وذاك.

نقطة القوة هذه هي التي تطمئن اللاعب الذي يطلبه الأهلي، لا يشغل باله بالمال لأنه يعلم جيدا أن الأهلي لا يفرط في حقوق لاعبيه، سواء المادية أو المعنوية.

"الإساءة لأي لاعب في الأهلي مرفوضة شكلا وموضوعا ولن يقبل بها وفي مقدمتهم حسام غالي وهو قيمة كبيرة لدى الجميع" كانت هذه كلمات طاهر رأس الهرم في الأهلي عقب اجتماعه بجهاز المنتخب لمناقشة أزمة حسام غالي.

الأهلي لا يعامل لاعبيه على أنهم تلاميذ، يرفع لهم الخرزانة إذا خرجوا عن النص، بل يريدهم نجوما كي يقدموا كل ما لديهم لهذا القميص فوق الميدان.

الأهلي لديه الاحترافية والقوة الشرائية التي تغرز انتمائا غير عادي في نفوس لاعبيه، لذلك يقاتلون.

ولا أدري كيف في أندية أخرى يُلوى ذراع اللاعبين بسبب مشكلة المستحقات، يخصم رئيس النادي من مستحقات اللاعب التي لم يتقاضاها من الأساس لمجرد أنه تذمر أو اشتكى!

الإدارة

العدو الأول لرأس المال هو عدم الاستقرار، وبالتالي هناك سببا لوجود هذه الأرضية المادية الصلبة في الأهلي.

إنها الإدارة.

منذ الراحل صالح سليم مرورا بحسن حمدي والآن محمود طاهر، نختلف أو نتفق على الأشخاص الكل يعمل في إطار منظومة محترفة مكتملة الأركان لها هدف واضح وصريح هو الفوز دائما.

كم تصريحا سمعت في الشهر الأخير لمحمود طاهر؟ قارن هذا الرقم بمداخلات مرتضى منصور ومحمد أبو السعود شبه اليومية؟

ربما المؤسسة الرياضية الأنجح في الوطن العربي بأكمله هي الأهلي، والسبب يعود دائما بدرجة كبيرة إلى صانع القرار.

نختلف أو نتفق على طاهر، ساهم بشكل كبير في التتويج الـ38.

من الذي رمم دفاع الأهلي؟ من الذي قام بأغلى صفقة للاعب إفريقي؟ من الذي انتزع السولية من الزمالك؟ من الذي تعاقد مع مارتن يول؟

على مدار السنوات كنت أندهش للفارق الكبير بين احترافية إدارة الأهلي ونظرائها في الأندية الأخرى، لماذا تنجح هذه ويفشل الأخرون؟

لم أجد في الأهلي رئيسا يتدخل في عمل مدير فني، لم أسمع مسؤولا يتحدث بشكل غير لائق عن لاعب أو مدرب.

الكل يعرف اختصاصه جيدا، الكل يعمل كترس في عجلة، له دور لا يتخطاه.

"الرأي الأول والأخير في احتراف رمضان صبحي للجهاز الفني بقيادة مارتن يول" هذه كلمات طاهر بعد العروض الكبيرة المقدمة لصاحب الـ18 عاما.

لم ينظر طاهر للمادة لأن الأهلي لا يهدف إلى الربح وإنما وضع الأمر في يد يول لأن الأهم هو الفريق.

الميدان

هناك عوامل أخرى ترجح كفة الفريق الأحمر في الملعب، يتفوق بها دائما على خصومه، فعندما تحدث هزيمة بثلاثية أمام المصري أو رباعية أمام الاتحاد فإنها تبقى خالدة لجماهير المنافسين لصعوبة تكرارها، تصبح نقطة بارزة في التاريخ لأنها وحيدة.

كما ذكرت لك، لاعبو الأهلي يملأهم الانتماء، يتشبعون بالثقة بالنفس، يعلمون جيدا أنهم أقوى من المنافسين، يدركون مدى قوة وقيمة الفريق الذي يمثلونه.

هذا الإحساس يعد سببا رئيسيا في سيادة الأهلي للكرة المصرية والإفريقية. فهو يذكرني بمقولة رود خوليت عن الألمان "أندرياس بريمه قال لي عندما ندخل النفق المؤدي إلى الملعب نشعر أننا أقوى من منافسنا دائما".

هذا الشعور المبني على عمل مضن جعل ألمانيا واحدة من القوى العظمى في كرة القدم.

"شعرنا أننا سنفوز لأنه قيل إن الفوز محسوم للأهلي" هكذا قال سعد سمير عقب القمة الأخيرة.

قل لي، متى تحدث الناس عن أسبقية الزمالك على الأهلي قبل القمة حتى وإن كان الأول أفضل حالا من الثاني؟

لم يحدث هذا حتى في أسوأ لحظات الأهلي مع بداية القرن الجديد، الأهلي يلعب باسمه في لحظات ركود الفريق، يرفض الاستسلام والتقليل من شأنه.

وعندما يسقط يكون كالملاكم، ينهض قبل أن يصل الحكم إلى الرقم 10. أما سقوط منافسيه، فيكون مثل من دخل في غيبوبة لا يعلم أحد متى سيستفيق منها.

يُعمق هذا الإحساس المساندة الإعلامية. نعم، فالأهلي يحظى بدعم إعلامي كبير.

الأفضل

ما الذي جعل مؤمن زكريا يرحل عن الزمالك ويذهب إلى الأهلي رغم أنه هداف الفريق ونجمه الأول؟

ربما هذه الصفقة وحدها تبين لك الفارق بين الناديين والذي اتسع بشدة في السنوات الـ12 الأخيرة. فارق تدركه جيدا حين تسمع زوجة الإمبراطور حازم إمام وهي تروي لـFilGoal.com طلبها من زوجها أن يذهب إلى الأهلي! (طالع من هنا)

من يريد الاستقرار يذهب للأهلي، من يريد المال يذهب للأهلي، من يريد الهيبة يذهب إلى الأهلي، من يريد التتويج يذهب إلى الأهلي.

وأيضا من يريد مكانة في النادي بعد الاعتزال. انظر إلى مساندة طاهر أبو زيد ومحمود الخطيب ومحمد أبو تريكة وغيرهم للفريق بعد الخسارتين الأخيرتين.

تشعر أن الانتماء للنادي لا ينتهي، لما لا وقد منحهم كل شيء وهم لاعبين.

قل لي كم لاعبا سابقا بالزمالك أو الإسماعيلي يعملان في هذا أو ذاك الآن؟

أما الأهلي، فكل من ارتدوا قميصه يتمنون الالتصاق به مدى الحياة.

كل هذه الأسباب دفعت مؤمن للرحيل إلى الأهلي، فهو يعلم مسبقا أن التتويج والنجومية والمال يبيتون في الأهلي.

لكن في الزمالك، غير مضمونين.

وعندما تجد لاعبا مثل عمرو السولية يتقاضى في الأهلي أكثر من ستة أضعاف راتبه في الإسماعيلي، فلا تحدثني عن الانتماء والبيت وابن البلد وكل هذه الأشياء التي عفى عليها الزمن وسط ظروف اقتصادية صعبة نعيشها جميعا.

أكاد أُجزم أن بعض اللاعبين يفضلون دكة الأهلي عن اللعب أساسيين في الزمالك، فالمساهمة ولو بجزء بسيط في منظومة ناجحة أفضل من مستقبل مجهول.

لذلك يمتلك الأهلي أفضل لاعبي مصر ويفوق منافسيه قوة. وعندما تحصل على لاعب من المنافس المباشر فكيف لك أن تنتظره قويا؟

فأنا لا أرى في فوز بايرن ميونيخ بالدوري إنجازا، فهو يأتي باللاعبين من المنافس المباشر.

الجماهير

الدوري بات ممتلئا بأندية الشركات التي تتمتع بإدارات محترفة ولديها القدرات المادية اللازمة، فلماذا لا تنافس هذه الفرق الأهلي؟

شتان الفارق بين المولود منذ قرن وأكثر وبين "ابن امبارح"، صاحب الشعبية الضخمة لا يمكن أن ينافسه من يدعو موظفيه لحضور المباريات.

من يستطيع منافسة الأهلي هو من يمتلك ولو جزء بسيط من شعبيته، أقصد هنا الأندية الشعبية لأنها ستقاتل من أجل جماهيرها، من أجل أناس يعشقون هذا النادي.

قد يفوز حرس الحدود بكأس مصر يوما ما، قد يتوج إنبي بالسوبر، لكن على المدى البعيد لا يستطيع منافسة الأندية الجماهيرية التي يشعر لاعبوها أن هناك ملايين خلفهم.

لكن بوجود الشعبية وغياب الأسباب التي ذكرتها مسبقا لن يحدث هذا ولو بعد مائة سنة.

لن يستطيع المصري ولا الاتحاد ولا الإسماعيلي منافسة الأهلي، أما الزمالك فقد ينافس موسما أو اثنين ليس أكثر لأنه أقربهم.

وفي اعتقادي، لن تحدث هذه المنافسة أبدا طالما أن هذه الأندية الشعبية تقع تحت سطوة الدولة، لا يوجد من يحاسب مجالس إدارتها، وكأنه "مال سايب".

هل تريد أن تقنعني أن الإسماعيلي لا يستطيع أن يكون من أغنى أندية مصر؟ ما تفسيرك لمشاكل إدارة الزمالك منذ أيام كمال درويش وحتى اللحظة؟

لماذا هناك أزمة مستحقات في الزمالك الآن رغم أن صراع الأشخاص على الإدارة انتهى؟

لا أنسى طبعا ما يقوم به "سيادة المستشار"، فهذا الرجل فاق كل الحدود.

لهذه الأسباب طبيعي أن يفوز الأهلي دائما، لأنه أقوى من الجميع، يمتلك ما ليس لديهم.

تابع المحرر على فيسبوك من هنا.

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات