كتب : أمير عبد الحليم | الثلاثاء، 21 يوليه 2015 - 00:39

انقذوا استوديو القمة

"يا أخي اتكسف على دمك. أنا لما كنت في سنك كنت بحارب الإرهاب، مش لابس فانلة وشورت وبتزحلق على بطني في الاستاد" حسن حسني "الضابط" يتحدث لمحمد عادل إمام "لاعب الكرة" في فيلم كابتن مصر.

هذا المشهد ربما يلخص الطريقة التي يتعامل بها الأمن المصري مع كرة القدم، حتى وإن حاولوا بطرق فاشلة إظهار غير ذلك. الكرة لعب عيال.

لعب عيال لدرجة أن أكبر فريقين في مصر لا يعرفان ملعب المباراة بينهما قبل أقل من 48 ساعة من انطلاقها. لدرجة أن تكون المباراة في ملعب بدون أضواء كاشفة عصرا في درجة حرارة تصل إلى 40. وليس من حق الفريق صاحب المباراة أن يختار ملعبها.

في الوقت الذي يزور فيه رئيس مصر أكثر من دولة للتأكيد على أن البلاد آمنة وترى صورا في دول أجنبية للدعاية عن السياحة في مصر. هناك من لا يرى أن عدم تأمين وسيلة الرفاهية الأولى للمصريين ينسف لك أي فرصة للنجاح.

فلنبتعد عن الأمن قليلا، ونتحدث عن اتحاد الكرة.

قبل 3 أعوام، خرج المتحدث الرسمي باسم اتحاد الكرة ليصرح "مش فاضيين للمنتخب الأوليمبي. شغالين من نار مع الفريق أحمد شفيق في انتخابات الرئاسة".

ربما تكون هنا المشكلة. أن من انتخبوا أعضاء اتحاد الكرة لم يحكوا لهم لماذا انتخبوهم، أو المطلوب منهم تحديدا.

من الممكن أن يكون ذلك سببا أن منتخبات مصر فشلت في التأهل حتى لكأس الأمم الإفريقية في كافة الأعمار السنية.

عامة، لن يكون جديدا أن نتحدث عن أن اتحاد الكرة فاشل. فلنتحدث من زاوية جديدة.

كيف لاتحاد الكرة ألا يقف بجانب سيف زاهر ويؤمن له الاستوديو التحليلي للقمة؟

ما كنت أتوقعه من اتحاد الكرة هو التحرك لإنقاذ الاستوديو التحليلي لسيف زاهر أكثر من مباراة القمة نفسها. كنت أتوقع أن يتحدثوا مع الأمن سريعا عقب رفض الأهلي اللعب في الجونة ومطالبته بتغيير الملعب لأن "الاستوديو جايب 8 محللين".

بصراحة، استغربت بيانهم الذي يقول أن الأهلي هو من عليه أن يحضر الموافقات الأمنية وليس لنا دخلا بالأمر. وطبعا لو كانت المشكلة استمرت أكثر من ذلك ربما خرجوا علينا ببيان يقول أن وزير الداخلية هو من يضع لوائح المسابقة.

لماذا وقف اتحاد الكرة بجانب قرار الأمن وطلب من الأهلي تحمل المسؤولية وتقدير الموقف. ولم يقف بجوار اللعبة وطالب الأمن بتقدير الموقف وأن الملعب غير مناسب للمباراة الأهم في الدوري.

لن ألوم فرعونا طالما لم يسأله أحد إيه فرعنك!

-----

وزارة الشباب والرياضة أشرفت على تنظيم بطولة للكرة الشاطئية في شرم الشيخ. وكان الهدف المعلن عنها هو تنشيط السياحة.

هذا معناه أن الدولة تفهم جيدا أن هذه اللعبة قد تساعدك على تغيير صورة خاطئة عنك، وتريد استغلالها. لماذا إذا تحولت مباراة القمة إلى تفاهات بعد أقل من شهر؟

من سيأتي للسياحة والترفيه عندك إذا كنت لا تريد تأمين أبسط وسيلة ترفيه لمواطنيك؟

هم لا يشغلون بالهم بأن خبر مثل إقامة مباراة دربي بين أهم فريقين في مصر في الجونة بـ 470 كيلو مترا بدون جمهور يجذب اهتمام أي وسيلة إعلامية كبيرة في العالم. وزد عليه أن فريقا منهما وهو الأكثر تتويجا بالبطولات القارية في العالم يحتج على إقامة المباراة هناك ويهدد بالانسحاب قبلها بأقل من 48 ساعة.

وعندما تجد هذا الخبر في الصحف العالمية. يتحدثون عن أن الإعلام الغربي والإخوانجي يريد سقوط مصر.

حقا؟!!!!

-----

كيف سيتصرف الأمن مع مواجهتين محتملتين خلال شهرين بين الأهلي والزمالك في الكونفدرالية؟ إذا كانوا الآن يتحدثون عن أن احتفالات جماهير أحد الفريقين قد تُحدث شغبا.

وقتها ستحتفل أيضا جماهير الفريق الفائز لأنه سيكون طرد منافسه الأزلي من بطولة قارية.

تجد المسؤولين في مصر يتحدثون عن تمنياتهم أن يلعب الأهلي أمام الزمالك في نهائي الكونفدرالية. وهم أساسا لا يوفرون ملاعب للفريقين حتى يصلا للنهائي.

ما علينا من هذه النقطة. كيف سينظمون أساسا هذا النهائي لو حصل وتغلب الفريقان على هذه الظروف؟

اتحاد الكرة المصري الآن خارج هذه اللعبة -لحسن الحظ-، والكاف يشترط أن يقام النهائي في ملاعب بمواصفات معينة بحضور جماهيري.

قبل 2015، كان الأهلي فقط من يصل لمرحلة النهائي في البطولات الإفريقية. وفي 3 مناسبات كان يبحث خيار اللعب خارج مصر حتى العام الماضي.

الآن، قد تجد نفسك مضطرا لتأمين مباراة بين أكبر فريقين في مصر بحضور جماهيرهما. وانت لم تأخذ أي خطوة إيجابية منذ 4 سنوات للاستعداد لهذا اليوم. ولم تستفد من كل مرة كان يصل فيها الأهلي للنهائي ويصبح مطالبا باللعب بجمهور.

-----

كنا في البداية نرضى أن تقام مباريات الدوري بدون جمهور، لأن إفريقيا كان تُلعب بجمهور. مباراة الأهلي والزمالك نفسها في دوري أبطال إفريقيا كانت بحضور جماهيري حتى لو في الجونة.

ثم بات حلم جماهير الكرة أن يكتمل الدوري حتى لو بدون جمهور. ونسوا أن يحضروا مباراة في بطولة قارية.

الأحلام باتت أصعب. الآن بات إقامة مباراة بين فريقين من القاهرة بدون جمهور في دوري محسوم في ملعب غير الجونة إنجازا. هذا ربما ما كان يخطط له البعض منذ البداية.

أكثر من نصف لاعبي الأهلي والزمالك لم يلعبوا تحت ضغط جماهيري في الدربي من قبل. جيل كامل من اللاعبين تغير ولم نتقدم خطوة للأمام، ثم تجد من يتحدث عن حلم بكأس العالم بكل بجاحة.

المشكلة هنا أن كل شخص يلعب دورا غير دوره. الأمن يتحكم في الكرة، وأعضاء اتحاد الكرة يظنون أن على رأس كل واحد منهم "باريه عسكري".

رئيس النادي يريد أن يتحكم في نوعيات الجماهير التي تدخل الملاعب وهتافاتهم.

في هذا الحال ما نعيشه لن يتغير. سقف الأحلام فقط هو ما سيتغير، لأنه سيظل يقل أكثر فأكثر. وهذا ليس غريبا فكرة القدم لم تعد حقا لجماهيرها.

تنظيم القمة أمر يحتاج تدخل رئيس الوزراء في الوقت الذي فيه تونس التي تعيش ظروفا مشابهة لما يحدث في مصر قادرة على استضافة فريق مارسيليا ليلعب أمام النجم الساحلي في حضور جماهيري، لتواجه حادثا إرهابيا ضد السياحة.

وهنا في مصر، الأمن لا يطلب مساعدة اتحاد الكرة إلا في تكدير الأندية والجماهير. واتحاد الكرة لا يساعد الأمن بأفكار لاستغلال اللعبة نفسها بل يقتلها بالموافقة على مطالبه. ورئيس النادي يهاجم بصوته العالي أصحاب الحق بدلا من أن يقف ضد هذه المحاولات.

"لابد أن يتم إسناد مهمة تأمين المباريات لشركات خاصة مثلما جاء في البيان .. هذا نؤيده تماما ونريد التفرغ لمكافحة الجريمة في الشوارع" .. هاني عبد اللطيف المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية عن تأييد الوزارة لمبادرة الأولتراس التي طالبت بإبعاد رجال الأمن من المدرجات العام الماضي.

للتواصل مع الكاتب عبر تويتر ناقشني

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات