كتب : أحمد عز الدين | الأحد، 29 سبتمبر 2013 - 06:02

"الدبلوماسي" أنشيلوتي

"ينزل برلسكوني (رئيس النادي) غرفة خلع الملابس بين شوطي المباراة حين يكون ميلان خاسرا، يصرخ في وجه أنشيلوتي (مدرب الفريق): لماذا يعود كاكا للدفاع؟

يقول برلسكوني موجها تعليماته لأنشيلوتي: عليك أن تترك كاكا يهاجم بدون قيود، يجب أن يظل في المقدمة وألا يعود للخلف أبدا.

أنشيلوتي وقتها كان يستمع لبرلسكوني ويهز رأسه دون أن يعلق، ثم يذهب لكاكا ويقول له: اسمع.. لمدة 5 دقائق عليك أن تلعب متقدما وألا ترجع للدفاع، ثم بعد ذلك عد للتعليمات القديمة وارجع مع رفاقك.

هكذا يروي أليساندرو كوستاكورتا أيقونة ميلان عن شخصية مدربه السابق كارلو أنشيلوتي المدير الفني الحالي لريال مدريد، قائلا: "لهذا أرى أنشيلوتي دبلوماسيا محنكا".

---

حسنا أنا لا أراه دبلوماسيا بالنظر إلى تلك القصة، بل هناك تعبير آخر كنت أتمنى استخدامه كعنوان للمقال لأنه يصف أنشيلوتي بدقة.

تعبير آخر يناسب شخصية لا تملك قوة للدفاع عن موقف، بل تتساهل وتوافق على كل ما يصلها من تعليمات من صاحب العمل حتى لو كان تدخلا في اختصاصاته.. لا، لن أذكر هذا التعبير على أي حال.

---

يوجه الصحفي سؤالا لرئيس النادي الملكي فلورنتينو بيريز: "هل بالفعل أنت لا تمنح مدربي ريال مدريد صلاحيات كافية فيما يخص إدارة اللاعبين والصفقات؟".

يرد بيريز: "الأمر ليس كذلك.. أمنح المدرب كل صلاحياته للتصرف في شؤون الفريق.. لكن هناك منهم شخصيات مميزة تأخذ هذه الصلاحيات، وهناك من لا يعرف أنها متاحة أمامه من الأساس".

---

ويقول مورينيو: "حين أتيت إلى ريال مدريد، طلبت من المسؤول عن التعاقدات خورخي فالدانو التعاقد مع خضيرا وأوزيل، فرد علي قائلا: من؟".

لم يعلم فالدانو من هؤلاء، لم يرغب في ضمهم، دخل في صدام تلو الآخر مع مورينيو وكان جوزيه صاحب الكلمة العليا دوما، والنتيجة رحيل فالدانو، وتكوين الاستثنائي لفريق جمع 100 نقطة بصلابته وبمبلغ إجمالي بالطبع يقل عن الـ100 مليون يورو المدفوعة في بيل.

ثم تصادم جوزيه مع اللاعبين ورحل، وجاء من بعد مورينيو مدرب لا ينكر أحد أنه جيد، جيد جدا في الواقع حين يتعلق الأمر بوضع خطة، بتغيير طريقة لعب، بتحضير مباراة كبرى في دوري أبطال أوروبا.. لكن...

ماذا عن شخصية أنشيلوتي التي رأيناها في الجمل السابقة، في بناء مشروع جديد لريال مدريد:

---

"إذا أردت مني تحضير وجبة، فعليك أن تتركني أشتري ما يلزم الطبخة".. بيل بارسيل، مدرب شهير في عالم كرة القدم الأمريكية.

---

في عام 2012 صرح أنشيلوتي "هناك من يزعم أن ليوناردو غاضب مني لأني أتدخل في عمله بخصوص الصفقات، هذا ليس حقيقيا على الإطلاق، لا أتدخل في عمله بالمرة".

وتابع "أملك من الأعباء في اختيار الخطة والتشكيل وتحضير اللاعبين ما يجعلني زاهدا في أي دور إضافي، أنا مدرب وليوناردو مدير الرياضة في النادي، يهتم بالعقود والصفقات ولكل منا اختصاصاته".

أنشيلوتي لا يهتم بمعايير الطبخة، ويترك ذلك لصاحب المطعم ليحدده.

---

وفي 2013 أنفق ريال مدريد 180 مليون يورو على الصفقات.. ولازال الفريق لا يملك:

• مهاجم أساسي

في صيف شهد تحرك فالكاو، كافاني، إيتو، جوميز، تيفيز، سولدادو، يورينتي، نيجريدو.. وكان في السوق روني، ليفاندوفسكي، خافيير هرنانديزو غيرهم.

• لاعب وسط متكامل

مودريتش يهاجم، خضيرا يدافع، إيارا يهاجم.. لا يوجد ركيزة تملك الصفتين مثل شابي هرنانديز، شفاينشتايجر، جيرارد، لامبارد.. وفي الجيل الجديد هناك فيدال وفيلاني وهامشيك.

• صانع ألعاب مبدع

هناك مباريات تحسمها الماكينات مثل إسكو، كريستيانو، بيل، دي ماريا.. وأخرى تجد نفسك أمام فريق مغلق تماما دفاعيا، فلا يهزمه إلا الإبداع، وأوزيل كان مبدعا حتى لو كان ذلك ممزوجا ببعض الميوعة.

---

تعاقد النادي مع مجموعة من اللاعبين، بعين زين الدين زيدان التي ترى الموهبة، بمال بيريز وسياساته الناجحة دعائيا، ولكن بدون عقل مدير فني يحدد طريقة اللعب أولا ثم يبني خططه وصفقاته على أساسها.

بل أن النادي دخل اليوم الأخير في سوق الانتقالات وهو لا يعلم هل سيبيع جناحا أم صانعا للألعاب، هل يرحل دي ماريا أم أوزيل، كأن اللاعب الراحل لا يهم في الحسابات الفنية للفريق.

---

وفي بناء الفرق.. هناك طريقتان أساسيتان بخطط المدربين:

1) لعب مباشر.. يعتمد أكثر على السرعات والمرتدات، يحتاج للاعبين يجيدون إرسال الكرات الطولية مثل شابي ألونسو ومن يجيدون الركض بالكرة.

2) لعب قصير.. يفضل الاستحواذ والتمريرات القصيرة، يتحرك الفريق كوحدة واحدة فيه للأمام، يحتاج للاعبين يجيدون التمرير القصير وحفظ الكرة تحت الضغط أمام الخصوم.

---

وقد قال أنشيلوتي في مؤتمر تعيينه مدربا لريال مدريد: "هدفي هو لعب كرة جميلة، استحواذ أكثر على الكرة".

وقال مورينيو منذ اسبوع: "أنشيلوتي عرف سريعا أن ريال مدريد لم يكن سيئا معي، لهذا عاد إلى الهجمات المباشرة، وطريقة 4-2-3-1 وأعاد رونالدو للجناح حيث كان يقدم أقوى عروضه معي".

بمعنى آخر: أنشيلوتي باع أوزيل في الوقت الذي قرر فيه لعب كرة قصيرة تعتمد على الاستحواذ، اكتشف غلطته فعاد لطريقة اللعب المباشر، لم يعجب الجمهور فبات ريال تائها.

---

هل يخسر ريال كل شيء؟ غالبا لا.. هناك حلول خططية تستطيع علاج المشاكل.. فقط الفريق سيحتاج لوقت لأن ثغراته لم تسد، ولأن مدربه متخبط كونه لم يشتر الصفقات ولم يبع الراحلين.

وبالتالي مع كل خطة يرغب في تطبيقها، أو أسلوب لعب، يكتشف أنه لا يتناسب مع قدرات أحد النجوم، فيغيره، فيخسر، ويتخبط، وبرشلونة يفوز، وأنا أخرس.

للتواصل عبر تويتر، اضغط هنا..

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات