قصص المونديال المنسية - الجنرال وفئران الصحراء في مونديال إيطاليا

الأربعاء، 09 مايو 2018 - 16:31

كتب : مصطفى عصام

حكايات المونديال المنسية

بحكم مواقع التواصل الإجتماعي والعديد من التطورات الطارئة على المجال الصحفي وانتقاله شيئا فشيئا من معادلة النشر كمطبوعة إلى المجال الإلكتروني، أصبح العالم كما يقولون قرية واحدة .

وبالطبع كان من النادر تناول الصحف العالمية أمرا عن الكرة في مصر في عهد ما قبل الألفية الثالثة، اللهم إلا المطبوعات المهتمة بالكرة الإفريقية والتي تخصص ملحقا شهريا لها مثل الأونز L'Onzo، أو مجلة فرانس فوتبول المهتمة وقتها بتوزيع جوائز أفضل لاعب في قارة إفريقيا إبان فترة السبعينيات والثمانينيات.

ويعيد FilGoal.com نشر قصة من حكايات المونديال المنسية، عن أبرز حالات الإشتباك بين الصحافة المصرية والعالمية وعلاقتها بمشاركة مصر في كأس العالم 1990.

كان العداء قد بلغ أشده في الصحف المصرية صوب الصحف الأجنبية التي تناولت وصفا مهمشا للفريق المصري المتجه صوب كأس العالم 1990 في إيطاليا ليلعب مباراياته في باليرمو في المجموعة السادسة مع نظرائه أيرلندا وإنجلترا وهولندا.

بداية العداء مع الظهور الضعيف للمنتخب المصري في ألبوم Panini قبل إنطلاق كأس العالم، حيث اقتصر تمثيل المنتخب المصري على صفحة واحدة فقط مع إغفال الكثير من عناصر المنتخب، على العكس تم مع باقي المنتخبات بإستثناء نظرائنا في العالم الثالث مثل الكاميرون.

الهجوم الأكثر ضراوة على حد وصف الصحف المصرية، بدأ مع رياح التغيير التي هبت على استاد باليرمو في مباراة الفريق القومي أمام هولندا، بتوقعات الحاسوب ذوالدقة الفائقة بالخسارة 8-1 أمام الطواحين، وبلغت الدقة أشدها بتوقع طاهر أبوزيد بأنه سيحرز هدف مصر الوحيد.

ولكن أبناء الجوهري ورفاقه خيبوا الأمال، ومنتخبنا يلقن هولندا درسا لن تنساه، وباقي مفردات اللقاء نتركها لمجدي عبد الغني ليحكيها كالمعتاد.

بداية الأزمة لم تكن بتوقع الحاسوب، البداية كانت مع الموقفين التاليين

رجالنا يتعادلون مع خيول إيرلندا الجامحة سلبيا.

فض الإشتباك بالمجموعة السادسة يتطلب تدخلا حاسما من مجلس الأمن، هكذا عنون الناقد الرياضي الكبير نجيب المستكاوي في تحليله الرشيق بمجلة الأهرام الرياضي تعليقا على لقاءنا بالجولة الثانية مع إيرلندا.

المستكاوي وصف الفريق بأنه نزل في البداية بـ 4/4/2 دفاعية، قبل أن يحولها اللاعبون بأنفسهم إلى 1-4-4-1 بطريقة طنطاوية نسبة إلى فرتز مدرب طنطا في الستينيات والدفاع بثماني لاعبين أمام المرمى parking the bus .

تحليل المباراة من المستكاوي لم يجد فيه قولا واحدا يستطيع قوله حول أداء منتخبنا القومي، سوى هاني رمزي يعيد الكرة لشوبير! ، فتطرق لإنتقاد للمعلق الجويني حول لخمته في نطق إسم الحكم لاشينجهوف البلجيكي، ونطق إسماعيل ياسين بدلا من إسماعيل يوسف أو مجدي وهبة بدلا من مجدي طلبة .

الحديث ملأ وقتها الصحف المصرية بقول هذا الأنجاز هو رد عن إتهام الشعب المصري بالبلادة والكسل ، وشكر خاص للسيد الرئيس مبارك مع شكر اللاعبين على المجهود الدفاعي أمام أيرلندا.

قولوا ما شئتم ولكن لا تقللوا من إنجاز الجوهري بتصدر المجموعة ، يُذكر أن منافستنا هولندا قد تعادلت سلبيا، فأصبح كل فريق بالمجموعة يمتلك نقطتين من تعادلين، وتتصدر مصر المجموعة بفضل الترتيب الأبجدي اللاتيني.

ولكن بماذا عنونت أغلب الصحف العالمية؟

البعض يعتقد بأن الصحف العالمية خرجت من أجل انتقاد الجوهري على طريقته أمام أيرلندا، بل كان العكس، وحتى الصحافة الإيرلندية شنت غضبا واسعا على المدرب جاك تشارلتون، بسبب فشله في ضرب تكتلات خط الدفاع المصري الرصين أمامه، واعتماده على الأسلوب الإنجليزي القديم بلعب الكرة عالية في الهواء في منطقة جزاء الخصم والتي لم تجدي نفعا مع أصحاب القامات العالية مثل هاني رمزي وهشام يكن وربيع ياسين.

الانتقاد الأوسع لجاك كان لغطرسته وغروره في المؤتمر الصحفي، وتصريحاته غير المسؤولة في انتقاد كرة الجوهري الدفاعية المحكمة، وركضه خلف اللاعبين المصريين بعد المباراة في غرفة الملابس.

ولكن كل هذا بالطبع لم يصل لصحافتنا المصرية في ذلك الوقت، لضعف الإهتمام من البعثة الإعلامية المتوجهة لباليرمو والتي ترأسها فايز الزمر ومحمود بكر .

التعليق الوحيد الذي وصل إلى صحافتنا المصرية، كعادة إلتصاقنا نوعا ما بالصحافة الإنجليزية، نظرا لأنها اللغة الثانية بمصر، هوالهجوم العنيف الذي شنته الصحافة الإنجليزية على منتخبها وتحذيرها من المواجهة القادمة أمام فئران الصحراء بقيادة الجنرال .

بالطبع المقصود بفئران الصحراء، هوالفريق المصري.

بالتالي خرجت أكبر العناوين في الصحف المصرية تسب وتلعن في الصحافة الإنجليزية وتعاليها وغرورها المعهود في كيفية وصف الفراعنة بالفئران؟

الوحيد وقتها من أوضح الأمر، هوالراحل نجيب المستكاوي، وأوضح أن (فئران الصحراء) هو لقب الكتيبة السابعة بالجيش البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية، واشتهر عنها بالشجاعة والبسالة ونجحت في إيقاف جيوش النازية وبالتالي هو لقب يدعو للإحترام وليس السخرية، وكذلك لقب الجنرال تعظيما من محمود الجوهري والذي شارك في حرب أكتوبر عام 1973.

الصدام الثاني .. راقبوا هذا الطربوش .. وغابة نوتينجهام

قامت شبكة التلفزيون البريطاني ( ITV ) بحوار تلفزيوني مُسجل مع نجمي الفريق المصري حسام حسن وأحمد شوبير، وهوما نشرته صحيفة "تايمز" مُفرغا في عددها الأسبوعي قبل لقاء مصر وإنجلترا في الجولة الثالثة.

المجلة أفردت صفحتين بعنوان كبير "راقبوا هذا الطربوش" مع صورة لحسام حسن بالطربوش، الصحف المصرية اعتبرت أن هذا العنوان إهانة كبيرة في حق المصريين بإرجاع تفكيرنا بعصور ما قبل ثورة 1952 وقت الإحتلال البريطاني وأيام الملكية.

الجدير بالذكر أن بوبي روبسون الأسطورة الإنجليزية ومدرب المنتخب الإنجليزي وقتها، فيما بعد أوضح الأمر في حديث صحفي للأهرام، بأن الطربوش هو تجليل وإحترام من الصحافة الإنجليزية لحسام، من حيث رمزيته للبكوية والسلطة المطلقة وكعادة مصرية أصيلة للتجليل.

الصحف المصرية كذلك رأت في بداية الحوار الإنجليزي أن وصف شوبير بحارس الصحراء المُتصدي لقذائف جاري لينيكر، ووصف حسام حسن بأنه جوهرة النيل، بأنه تقليل معتاد في اختصار مصر دوما بالصحراء والنيل والأهرامات.

أتى سؤال المعد الإنجليزي لحسام، بأنه بعد الفوز العريض لمصر على أسكتلندا وديا قبل البطولة والأداء المذهل أمام هولندا والخروج بتعادل أمام إيرلندا، هل مصر ستكمل الطريق للتأهل أم تخرج من الباب الضيق بخسارة أمام إنجلترا؟

ترجمة الجرائد المصرية : رد حسام بأن مصر فريق كبير وأتى من أجل العروض القوية أمام بريطانيا وهولندا ولسنا أضحوكة، بل أتينا من أجل التأهل للدور الثاني!

الجدير بالذكر أنه في ترجمة الحوار في الجرائد المصرية، تكرر وصف بريطانيا كثيرا، مع العلم بأن مصر قد واجهت إنجلترا وهى جزء من بريطانيا وليست كلها، فهى تضم ويلز وإسكتلندا وأيرلندا الشمالية كذلك!

كانت أغلب أسئلة المحاور الإنجليزي..

ما رأيك في جاري لينيكر؟

- حسام يرد، لاعب جيد جدا (very good )، هكذا نطقها!

جون بارينز وكريس وادل؟

- حسام يرد ( good )

كيف يقيم المصريون نجومهم ؟

- غالبا الإهتمام في مصر يستحوذ على اللاعب مُحرز الهدف.

حسام، هل تعلم أغنية (لن تسير وحدك أبدا)؟

- لا، للأسف

تمت ترجمتها هكذا في الصحف المصرية، الجدير بالذكر هوأن القصد هنا بأغنية You will never walk alone أوYNWA الشهيرة لجمهور ليفربول.

حسام، هل تعلم أغنية نحن نكره غابة نوتينجهام؟

- لا، للأسف.

تمت ترجمتها هكذا في الصحف المصرية. الجدير بالذكر أن أغنية We hate Nottingham Forest خاصة بجماهير ليفربول، وفريق غابة نوتينجام المُترجم حرفيا هنا المقصود به فريق نوتينجام فورست الشهير .

أخر سؤال في الحوار الصحفي للمعد الإنجليزي، هو هل تعلم أغنية هنا سنذهب؟

- رد حسام قائلا: أين ستذهبون!

وبعد الخروج من أمام إنجلترا، نترك لكم هذا اللقاء التلفزيوني بين محمود بكر والجنرال محمود الجوهري.

التعليقات