كارفاليال.. كيف كان لنظرية "ديكارت" الفلسفية مفعول السحر في موسم سوانزي

الإثنين، 12 فبراير 2018 - 12:57

كتب : علي أبو طبل

كارلوس كارفاليال

3 انتصارات فقط خلال 20 مباراة، بجانب 5 تعادلات و13 هزيمة والحلول في مؤخرة الترتيب، وضع اعتاد عليه سوانزي سيتي في المواسم الأخيرة، ولكن هل في كل مرة تسلم الجرة؟

بول كليمنت، ترك منصب مساعد كارلو أنشيلوتي في بايرن ميونيخ في منتصف الموسم الماضي لكل ينقذ الفريق الويلزي من أوضاع مشابهة في الموسم الماضي، وقد نجح في ذلك، ولكن تحت قيادته في الموسم الحالي وصل الفريق إلى الأرقام المذكورة في بداية التقرير، فكان لا بد من تغيير جديد!

هل هي أزمة ثقة أم أزمة جودة لاعبين أم انعدام رؤية إدارية وعدم وجود هدف بعينه؟

حين يصبح الهدف هو عدم الهبوط، فالفريق يظهر بشكل مختلف تماما، كما نرى في الأسابيع الأخيرة.

وبالتأكيد من أجل خلق الدوافع والظهور بشكل أفضل في الشهرين الأخيرين، كان هناك رجلا بعينه خلف كل ذلك، وضعت الإدارة ثقتها فيه من بين مرشحين آخرين لخلافة كليمنت، فكان له مفعول السحر.

"عندما أتيت إلى هنا للمرة الأولى قبل أول مؤتمر صحفي لي مع النادي، رأيت الناس يتحدثون عن معجزة من أجل البقاء في الدوري الممتاز"

يقول كارفاليال الكلمات السابقة في حوار أجراه منذ أسابيع مع صحيفة "تيليجراف" البريطانية، ثم يتابع: "أوضحت لهم أن البقاء في الدوري لن يكون معجزة، لأن إن حدث ذلك فسيكون بمجهودات من صنع بشر متواجدين في هيكل الفريق"

ويكمل: "في البداية ظهروا متعجبين من مدى إيجابيتي عن الحديث عن فكرة البقاء، ولكن مباراة بعد الأخرى يمكنك أن تلاحظ التغيير في نوعية الأسئلة ومدى إيجابيتها".

منذ اليوم الأول، آمن الرجل البرتغالي بلاعبيه وبمدى قدرتهم على إحداث الفارق فيما تبقى من الموسم دون العديد من التغييرات الجذرية.

كان أمام كارفاليال فرصة في السوق الشتوية لإجراء تدعيمات عديدة، ولكنه فضل القيام بتدعيمين فقط، اولهما إعادة الغاني أندريه أيو من صفوف ويست هام يونايتد مقابل قرابة الـ18 مليون جنيه إسترليني، كما قام باستعارة لاعب الوسط آندي كينج من صفوف ليستر سيتي حتى نهاية الموسم.

وقال في مؤتمره التقديمي في ديسمبر الماضي: "أعتقد أن لدينا لاعبين جيدين. لاعبون يستطيعون صناعة الفرص والتسجيل باستمرار"

قال تلك الكلمات في الوقت الذي لم يعتقد فيه متابعون وخبراء ما يعتقده عن لاعبين سجلوا 11 هدفا فقط في 20 مباراة قبل قدومه.

20 عاما من التدريب تخللها 17 منصبا تدريبيا مختلفا حول العالم، بالإضافة إلى كونه فيلسوفا وحاملا لآراء وتفسيرات بعينها تظهر من خلال تصريحاته الإعلامية، تجعله أحيانا يؤمن بأشياء قد يعجز آخرون عن رؤيتها مثله.

إن أردت القدوم لإنقاذ فريق يصارع الهبوط، فبالتأكيد ستعمل على تغييرات جذرية وثورية وتعديلات في الرسم الخططي للفريق مع حذر زائد لعدم استقبال أهداف.

سوانزي سيتي قبل قدوم كارفاليال استقبل 31 هدفا في 20 مباراة، كواحد من اسوأ الخطوط الدفاعية في المسابقة.

لكن فلسفة الرجل ذو الـ52 عاما في فترته القصيرة مع سوانزي حتى الآن كانت مختلفة كليا عن المتوقع.

"أحب أن ألعب بشكل هجومي، وأن ننال الاستحواذ على الكرة ونتناقلها بشكل جيد".

أوضح كارفاليال فكره في مؤتمره الأول مع ناديه الحالي، ثم تابع: "الاستحواذ وحده ليس كافيا، علينا أن نعمل على تسجيل أكبر قدر من الأهداف".

وأدرك الأزمة الدفاعية للفريق قائلا: "علينا أن نتحلى بالتنظيم الدفاعي، لذا فإننا في أغلب الأوقات سنعمل على خلق بعض التوازن".

وأكمل: "علينا أن نتفهم جيدا قدرات لاعبينا، وأن نخلق أسلوب اللعب الخاص بنا والمعتمد على الأدوات المتوافرة لدينا".

التحسينات الفنية ضرورية، ولكن أحيانا هناك ما هو أهم، ما يجري في الكواليس والغرف المغلقة، ما يجعل الفريق أكثر ترابطا وتناغما.

يؤمن كارفاليال بقناعات الفيلسوف الفرنسي "ديكارت" عن ضرورة وجود اتصال ما بين الظواهر المعقدة المختلفة في الكون، حسب ما أوضح في لقائه مع صحيفة "تيليجراف".

ويتابع: "أعتقد أن الإيمان بتلك النظرية البسيطة المتعلقة بالتواصل تجعل البرتغاليين فريدين من نوعهم".

يبدو كارفاليال من كلماته فخورا بكونه من منظومة المديرين الفنيين البرتغاليين، يؤمن تماما كما يؤمن جوزيه مورينيو، والذي حصل برفقته على رخصته التدريبية، بأن عليه أن يتعمق أكثر في تفاصيل عمله.

ويكمل كارفاليال الحديث عن نظريته: "إنها ليست أمور منفصلة وليست مجرد أرقام. كل شئ في اللعبة متصل ببعضه. التواصل مع الجماهير والصحافة. إنها أمور يجيد البرتغاليون فعلها".

حكايته مع سوانزي سيتي هي شغفه الجديد الذي يريد التعمق فيه لأقصى درجة، ويمكن أن يشرح كارفاليال ذلك بنفسه باستفاضة.

ويقول البرتغالي لصحفي الـ "تيليجراف": "لقد لعبت كرة القدم بشكل احترافي في بداية مسيرتي ولكنني كنت أيضا أدرس في الجامعة".

ويتابع: "كان لدي أجازة لمدة شهر من ممارسة كرة القدم، ولكن في الوقت نفسه كان لدي اختبار في مادة التشريح توجب علي إنجازه، وكانت المادة الأكثر صعوبة".

وأكمل: "أخبرت الجميع أنني سأختفي لمدة أسبوعين. كان علي أن أدرس جيدا وأن استعد. لا اتصالات مع أحد وأصبح في النهاية لدي ذقن طويلة للغاية"

واختتم: "كان بإمكاني الذهاب لجزر الباهاماس مثلا لقضاء أجازة ولكنني أردت إنجاز ذلك. عندما أريد إنجاز شئ ما فإنني أريد التعمق فيه لأقصى درجة"

حط كارفاليال الرحال مؤخرا في سوانزي كمحطته الأولى في الدوري الإنجليزي الممتاز وكنقلة جديدة في مسيرته، ولكنها ثاني تجاربه الإنجليزية ضمن العديد من التجارب السابقة في الإدارة الفنية لأندية برتغالية ويونانية وصولا لبشكتاتش في تركيا، قبل أن يصبح مديرا رياضيا للنادي الأهلي في دبي لـ3 أعوام، ثم يعود في 2015 ليقود شيفيلد وينيزداي في دوري الدرجة الأولى الإنجليزية.

في تجربته الإنجليزية الأولى، تمكن كارفاليال من قيادة شيفيلد لعامين متتاليين إلى المباريات الإقصائية من أجل الصعود للدوري الممتاز.

كان قريبا من تحقيق الإنجاز في كل مرة، ولكنه يتعثر في الخطوات الأخيرة.

يربط كارفاليال بين ذلك وبين مهمته الجديدة في سوانزي: "الوصول للأدوار الإقصائية لعامين متتاليين ليس بالأمر السهل، وربما هنا في سوانزي يدركون ذلك وقد استنتجوا أنه ربما قد أنجح في تغيير الأمور بسرعة هنا في النادي".

لا يمكن القول سوى أن كارفاليال ناجح للغاية في مهمته.

7 مباريات في الدوري الإنجليزي الممتاز منذ توليه المهمة، لم يخسر خلالها سوى مباراة واحدة كانت أمام توتنام.

بينما انتصر في 4 أخرى على حساب واتفورد وليفربول وأرسنال ومؤخرا تفوق على بيرنلي، واقتنص تعادلين من نيوكاسل يونايتد وليستر سيتي من معاقلهما.

9 أهداف سجلها الفريق في 7 مباريات، من أصل 20 سجلها الفريق طوال الموسم. يمكن هنا ببساطة ملاحظة مدى التحسن الهجومي الكبير.

كذلك في الدفاع، استقبل الفريق خلال نفس المباريات 6 أهداف فقط، من أصل 37 اهتزت بها شباك الفريق منذ بداية الموسم.

والأهم هو موقع الفريق في جدول الترتيب. ابتعد سوانزي عن المركز الأخير، بل خرج كليا من مراكز الهبوط ووصل إلى المركز الـ15 بانتصاره الأخير على بيرنلي.

لم يتأكد البقاء بعد بالتأكيد، ولا يزال الخطر محيطا، ولكن بلا شك يمكن الحديث بشكل طموح عن البقاء في الدوري الممتاز لموسم جديد.

العمل يجري بشكل ممتاز بالتأكيد يا سيد كارفاليال.

قبل توليه قيادة سوانزي سيتي بأيام قليلة، ترك كارفاليال منصبه في شيفيلد وينيزداي بالتراضي بين الطرفين بعد تراجع النتائج هذا الموسم.

يتحدث كارفاليال عن ذلك مؤكدا على نقطة التراضي: "حتى وإن كانت قد تمت إقالتي في وقت سابق، فإني اعتقد في قرارة نفسي أنني أقدم كل ما أملك للنادي الذي أعمل له وأننا نمتلك الجودة الكافية لتحقيق الأهداف"

ويضيف: "حين يقررون رحيلي فإنهم يفتقدون الآن رجلا في منصب المدير الفني. أرحل أنا إلى مكان آخر وأقدم كل ما أملك لخدمة موقعي الجديد. هكذا تسير الأمور".

سيعود المدير الفني البرتغالي خلال أسابيع قليلة إلى معقله القديم، ولكن كضيف في القيادة الفنية لسوانزي سيتي.

سوانزي سيتي اجتاز نوتس كاونتي بنتيجة قياسية بلغت 8-1 في الدور الرابع من كأس الإتحاد الإنجليزي، ليعبر إلى الدور ثمن النهائي وتوقعه القرعة في مواجهة فريقه القديم شيفيلد وينزداي.

مباراة تبدو في المتناول للفريق الويلزي، وإن نجح في العبور فقد يتواجد سوانزي في ربع نهائي بطولة كرة القدم الأقدم في العالم للمرة الأولى منذ 54 عاما.

التعليقات