"إما ناسيونال أو الموت" - قصة لاعب قتل نفسه عشقا لفريقه

السبت، 01 يوليه 2017 - 12:54

كتب : عادل سعد

أبدون بورتي

"يعتقد البَعض أن كرة القدم مَسألة حياة أو موت، للأسَف هَذا يجعلني حزينا، فهِي أهم من ذلك. تلك الكلمات لبيل شانكلي أسطورة ليفربول التي لربما ستمر أمام ناظريك عقب تلك القصة.

هل تعرف أبدون بورتي؟ إن كانت تلك المقولة رددت كثيرا، فبورتي فقط هو من نفذها.

مَن هو أبدون بورتي؟

أبدون بورتي اللاعب مواليد مدينة ليبرتاد في أوروجواي عام 1893. بدأ مشواره في نادي أتليتكو كولون الأوروجوياني عام 1910، ثم انتقل لاعب الوسَط إلى نادى ليبرتاد، إلى أن استقر به الحال في نادى ناسيونال منذ عام 1911 حينما كان في الثامنة عشر من عمره.

في ناسيونال كانت بدايته الحقيقية، وكانت أيضا نهايته، ليس في الملاعب فقط، لكن في الحياة عموما.

أبدون بورتي كان هو معشوق الجمهور في ناسيونال. والسبب كعادة علاقة أي جمهور باللاعبين هي مهارته الفائقة.

أسموه "El Indio" نسبة إلى جذوره التي تعود إلى السُكان الأصليين. بدأ مشواره مع ناسيونال في الخامس عشر من مارس لعام 1911 كظهير أيمن في مباراة ضد فريق دبلن الآيرلندي، ومن بعدها صار قائداً للفريق.

خاض عل المستوى الدولي ثاني نسخ بطولة كوبا أميركا عام 1917 والتي حققها منتخب الأوروجواي بين جماهيره، ولم يشارك بورتي في أي مباراة خلال تلك البطولة التي كانت اللقب الثاني على التوالي لمنتخب بلاده.

أبدون بورتي والرقم (4)

كان الرقم (4) يُمثل الفأل الحسن لدى بورتي، فقد نجح في تحقيق بطولة الدوري مع ناسيونال أربع مرات، بطولة الكأس أربع مرات، بالإضافة إلى بطولة دى أونر أربع مرات أيضا، وهى البطولة التي نظمت في الفترة من 1905 وحتى 1920 بين بطلي أوروجواي والأرجنتين.

"كان لاعب وسط مدافع نموذجي، عنيد وقوى ومتعاون ومحبوب من الجماهير وكان يفعل الخير وصديق لأصدقائه وهادئ الطباع داخل الملعب" هكذا وصف الكاتب الأورجوياني جوزيه إنريكى بطل قصتنا بعد وفاته، وكانت آخر مباراة خاضها بورتي في الرابع من مارس عام 1918 قبل موته بيوم واحد فقط، ضد فريق شارلي وقاد فريقه للفوز بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد.

هكذا كانت حياة بورتي. عادية وتقليدية للاعب كرة القدم ليس بها ما يلفت النظر، لكن النهاية لم تكن كذلك.

قبل بداية عام 1918 جلب نادي ناسيونال اللاعب أفريدو زيباجي كبديل لبورتي والذى كان يعانى هبوط في مستواه.

هبوط مستوى بورتي ظهر تأثره واضحا في آخر مبارياته مع ناسيونال خوفا من أن يتم الاستغناء عنه ويفقد وجوده بينَ جمهور ناسيونال الذي طالما عشقه منذ بداية مشواره وحتى النهاية.

انتهى اللقاء وفاز ناسيونال، لكن بورتي لم يفرح أبدا بهذا الانتصار كما كانت عادته بكل فرحة لفريقه، والسبب أن إدارة النادي أبلغته رسميا بالاستغناء عن خدماته.

فى تلك الليلة الختامية للموسم، اجتمع الفريق وسهروا في أجواء احتفالية، لكن بورتي وحده ترك السهرة في الواحدة صباحا وغادر.

ظنوا أنه حزين للرحيل عن الفريق، لكنهم أبدا لم يتوقعوا تصرفه التالي..

غادر بورتي بالترام في الواحدة صباحا مُتجها إلى آخر ما رأت عيناه، ملعب جراند بارك سنتر، معقل ناسيونال.

صباح اليوم التالي..

أصوات سيارات الشرطة تحاصر ملعب جران بارك سنترال. وعلامات الحزن على كل من تطأ قدمه أرض الملعب.

ما الذي حدث؟ عمال الملعب وجدوا جثة أبدون بورتي منتحرا في منتصف الملعب، تاركا رسالة لإدارة ناديه.

"سيد خوزيه ماريا دلجادو، أسألك أنت وأعضاء النادي أن تعتنوا بعائلتي وأمي كما كنت أعتني بهم دوما. وداعا يا صديقي العزيز. صديقك بورتي".

بورتي لم يحتمل قرار الاستغناء عنه، لم يتخيل أن تستمر حياته دون أن يتواجد يوميا في مران فريقه الذي عاش له طوال مسيرته، فكان إنهاء حياته عند تلك النقطة هو الحل من وجهة نظره.

الخبر كان صاعقا، ليس على جمهور وإدارة نادي ناسيونال فقط وإنما على أوروجواي بأكملها. تم دفن جثمان بورتي في مقابر تيجا وتضامنت أندية أورجواي مع عرض نادي مونيفيديو واندرز بلعب مباراة مع ناسيونال يخصص دخلها لعائلة بورتي.

قصة بورتي كانت ملهمة للفنانين. الكاتب والشاعر الروائي هوراسيو كيروغا كتب قصة قصيرة عنه ونشرها بمجلة أرجنتينية في بيونيس آيرس.

إدواردو جاليانو الكاتب والأديب الأورجوياني، أشار إلى الواقعة أيضا في كتابه الشهير (كرة القدم بين الشمس والظل).

إدارة ناسيونال خلدت اسم لاعبها كما ينبغي. النادي أطلق اسم "أبدون بورتي" على المدرب الغربي لملعب جراند بارك سنترال، وهذا الاسم مازال معمولا به إلى الآن.

أما جمهور النادي، فلم يكن أقل وفاء تجاه أسطورتهم. في العام المقبل ستكون مئوية تلك القصة، لكن الجمهور كان ولازال لم ولن ينسى بورتي. في كل مباراة تجد صوره مرتفعة في المدرج الغربي الذي يحمل اسمه ويتغنون بقصته، وفي 2013 كانت اللوحة الأجمل حين رسموا وجهه على سور المدرج.

التعليقات