الكوليسيوم وكنيسة القديس بطرس وتوتي.. كيف تصبح رجلا خالدا

الأربعاء، 03 مايو 2017 - 17:49

كتب : فادي أشرف

فرانشيسكو توتي

متابعو كرة القدم سيفهمون ذلك الأمر. هناك لاعبين يجدون صعوبة في لعب كرة القدم، أو على الأقل طريقة أداءهم في الملعب توحي بأن كرة القدم لعبة صعبة وأن إرسال تمريرة طولية سليمة أمر صعب للغاية.

وهناك فرانشيسكو توتي.

أحيانا، قد يتشكك متابع كرة القدم في فهم أسرار الاحتفاء الشديد بلاعبين لا يملكون العشرات من الميداليات الذهبية في مخازنهم، مثل ستيفن جيرارد أو توتي، ولكن تلك الأسرار هي من تجعل رجال كهؤلاء خالدين في تاريخ كرة القدم.

أعلن مونتشي المدير الرياضي الجديد لفريق روما أن الموسم الحالي هو الأخير لقائده توتي والذي سيعتزل الكرة نهائيا بعده.

في عمر الـ40، ما الذي يجعل توتي خالدا، في مدينة خالدة مثل روما؟

"عندما تكون طفلا في روما، أمامك اختيارين، إما أن تكون أحمر أو أزرق. في عائلتنا، لم يكن هناك سوى خيار واحد".

عندما كان توتي صبيا، رفضت والدته انتقاله إلى فريق ميلان – الذي سيصبح تاريخيا – من أجل فرصة – قد تأتي أو لا تأتي – للعب لفريق المدينة روما، وهو الأمر الذي تحقق في 1989.

فرانشيسكو توتي لاعب يمكن وصفه بالعبقرية دون أي خجل أو محاولة لتخفيف اللفظ، ويمكن تلخيص عبقريته في 3 لقطات.

توتي لديه القدرة على خلق الفرص من لا شيء، في عمر الـ38 صنع ذلك الهدف لإدين دجيكو.

الأمر الأخير هو الثقة بالنفس، تلك القدرة على تنفيذ غير المتوقع في أوقات غير متوقعة.

قبل أن يقوم زين الدين زيدان بتسديد بانينكا على جيانلويجي بوفون في نهائي كأس العالم، فعلها توتي ضد إدوين فان دير سار في نصف نهائي يورو 2000.

لعب كرة القدم سهل جدا بالنسبة لتوتي.

لكن، هل تلك الأمور تكفي لكي تصبح رجلا خالدا في مدينة مثل روما؟ في فريق لعب له عظماء مثل برونو كونتي وفالكاو وجيوسيبي سينيوري وجيورجيو تشيناليا، صار توتي هو الرمز الأوحد والشعار، لماذا؟

بعض المدربين، مثل لويس إنريكي، حاولوا أن يصارعوا الحقيقة أن روما هي توتي وأن توتي هو روما.

بعض النظريات تقول إن ذلك كان سبب في رحيل المدرب الذي سيحصد ثلاثية تاريخية في برشلونة بعد ذلك. في المقابل، فابيو كابيللو الذي حصد أخر لقب دوري لروما وضع توتي في قلب فريقه وقاده للقب الدوري.

رقميا، توتي يستحق الاحتفاء، فقد لعب بشكل عام في المركز رقم 10 ولكنه سجل أهدافا أكثر من جابرييل باتيستوتا مثلا، من ضمنهم تلك الأيقونة.

"لماذا لم يترك توتي روما؟ كان بإمكانه تحقيق أضعاف الألقاب التي حققها خارجه؟"، ذلك من الأسئلة التي لا يتوقف متابعو كرة القدم عن طرحها، توتي نفسه يجيب "روما هي عائلتي، أصدقائي، الناس الذين أحبهم، البحر، الجبال، المعالم، هذا النادي، هذه المدينة، هذه هي حياتي".

بعكس الملوك المصريين القدماء مثلا، لم يبحث قياصرة روما عن الخلود بل بحثوا عن الخلود لروما نفسها.

في البحث عن الأسباب خلف خلود توتي، يمكن قراءة مقال الكاتب البريطاني عمر سليم لجريدة جارديان، بمناسبة تسجيل توتي لهدفه الـ250 في الدوري الإيطالي.

توتي هو روح روما، المنقذ، البطل. ومثل كل نجم، كان لابد أن يكون له مسرح، ومسرح توتي كان روما، وروما فقط، هل هناك أي مكان أخر سيسمح لتوتي أن يكون نجما وحيدا؟

في المقابل، استفاد روما من توتي كثيرا، فهو القائد الذي يربط الفريق ويمنحه الشخصية. الطرفان استفادا من تلك العلاقة، روما منحت توتي الخلود في التاريخ ومنح توتي روما قائدا لن يتكرر في تاريخ النادي، ومنح المدينة القيصر الأهم في تاريخها.

في وقت ما من الزمن، كان توتي هو الصفقة الحلم، ريال مدريد حاول وفشل، مانشستر يونايتد أيضا استعمل أقوى أسلحته في صورة سير أليكس فيرجسون الذي أبدى إعجابه أكثر من مرة بتوتي، ولكن بقى توتي في روما حتى يوم اعتزاله.

هل يشعر توتي بالرضا؟ عندما تفكر في وضعه في المدينة، بجانب لقب دوري وحذاء ذهبي في 2007 وخمسة ألقاب للاعب العام في إيطاليا، قد نعتقد أن توتي يشعر بالرضا.

تعريف النجاح أمر نسبي، من الممكن أن نسأل لاعب متوج بالكثير من البطولات حول مفهوم النجاح، سيخبرك أنه يقيمه بعدد الميداليات الذهبية في دولابه.

ولكن اسأل لاعب مثل ستيفن جيرارد حول النجاح، سيخبرك عن البطولات ولكنه لن يتوقف عن الحديث عن حب مدينة ليفربول وما يمثله له مشجعو الفريق الذين ينصبونه كأسطورة.

توتي منح روما – المدينة – الأمل، والولاء، أصبح خالدا مثل الكوليسيوم وكنيسة القديس بطرس، مثلما ألمح مارتشيلو ليبي من قبل. منح توتي روما ومشجعيها الفرصة أن يشاهدوا ويتابعوا كل مباراة مرتبطة بأقدام رجل عاش في نفس الشوارع وفعل نفس الأشياء في نفس الأحياء التي يعيشون فيها.

الأهم، أبقى توتي شخصية روما الأسطورية كأخر قيصر للمدينة الخالدة.

التعليقات