كتب : أمير عبد الحليم | السبت، 29 أبريل 2017 - 22:57

لماذا تسجل الفرق الكبيرة في الدقائق الأخيرة أكثر من غيرها

ريال مدريد - فالنسيا

"لا أجد تفسيرا لأهدافنا المتأخرة، ولكنها مثيرة واستمتع بها".. سيكون زيدان مجنونا لو لم يستمتع بـ21 هدفا سجلهم ريال مدريد هذا الموسم في أخر 10 دقائق من مبارياته.

ريال مدريد مستمر الآن في السباق على الليجا بأهداف مثل ذلك الذي سجله مارسيلو في فالنسيا، وإيسكو في سبورتنج خيخون وموراتا في فياريال وراموس في ريال بيتيس.

والميزة في كل تلك الأهداف التي ذكرناها أنها لم تأت من لاعب واحد أو حتى مركز واحد في الملعب، أي لاعب في ريال مدريد قادر على التسجيل في الوقت الحاسم. وهنا تظهر شخصية الفريق.

هذه الشخصية يحكي عنها راموس صاحب الهدف الأهم من كل تلك الأهداف في نهائي العاشرة "أعتقد أن أهدافنا المتأخرة سببها عقليتنا ورغبتنا في القتال للنهاية وتصعيب العودة على منافسنا".

حسنا، لهذا ريال مدريد هو أكثر فريق حصد نقاطا في الدقائق الـ10 الأخيرة في الليجا هذا الموسم، وبفضلها أضاف إلى رصيده 15 نقطة.

-----

في مانشستر، الأهداف المتأخرة تسمى "فيرجي تايم" نسبة إلى أليكس فيرجسون الذي سجل معه يونايتد أهدافا وتوج ببطولات في الوقت الضائع.

يونايتد توج بدوري أبطال أوروبا 99 بسبب فيرجي تايم الذي سجل خلاله تيدي شيرنجام هدف التعادل مع بايرن ميونيخ قبل أن يخطف أولي جونار سولسكاير هدف التتويج في سيناريو تكرر كثيرا تحت قيادة فيرجسون.

الأمر تحول إلى ماركة مسجلة أتقن فيرجسون استخدامها لخدمة يونايتد، وحولها إلى جزء من خططه عندما يكون فريقه متعادلا أو متأخرا. فقط ينظر إلى ساعته.

United boss Sir Alex Ferguson points to his watch during a Premier League match against Bolton in 2003

المفاجأة كانت عندما قال فيرجسون بعد اعتزاله لشبكة " BT sports": "من الواضح أن الفرق الأخرى كانت تخاف من هذا الوقت، ولذلك اعتدت على استخدام ساعتي".

وأوضح "لكن الحقيقة أنني لم أنظر ولا مرة للساعة، ولم أكن أعرف الدقائق المتبقية. فقط كانت خدعة صغيرة استخدمها مع المنافسين والحكام".

الخدعة الصغيرة من فيرجسون كانت ناجحة جدا، ولا دليل على ذلك أكثر من إحصائية قدمتها هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" في 2012 على 5 مباريات ليونايتد في الموسم، قام الحكام بإضافة وقت أكثر من الوقت الضائع في 4 منهم بعد نظرة من فيرجسون لساعته.

Fergie table

-----

في موسم 2011-2012 انقلب السحر على الساحر، وبهدفين في "الفيرجي تايم" فاز مانشستر سيتي على كوينز بارك رينجرز ليتوج بالدوري على حساب يونايتد نفسه.

والأرقام تقول إن سيتي سجل 20 هدفا في هذا الموسم بعد الدقيقة 79 ليتوج بالدوري في النهاية، وفي كل مرة كان بطل الدوري الإنجليزي هو من يسجل 20% على الأقل من أهدافه في هذا التوقيت.

في أخر 4 مواسم ليونايتد تحت قيادة فيرجسون سجل الفريق 66 هدفا بعد الدقيقة 79 وتوج بالدوري مرتين. في موسم 2012-2013 - الأخير لفيرجسون - فقط، سجل يونايتد أقل من 20% من أهدافه في الفيرجي تايم، لكن 6 من أصل 13 هدفا سجلهم اقتنصوا 18 نقطة.

"الفريق يظهر إمكانياته بتسجيل أهداف متأخرة هامة" .. هذا كان تفسير أرسين فينجر لتحقيق الانتصارات المتأخرة.

وأضاف "هذا يعني أننا لا نستسلم مهما كانت النتائج، وهذه ميزة مهمة ومثيرة في الفريق".

فينجر تابع "مساهمة اللاعبين من على الدكة ملحوظة وهذا يدل على وحدة الفريق".

وإذا وصلنا إلى استنتاج من هذه الأرقام، فلن يكون غير أن الفريق الذي سيسعى بحثا عن الفوز حتى الدقائق الأخيرة حتى يتحقق له هو الأجدر بالتتويج.

-----

ليس في الدوري فقط، تقريبا 30% من الأهداف التي سجلت في مجموعات يورو 2016 جاءت بعد الدقيقة 85، وهذه النسبة الأكبر في تاريخ البطولة.

صحيفة "جارديان" حاولت الوصول إلى أسباب منطقية للإحصائية دون فائدة، لكنها قدمت في النهاية تفسيرات أقرب إلى الواقع.

إرهاق المدافعين في مواجهة تغييرات هجومية متأخرة من المدربين، ونقص الخبرة من الفرق التي كانت تشارك في البطولة لأول مرة ربما لعبا دورا في هذه الأرقام، هذا بالإضافة إلى ضغط المباريات الذي لا يسمح باستعادة التركيز بشكل كامل.

مباراتان فقط في مجموعات يورو 2016 دخلتا أخر 5 دقائق بفارق أكثر من هدف بين الفريقين وهذا يعني أن الفرق الكبيرة كانت تعاني لتحقيق الفوز على المنافسين الأقل والذين يلجأوا إلى الدفاع دوما خاصة أن الحسم في النهاية بالنقاط مثل الدوري.

ولذلك كانت أغلب الأهداف التي سُجلت بعد الدقائق الـ85 في شباك فرق أضعف لم تحتمل الضغط، أو تلك المتأخرة التي هاجمت للبحث عن التعادل وتركت دفاعاتها فريسة للهجمات المرتدة.

هذا ببساطة يصل بنا إلى أن أغلب أهداف المتأخرة لن تأت إلا من الفرق الكبيرة.

يفسر هذا أيضا لماذا في مصر دقيقة الأهلي المفضلة هي الـ90. أهداف كثيرة سجلها لاعبوه في الوقت الضائع وصنعت له مجدا.

دوري أبطال إفريقيا 2006، كأس الكونفدرالية 2013 بطولتان للأهلي صنعتا تاريخا في إفريقيا بفضل هدفين في الوقت القاتل.

ليس هذا فقط، أهداف الأهلي القاتلة التي أهدت للفريق الأحمر انتصارات مهمة ومثيرة منذ عام 2005 وحتى الآن بالإضافة إلى أهداف الدقيقة 90 وما بعدها وصلت إلى 76 هدفا في البطولات المختلفة.

الآن تجد الأهلي متعادلا أو متأخرا في النتيجة، وجماهير المنافس تشعر بالقلق أكثر من جماهيره. لأن ببساطة عودته أقرب من أي احتمال آخر.

-----

كما سجل ريال مدريد أهدافا متأخرة كثيرة منحته نقاطا وصعد بواحد منهم إلى منصة التتويج بدوري الأبطال 2014، سقط ضحية بنفس الطريقة أمام ميسي.

ريال مدريد لم يحتمل أخر 15 ثانية في الكلاسيكو وقتله ميسي بهدف ربما لو لم يُسجل لضمن الليجا. والسبب كان بحثه هو عن هدف الفوز القاتل المعتاد حتى وهو يلعب بـ10 لاعبين.

المعادلة هنا بسيطة، اندفاعك للهجوم من أجل تسجيل هدف متأخر سيضعك تحت تهديد استقبال نفس الهدف خاصة لو كان هجوم منافسك يضم لاعبين بجودة ميسي.

هذا ينتقل بنا إلى سؤال آخر، هل المغامرة أفضل أم الخروج بنقطة؟

في دربي مانشستر الأخير، اختار جوزيه مورينيو أن يلعب على التعادل ضد سيتي وهو يمر بنفس الظروف التي مر بها زيدان في الكلاسيكو بعد طرد مروان فيلايني.

دافع يونايتد وأخرج أسلحته الهجومية من الملعب وقال مورينيو عقب المباراة: "لم أرغب في الدفاع بهذا الشكل، ولكن في النهاية قاتلنا ولعبنا بعشرة لاعبين".

في النهاية، نحن الآن أمام أكثر من تفسير لتسجيل الأهداف المتأخرة، الحظ بعيد عنها تماما.

وفي المقابل، مع تأخر التسجيل تصبح الفرق الكبيرة أيضا معرضة أكثر لاستقبال أهداف متأخرة لو لم تمتلك اللاعبين الذين سيرتدون بسرعة للدفاع لو خسروا الكرة.

مغامرة قد تقتنص لك هدفا تاريخيا يبقى عالقا في الأذهان للأبد، أو تعيد منافسك للسباق وبخطأ ساذج ينتهي موسمك بإقالة.. لكن في كل الأوقات هي حقا أهداف مثيرة يا زيدان.

ناقشني:

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات