طموح بلا حدود (5) – "اضرب رونالدو في عينه"

الإثنين، 24 أبريل 2017 - 16:47

كتب : محمد الفولي

رونالدو

وصلنا إلى صيف 2004 وبالتحديد شهر يونيو، كريستيانو رونالدو لاعب مانشستر يونايتد في ذلك الوقت يستعد لخوض بطولة يورو.

يقدم FilGoal.com كتاب الإيطالي لوكا كاليولي عن كريستيانو رونالدو نجم ريال مدريد والذي عنوانه "طموح بلا حدود".

ونستعرض حاليا الحلقة الخامسة والتي تتناول خوض رونالدو لبطولة يورو 2004 رفقة منتخب البرتغال وبعض المشاكل التي عاشها النجم البرتغالي في تلك الفترة.

طالع الحلقة الأولى من هنا، والثانية من هنا، والثالثة من هنا، والرابعة من هنا

يورو 2004

"فلنتحلى بالإيمان".. كان هذا هو عنوان الصفحة الأولى بجريدة (أوجوجو) البرتغالية مصحوبا بصورة لكريستيانو رونالدو وهو يبكي ناظرا للسماء. كانت هذه هي الصحيفة الوحيدة التي تحلت بالتفاؤل في 13 يونيو 2014. تحدثت الصحف الأخرى عن "بلد يبكي وبلد على وشك الهاوية". اليونان كانت فازت على البرتغال في افتتاح يورو 2004.

لم يخسر أبدا أي بلد مضيف مباراة الافتتاح في اليورو قبل ذلك واليونان لم تتمكن أبدا من الفوز بأول مباراة لها في مرحلة المجموعات، لهذا كان الأمر كارثيا. لم يكن كريستيانو شارك في المباراة منذ بدايتها وفور نزوله تسبب في احتساب ضربة جزاء ضد البرتغال سجلها أنجيلوس باسيناس لتصبح النتيجة تقدم اليونان بهدفين دون رد، ولم يشفع لرونالدو ذلك الهدف الذي سجله في الوقت بدل من الضائع لتخسر البرتغال 2-1.

في دور الثمانية عبرت البرتغال إنجلترا بركلات الجزاء وأمام هولندا في نصف النهائي سجل برأسه الهدف الأول في اللقاء الذي انتهى لصالح فريقه بنتيجة 2-1 لتعبر للمباراة الأخيرة لمواجهة اليونان مجددا وأصبح كريستيانو أصغر لاعب يخوض النهائي، ولكن بلاده خسرت بهدف في المباراة التي أهدر فيها بنفسه فرصة محققة للتعادل. كان المدرب لويز فيليبي سكولاري أول من واسى رونالدو المحبط.

وفاة الوالد

عاد سكولاري ليواسى كريستيانو مرة أخرى في السادس من سبتمبر 2005. إنها التاسعة مساء في موسكو وفي اليوم التالي سيخوض الفريق مباراة هامة في تصفيات مونديال 2006. يستدعى "فيلباو" رونالدو إلى جناحه. كان يعتقد أنه سيخبره بأمور تكتيكية ولكنه وجد لويس فيجو هناك عابس الوجه. ما الذي يحدث؟ والد كريستيانو دينيس أفييرو توفي عن عمر يناهز 51 عاما في عيادة بلندن كان أودع بها منذ عدة أسابيع بسبب معاناته من مشاكل في الكبد والكلى. الكحوليات هي السبب.

يعرض سكولاري وقيادات الاتحاد البرتغالي على رونالدو ترك البعثة والذهاب للتواجد بجانب عائلته ولكنه يرفض. يرغب في البقاء مع المنتخب والمشاركة في المباراة. يقول كريستيانو حول هذا الأمر "كنت أرغب في اللعب. هذا هو الشيء الوحيد الذي كنت أصر عليه. كانت لدي رغبة في إثبات قدرتي على فصل الأمور عن بعضها، أنني محترف كبير يتعامل مع عمله بجدية. كنت أرغب في لعب المباراة تكريما لذكرى والدي وتسجيل هدف من أجله".

حاول سكولاري إثناء رونالدو عن رأيه وإقناعه بأن العائلة تأتي في المقام الأول وبعدها كرة القدم ويقص له كيف توفي والده، ولكن كريستيانو كان عازما على اللعب من أجل تكريم ذكرى والده. دعمه كل الفريق في تلك اللحظة الصعبة ولكن المباراة انتهت بالتعادل السلبي دون أن يتمكن من هز الشباك، على الرغم من كونه أفضل لاعب في الملعب.

اغتصاب

لم تذكر سكوتلاند يارد أي أسماء. تؤكد فقط أن رجل عمره 20 عاما توجه بنفسه إلى أحد أقسام الشرطة بلندن للإدلاء بأقواله بعدما تقدمت سيدة ببلاغ ضده. لا تساور وسائل الإعلام البريطانية أي شكوك وتنشر صحيفة (صن) في صفحتها الأولى "اعتقال كريستيانو رونالدو بتهمة الاغتصاب". انتشر هذا النبأ بسرعة كبيرة بكل أنحاء العالم في 19 أكتوبر 2005.

القصة هي أن امرأة فرنسية أبلغت بتعرضها لاعتداء جنسي من قبل رونالدو في فندق ساندرسون اللندني وتقول للشرطة أنها وصديقة لها تعرفتا على كريستيانو في ملهى موفيدا بأوكسفورد سيركس ثم حدث ما حدث. كان كريستيانو يتواجد في لندن ذلك المساء لأنه خاض مواجهة ضد فولهام.

مثل كريستيانو أمام الشرطة بعد أن ذهب بنفسه بدون أي اعتقال بصحبة محامي من مانشستر يونايتد وأنكر كل هذه التهم، خضع للتحقيق ثم أطلق سراحه وتأخر بعض الشيء في أخذ بصماته وعينة من لعابه، ولكن الصحافة لم تتوقف عن طرح الأسئلة أمام رفض من مسئولي الشياطين الحمر للحديث عن الأمر ولكن أمام الضغط يخرج كارلوس كيروش في مقابلة مع قناة (أر تي بي) البرتغالية وينفي اعتقال رونالدو ويشرح ما حدث بالتفصيل.

في شهر نوفمبر تحدث مستجدات جديدة: اعتقال نونو أفييرو قريب كريستيانو حيث يجري التحقيق معه من قبل الشرطة في نفس القسم الذي أدلى فيه كريستيانو بأقواله. المرأة صاحبة البلاغ تؤكد أنه كان موجودا أثناء واقعة الاغتصاب وأمسك بها حتى أفرغ كريستيانو شهوته. ينفي نونو أفييرو التهمة ويخرج بكفالة.

لم تجد الشرطة أي أدلة جنائية أو شرعية على وقوع الاغتصاب في الوقت الذي سافرت فيه صاحبة البلاغ لفرنسا وتم سحب الدعوى. إنها ضريبة الشهرة ومحاولة استغلال فاشلة.

عين رونالدو

إنه 2006. كريستيانو لن يشاهد المونديال من التلفاز هذه المرة بل هو أحد الأسماء المتوقع تألقها في البطولة. فيليبي سكولاري عزز هذه الافتراضية حيث يقول "أعتقد أن لدينا فريق ممتاز ولاعبين على أعلى مستوى".

كانت مجموعة البرتغال مكونة من أنجولا والمكسيك وإيران. تبدو سهلة وهي كذلك لهذا فاز الفريق على أنجولا بهدف دون رد على أنجولا و2-0 على إيران و2-1 على المكسيك. لم يسجل كريستيانو إلا في مباراة إيران من ركلة جزاء. تأهلت البرتغال لثمن النهائي وحققت فوزا "تاريخيا" كما وصفه سكولاري على هولندا لتذهب لمواجهة إنجلترا في ربع النهائي.

كانت ساعة مرت على المباراة ولا يزال التعادل السلبي قائما. يقف روني محاصرا بين اثنين من لاعبي البرتغال في صراع على الكرة ولكن يحدث احتكاك ويسقط كارفاليو على الأرض، يركض كريستيانو نحو الحكم الأرجنتيني أوراسيو الزوندو مطالبا بتفسير ما حدث ولكن روني يدفعه وطرد لزميله في مانشستر يونايتد.

لم يكن هذا هو كل شيء. فبخلاف إشكالية أن تظهر كأحد أسباب طرد زميلك بالفريق ضمن فعاليات كأس العالم، التقطت الكاميرات كريستيانو وهو يغمز بعينيه نحو المنطقة الفنية للبرتغال. ما حدث لاحقا مع رونالدو ربما كان أقسى من خروجه من نصف النهائي أمام فرنسا.

تصاب الجماهير والصحافة الإنجليزية بالجنون فهم يعتقدون أن كريستيانو ضغط على الحكم من أجل طرد روني. بالنسبة لهم كان السبب في هزيمة إنجلترا، بل وربما أن كل ما حدث كانت مصيدة باتفاق مسبق بين لاعبي البرتغال بسبب معرفتهم بطابع روني العصبي.

يدافع كريستيانو عن نفسه قائلا "لست الحكم وليس من ضمن سلطاتي طرد أي لاعب. لم أفعل أي شيء يجعل الحكم يشهر البطاقة الحمراء". يؤكد الحكم نفس الأمر ويصرح لجريدة (ذي تايمز) "يمكن للناس قول ما ترغب فيه ولكن رونالدو لم يكن له أي تأثير في قراري. اللعبة السابقة كانت عنيفة وتستحق الطرد".

ولكن الصحف الإنجليزية لا تتوقف عن النشر. (صن) على سبيل المثال نشرت أن روني هدد بـ"شق" رونالدو إلى نصفين حينما يعودا إلى مانشستر وأن النادي سيجبر كريستيانو على الرحيل بسبب "تصرفه المخزي في المونديال".

أصبح كريستيانو فريسة سهلة لهذا فما المانع من المزيد من الضربات؟ يخرج آلان شيرار في تصريحات تليفزيونية يقول فيها "أعتقد أنه حينما سيتواجد روني مع رونالدو في تدريبات مانشستر يونايتد فإن أول ما سيفعله هو توجيه لكمة له"، فيما اتهم مارتن يول مدرب توتنام حينها كريستيانو بانعدام الروح الرياضية.

خرج رونالدو للدفاع عن نفسه وخاصة بسبب "الغمزة" حيث قال إنه فعل هذا التصرف للرد على توجيهات من الجهاز الفني وليس لتأكيد أنه نجح في التسبب بطرد روني. تنشر "صن" في الثالث من يوليو على صفحتها الأولى صورة لوجه كريستيانو وهو يغمز وسط دائرة للتصويب وتحتها عبارة "اضرب رونالدو في عينه"، داخل مقال الجريدة كتبت التالي "كل جماهير إنجلترا أمامها فرصة الانتقام. غمزة رونالدو أصبحت هدفنا. ضعها في مكتبك واضرب رونالدو في عينه".

لم تتوقف القصة عند هذا فأليكس فيرجسون حاول التواصل مع رونالدو ولكن الرقم المسجل لديه لم يكن كريستيانو يستخدمه. يظن كل منهما أن الأخر لا يرغب في التحدث، لكن في أغسطس قبل بداية الموسم الجديد يسافر فيرجسون وديفيد جيل الرئيس التنفيذي لليونايتد للبرتغال للحديث مع رونالدو. يخشيان ألا يعود إلى إنجلترا، لأنه أعرب عن استياءه من غياب دعم النادي.

في ذلك اللقاء يشرح رونالدو مخاوفه ولكن فيرجسون يقول له أن الإنجليز ينبحون ولا يعضون. أقصى ما يمكن أن يتعرض له هو السباب. يشرح له كيف تعرض ديفيد بيكام لشيء مشابه في مونديال 1998 حينما طرد أمام الأرجنتين. حينها كانت الحانات اللندنية مليئة بصور قائد إنجلترا المحترقة، ولكن لا شيء أكثر من هذا. سباب وصافرات استهجان فقط.

اقتنع كريستيانو بالأمر وأثناء فترة الإعداد تحدث مع روني وعم السلام بينهما، بحضور فيرجسون في حوار استمر لمدة 45 دقيقة ثم يخرج رونالدو في حوار مع مجلة (فور فور تو) ليقول "لا توجد مشاكل بيني وروني، لا توجد خلافات شخصية، ما حدث من الماضي، الحياة ستمضي قدما".

التعليقات