موناكو.. عندما تقود فيراري بمفاتيح فيات

الأربعاء، 22 فبراير 2017 - 16:04

كتب : هشام إسماعيل

موناكو

جولة واحدة في شوارع مونت كارلو ربما ستجعلك تندب الحظ الذي لم يجعلك واحد من هؤلاء الأثرياء الذين يسيرون بسياراتهم الفارهة ويتبضعون من أغلى المحلات، صوت كا-تشينج في كازينوهات القمار.

إمارة موناكو والتي تعتبر قبلة الأثرياء بسبب الضرائب الزهيدة في العالم تمتلك استثمارات أجنبية من 100 جنسية مختلفة وربما أكثر، أحدها هو نادي المدينة العريق الذي يمتلكه حاليا رجل الأعمال الروسي ديمتري ريبولوفليف والذي تقدر ثروته بـ8 مليارات يورو.

كان غريبا على الكرة الفرنسية أن يقوم ثريا قطريا بشراء كتيبة من النجوم الذين عادة ما تكون فرنسا وجهتهم الأولى قبل الانطلاق غربا لليجا أو شمالا للبريمرليج.

من كان يظن أن زلاتان الذي صال وجال هنا وهناك سيضع 4 سنوات من عمره بهذه السهولة للعب أيام الأحد مع ديجون ولوريان وصنع خصومات أمام سانت إيتيان بدلا من دربي إيطاليا وميلان والكلاسيكو، لماذا يشعر دي ماريا بالجنة في باريس ويصف حياته في مانشستر بالجحيم؟ نفهم أن باريس ستسحرك أكثر لكن كرويا الأمر مختلف تماما.

بعد سنوات تكتشف أن الأمر ليس كما ظننت في البداية، لم يلهثوا خلف الأموال فحسب فالمشروع كان مغريا أيضا، ولكن ألم يكن من المنطقي أن تبدأ هذه الثورة من الأراضي التي تسير عليها سيارات بورش وفيراري ويمتلك سكانها يخوتا على شواطيء الريفييرا بدلا من باريس.

مشروع الخليفي الذي على ما يبدو نجح بشكل كبير مع باريس سان جيرمان ليضعه في مصاف فرق المستوى الأول في أوروبا، لماذا لم يحاول موناكو أن تكون له الريادة؟

..

في ديسمبر من عام 2011 عندما استحوذ ريبولوفليف على موناكو، كان يلعب الفريق آنذاك في دوري الدرجة الثانية الفرنسي ولم يتوقف الأمر عن ذلك الحد فقط بل كان يتذيل جدول الترتيب لتبدأ الثورة مع الإيطالي كلاوديو رانييري الذي صعد بهم في الموسم التالي لتنتهي مهمته عند هذا الحد ويبدأ الروسي مشروعا جديدا يطمح لمزاحمة باريس سان جيرمان على قمة الكرة الفرنسية.

وكما امتلك باريس سان جيرمان نجما بحجم زلاتان إبراهيموفيتش، كانت أندية أوروبا العملاقة تلهث خلف راداميل فالكاو ونجح موناكو آنذاك في ضمه قادما من أتليتكو مدريد مع مواطنه جيمس رودريجز ولاعبين لهم باع كبير في الكرة الأوروبية مثل أبيدال وكارفاليو وكاد أن يأتي بثماره في نهاية الموسم وخطف المركز الثاني ثم تغير كل شيء.. لماذا؟

بعد سنة واحدة خرج جيمس إلى ريال مدريد، فالكاو ورغم معاناته مع الرباط الصليبي خرج معارا لمانشستر يونايتد وكذلك رحل كلاوديو رانييري ليأتي البرتغالي ليوناردو جارديم الذي سيناسب المشروع الجديد لموناكو.

ويقول جارديم في تصريحات لصحيفة ليكيب قبل عامين "لقد تغير مشروع موناكو، الفريق سيصبح طموحا".. الأمر كما أشير عليه بأنه سيقود فيراري لاحقا لكنه في الوقت الحالي سيتسلم مفاتيح سيارة فيات.

جارديم من خلال مسيرته مع مشروعين مشابهين في براجا وسبورتنج لشبونة فإنه الرجل المناسب بالتأكيد.

أكاديمية ناشئين

أكاديمية ناشئين موناكو هي الأعرق في فرنسا وأخرجت أساطير وأيقونات للكرة الفرنسية مثل تييري هنري وليليان تورام وديفيد تريزيجيه وإيمانويل بوتي وغيرهم، لذلك فإن مشروع ريبولوفليف يمتلك الجزء المتعلق بالعودة للأصالة وDNA فريق موناكو.

http://images.performgroup.com/di/library/goal_uk/6b/ee/old-trezeguet-henry-monaco_j2uhp3tjd2ti10qe5gqq0dm03.jpg?t=-1709517004

هذا الأمر على الرغم من أن القوانين تعيق موناكو من استقدام اللاعبين دون سن الـ14 من خارج الإمارة ولذلك فهم يبدأون في مرحلة التطوير في سن متأخر بعض الشيء، فعلى سبيل المثال تييري هنري وتريزيجيه تخرجا من أكاديمية كليرفونتين العريقة قبل الانضمام لموناكو.

ريبولوفليف قام بتعيين بيرتران ريزو كمدرب للأكاديمية في يونيو الماضي وهو القادم من باريس سان جيرمان وأشرف على تخرج لاعبين مثل كومان جناح بايرن ميونيخ حاليا وأيراولا حارس المرمى وبطل مونديال الشباب 2013 مع فرنسا ورابيو لاعب وسط فريق العاصمة الفرنسي.

ويقول ريزو لصحيفة جارديان البريطانية "لا نمتلك الكثير من الأطفال يلعبون كرة القدم هنا، وليس لدينا قاعدة ناشئين مثل باقي الفرق".

واستدرك "لكن كل شيء هنا كان يسير بشكل جيد من قبل مجيئي".

أكاديمية موناكو تمتلك شيئا أشبه بالدستور له خمس مواد، على الجميع أن يتفهم ويحفظ ذلك عن ظهر قلب إذا أراد العمل هناك.

1 – التنقيب عن المواهب:

يقول كريستيان كارلسن أول مدير رياضي تحت ملكية ريبولوفليف لصحيفة جارديان "ما تعلمته خلال فترتي في موناكو أن الفريق يمتلك أفضل شبكة تنقيب عن المواهب في فرنسا، جميع اللاعبين تحت سن 11 و12 عاما يتم مراقبتهم بشكل جيد، موناكو يمتلك كشافين مؤهلين في كل بقاع فرنسا".

2 – المساواة

بيرتران ريزو يقول لجارديان "دائما ما نريد مواهب مختلفة في كل مركز وذلك لتفادي خلق المنافسة المباشرة بين اللاعبين، عندما يصل اللاعبون للأكاديمية يتم تدريبهم على يد المدربين الممتازين الذين نمتلكهم هنا لتطوير مهاراتهم كلاعبين وكذلك كأشخاص".

3 – التخصص

خريجو الأكاديمية يتعلمون مباديء الاستحواذ على المباراة وكذلك التحول داخل الملعب، ولذلك يلعبون في مراكز مختلفة حتى سن الـ17 والذي يتم فيه تخصيصهم لمركز معين، وبعدها أفضل لاعبي الأكاديمية يتم دمجهم بلاعبي الرديف والذين يلعبون في الدرجة الرابعة.

4 - التطور خارج الملعب

يقول ريزو لجارديان عن المادة الرابعة "عادة ما نرفض ضم اللاعبين الذين يمتلكون سجلا سيئا خارج الملعب، ونحاول أن نطور السلوك الفردي للاعبين كذلك، فكل خريجي الأكاديمية يتعهدون بتوحيد عملهم وذلك لأن كل فرد منهم يعيش في ظروف مختلفة عن الآخر".

5 – قاعدة البيانات

ويوضح ريزو "جميع الأندية تمتلك نفس قاعدة البيانات لكننا نحاول أن نختلف عن الآخرين في طريقة تقديمها للاعبينا، فهم يقومون بتزويدنا بآرائهم عن الأحمال التدريبية وفي المقابل نمنحهم تحليلات فنية عن مستواهم خلال 48 ساعة من المباراة وكذلك هناك تطبيق للموبايل يمكنهم من الدخول والتعرف على هذه المعلومات من خلال هواتفهم الذكية".

المشروع الثاني

مشروع الناشئين ليس وحده الجذاب بالنسبة لريبولوفليف ونائبه فاديم فاسلييف، فهو يريد مزجه مع مشروع أوليمبيك ليون في مطلع الألفية الذي جعله يتوج ببطولة الدوري لسبع سنوات متتالية مع صنع ربحا كبيرا من خلف بيع لاعبيه المغمورين مثل كريم بنزيمة ومايكل إيسيان، أبيدال ومالودا وغيرهم.

في 2014 بالوقت الذي رحل فيه فالكاو وجيمس رودريجيز كان يحلم فاسلييف بأن يتطور تيمو باكايوكو القادم من رين ليصبح لاعبا مؤثرا وبعد 3 سنوات من يتابع الدوري الفرنسي يعلم جيدا أن موناكو سيجني الكثير من الأموال من خلف صاحب الـ22 عاما قريبا.

وخلال السنوات الثلاث الماضية بعد أن باتت الفرصة سهلة للاعبين الشباب في موناكو للعب أساسيا والتطور، صنع الفريق ربحا ممتازا من خلف أنتوني مارسيال ولايفين كورزاوا وكوندجوبيا وأيمن عبد النور وكاراسكو.

على الجانب الآخر ضم الكثير من اللاعبين الشباب مثل باكايوكو وميندي وتوماس ليمار، كما أنتجت أكاديمية الناشئين له موهبتين بدأت عمالقة أوروبا بالفعل باللهث خلفهم هما مبابي وكيفين ندورام.

موناكو حاليا يحتل صدارة الدوري الفرنسي، الهجوم الأقوى بأوروبا وكذلك في فرنسا بفارق 26 هدفا كاملين عن باريس سان جيرمان، لا عجب في أن جوارديولا تعجب من أن هناك بعض الفرق استطاعت في الخروج بشباك نظيفة أمامهم.

بلا شك فإن البرتغالي يتجول بالفيراري الآن في شوارع مونت كارلو أملا بألا تكون سرعتها هي السبب في تحطمها.

التعليقات