باسبي.. الرجل الذي قاد يونايتد من ظلام كارثة ميونيخ إلى عرش أوروبا

الإثنين، 06 فبراير 2017 - 16:47

كتب : إسلام مجدي

سير مات باسبي

الجملة معروفة لكل عاشق حقيقي لمانشستر يونايتد، في البداية جاء مات باسبي ثم أليكس فيرجسون ومن دون الأول لم يكن هناك الثاني أبدا وبكل تأكيد من دون الاثنين لم تكن لتوجد شياطين حمر.

بالنسبة لأي مدرب في عصرنا الحالي إن بنى فريقا رائعا فإنه سيتغنى بذلك طيلة مسيرته، أما سير مات باسبي فقد بنى 3 أندية عظيمة، كانوا يسمونه "الرئيس"، أسس فريقا في مانشستر يونايتد بدا كما لو كان قوة تقتحم عالم كرة القدم من لا شيء.

هيو مكلفاني الكاتب البريطاني كتب ذات مرة عن قصة باسبي وما حدث في فترته، كارثة بكل المقاييس في 6 فبراير 1958 سقطت طائرة مانشستر يونايتد في ميونيخ وعلى متنها الفريق.

سيطر اللون الأسود على مانشستر يونايتد حزنا على 23 رجلا راحوا ضحية الحادث 8 لاعبين و3 أعضاء من الطاقم التدريبي و8 صحفيين رياضيين.

هرب كل من باسبي وبوبي تشارلتون من الحطام ونجيا بحياتهما وكانت شجاعة الثنائي متمثلة في إعادة فريقهما إلى أفضل مما كان عليه.

قرر باسبي والناجون أن يحملوا العبء على أكتافهم وأن يقودوا الفريق خارج المأساة، لتبدأ حكاية أقوى للشياطين الحمر، باسبي جلس خارج الملعب حسب وصف مكلفاني ووجد أن وقته في الملاعب قد انتهى، لأنه لا يرى أنه قادر على تقديم شيء ما، حالة انتكاسة طبيعية بعد مأساة كبيرة كتلك، إلا أن ابنه وزوجته جين وساندي أقنعاه أن يستمر ويقاتل للعودة إلى القمة، وبعد ذلك شعر بأنه مدين لهؤلاء الذين ماتوا في الحادثة والذين نجوا، لم يشعر قط أن الحادثة قد دمرت له فريقه الذي بناه.

الأمور لم تكن بتلك البساطة، لكن باسبي كان صلبا وقويا للغاية، وأعاد بناء الفريق حول بيل فولكس وبوبي تشارلتون وضم دينس لو وجورج بيست، ليكتبا تاريخا لا ينسى ليونايتد بالموهبة والخبرة.

صرح باسبي بعد ذلك قائلا :"لقد كان حلما لأي مدرب، أن تبني فريقا صغيرا وقويا من 15 أو 17 لاعبا، لهذا السبب بدأت بهم، بإمكانك أن تحصل على الولاء منهم والاستمرارية كذلك".

ليام ويلان اتجه إلى مكتب باسبي ذات يوم حسب ما وصف مكلفاني وقال له :"أريد الرحيل لا يمكنني مواصلة اللعب بعد حادثة ميونيخ".

كيف؟ رد باسبي :"أنا أدرب هذا الفريق، إن استمريت في الدفع بك هذا يعني أنك ستلعب بالطريقة التي أريدها، استمر في اللعب بهذه الطريقة".

بعد ذلك أصبحت تلك هي طريقة الحياة في مانشستر يونايتد خلال تلك الفترة، باسبي يخبرك ما ستفعل وتفعل ذلك دون تردد، لاعبو الفريق استمعوا جيدا وتوجوا بـ13 لقبا بسبب ذلك.

الحلم الأكبر أتى بعد تكوين فريق شاب قوي سمى فيما بعد بـ"أطفال باسبي"، هؤلاء الذين بدأوا في كتابة التاريخ الحقيقي ليونايتد قبل أن يأتي روني ورفاقه تحت إمرة السير.

أبرز إنجازات باسبي التي لا تنسى كانت في نهائي دوري أبطال أوروبا ضد بنفيكا في النهائي، حينما كان على أطفال باسبي أن يخوضوا اختبارا صعبا ضد عملاق مثل إيزيبيو ورفاقه.

صرح باسبي قبل المباراة قائلا :"طالما كانت لدي قناعة شخصية أنه ذات يوم مانشستر يونايتد سيفوز باللقب الأوروبي، حتى وإن لم أكن مدربا للفريق وقتها، ليس لدي شك في ذلك سواء قبل حادثة ميونيخ أو بعدها، كل ما أفعله هو محاولة تحقيق ذلك الإنجاز سواء أتى الآن أم بعد ذلك".

باسبي حضر كتيبته جيدا قبل إنجاز 1968، خاصة مع تهديدات إيزيبيو وتوريس المستمرة ثنائي بنفيكا الخطير في ذلك الوقت، لكن المدرب المخضرم لم يتخلى عن أسلوبه الهجومي، لكن شيء ما تغير حسب ما ورد بكتاب مكلفاني فإن الطاقم التدريبي واللاعبين عرفوا تحديدا استراتيجية محددة في المباراة ولم يتبقى سوى التنفيذ في الملعب.

وفي الشوط الأول حسب التوصيف كان بدنيا للغاية وصعبا على اللاعبين، بنفيكا كان الأفضل بالطبع لما يمتلكه من قوة، بعد ذلك تغير الوضع، بوبي تشارلتون سجل الهدف الأول ليونايتد في الدقيقة 53 من عمر المباراة.

لم يدم ذلك طويلا هناك جيمي جراسا الذي خطف هدف التعادل للفريق البرتغالي في الدقيقة 79 من عمر المباراة ليتجه الفريقين إلى الوقت الإضافي.

بعد ذلك لم تكن المهمة صعبة، يونايتد نجح بمساندة الثنائي تشارلتون وبيست ثم هدف المهاجم بريان كيد أصبحت النتيجة 4-1 ليتوج بلقب دوري أبطال أوروبا الأول له في تاريخه.

صرح باسبي بعد الفوز قائلا :"إنها أعظم ليلة في حياتي، أن أحقق أمنيتي الأكثر قربا إلى قلبي أن أصبح أول من حقق لقب أوروبا من إنجلترا كفريق، أنا فخور بهم، فخور بتشارلتون وبيلي فولكس كلاهما سافر معي طريقا طويلا لمدة 11 عاما".

تلك الطريق الطويلة التي حكى عنها باسبي وصولا إلى اللقب الغالي كانت مليئة بالحزن والظلام والألم حتى نجح أخيرا في تحقيق حلمه بنفسه دون انتظار لعقود قادمة.

قوة شخصية باسبي حملت يونايتد من أعماق المأساة إلى قمة النجاح، أتم عقدا من العمل الشاق، نوبي ستيليس جناح يونايتد الأيسر تحدث عن باسبي قائلا :"الرئيس قال إن الأمر قد يتطلب 10 أعوام لبناء فريق وفي 1968 وبالتحديد بعد 10 أعوام فزنا بلقب دوري الأبطال".

سيظل باسبي دوما الرجل الأول الذي قاد يونايتد نحو العظمة بعيدا عن الظلام، ومن دون وبكل تأكيد لكان يونايتد بلا حول أو قوة وبكل تأكيد لم يكن هناك فيرجسون قادم في الطريق، إنه من جعل من كارثة ميونيخ بداية لحلم جميل تحقق وليس نهاية لأي شيء".

التعليقات