تكتيك في الجول (6) – أسرار أرقام اللاعبين.. وبوزو صانع نهضة إيطاليا أمام فريق المعجزات

الأحد، 11 ديسمبر 2016 - 23:45

كتب : محمد البنا

فرحة منتخب إيطاليا بالتتويج بكأس العالم 1934

بعدما سيطر هربرت تشابمان أسطورة أرسنال على الأمجاد من خلال طريقة "دبليو إم" لكن الظهير الثالث لم يكن يحل كل المشاكل، ومن هنا بدأ البحث عن بدائل.

يواصل الأب روايته لنجله في الحلقة السادسة من سلسة (تكتيك في الجول) التي يقدمها FilGoal.com مقتبسة من المحلل الشهير جوناثان ويلسون في كتابه Inverting The Pyramid: The History of Soccer Tactics

يمكنك قراءة الحلقات السابقة بالضغط هنا) تكتيك في الجول(

أرقام اللاعبين

في 1939 كان وضع الأرقام على قمصان اللاعبين أمرا إجباريا وتم ترقيمهم على أساس الخطة الهرميو التقليدية 2-3-5.

لكن بسبب هربرت تشابمان وطريقته "دبليو إم" فكان ترتيب الأرقام يربك المنافسين.

في ثلاثينات القرن الماضي ظلت الفرق الإيطالية تلعب بأسلوب يوازن بين التشكيلة الإنجليزية "دبليو إم" والطريقة النمساوية التقليدية "2-3-5" أو الهرم.

وهنا ظهر فيتوريو بوزو الرجل الذي ولد في مدينة تورينو 1886 وكان عداء واعدا وفاز في سباق 400 متر في ألعاب الطلاب في بيدمونت واتجه إلى كرة القدم بعد نصيحة صديقه لاعب يوفنتوس جيوفاني جوشيوني الذي طالبه "بالركض وراء الكرة أفضل".

انتقل بوزو إلى إنجلترا وسرعان ما اندمج مع الروتين الإنجليزي الأسبوعي وأصبح فريقه المفضل هو مانشستر يونايتد.

بوزو كان يمقت دور الظهير الثالث الذي تلعب به الفرق الإنجليزية وظل يطالب بأن يسمح للاعب الوسط بإرسال تمريرات طويلة إلى الجناحين، لدرجة أنه استغنى فورا عن اللاعب فولفيو برناديني معبود الجماهير الإيطالية لأنه مجرد لاعب يقوم بالتمرير القصير بدلا من الطويل!

عاد بوزو إلى إيطاليا وحصل على وظيفة في اتحاد كرة القدم الإيطالي وكان على رأس المنتخب لأول مرة في دورة الألعاب الأولمبية 1912 في السويد.

تسببت سوء النتائج في استقالة بوزو خاصة بعد الهزيمة أمام النمسا "فريق المعجزات" مرتين 5-1 و3-1 ، قبل أن يعود في 1929 للعمل لمدة 20 عاما في إدارة المنتخب الإيطالي.

الطريقة النموذجية

كانت ولاية بوزو الأخيرة لمنتخب إيطاليا بها الوقت الكافي لتطبيق فكرته حول الظهير الثالث الذي لا يمرر الكرات الطويلة ولا يساعد المهاجمين.

فقام بضم الأرجنتيني لويزيتو مونتي الذي مثّل المنتخب الإيطالي بعد انضمامه ليوفنتوس في 1931.

مونتي كان هو الحل النموذجي لطبيق فكر بوزو فهو يتراجع عند استحواذ المنافس على الكرة ليراقب مهاجم الوسط، ثم يتقدم ليصبح مهاجما ونقطة ارتكاز عند استحواذ فريقه على الكرة.

كان أداء مونتي أفضل من الظهير الثالث وكذلك أفضل من لاعب الوسط التقليدي. ولعبت إيطاليا لأول مرة بطريقة 2-3-2-3 (دبليو دبليو) عام 1939 أمام إنجلترا وتعادل الفريقين.

لكن الصحفي ماريو زابا كتب في صحيفة (لاجازيتا ديلا سبورت): "طريقة لعب بوزو تمزج أفضل العناصر من الأساليب المتميزة كافة".

كان اعتماد بوزو على اللعب الجماعي والقوة البدنية في وجود جوسيبي مياتزا الذي تم تشبيهه بـ"مصارع الثيران" لقدرته على تسجيل الأهداف على إيقاع رقصة الفوكس تروت حسبما ورد في أغنية شهيرة في هذا التوقيت.

وكانت القوة الجسدية والقدرة على الصمود أمورا ضرورية في تشكيل بوزو لمنتخب إيطاليا.

عبقرية بوزو شملت أنه كان من الأوائل الذين خصصوا لاعب محدد للضغط على لاعب الفريق الخصم، وقد فعل ذلك عندما كلف ريناتو سيساريني لمراقبة إجناسيو أجويريزابالا في مواجهة إسبانيا الودية عام 1931.

وعلّق بوزو على ذلك قائلا: "إذا نجحت في قطع الرأس التي يفكر بها الـ11 لاعبا فسينهار الفريق بأكمله".

أثار فكر بوزو مخاوف الأصوليين وبدأت التساؤلات حول أخلاقيات كرة القدم مع حلول كأس العالم 1934.

واصطدم بوزو بفريق المعجزات منتخب النمسا الذي لم يخسر في 11 مباراة متتالية (فاز في 9 وتعادل أثنين) في الدور قبل النهائي الذي بدأ في فقدان بريقه، ونجح في الفوز 1-0 عندما طبق فكره أمام طريقة "دبليو إم" التقليدية للنمسا.

ونجح فريق بوزو بطريقته المبتكرة في الفوز 1-0 ليواجه تشيكوسلوفاكيا في النهائي ويحقق الفوز المنشود 2-1.

ورغم النجاح الإيطالي في هذا المونديال، إلا أن أغلب دول العالم انتقدت نقدا لاذعا أداء إيطاليا في البطولة الذي غاب عنه الأخلاقيات.

فقال الحكم البلجيكي جون لانجينوس: "اعتبرت أغلب دول العالم هذه البطولة فضيحة رياضية، فمقابل الرغبة في تحقيق الفوز تلاشت جميع الاعتبارات الرياضية وسيطرت الروح السلبية على كل المباريات".

اللقب الثاني

ولكن ما فائدة الأخلاقيات أمام الإنجازات؟ فقد نجحت إيطاليا تحت قيادة بوزو في التتويج بكأس العالم للمرة الثانية على التوالي 1938.

عبرت إيطاليا المنتخب الفرنسي في ربع النهائي ثم البرازيل في نصف النهائي قبل التتويج باللقب على حساب المجر.

ووصف الصحفي زابا أسباب تألق إيطاليا قائلا: "السر الكبير وراء تميز فريق بوزو هي قدرته على الهجوم بأقل عدد ممكن من اللاعبين دون تشتيت لاعبي الدفاع عن أداء دورهم".

التعليقات