عدوى في هواء الأرجنتين جعلت من جمال حمزة رمزا شعبيا

الإثنين، 05 ديسمبر 2016 - 15:28

كتب : فادي أشرف

جمال حمزة

الحماس كان في ذروته يوم 17 يونيو 2001 ومنتخب مصر للشباب يفتتح بطولته بملاقاة جامايكا التي بمقاييسنا توقعنا أن نسحقها بثلاثة أهداف على الأقل، ولكن التعادل السلبي كان أقصى ما حصل عليه الفراعنة الصغار في أول مشاركة في كأس العالم للشباب منذ 1991.

العثور على مكان لمشاهدة قناة ART الرياضية عام 2001 – نعم كانت قناة واحدة فقط في هذا الوقت – كان أمرا صعبا، ولكن البحث كان على أشده لأن الفراعنة الصغار عليهم مواجهة المستضيف، الأرجنتين. تقدم مبكر بواسطة محمد اليماني قبل أن يدك خافيير سافيولا ورفاقه مرمى محمد صبحي بـ7 أهداف متتالية ويقتلون الحماس والأدرينالين بعد هدف اليماني.

أمام فنلندا كان الأمل الأخير، ركلة جزاء في الدقيقة 10 سجلها جمال حمزة، قبل أن يمرر بموهبته النقية التي تتم اليوم عامها الـ35 تمريرة ساحرة لوائل رياض "شيتوس" راوغ بعدها الحارس وسجل هدف حسم الصعود للدور الثاني.. "يلا جول يلا جول يلا جول يلااااااا", بصوت حماسي للمعلق أشرف شاكر.

هنا علمنا أن الحماس ليس هو الحل.. الحل في أن تكون جمال حمزة.

بطولة الأرجنتين 2001 كانت غريبة.. مليئة بالموهوبين مثل سافيولا وماكسي رودريجيز ورافائيل فان دير فارت وداماركوس بيزلي وجبريل سيسيه ومحمد اليماني، ولكنك تشعر أن كل هؤلاء اللاعبين كانوا ومضات اشتعلت سريعا وانطفت بسرعة أكبر.

"النجم الأكثر بريقا يحرق نفسه أسرع"، جيمس هيتفيلد، مغني فريق ميتاليكا، عام 1996.

هذا يجعلنا نصدق أنه فيروس أو عدوى ما كان في هواء الأرجنتين بين 17 يونيو و8 يوليو 2001، ولأن منتخب مصر استمر في البطولة حتى نهايتها تشبع جمال حمزة بتلك العدوى. الموهبة النقية التي شابها الكثير من عدم الاكتراث.

الزمالك.. 10 أعوام من كل شيء

بداية الألفية كانت فترة جيدة في الزمالك، استعادة الدوري بعد 7 سنوات متتالية فاز فيها الأهلي في وجود فريق قوي يزينه أفضل لاعب في مصر حينها طارق السعيد لينضم له حسام وإبراهيم حسن مع موهوبين مثل وليد صلاح عبد اللطيف وأسامة نبيه وهدافين مثل عبد الحليم علي وعبد الحميد بسيوني وعبد اللطيف الدوماني، كل هؤلاء تم دعمهم بعودة حازم إمام من الاحتراف فكان فوز الزمالك بالدوري أمر حتمي. يمكن وضع "جيمي" هنا في خانة المتفرج لأن أدوار البطولة كانت ممتلئة عن أخرها.

الصيف التالي لهذا الموسم شهد كأس العالم للشباب والذي أنتج جيلا ذهبيا للكرة المصرية أحد نجومه كان حمزة الذي بدأ في موسم 2001/2002 الظهور مع الزمالك وسجل هدفين مع الفريق الأول ضد غزل السويس وبلدية المحلة في موسم كان كارثيا.

يقول حازم إمام عن "جيمي": "دخول لاعب عمره 19 عاما ضمن تلك الكوكبة كان أمرا صعبا، ولكننا رأينا في جمال حمزة شيئا ما، كان مختلفا في طريقة لعبه سواء داخل المنطقة أو خارج منطقة الجزاء".

في موسمين، حقق جمال حمزة نبوءة الإمبراطور محققا درع الدوري مع الزمالك مرتين متتاليتين مسجلا 16 هدفا مناصفة بين الموسمين.

وفي كل موسم منهما، سجل حمزة في الأهلي.

"لست لاعبا كسولا كما يقول البعض، الفكرة فقط إني لا أشعر بالضغط".

حتى في أسوأ فترات الزمالك بين 2004 و2010 حينما رحل حمزة، تسجيله في الأهلي كان أمرا سهل التوقع. 7 أهداف سجلها جيمي في شباك عصام الحضري وأمير عبد الحميد أكدت لنا مرة أخرى أنه في أحيان كثيرة الدربي لا يتمحور حول الحماس.. بل أن تكون مثل جمال حمزة.

فترة حمزة مع الزمالك فعلا احتوت على كل شيء، من الانتصارات المتتالية والحصول على لقب الدوري مرتين، إلى السقطات المحلية في 2005 و2006 والاقتراب من إسقاط الأهلي في نهائي كأس مصر 2007 قبل أن يدفع مع شيكابالا ثمن لعب أحمد حسام في قلب الدفاع واستيقاظ أسامة حسني من النوم ليعود بالكأس للجزيرة.. كل شيء حتى الصراعات البدنية مع زملاءه ريكاردو وعمرو زكي وجونيور أجوجو.

229 مباراة بالقميص الأبيض سجل فيهم 74 هدفا وضعته ضمن الهدافين التاريخيين للزمالك.. ولكن ما حدث بعد ذلك كان عرضا للمرض الذي أصيب به مع بني جيله في الأرجنتين.

لماذا يا جيمي؟

سافر جمال حمزة بعد انتهاء عقده مع الزمالك إلى ألمانيا وبالتحديد لماينز، ودعونا نكون صرحاء هنا، شخصية حمزة لن تستريح بالطبع مع الشخصية الألمانية الصارمة، من 1 يوليو 2009 لـ1 أكتوبر من نفس العام، ثم عاد جمال حمزة للجونة قبل أن يفعل فعلته التي ربما لم يسامحه عليها قطاع كبير من جمهور الزمالك حتى الآن.

"تعاقدت مع الأهلي لكنني لم أستمر أكثر من شهر. ندمت بعدها بالطبع لكنها لم تؤثر على تاريخي مع الزمالك.. كانت تجربة واختيار غير موفقين".

ربما كان قرارا متهورا، مثله مثل قرار سافيولا انتظار انتهاء عقده مع برشلونة للذهاب لريال مدريد ولكنه حدث ولم يعد جمال حمزة منذ ذلك الحين، ربما لا نتذكر له مباراة واحدة مع الجونة أو المقاصة أو زوجديدي الجورجي أو الصناعة العراقي وحتى اعتزاله رسميا في 6 أغسطس 2014.. ولكننا نحب جمال حمزة.

لماذا؟ لأنه أصبح رمزا شعبيا لكل موهوب قرر عدم الاكتراث لأن موهبته ستأتي للخدمة في كل وقت عصيب يحتاجها فيه. ربما يندم على أن الكثير كان في انتظاره إلا أنه قرر أنه لن يفعل أكثر مما فعل, ونندم أننا فوتنا كثير من متعة كرة القدم إذا استمر سحر "جيمي" بعد 2010.

"دائما ما يعتمد اللاعب الموهوب في الزمالك عبر تاريخه على مهارته فقط.. اللاعب الموهوب لا يتمرن بجدية ليعوض ما ينقصه من لياقة مثلما يتدرب باقي زملائه".

شكرا جمال حمزة على منحنا العذر حينما نقرر أن موهبتنا أحيانا تغني عن القتال وقد تكفي دون أن نرهق أنفسنا في العمل، وشكرا لتلك العدوى في هواء الأرجنتين.

التعليقات