حينما بدل توخيل مقعده مع كارلو أنشيلوتي

الإثنين، 21 نوفمبر 2016 - 14:15

كتب : إسلام مجدي

توخيل وأنشيلوتي

"دورتموند يمثل الكرة الهجومية، هذا يشعرني بالراحة أكثر، سوف ندافع كثيرا ونهاجم كثيرا، استمتع كثيرا بالجماهير وتلك الفسلفة". كانت تلك كلمات توماس توخيل في أول مؤتمر صحفي له حينما تولى مهمة تدريب الفريق في يونيو 2015.

لكن تبدلت الأوضاع بعد 14 شهرا من تولي توخيل المهمة كان دورتموند في خضم معركة نارية ضد فريق من الدرجة الثانية خلال شهر أكتوبر الماضي هو يونيون برلين، اللاعبون بدوا مرهقين للغاية وذهبت المباراة للوقت الإضافية وبدا توخيل بلا أي حلول على مقاعد البدلاء.

توخيل لم يمنحهم أي تعليمات جلس وكأنه استسلم، وفجأة سقط دورتموند بدنيا وكأنه كان ينتظر صافرة الحكم للوصول لركلات الجزاء، وقد كان

مر توخيل –ولازال يمر بالمناسبة- بوقت صعب للتعايش مع السير على خطوات يورجن كلوب، بكل تأكيد هناك اختلاف كبير بين المدربين، لكن لابد وأن يحدث ذلك، حدث ذلك لأي فرق مر عليه مدرب جعله يتحول تماما من فترة سبات إلى فترة تفوق، وبالتالي فالمدرب الذي يأتي بعده يعاني من المقارنات.

بكل تلك الأحمال للمدرب الخجول كان عليه مواجهة شخص قضى عمره تقريبا في المستطيل الأخضر، كارلو أنشيلوتي وبايرن ميونيخ، الأمر كان صعبا إن لم يكن مستحيلا، خاصة وأن توخيل نفسه اعترف أن فريقه ليس جاهزا للمنافسة على الدوري بعد.

أنشيلوتي يعتبر كرة القدم حياة بالنسبة له وبالنسبة لكل شيء، وصرح قائلا :"كرة القدم ليست وظيفة، نشأت في مزرعة، كرة القدم حياة أفضل".

تلميذ أرييجو ساكي النجيب ومساعده في تدريب إيطاليا بكأس العالم 1994، وصرح قائلا "مستقبل كرة القدم حركي أكثر من أي شيء أخر". تلك كانت كلمات أنشيلوتي الشاب حينما تولى مهمته التدريبية الأولى.

إذا مدرب واقعي للغاية يعرف جيدا ما لديه، ضد مدرب قوي جدا لديه من الخبرة ما يكفي، مدرستان مختلفتان كليا عن بعضهما البعض اصطدما في الملعب.

أيا كانت النتيجة فكلاهما كان يعرف أنها لن تقرر شيئا بعد لم تكن معركة كبرياء أو أي شيء، الخاسر كان يعلم جيدا أنها ستكون عثرة للوقوف مرة أخرى، والفائز سينطلق بها، خاصة وأن دورتموند كان بعيدا عن الصدارة وبايرن هو من ينافس، وصراع الدوريللنفس الطويل.

كتب ماتياس دريسك صحفي ألماني مختص بأخبار دورتموند "توخيل متأثر بقوة بجوسيب جوارديولا وأفكاره عن كرة القدم، تفاعله مع الرياضة والفريق في المجمل يشبهه كثيرا".

توخيل من نوعية المدربين الذين يعتمدون على مدرسة علمية في كرة القدم على سبيل المثال لا الحصر ليمنع مدافعي دورتموند من جذب قمصان الخصم جعلهم يمسكون كرات تنس.

على الرغم من ذلك الإعجاب الكبير بجوارديولا إلا أن توخيل طور فلسفته التدريبية الخاصة قبل أعوام من وصول المدرب الإسباني لتدريب بايرن ميونيخ، حتى منذ أيام نجاح توماس كمدرب للشباب، لطالما طبق التكتيكات الجديدة وتعلم الكثير لتطبيقه ليضيف إلى خبراته.

لا يؤمن توخيل بمدأ أن كرة القدم لعبة مدربين، بل يحاول الوصول لبيئة مناسبة ليقدم لاعبيه الأداء المثالي، وحتى ديسمبر 2015 لعب دورتموند بنظام 4-3-3 والذي حوله لقوة هجومية من اليسار لكي يدفع خصمه للتمركز على الجانب مما يجعل دورتموند يمرر تمريرات سريعة للغاية عبر الملعب في المساحات الخالية في الجانب الأيمن الخالي، وغالبا كان ماتياس جينتر هو من يتواجد طوال الوقت لاستلام تلك الكرات.

بدأ الخصوم في الدوري الألماني والأوروبي اكتشاف ما يفعله دورتموند إغرائهم للضغط في الجانب الأيسر لإخلاء الجانب الأيمن ومن ثم ضربهم منه، وحاول المدرب الألماني إيجاد حل، وقد كان دورتموند بعد العطلة الشتوية بدأ باستخدام 3 لاعبين في الخط الخلفي، واعتمد على تشكيلات غير تقليدية لإرباك الخصوم وإضعاف صناعة اللعب لديهم.

في ولايته الأولى توخيل عانى في المباريات ضد الأندية الكبرى ولم يجد حلا لدورتموند، في ربع النهائي على ملعب أنفيلد ضد كلوب وفشل.

وألقت صحيفة "بيلد" الضوء على خسارته من وجهة نظر تحليلية قائلة :"توجد مشاكل قليلة، بالتحديد أثناء إدارته للمباريات وفي المباريات الكبيرة، لكن لا يجب أن ننسى أنه مدرب شاب يحاول التكيف، توخيل يستحق ثناء أكثر، إنه حاليا يحاول فعل ما لم يفعله كلوب، يحول الفريق الذي اعتاد أن يكون مستضعفا لفريق كبير بإمكانه أن يهزم أي أحد".

وعلى الرغم من السوق الصيفية القوية التي مر بها دورتموند إلا أن النتائج لم تكن كما أراد، ضم عثمان ديمبيلي وإيمري مور ورافاييل جوريرو وماريو جوتزة وأندري شورله، وكتبت صحيفة بيل "هل توخيل جاهز للأزمات؟ لأول مرة في فترته مع دورتموند الإعلام يشكك في قدرته على الاستمرار لفترة طويلة مع الفريق خاصة مع نتائج الفريق الحالية".

ضد بايرن ميونيخ وعلى الورق بدا وكأن دورتموند سيلعب بطريقة 3-1-4-2، وأهم ميزة لدى دورتموند أنه لم يسخر قدرته على الضغط المتقدم على الخصم، مما دفع أنشيلوتي للتفكير بين تغيير خطته ما بين 4-3-3 و4-4-2.

دورتموند طوال المباراة ضد بايرن كان يتحرك كوحدة واحدة في مراقبة الكرة ومحاولة افتكاكها، وما أسهم أكثر في تسجيل دورتموند للهدف هو سوء الخط الخلفي لبايرن، المساحات في منطقة الجزاء منحت الأسود الأفضلية، حينما امتلك بيير أوباميانج الكرة كان لديه الفرصة لتمرير الكرة للخلف وسط حالة من الجري بدون هدف لفرانك ريبيري وديفيد ألابا.

ما حدث بعد ذلك مجرد إحصائيات لن تشي بكل شيء، توخيل متوتر يرغب في أن يفوز بمباراته الكبيرة أن يبدأ ضربته الكبرى لاستعادة ما فقده في بداية الموسم، ولكي يبني هيبة، يوجه لاعبيه كل ثانية بكل طريقة ممكنة بينما ذلك المشهد يتكرر حينما كان يواجه برلين لكن هذه المرة لكارلو أنشيلوتي.

على الجانب الأخر لم تكن الأمور هادئة في بافاريا، لعب أنشيلوتي بطريقته 4-3-3، هي المفضلة في الفترة الأخيرة خاصة فيما يخص الهجمات المرتدة إنه علامة مسجلة أصبحت مرتبطة باسمه خاصة بعد موسمه مع ريال مدريد.

يطلب أنشيلوتي دوما من فريقه العمل الجاد والرغبة في تقديم تضحيات، لكن دائما هناك سؤال يوجه لأنشيلوتي، خاصة أثناء فترته التاريخية مع ميلان لم ينجح سوى في الفوز ببطولة دوري إيطالي وحيدة وبطولة كأس إيطاليا وحيدة ونفس الحال مع السوبر الإيطالي، فترته كان عنوانها في الصحافة الإيطالية "النجاح الناعم".

أثناء فترته التاريخية مع ميلان كان أنشيلوتي يلعب في عديد من المناسبات بطريقة 4-4-2، وتلك هي ذاتها الطريقة التي كان يطبقها ساكي والتي تعلمها منه أنشيلوتي، ثم بعد ذلك بطريقة 4-2-3-1 و4-3-3، إنه يحاول تطبيق الكرة السريعة المرتدة كما كان يأمل منذ أعوام عديدة.

توخيل في مباراة دورتموند قدم خليطا مما تعلم وطبق في الموسم الماضي مع دورتموند، ثلاثي دفاعي في الخلف، استقطاب الخصم للطرف الأيسر لنقل الكرة جهة ماريو جوتزة، بينما ألابا يتجه بعيدا عنه دائما هذا الموقف يتكرر.

حاول أنشيلوتي أن يغير الكثير بين شوطي المباراة، لكنه لم يتمكن بعد عرض سيء في الشوط الأول الحل كان الضغط على الأسود، لكن التحركات الهجومية لكتيبة العملاق البافاري كانت سيئة للغاية، خاصة وأن ليفاندوفسكي كان دائما ما يقع فريسة سهلة لإثنين من المدافعين وريبيري كان بطيئا في التحرك من وسط الملعب للهجوم.

بمشاركة دوجلاس كوستا بدلا من جوشوا كيميتش أصبح بايرن يلعب بطريقة 4-4-2، مما سمح لتوماس مولر بالتحرك كمهاجم ثاني بعدما كان شبه متوقفا عن العمل.

رد فعل توماس توخيل كان متميزا للغاية، حول طريقته وببساطة لـ5-3-2 ليغلق أي مساحة متاحة ويدافع من الثلث الخاص بفريقه.

في كل مرة كان توخيل هو المدرب المتوقع في المباريات الكبيرة، كان من السهل تصور أسلوب لعبه، لكن هذه المرة طريقة 4-3-3 الخاصة بأنشيلوتي هي التي كانت متوقعة، فقط حينما بدل الخطة إلى 4-4-2 تلك هي اللقطة التي لم تكن متوقعة لكن رغبة توخيل وحماس لاعبيه حسموا نتيجة المباراة التي وبكل تأكيد لم تحسم مصير المسابقة لكنها تعطي دفعة قوية للمدرب الألماني فقط قام بتبديل مقعده في لقاء وحيد مع أنشيلوتي.

التعليقات