لحظات غيرت مسار أجيال في كرة القدم

الأربعاء، 16 نوفمبر 2016 - 18:03

كتب : أحمد العريان

لحظات غيرت مسار أجيال في كرة القدم

"الكورة إجوال".. ربما أنها القاعدة الأعم في قانون كرة القدم، والتي أوجز محمد لطيف فكان بليغا في صياغتها.

تخيل أن الكرة بين أقدامك، تنفرد بالمرمى في الدقيقة الأخيرة وفريقك يحتاج لهدف واحد فقط كي يبلغ كأس العالم..

عمرك لن يسمح لك بتكرار التجربة وأنت من قررت التقاعد بنهاية العام.. إن سجلت فأنت البطل القومي الذي قاد بلاده لكأس العالم للمرة الأولى، وإن أهدرت، فأنت وجيل كامل للمنتخب في طي النسيان..

نعم يشبه الأمر أحيانا بلعبة القمار، أنت تقامر على اسمك ومستقبلك في لعبة واحدة، إن نجحت فيها فقد فزت بالدنيا وما فيها، وإن أخفقت فلا أحد سيتذكرك.. هكذا الحال في كرة القدم.

أحيانا يتعدى الأمر كون فرصة ستتحكم بمصير صاحبها، فربما للفرصة التي تمر أمامك مرور الكرام، أهمية أخرى، فرصة قد تكون سببا في ظهور جيل، أو إخفاقه.. وإن هبت رياحك فاغتنمها.

FilGoal.com يستعرض معكم بعض الفرص المؤثرة في التاريخ الكروي، تأثيرها ليس قاصرا على تحويل لقب من فريق لأخر، لكن لسيطرة جيل على الكرة لحقبة من الزمان.

بركات

هل تذكرون كرة محمد بركات أمام الجزائر في 2009؟ لا تظنون أن تأثير تلك الكرة كان سيقتصر على تأهل مصر لكأس العالم وحسب، فتأثيرها أكبر كثيرا..

حين وقعت الجزائر مع مصر في نفس المجموعة بتصفيات كأس العالم 2010 كان الحديث يدور بأن فرصة للتأهل إلى كأس العالم أسهل من أي وقت مضر، ثعالب الصحراء ليسوا أقوياء الآن وباقي الفرق ضعيفة.

بالفعل لم تكن الجزائر وقتها هذا المنتخب المرعب، بإمكانك أن تستشف ذلك حتى من نوع قمصانهم فقد كانوا يرتدون ماركة فرنسية تدعى "لو كوك سبورتيف" وهي ليست ضمن الماركات العالمية الشهيرة.

وبعد تلك التصفيات، أبرموا اتفاقا جديدا مع شركة بوما الألمانية.

بالطبع كان ذلك أبسط التأثيرات، لكن الجزائر كلها تأثرت بالفعل بتلك الفرصة الضائعة، منتخب الجزائر الضعيف -قبل التصفيات- بات قويا بعدها، ورابح سعدان سطر اسمه في تاريخ الكرة الإفريقية.

الجزائر بنت على تلك الخطوة وكونت الآن منتخبا هو الأقوى في القارة السمراء، ومن أقوى المرشحين لنيل أمم إفريقيا.

عيسى مندي

من رحم فرصة بركات ولد جيل الجزائر، ومن استهتار عيسى مندي أصبح الجيل الأفضل في تاريخهم مهددا بالفشل..

في مباراة الجزائر الثانية بتصفيات كأس العالم 2018 أمام نيجيريا، قدم ثعالب الصحراء مباراة قوية هجوميا أمام النسور، لكن المحصلة النهائية كانت خسارة تقربهم من عدم التأهل لكأس العالم.

الهدف الثاني لنيجيريا في اللقاء لم يكن عاديا، هو الهدف الذي صعب فرصة العودة على الجزائر، ولكن كيف سجلوه؟

عيسى مندي مدافع الجزائر تأخر في الخروج ليضبط جوربه! وهنا مرر موزيس الكرة إلى جون أوبي ميكيل.

صحيح أن الإعادة أثبتت أن ميكيل كان في موضع تسلل بسنتيمترات، لكن القرار لم يكن ليصبح صعبا على حكم الراية لو التزم مندي بالخروج الصحيح لإيقاع اللاعب في التسلل.

ذلك الهدف منع الجزائر من العودة في اللقاء رغم تقليص الفارق في الشوط الثاني وتقديم أداء رائع، وبالتالي تجمد رصيد الثعالب عند نقطة وحيدة وباتت أمال التأهل لكأس العالم صعبة المنال.

إن لم يتأهل منتخب الجزائر للمونديال فقد تكون تلك هي بداية النهاية لجيل يراه الكل هو الأقوى في تاريخ الخضر بالنظر لما يحققه أفراده مع فرقهم أوروبيا.

وفي المقابل ربما هي بداية العودة لنسور نيجيريا بعد رياح التغيير التي هبت عليهم مجبرين على خلفية عدم التأهل لكأس أمم إفريقيا 2017.

حمادة طلبة

نعود لنهاية جيل في الجزائر، فهذا دليلا أخر على تأثير كرات في مسار أجيال.

هل تذكرون إنقاذ حمادة طلبة التاريخي أمام نيجيريا في مباراة لاجوس بتصفيات أمم إفريقيا؟

حين انشق حمادة طلبة من باطن الأرض لينقذ مصر من هدف ثاني قاتل أمام نيجيريا، وحين تبعه ذلك بهدف مصري قاتل أيضا عن طريق محمد صلاح أدرك به الفراعنة التعادل، لم يكن ذلك مسار تحول في مصير مباراة وحسب..

تعادل مصر مع نيجيريا في لاجوس كان المحطة الأهم التي جعلت فوز الفراعنة إيابا في الإسكندرية بهدف، كافيا لبلوغ أمم إفريقيا لأول مرة منذ 6 سنوات.

ليس هذا فحسب، فإنقاذ طلبة لتلك الكرة كان كافيا للإبقاء على هيكتور كوبر مدربا لمصر في تصفيات كأس العالم.

تخيلوا لو أن مصر خسرت تلك المباراة في نيجيريا ولم نتأهل لأمم إفريقيا، بالتأكيد قرار إقالة كوبر كان ليصبح أولى قرارات اتحاد الكرة، ثم تبدأ الدائرة من جديد..

البحث عن مدرب والبداية في تكوين جيل جديد، تماما مثلما نفعل منذ 2011، رحيل حسن شحاتة وتولي برادلي المسؤولية، ثم خلافة شوقي غريب له ومن بعده كوبر.. نفس الدائرة المفرغة كانت لتستمر.

فرصة واحدة صنعها طلبة، هذا اللاعب الذي لم يذق طعم اللعب الدولي سوى في الـ 34 من عمره، ومعها كانت بوابة البداية لنجاح محتمل لجيل جديد من الفراعنة.

في الجهة الأخرى كانت المباراة نهاية جيل لنيجيريا.. رحل سامسون سياسيا وتسلم جيرنو روهر المهمة ليبدأ عهد جديد.

حادثة يانكر

نعم كان هيكتور كوبر هو المستفيد الأول من إنقاذ طلبة، لكنه نفسه تضرر أيضا من قبل من لحظة كانت فارقة في مسار حياته.

انطلق ألبير لاعب بايرن ميوينخ شاهد يانكر وقرر تمرير الكرة كعرضية، احتسبت ركلة جزاء على أماديو كاربوني لاعب فالنسيا.

اعترض لاعبو فالنسيا كثيرا على تلك الركلة قائلين إن يانكر قام بدفع كاربوني مما جعله يلمس الكرة بيديه عن غير عمد.

فالنسيا تقدم بنتيجة 1-0 منذ الدقيقة الأولى وكان على بعد خطوة من التتويج بلقب دوري أبطال أوروبا، حتى الدقيقة 50 التي شهدت الواقعة وبعدها بدقيقة سجل إيفينبرج هدف التعادل.

بقاء فيرجسون

لكل أسطورة بدايتها، بما في ذلك أليكس فيرجسون أكبر أساطير كرة القدم التدريبية.

فيرجسون حين وصل لمانشستر يونايتد في عام 1986 لم يكن هذا المدرب الشهير أو المدرب الذي يشار له بالبنان، بل ما أخطر من ذلك أنه كان على مشارف الإقالة من مانشستر يونايتد.

بالموسم الرابع لفيرجسون مع مانشستر يونايتد وفي نهائي كأس الرابطة الإنجليزية، كان قرار إقالة فيرسجون جاهزا حال الخسارة.

4 مواسم بلا أي بطولة أمرا كافيا للوصول لهذا القرار، وفي النهائي كان على مانشستر يونايتد مواجهة كريستال بالاس.

المباراة انتهت بالتعادل الإيجابي بثلاثة أهداف مقابل ثلاثة، تعادل لم يكن سهلا أبدا، بالنظر لأن الفريق الأحمر أدرك التعادل في الدقيقة 113 من الشوط الإضافي.

المثير في الهدف هو مسجله. مارك هيوز كان صفقة مانشستر يونايتد الجديدة، والتي راهن فيرجسون عليها بعد أن اتهمه الجميع بالفشل بسبب ضم لاعب سبق له الفشل في برشلونة وبايرن ميونيخ.

هدفين من هيوز في تلك المباراة كانا كافيين لإقناع الجميع بقناعة فيرجسون في هيوز، ومن هنا بدأت إمبراطورية الرجل الاسكتلندي في التكوين.

لو لم يحقق هيوز هذا الهدف لأقيل فيرجسون، ولم يكن باقي التاريخ ليسطر، ولم يكن لمانشستر يونايتد أن يصنع هذا الاسم العملاق في كرة القدم.

أبو تريكة في الصفاقسي

جيل جديد كانت بدايته بضربة حظ..

لا، الحظ ليس عيبا فهو لا يأتي إلا لمن يستحق.

لا فائدة من الاجتهاد دون الحظ، والحظ أيضا لا يستمر طويلا دون العمل.. هما متلازمتان.

الأهلي حقق اللقب الإفريقي في 2005 وفي 2006 وصل الفريق الأحمر للنهائي.

في مواجهة الصفاقسي لم تسر الأمور بشكل جيد، فالتعادل كان حاضرا في القاهرة بهدف لكل فريق، وهذا يعني أن الفوز في الإياب حتميا، وإلا سيعني ذلك خسارة اللقب.

مانويل جوزيه أجرى العديد من التبديلات في تشكيل الفريق خلال مباراة الإياب، ودخل المباراة كمدرب يراهن على مسيرته.

ما حدث أن المباراة كانت تتجه للتعادل السلبي، لكن أبو تريكة وبتسديدة غير محسوبة العواقب، نجح! سجل الهدف وتوج الأهلي بطلا!

الهدف لم يؤمن اللقب للأهلي فقط، بل أنه كان بداية جيل هو الأفضل في تاريخ الأهلي.

هذا الجيل الذي حقق برونزية كأس العالم للأندية وحقق الدوري بلا هزيمة، وهم أيضا من حققوا كل الألقاب خلال الأعوام التالية.

لو لم يسجل تريكة هذا الهدف، لكانت إقالة جوزيه ستصبح طبيعية، وحينها فنجاح الأهلي بهذا المعدل لم يكن مضمونا.

جيل إسبانيا

ركلة جزاء سددها فرانشيسكو توتي في اللحظة الأخيرة أمام أستراليا في دور ثمن النهائي كانت كفيلة لتأهل الطليان خطوة جديدة نحو تحقيق لقبهم.

لو ضاعت تلك الركلة وودعت إيطاليا البطولة لما كان لهذا الجيل أن صنع اسمه بكل تأكيد، وكما كتبت نقطة الجزاء بداية الجيل، كتبت نهايته..

في يورو 2008 تأهل منتخبا إيطاليا وإسبانيا لربع نهائي البطولة، وبعد التعادل كان الاحتكام لركلات الترجيح.

الركلات هذه المرة لم تبتسم لإيطاليا، فودعت البطولة لحساب إسبانيا، وكانت تلك هي بوابة الماتادور لتحقيق أولى ألقابهم منذ الستينات من القرن الماضي.

وكالعادة لم تكن تلك الركلات فارقة في مشوار البطولة فحسب، فهذا الجيل بعدما اكتسب الثقة في تحقيق البطولات، واصل مسيرته وحقق كأس العالم 2010 ثم يورو 2012 على حساب إيطاليا نفسها من جديد، لصبح هو الجيل الأقوى في تاريخ إسبانيا.

عودة الزمالك

في موسم عودة الزمالك وتحقيق لقب الدوري موسم 2014/2015 مر الفريق الأبيض بعديد من الخطوات الفارقة في مشواره.

حمادة طلبة سجل هدفا أعاد الزمالك للانتصارات على الداخلية بتسديدة غير معتادة، وفي مباراة المقاولون العرب تصدى أحمد الشناوي لركلة جزاء، ارتدت بهدف للزمالك عن طريق أحمد عيد عبد الملك.

المباراتين كانا فارقان في مشوار الزمالك بالبطولة، لكن البداية كانت عن طريق باسم مرسي.

باسم مرسي سجل هدف فوز الزمالك على سموحة في الدقيقة الـ 90 بعد ثلاث تعادلات متتالية أدوا لإقالة حسام حسن.

ومن هنا كانت بداية مشوار الزمالك لتحقيق اللقب..

فرصة باسم مرسي لم تؤدي لفوز الزمالك فقط باللقب، لكن عودة الزمالك من الأساس.

بعد هذا اللقب اختفت نغمت رغبة الزمالك في التتويج بأي بطولة بعد سنوات من عدم التتويج، وأصبح المراد مع كل موسم هو تحقيق كل بطولات، والإخفاق في أي بطولة واحدة يعد إخفاقا للموسم بأكمله.

التعليقات