سكولز الذي قاتل لأطفال فيرجسون وعلم جيل برشلونة الذهبي

الأربعاء، 16 نوفمبر 2016 - 17:15

كتب : إسلام مجدي رامي جمال

بول سكولز

من دون شك إن تذكرنا مواهب خط الوسط في تاريخ إنجلترا الحديث فإننا سنعود للخلف برأسنا ثم نفكر قليلا ونقول كلاهما يبدأ بـ بول، الأول بول جاسكوين والثاني بول سكولز ثم ستيفن جيرارد وفرانك لامبارد.

وقت سكولز على القمة عانده اعتزاله الدولي المبكر في ظروف خاصة، كان خجولا وهو أمر لا يخفى على أحد ذلك الأمير غير المتوج للكرة الإنجليزية.

نتحدث هنا عن لاعب توج بطلا للدوري الإنجليزي 11 مرة، وفاز بدوري أبطال أوروبا مرتين وعدد من البطولات الأخرى، جميع مواهب جيله من زين الدين زيدان إلى إدجار ديفيدز احترموا موهبته.

إنه لا يمتلك مهارة زين الدين زيدان لكن ماذا قال عنه أسطورة ريال مدريد؟ "لا يوجد شك لدي أن بول سكولز وضع نفسه في مكانة خاصة له وحده، لا يمكن المساس بها".

وأضاف"لا أمل أبدا من مشاهدته يلعب فمن النادر أن تشاهد لاعبا متكاملا مثله، أحد أكثر الأشياء التي أندم عليها أنه لم تسنح لي فرصة للعب معه طوال مسيرتي".

كان سكولز عبقريا فيما يخص التمرير حسب وصف صحيفة "ميرور" لتمريراته فسكولز يمرر الكرة لزملائه ببساطة إنه الأفضل فيما يخص القدرة على إيجاد مساحة لمن سيمرر له الكرة ولا تسأل كيف عليك أن تسأله شخصيا، تقاعد كبطل وكان أحد أفضل اللاعبين في جيله.

صورة واحد تعبر عما نحكي عنه هنا، إنه أحد أبناء جيل 1992 لمانشستر يونايتد الصورة الشهيرة العالقة في الأذهان والتي تضم ديفيد بيكام ونيكي بات وجاري نيفيل وبقية الجيل والباقي من التاريخ.

علامته المسجل كان شعره الذي لم يتغير طوال مسيرته، وطوله الذي لم يكن كبيرا حتى على الصعيد البدني لم يكن سكولز الأقوى لكن هل كان هذا يعني توقفه عن كرة القدم؟

سير أليكس فيرجسون قال عن سكولز حينما شاهده لأول مرة وهو بعمر الـ13:"هذا اللاعب لن يحصل على أي فرصة جسده ضئيل للغاية".

الفتى الصغير سكولزي كان يعاني من الربو ولم يكن ليصبح قادرا أبدا على محاكاة ستيفن جيرارد أو فرانك لامبارد هذين الناشيئين الجديدين في جيله بالكاد ستمكن من تأدية دور لاعب من الصندوق للصندوق هكذا رآه فيرجسون.

رغم ذلك ظهر لأول مرة في دوري أبطال أوروبا عام 1994 وسجل ضد بورت فالي في المباراة التي فاز بها مانشستر يونايتد بنتيجة 2-1.

ثم ظهر في الدوري الإنجليزي وسرعان ما حجز مكانا أساسيا في بعض الأحيان كان يلعب كمهاجم ثان أو لاعب خلف المهاجم رقم 9.

آلان هانسين محلل شبكة "بي بي سي" قال بعد عام من ظهور سكولز الأول :"لن يفوز فيرجسون بأي شيء مع هؤلاء الأطفال لا يمكنك أبدا أن تفوز بشيء ما مع أطفال".

قاتل سكولز بكل ما يملك في الملعب كان كالموسيقار الذي يعزف الألحان بعنف حتى لو كان سيخسر يديه، ليصبح شريكا لروي كين وساهم في قيادة يونايتد نحو المجد المحلي والأوروبي واعتلاء عرش الكرة الإنجليزية.

فاز بلقب الدوري الإنجليزي الثالث له في مسيرته مع يونايتد في موسم 1999، ثم الفوز بدوري الأبطال ورفعه للجائزة ببدلة وليس طاقم الشياطين الحمر بسبب إيقافه بعد حصوله على إنذارين ضد يوفنتوس في نصف نهائي 1998-1999.

قال سكولز بعد ذلك:"لم أشعر أبدا أنني استحق تلك الميدالية نظرا لأنني كنت مختبئا بعيدا عن ملعب المباراة بالبدلة وليس بحذاء الكرة".

اعتزل سكولز دوليا وهو في الـ29 من عمره، لم يتخذ القرار بهدوء لكنه كان يحمل ضيقا كبيرا ولم يعرف السبب وقال :"بدأت مسيرتي مع إنجلترا في 1997 واستمتعت بـ7 أعوام رائعة في كرة القدم ولعبت في أفضل البطولات".

وأضاف"لعبت مع أفضل اللاعبين وأفضل المدربين وفي بطولة يورو 2004 كانت رائعة لكنني شعرت أن هذا هو الوقت المناسب للاعتزال خاصة بالنسبة لي ولعائلتي".

ربما لم يكن مناسبا ذلك الرد لمن أراد معرفة سبب اعتزاله الدولي رغم استمراره مع يونايتد؟ العائلة، امتلك سكولز موهبة كبيرة مع تواجد لامبارد وجيرارد كان الأمر مميزا لإنجلترا.

سير أليكس فيرجسون قال فيما بعد عن اعتزاله:"العائلة والروابط الأسرية كانا السبب الرئيسي وراء اعتزال سكولز المفاجئ دوليا".

كان هناك أيضا أنباء تدور في صحف "ديلي ميل" و"جارديان" حول شعوره بالإحباط الكبير لأنه طلب منه أن يلعب على اليسار بجانب فرانك لامبارد، لكن سكولز فيما بعد قال إنه لا يجد مشكلة بسبب هذا الأمر لأنه لعب نفس الدور مع مانشستر يونايتد.

في جميع الأحوال كانت النتيجة واحدة، إنجلترا خسرت لاعب وسط لا يعوض أبدا، عانى المنتخب حتى يومنا هذا لكي يكرر تلك الموهبة لكن كان الأمر صعبا.

لكن مع مانشستر يونايتد كان الحظ وافرا للشياطين الحمر هو الحب الأول والأخير لسكولز، توج بالبطولات وأصبح أحد أفضل صناع اللعب المتأخرين في العصر الحديث.

ثقل مواهب الهجومية التي اكتسبها في أعوامه الأولى حينما لعب كمهاجم وكصانع لعب متقدم، مع حاسته التهديفية التي سجل بها ما يقرب من 155 هدفا في 718 مباراة بكل المسابقات، ليصبح لاعب من النادر تكراره.

في 2010 اتخذ سكولز قرارا ندم عليه كثيرا حينما رفض عرض فابيو كابيللو بالعودة لمنتخب إنجلترا مرة أخرى وقال:"إن سألني مرة أخرى في وقت مبكر لكنت قبلت بالعرض، كان هناك لاعبين في التشكيل قضوا عامين يساعدون إنجلترا على التأهل لكأس العالم وأنا لم أكن أشارك لفترة طويلة".

فيما بعد اعترف سكولز بأن لم يتعامل جيدا مع فكرة ابتعاده عن عائلته لفترة أطول مما دفعه لرفض العرض مرة أخرى.

بعد انتهاء موسم 2010-2011 كان سكولز قد ما بما يكفي من الإحباط اكتفى سكولز بخسارة دوري أبطال أوروبا والندم على قراره برفض كابيللو، وقرر الاعتزال.

خطوة أخرى متسرعة لكن سير أليكس فيرجسون حاول التعامل بسرعة مع الوضع وضمه للطاقم التدريبي، لتضرب أزمة إصابات كبيرة مانشستر يونايتد بعد أعياد الميلاد في الموسم التالي لاعتزاله مباشرة.

قرر سكولز العودة ووقع على عقد قصير الأمد مع فريقه وهو في الـ36 من عمره، وبكل تأكيد لن نحتاج لكلمات لوصف الأمر الرجل الذي أتى بخبرة فيرجسون وثقة مساعده في قدرته بعد التشكيك في قدرته البدنية يعود لحل مشاكل الوسط وساهم في منافسة يونايتد على لقب الدوري حتى الرمق الأخير والذي توج به سيتي بفضل هدف أجويرو الشهير.

بدا الأمر وكأنها اللحظة المناسبة ليعود سكولز أيضا لرقصة أخيرة مع منتخب إنجلترا مع اقتراب بطولة يورو 2016، روي هودجسون لم ينتبه لذلك، ولم يهتم أبدا لمطالبات معظم الصحف الإنجليزية بضم سكولز لتعزيز خط الوسط المتهالك.

قال هاري ريدناب بعد ذلك:"كنت سأحب كثيرا أن ينضم سكولز إلى كتيبة إنجلترا في اليورو، فقط لو كان قد تم اختياري كمدرب جديد لإنجلترا".

بعد ذلك اعتزل سكولز مرة أخرى في 2013 بعد الفوز بلقب الدوري الإنجليزي للمرة الـ11 في مسيرته، لا يوجد العديد من اللاعبين حققوا ما حققه الشيطان الأحمر، وعلى الرغم من شخصيته التي تبدلت بعد التقاعد، إلا أنه لازال ذلك اللاعب الخجول دائما.

أهم مميزات سكولز هي قدرته على افتكاك الكرة من خصمه بنجاح والتمرير جيدا فقد كان لديه نظرة ثاقبة ورؤية رائعة لما يحدث داخل الملعب ما دفع لتردد اسمه كثيرا داخل أشهر أكاديمية للاعبين في العالم في برشلونة إنها لا ماسيا.

لا ماسيا هي أشهر أكاديمية للاعبين على مستوى العالم فمنها خرج شابي هيرنانديز وميسي وأندريس إنيستا وسيرجيو بوسكيتس وكونوا الجيل الذهبي لبرشلونة تحت قيادة بيب جوارديولا الذي سيطر على الخضر واليابس في كرة القدم.

كيف تنبأ بقدوم رونالدو في ذلك المكان قبل إرساله لتلك العرضية؟

وعن ذلك الأمر تحدث ليونيل ميسي نجم برشلونة قائلا:"في لا ماسيا كان اسم سكولز يتردد كثيرا هو الأستاذ".

شابي نفسه الذي كان أحد أهم اللاعبين في جيل برشلونة الذهبي تحدث عن سكولز قائلا:"في آخر 15 أو 10 سنوات هو أفضل لاعب خط وسط رأيته كان لاعبا متكاملا".

وأضاف"تحدثت مع شابي ألونسو كثيرا عن سكولز هو يستطيع القيام بأي شيء لمسته الأخيرة للكرة وقدرته على تسجيل الأهداف وقوته البدنية هو لا يفقد الكرة بسهولة".

وأتم"لو كان إسبانيا ربما كان سيتم تقديره بشكل أكبر".

شاهد أفضل تمريرات سكولز خلال مسيرته

أما فيرجسون فتحدث عن إبهار سكولز له حينما كان مازال لاعبا صغيرا قائلا:"قدرته الاستثنائية على اللعب لم تكن محل نقاش وتمريراته كانت كذلك أيضا".

وأكمل"في إحدى المباريات أمام توتنام هاري ريدناب مدربهم قرر الدفع بويلسون بالاسيوس لإيقاف سكولز فقط ولكنه لم ينجح".

وبالنسبة لقوته البدنية في الملعب فجسده الضئيل كان يخدع اللاعبين حينما يشاهدوه لأول مرة ولكنه كان يتغلب على ذلك بالتوقع الجيد للعب وقراءة الملعب والتمركز الصحيح.

هذا بالإضافة لقدرته الكبيرة على تسجيل الأهداف بتسديدات صاروخية.

هل شاهدت صاروخيته ضد برادفورد؟


Paul Scholes Volley v Bradford من طرف antonis_tsir

أو تلك ضد أستون فيلا؟

أو تلك أمام برشلونة؟

لم يفز قط بالكرة الذهبية وظهر في فريق الفيفا الأفضل مرتين فقط، لم يحصل قط على التقدير الذي يستحقه كلاعب قدم إضافة لا تنسى في خط الوسط، أجبر الجميع على احترامه وبكل تأكيد أمتع من شاهدوا ولاحظوا حضوره.

التعليقات