كتب : إسلام محمود | الإثنين، 14 نوفمبر 2016 - 11:37

اعطني أداء سيئا ومدربا دفاعيا و10 خشبات ولنذهب لكأس العالم

مصر وغانا

"استفدنا إيه من كعوب حازم وتريكة واللعب الحلو أيام شحاتة؟ حتى لو هتلعب وحش بس اكسب. يمكن نروح كأس العالم تاني" قالها والدي الذي لم يرَ منتخب بلاده في المحفل الأكبر كرويًا سوى مرة واحدة عام 1990 وهو يشيد بتكتيك مصر في مباراة غانا. طال انتظاره بعدد سنوات عمري الست وعشرون. لكنه على الأقل رأى مصر في كأس العالم. ياله من محظوظ!

الوضع الآن أصبح كالتالي. مصر تتصدر المجموعة الخامسة لتصفيات كأس العالم 2018 لقارة إفريقيا. 6 نقاط من مباراتين وبفارق نقطتين عن أوغندا أقرب المنافسين.

الطريق مازال طويلا لكن وللمرة الأولى منذ عقود نبدأ التصفيات بشكل طيب دون الدخول في "حسبة برما" منذ البداية.

هل يكفي هذا للحلم بالمونديال وإقناع أنفسنا بأن نسمات الهواء البارد في نوفمبر ليست بسبب قدوم الشتاء ولكن ما هي إلا رياح روسيا الباردة تنادينا؟ ربما، ولكن ليس للجميع. فبعد لقاء غانا خرج قطاع عريض من الجمهور المصري ينتقد أداء الفريق أمام النجوم السوداء.

انتقادات مثل "ده شكل فريق يروح كأس العالم؟" "لو هنتأهل لكأس العالم بالمستوى الوحش ده يبقى بلاها كأس عالم!" "مامسكناش كورة! ده منتخب تعبان مايستحقش حاجة" "فين أيام الجيل الذهبي" "يا عم ده منتخب باصي لصلاح" وذهب البعض لأقصى مراحل النقد وطالب برحيل هيكتور كوبر لأنه مدرب دفاعي و"على قده".

ماذا كان رأي هيكتور كوبر نفسه في أداء مصر خلال اللقاء؟ يجيب الأرجنتيني: "منتخب غانا تفوق في الاستحواذ. لكنه لم يخلق فرصا خطيرة على مرمانا بينما خلقنا 3 فرص للتهديف. كنت أتمنى تحقيق الفوز بأداء جيد، ولكن الأهم الخروج بنقاط المباراة. كان من الممكن أن يتبدل الوضع لكن هل يتقبل أحد أن نلعب الكرة الأفضل ونخسر في النهاية؟".

الرجل لم يكذب، لم يقل مصر قدمت أفضل أداء في مسيرتي. لم يقل تفوقنا على غانا في كل شيء. لكنه على العكس اعترف بوجود قصور والمهم هو الخروج بنقاط المباراة الثلاثة وهذا ما نجح فيه الأرجنتيني صاحب الـ61 عاما.

في العقد الأخير. بعد فريق أرسنال "الخفي" الذي حقق الدوري الإنجليزي بلا هزيمة في 2004 بأداء رائع و"اختفى" بعدها، تحديدا منذ القدر الذي جمع بيب جوارديولا بليونيل ميسي لتشكيل ثنائي مخيف أكل الأخضر واليابس في أوروبا ارتفع سقف الطموح من مجرد تقديم كرة جميلة لتقديم كرة جميلة والفوز بالبطولات أيضا. لا مزيد من منتخب هولندا. لا مزيد من أرسنال الممتع دون بطولات. لا نريد أن نصل للنهائي مثل دورتموند يورجن كلوب ونخسر في النهاية، نريد أن نكون برشلونة.

حسنًا الحلم حق للجميع لكن للأسف هناك ليونيل ميسي واحد فقط في العالم ويقطن في إقليم كاتالونيا حيث يلعب –وسيظل على الأغلب حتى ينهي مسيرته في نيولز أولد بويز.

البرتغال بجيلها الذهبي الذي ضم لويس فيجو ومانويل روي كوستا ونونو جوميش قدمت أفضل أداء في يورو 2000 دون تحقيق اللقب فيما غزت أوروبا بجيل لا يضم نجوما سوى كريستيانو رونالدو وبأداء دفاعي وصعود قيل عنه أنه بالصدفة بعد 3 تعادلات في دور المجموعات وتعادل في دور الـ16. قدمت كرة قدم واقعية ولعبت بإمكاناتها المحدودة لتقهر فرنسا على أرضها وتتوج باللقب الغالي في 2016.

"هل أود أن نقدم كرة قدم ممتعة؟ بالطبع. لكن إذا خيرتني بين المتعة والعودة للديار خالِ الوفاض وبين الكرة القبيحة ولعب النهائي سأختار أن أكون قبيحا" – فيرناندو سانتوس مدرب البرتغال بعد التتويج بيورو 2016.

اليونان قدمت كرة قدم قبيحة للغاية في يورو 2004 وتوجت بالبطولة على أرض البرتغال نفسها بعد قهر تشيك بافيل نيدفيد وتوماس روزيتسكي الممتعة قبل السيليساو.

تشيلسي هزم برشلونة وبايرن ميونيخ بأداء دفاعي بحت وهجمات مرتدة قليلة ومدرب هاو قد يكون حالفه الحظ –الذي هو جزء من اللعبة بالطبع- ليحقق دوري أبطال أوروبا عام 2012. إيطاليا حققت 4 كؤوس عالم بالكاتيناتشيو. سيلتك حقق فوزا تاريخيا على برشلونة باستحواذ 11%!

"المنافس كان أفضل فنيا منا إلا أننا استغلينا الفرص القليلة التي أتيحت لنا. لم نكن ممتعين لكننا صنعنا التاريخ وحققنا المفاجأة. أينما أسير الآن هناك أناسا يلوحون لي. أصبحت بطلا شعبيا" – أوتو ريهاجل مدرب اليونان في يورو 2004. البطولة التي لم يحبها أحد كما تم وصفها.

هل تعتقد أن جمهور البرتغال أو اليونان أو إيطاليا أو تشيلسي يتمنى لو تحققت البطولة بكرة قدم ممتعة؟ ربما، لكن هل يشرط تحقيق البطولة بالمتعة؟ بالطبع لا! الأداء الجيد سيتذكره من عاصره سيتغنى به الأحياء لكن البطولات تسجل في التاريخ فتعيش للأبد.

جوزيه مورينيو أحد أكثر المدربين تحفظا في اللعبة تخلى عن حذره مرة في الكلاسيكو الأول بين ريال مدريد وبرشلونة والنتيجة كانت خسارة مذلة بخماسية دون رد. فقط لأنه لعب كما أرادت الصحافة. كرة هجومية جميلة تمتع الحضور وتخلى عن أسلوبه الدفاعي المنظم.

"أحيانا اتسائل حول مستقبل كرة القدم، ربما قد يلعبون بشكل جميل على عشب أخضر بدون مرمى والفريق الذي يستحوذ على الكرة أكثر يفوز بالمباراة" - جوزيه مورينيو تعليقا على انتقاد طريقته الدفاعية.

في مصر بوب برادلي كان مدربا رائعا، فاز في 6 مباريات في التصفيات ليواجه غانا في معركة أكون أو لا أكون، لعب بطريقته المعتادة وبأداء هجومي غير متحفظ في كوماسي والكل يعرف النتيجة. مارسيلو بييلسا أحد أكثر المدربين إمتاعا في كرة القدم يملك في سجله التدريبي "صفر" بطولة، لم يكن بطلا أبدا.

مرت مدة كبيرة منذ أن حظيت مصر بمدرب واقعي يعرف أدواته جيدا، لا يرضخ لضغوط الإعلام أو رؤساء الأندية بإشراك فلان أساسيا أو ضم واستبعاد لاعب معين.

يختار من يناسب خطته ويبدأ بالأنسب من وجهة نظره. لا يهم ناديك أو ما إذا كنت أساسيا أو احتياطيا هناك، يحبه اللاعبون ويمتثلون لأوامره، مرن تكتيكيا ويغير خطته بحسب مجريات المباراة أو طريقة لعب الخصم. بخبرته أزال من لاعبيه الرهبة من غانا المدمرة التي هزمتنا منذ 3 سنوات بستة أهداف .

"لا أفكر في تثبيت 11 لاعبا كما يبدو للكثيرين بل أن اختيار التشكيلة يتوقف على تحليل المنافس لتحقيق التوازن داخل الملعب"

"باصي لصلاح" من لديه نجما بحجم صلاح سيبني عليه خطة اللعب بالتأكيد، "أداء دفاعي" انظر لقوة غانا الهجومية وتشكيلتها المدججة بالمحترفين وغامر بأداء هجومي وأنت في أشد الاحتياج للانتصار بدافع الانتقام تارة ومواصلة الحلم تارة أخرى.

"مامسكناش كورة" ماذا أفاد الاستحواذ غانا؟ ماذا أفاد برشلونة في مبارياته التي خسرها؟

حازم إمام، عبد الستار صبري، محمد أبو تريكة، محمد بركات، وائل جمعة. قدموا للكرة المصرية الكثير وكانوا نواة لأجيال ذهبية سيطرت على القارة طولا وعرضا لكنهم –وللأسف- دائما وأبدا ما فشلوا في الوصول لكأس العالم وانتهت مسيرتهم دون المشاركة فيه.

مصر عادت لكأس الأمم الإفريقية بعد غياب 7 سنوات، تخطو بخطى ثابتة نحو التأهل لكأس العالم بعد غياب سيتمم 28 سنة في 2018. كل ذلك بفضل مدرب عانده الحظ في الماضي ويطمح لكتابة الفصل الأخير من مسيرته بحروف من ذهب وتحقيق حلم مصري طال انتظاره بقليل من الدعم والثقة فيما يقدمه.

كوبر لُقب في أوروبا بالمنحوس. اعتاد الحلول في المراكز الثانية مع مايوركا وفالنسيا وإنتر ميلان. تاريخ طويل من ملاحقة ظلال الفائزين. شاركه هذا اللقب الإيطالي كلاوديو رانييري قبل أن يكسر لعنته ويحقق لقبا إعجازيا مع ليستر سيتي. وربما حان دور كوبر لكتابة التاريخ هو الآخر. فلنذهب لروسيا يا سيد هيكتور.

" لست ساحرا، لو كنت ساحرا ما كان هناك داع لنعمل. سنعمل بأقصى مجهود للفوز. لا يوجد طريقة معينة للفوز أو توليفة سحرية له".

التعليقات