دي بور الضحية في إنتر .. وذنب لا يجب أن يتحمله

الثلاثاء، 08 نوفمبر 2016 - 15:49

كتب : علي أبو طبل

فرانك دي بور

أن تكون على أعتاب موسم جديد رفقة مدير فني لست مقتنعا بقدرته على تحقيق أهدافك، ويتشارك جمهورك في نفس الرأي، ولكنك تصر في النهاية على أن يستمر في منصبه ليخوض فترة إعداد موسم جديد بأكملها ثم يرحل قبل بداية الموسم الجديد مُباشرة، فبالتأكيد سوء النتائج ليس مسؤولية المدير الفني الجديد بشكل مباشر في هذه الحالة.

فرانك دي بور قاد إنتر ميلان فنيا بعد رحيل روبيرتو مانشيني قبل بداية الموسم مُباشرة، بعدما قاد المدير الفني الإيطالي فترة الإعداد كاملة، والتي لم تكن ناجحة على الإطلاق في ظل المشاكل والتخبطات، وفي ظل معرفة مُسبقة من اللاعبين بأن مانشيني لن يستمر على أية حال.

جاء الهولندي الذي يمتلك سجلا تدريبيا قصيرا جيدا وواعدا رفقة أياكس أمستردام الذي صنع له فريقا جيدا يضم مواهب واعدة قادها إلى عدة تتويجات بالدوري الهولندي والكأس المحلية، ليخوض تحديا جديدا أكبر من ذي قبل وفي ظل ظروف صعبة، وقد قبل التحدي على أي حال.

سوق انتقالات إنتر كان جيدا وشهد بعض التدعيمات المميزة مثل إيفير بانيجا لاعب الوسط الأرجنتيني قادما في انتقال حر من إشبيلية، وأنطونيو كاندريفا قادما من لاتسيو، والشاب البرازيلي جابرييل باوليستا قادما من سانتوس بالإضافة إلى البرتغالي جواو ماريو قادما من سبورتنج لشبونة البرتغالي، وبعض التدعيمات الأُخرى بأهمية أقل.

Image result for ever banega inter

تدعيمات جيدة للغاية إذا تمت إضافتها لباقي قائمة الفريق –الجيدة- ولكن اللاعبون لن ينجحوا وحدهم إذا لم يكن هناك جو ملائم من الاستقرار ومدير فني نال الوقت الكافي ليضع بصمته ويوظف لاعبيه بالشكل الأمثل.

الكارثة هنا أن دي بور لم ينل الوقت الكافي.. لم يخض فترة الإعداد، ولم يختر اللاعبين الذين تم استقطابهم في السوق الصيفية، ثم تتم مطالبته بأداء جيد ونتائج جيدة ومنافسة على مراكز مؤهلة أوروبية

.

83 يوما كانت فترة كافية، من وجهة نظر مُلّاك النادي، لتقييم دي بور والاقتناع بأنه ليس الرجل المناسب، ومن ثم تم اختاذ قرار رحيله، لتبدأ رحلة البحث عن مدير فني جديد.

دي بور ترك انتر ميلان في المركز الـ11 برصيد 14 نقطة بعد تحقيق الفوز في 4 مباريات، أهمها وأبرزها الفوز على يوفنتوس حامل اللقب، والتعادل في مبارتين، وتلّقي 5 هزائم، آخرها أمام سامبدوريا بهدف نظيفة.

لم يحقق دي بور نتائج كبيرة في الدوري الأوروبي كذلك، بعد تلّقي هزيمتين وتحقيق فوز وحيد على ساوثامبتون الإنجليزي، وإن كان معذورا كذلك، حيث خاض أغلب المباريات الأوروبية بعدد كبير من الاحتياطيين، بينما ركّز بشكل أكبر على مباريات الكالشيو.

الفوز على ساوثامبتون لم يشفع للرجل الهولندي، مثلها مثل الفوز على يوفنتوس في المباراة التي قدّم خلالها بعض الأمارات على أنه قد يكون مديرا فنيا جيدا يحتاج للوقت الكافي، فكانت الهزيمة أمام سامبدوريا مُبررا للإدارة لركل دي بور خارج أسوار النيراتزوري.

في حقيقة الأمر، أغلبية جماهير الإنتر تعي جيدا أن دي بور هو الضحية في تلك الحكاية، فقد دافعوا عن مديرهم الفني المُقال من خلال لافتات رفعوها في ملعب "جيوسيبي مياتزا" في مواجهة الفريق الأخير في الدوري ضد كروتوني، والتي اتهموا خلالها المُلّاك الصينيين بأنهم "لا يفقهون شيئا في كرة القدم ويدمّرون النادي"، وقد يبدو كلامهم منطقيا بالنظر إلى تسلسل الأحداث.

Image result for inter milan fans de boer

جماهير الإنتر لم تقم بلوم دي بور، ومع ذلك قررت الإدارة تحميله المسؤولية وحده دون أن تعترف بخطأها منذ البداية.

بعض اللاعبين يدركون ما تدركه الجماهير. جواو ماريو لاعب الفريق قال في تصريحات لـ "فوتبول إيطاليا" أن دي بور لم يُمنح الوقت الكافي للعمل. ولكن حسب وصفه الدبلوماسي عاد ليقول: "أن الوضع كان صعبا، وأن مدربي الفرق الكبيرة تتم إقالتهم في حال عدم تحقيقهم لنتائج جيدة".

قائد الفريق إيكاردي حمل حديثه نفس المعنى بأن دي بور هو الضحية، حيث قال: "دائما ما يدفع المدرب الثمن. لا يمكنك أن تلوم 25 لاعبا في قائمة الفريق وتقوم بطردهم".

Image result for icardi de boer

على كل حال، تلك السياسة لا تنُم عن إدراك إدارة الإنتر بأنها تقود نادي كبير حقا.

الأحداث الأخيرة بين جدران الإنتر كانت فرصة مواتية لوالتر ماتزاري، المدير الفني الحالي لواتفورد الإنجليزي، والمدير الفني السابق لإنتر ميلان في فترة قريبة بعدما قضى فترة رائعة رفقة نابولي، ليخرج بتصريح يقول فيه أنه لم يحظى بالوقت الكافي مع الإنتر لتحقيق نتائج جيدة مثلما فعل مع نابولي.

النقطة الأهم في حديث ماتزاري والتي يُمكن أن تُلخّص الوضع في إنتر تبدو واضحة عندما قال: "تجربة الإنتر تمر طوال الوقت أمام عيني لأتعلم منها. الأمور هناك لم تكن متزنة في ظل تغييرات إدارية واسعة في النادي".

خلال الأسبوع الأخير، خاض إنتر ميلان مبارتين بعد رحيل دي بور، واحدة ضد ساوثامبتون في الدوري الأوروبي خسرها الفريق بنتيجة 1-2، والثانية أمام كروتوني في مواجهة سهلة بالدوري حسمها إنتر ميلان بثلاثية نظيفة.

قاد الفريق فنيا خلال هذا الأسبوع المدير الفني لفريق الشباب بالإنتر، ستيفانو فيتشي.

فيتشي لم يكن مُطالبا بشئ أكثر من قيادة السفينة إلى بر الأمان حتى يأتي موعد التوقف الدولي، مع إعادة بعض الثقة للاعبين، وربما قد نجح في المهمة نسبيا.

مدرب فريق الشباب يعتقد أن قائمة الفريق قوية وأن النيراتزوري يمتلك خطا هجوميا قويا، وأن الفريق سيجد المسار الصحيح قريبا.

قد يكون مُحقا في جزئية قائمة الفريق، أما المسار الصحيح فالأمر لا يتعلق بقائمة الفريق وجودة اللاعبين وحدهما.

الأخبار حاليا تُشير إلى أن ستيفانو بيولي سيكون المدير الفني الجديد لإنتر ميلان، وقد تم الاستقرار عليه من بين عدد من الأسامي الأُخرى التي قد تم ترشيحها لاستكمال الموسم.

المدير الفني السابق للاتسيو، والذي حقق نتائج كبيرة معهم في الموسم قبل الماضي مؤهلا فريق العاصمة الإيطالي إلى دوري أبطال أوروبا، قد يكون خيارا جيدا للمُلّاك الصينيين من أجل تعديل الدفة.

Image result for stefano pioli

لكن في النهاية، الأمر لا يتعلق فقط بإسم المدرب، بل يتعلق بالمناخ الذي يتم توفيره له وللفريق، ومنحه الثقة والوقت الكافيين، وهو ما لم تفعله إدارة الإنتر في تجاربها الأخيرة مع ماتزاري وبالأخص مع دي بور.

في النهاية، إنتر ميلان خسر مدربا جيدا وواعدا حاول أن يقدم أضافة حقيقية في ظروف صعبة لم يكن له يد بها.

التعليقات