كتب : هشام إسماعيل | الجمعة، 13 مايو 2016 - 19:12

هكذا تحدثت إحصائيات كرة القدم

كرة القدم مرت بمراحل كثيرة ما بين تطور طرق اللعب والتدريب، دخول التكنولوجيا أيضا سهلت المهمة ربما على المديرين الفنيين الذين أجادوا استخدامها فقط.

هناك من حافظ على طريقته الكلاسيكية واستطاع أن ينجح بها وهناك من أخذ من طريقة قديمة حجر أساس لطريقة لعب طورها بنفسه وإلخ.

أيضا ظهرت وظائف جديدة مع مرور السنوات في طاقم الجهاز الفني مع هذا التطور مثل المحلل الفني على سبيل المثال والذي أصبح له دورا كبيرا مع الفرق الكبرى.

من ضمن هذه الطرق التي طورت وسهلت الأمور على الكثيرين كانت الأرقام والإحصائيات التي يجيدها هؤلاء الأمريكيون خاصة في الألعاب ذات الشعبية الكبرى هناك مثل كرة القدم الأمريكية وبالطبع السلة والبيسبول إلخ.

الهوس بالأرقام

الإحصائيات بلا شك مع ظهورها كانت مثيرة للدهشة، فأنت بعد كل مباراة مباشرة تستطيع أن ترى كم مرر فلان تمريرة خاطئة وكم مرة أرسل فلان عرضية صحيحة وكم مرة تدخل هذا بشكل صحيح وكم مرة فشل ذاك في المراوغة من خصومه.

الحياة أصبحت أسهل بكثير على المدربين، ومع انتشار استخدامها في منتصف التسعينات من القرن الماضي أحدثت هذه الإحصائيات هوسا في ملاعب كرة القدم.

واحد من أساطير التدريب أليكس فيرجسون خدعته الأرقام في هذه الفترة وسارع في بيع مدافعه ياب ستام إلى لاتسيو بطريقة مفاجئة، وفسر الكثيرون أنها بسبب كتاب المدافع الهولندي لكن الاسكتلندي العجوز بعد سنوات طويلة أقر بأنه كان خطأ فنيا نادرا منه.

ستام كان قد تقدم في السن وأصبح 30 عاما وتغيرت طريقة لعبه وبات لا يلتحم وتدخلاته قلت، لكن دوره الدفاعي تغير تكتيكيا بشكل جعل لاتسيو يقيمه بـ16 مليون إسترليني عام 2001.

فيرجسون وافق على العرض فورا، الأرقام خدعته وظن أن ستام بدأ منحناه في النزول لكن الحقيقة لم تكن كذلك واقترف خطأ نادرا بالفعل.

الهوس استمر، ليفربول ذهب ودفع 20 مليون إسترليني في الإنجليزي ستيوارت داونينج جناح أستون فيلا الذي يرسل 6 عرضيات صحيحة في المباراة حتى يستفيد منها أندي كارول صاحب القامة الطويلة فربما يسجل هدفا أو اثنين كل مباراة.

لكن ماذا حدث؟ داونينج أنهى الموسم بدون أن يصنع هدفا واحدا في 36 مباراة لعبها، هل خدعت الأرقام مسؤولي ليفربول؟ لأ فاللاعب صنع 55 فرصة محققة لكن لم يسجل زملاؤه.

في الموسم التالي تغيرت طريقة ليفربول مع رحيل دالجليش وحضور رودجرز لم تعد للعرضيات ذات قيمة، سواريز أصبح الرقم 1 بدلا من كارول وحضر ستوريدج ولعب الشاب ستيرلنج بدلا منه وأصبح داونينج رسميا صفقة فاشلة.

إذن هل الأرقام خادعة؟

الإجابة بالطبع لا.. الأرقام ليست خادعة فأنت لديك إحصائية كاملة عن كل لاعب وماذا فعل في المباراة فإذا مرر أحدهم 50 تمريرة صحيحة فإن نسبته 100% هذا أمر حدث بالفعل خلال المباراة.

لكن الأرقام (وحدها) ربما تخدع.. لأن معلومة الأرقام يجب أن تدعم فنيا بتحليل لأداء اللاعب وكيف (تحققت هذه الأرقام)، نعم مرر 100% لكن هل تمريراته كانت أفضل شيء حدث؟

يجب أن تكون هناك معلومة (فنية) داعمة لهذا الرقم.. فمن الوارد أن تكون هذه التمريرة لحارسه في مكان ورطه لتشتيتها بطريقة خاطئة وانتهت بهدف للخصم.

أيضا قبل أيام وبعد إحدى الكرات العرضية الغريبة لأحمد فتحي نال اللاعب قسطا كبيرا من السخط بسببها وبسبب عرضياته السيئة خلال المباراة لتنتشر معلومة أن فتحي أرسل أكبر عدد من العرضيات الخاطئة في مباراة واحدة بالدوري هذا الموسم.

المعلومة صحيحة جدا، ظهير الأهلي لم يرسل أي عرضية صحيحة، لكن هل المعلومة كاملة؟ هل الأرقام وحدها كانت كافية لتدعم نظرية أن فتحي لا يجيد إرسال العرضيات؟ الإجابة بالطبع لا

النظرية لم تكن مدعومة فنيا، هل العرضيات الصحيحة مسؤولية من أرسلها؟ لتفترض أن لديك مهاجم لا يجيد لعب الكرات الهوائية وتمركزه داخل منطقة الجزاء كان سيئا هل يمكنك الآن أن تلوم من أرسلها؟

مثال على كرة عرضية نموذجية من الراحل محمد عبد الوهاب أرسلها في مكان رائع داخل منطقة الجزاء، لكن ما جعلها تحتسب عرضية صحيحة إحصائيا هو تحرك عماد متعب بشكل سليم صوب الكرة في توقيت مناسب.

بما إنهما إحصائيا واحد، هل من المعقول أن تتساوى عرضية كهذه مع عرضية ارتطمت في أول مدافع أمامه؟

فيرجسون كان يقول الشيء ذاته عن عرضيات بيكام، هو يرسلها في مكان رائع وبعدها الأمر مسؤولية المهاجم أن يذهب لها.

فطالما الأمر متوقف على المهاجم فما الجدوى من احتسابها عرضية صحيحة من الأساس؟ الإجابة ببساطة أن المهاجم لديه إحصائية عن الكرات الهوائية التي فاز بها وهنا يأخذ التقدير المناسب له.

..

الأرقام والإحصائيات انتشرت في مصر بشكل كبير وأصبحت هي الهوس الجديد بين الجميع.. يجيد استخدامها القليلون فقط للأسف الشديد لأن الغالبية يضع الكلام في صيغة "انظر لأرقامه! يا له من لاعب سيء".

انظر مثلا إذا بحثت عن كلمة فتحي وعرضية على تويتر انظر كيف يحكم الناس من مجرد الرقم.

هل للأرقام والإحصائيات فائدة؟

كشافو ليستر سيتي سمعوا عن شاب فرنسي يلعب في كان الفرنسي يقطع الكرة بمعدلات خيالية فذهبوا لمتابعته في الملعب ليجدوا ضالتهم في نجولو كانتي الذي بات واحدا من أفضل لاعبي الدوري الإنجليزي.

الأرقام وحدها لم تجعل كانتي لاعبا في ليستر سيتي، لكن على الناحية الأخرى لم يكن كشافو ليستر ليعرفوا عن كانتي شيئا لولاها.

الخلاصة هي أن الإحصائيات تُكمل وجهة النظر الفنية، فهي تكون فاصلة في توثيقها وتدعيمها والعكس صحيح.

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات