فن الحرب – (2) حكاية دييجو كوستا: الكسل والتبجح والنجاح.. وذكرى ميدو

الإثنين، 14 مارس 2016 - 12:51

كتب : محمد الفولي

حينما وصل دييجو إلى البرتغال لم تكن الأمور بالنسبة له في أفضل حال؛ فرغم عدم وجود عائق لغوي وكثرة مواطنيه من البرازيليين هناك، إلا أنه شعر بالملل كثيرا! لم يكن لديه حينها الالتزام الكافي لدرجة الاحتراف.

FilGoal.com يقدم ترجمة لكتاب دييجو كوستا "فن الحرب" والذي تم نشره باللغتين الإنجليزية والإسبانية بقلم الكاتب فران جيين بعدما حصل على حق نشر قصة مهاجم تشيلسي.

يمكنكم قراءة الحلقة الأولى: فن الحرب – (1) دييجو كوستا يحكي: قصة البطة السوداء.. وأول لكمة "غير شرعية".. (اضغط هنا)

والآن مع الحلقة الثانية.. ومن المثير أن كتاب دييجو كوستا "فن الحرب" تضمن اسم نجم مصري. هو أحمد حسام "ميدو".

--

- أرغب في العودة:

كان هناك مكالمة أجراها كوستا مع والده وأخبره فيها بأنه يرغب في العودة إلى البرازيل وترك البرتغال.

ولكن الأخير بعدما أدرك أن نجله أصبح بالفعل في أوروبا وربما يحقق حلمه بأن يصبح شخصا من نسله نجما كبيرا في كرة القدم بكى وطالبه بالاستمرار، واستجاب دييجو.

لم يمر وقت كثير على كوستا في صفوف الفريق الثاني لسبورتنج براجا حتى أثار إعجاب روي بينتو مدرب بينافييل بدوري الدرجة الثانية البرتغالي لذا قرر استعارته.

يقول بينتو: "حينما شاهدته أدركت كونه لاعبا مختلفا، مثل ماسة تحتاج للصقل، تلك كانت النوعية التي أحتاجها في فريقي".

بدأ دييجو يشق طريقه في (لا ليجا دي أونرا) أو دوري درجة الثانية البرتغالي في النصف الأول من موسم 2006-2007 ، حتى التقطته أعين أحد كشافي أتلتيكو مدريد.

- المهاجم البدين:

يقول خابيير هيرنانديز أحد أهم كشافي أتلتيكو مدريد "أول مرة شاهدته فيها كانت في مواجهة بين تشافيس وبينافييل. خبرتي تقول إن الموهبة موجودة في أي مكان، حتى في مباراة تقام على ملعب له مدرج واحد وأرض غير مستوية".

وتابع "ذكرياتي الأولى عن كوستا؟ شاهدت شابا جيدا من الناحية الفنية، قوي بدنيا ولكنه كان بدينا بعض الشيء ولديه جسد غير متناسق، ربما بسبب سوء التغذية".

ثم استدرك "لكن المهم أنه كان يتحرك بوحشية ويحتك بكل من حوله، لدرجة أنني تسائلت: هل عمره حقا 17 عاما".

- الصفقة:

نقل هيرنانديز هذه المعلومات بالطبع لخيسوس جارسيا بيتارتش، المدير الرياضي لأتلتيكو مدريد في تلك الفترة لذا قرر الذهاب لمشاهدة كوستا بشكل مباشر مع السكرتير الفني للـ"روخيبلانكوس" حينها خوليان مونيوز وأثار إعجابه لذا قرر الاجتماع مع اللاعب ووكيله جورجي مينديش.

وانتهى الأمر بالاتفاق على ضمه.

يقول بيتارتش حول تفاصيل الصفقة: "اتفقنا على شراء 50% من حقوق اللاعب وترك الباقي لسبورتنج براجا".

وأوضح "كنا نرغب في شراء اللاعب بالكامل لكن ناديه رفض تماما.. فقمنا بلعبة أخرى".

وحكى "50% من قيمة اللاعب كانت عبارة عن صناديق استثمارية، فقمنا بالحصول عليها. حينها دفعنا في شاب لم يلعب سوى مباريات قليلة في دوري الدرجة الثانية البرتغالي مليون ونصف مليون يورو تقريبا".

- الخل اللاذع:

كانت المهمة الثانية بعد امتلاك 50% من حقوق اللاعب تتمثل في إنقاذه من دوري الدرجة الثانية البرتغالي، لذا عاد إلى سبورتنج براجا في النصف الثاني من الموسم.

حول الفترة التي قضاها كوستا في صفوف الفريق الأول لسبورتنج براجا يقول حارس الفريق الإسباني في تلك الفترة داني مايو: "لم يواجه مشاكل كبيرة في التأقلم بسبب وجود الكثير من البرازيليين، لكنه كان متهورا بصورة كبيرة بل يمكن القول إن الأمر وصل لحد التبجح".

وأفصح "دائما ما كان يستمع للموسيقى هنا وهناك، ويشاكس هذا وذاك، حتى جواو بينتو الذي كان الكل يحترمه بصورة كبيرة".

يضيف مايو "في الملعب كان مثل الخل اللاذع. كان مثل الآن؛ دائم الاحتكاك ويبالغ في سقطاته ويمكنه توجيه ركلات رهيبة للخصم".

وأتم حينما كان يتعرض هو للركل لم يكن يبالي. هذا الأمر كان ملفتا للانتباه، لأنه باستثناء مهاجمي بورتو وبنفيكا في تلك الفترة، فإن مهاجمي باقي الفرق البرتغالي كانوا يسقطون من لمسة واحدة".

- الوصول لإسبانيا:

تعرض كوستا عقب مشاركته في سبع مباريات مع الفريق الأول لسبورتنج براجا لكسر في المشط توجب خضوعه لجراحة أبعدته عن الملاعب لمدة ستة شهور، حيث رأى أتلتيكو مدريد أن هذه الآن هي لحظة جلبه لإسبانيا.

يقول كشاف الأتلتي، خابيير هيرنانديز: "كانت توصيتي الأولى هي أن يتم إرساله للفريق الثاني للأتلتي والتركيز على بنيته العضلية ونظامه الغذائي وأقلمته على نظام اللعب الجماعي".

وتابع "حسنا حينما وصل للمطار لم يكن أحد يعرفه تقريبا. كان يوما في غاية البرودة ولكن مندوب الفريق الذي ذهب لاستقباله يقول أنه كان يرتدي بنطالا قصيرا وصندلا. هكذا بدأ مسيرته في إسبانيا!".

من الطريف أن رئيس النادي في المؤتمر الصحفي لتقديم اللاعب قال إنهم تعاقدوا مع "كاكا الجديد"، فيما أن أي من الصحفيين لم يكن يعرف من هو كوستا أصلا، كما يقص الصحفي سرخيو بيريلا.

لهذا اضطرت إدارة أتليتكو لتوزيع اسطوانة مدمجة للإعلاميين بها بعض اللقطات الخاصة بكوستا لكي يتعرفوا عليه.

- اللاعب المهمل:

قلنا من قبل أن هذه هي قصة البطة السوداء التي لم ترغب في التخلي عن القبح ولكنها تحولت في النهاية لطاووس وهذا ليس من فراغ.

يقص بيتارتش واحدة من أغرب الحكايات عن كسل كوستا في بداية تواجده مع أتلتيكو مدريد قائلا: "في ذلك الصيف كان كوستا تعافى منذ وقت قليل، ولكنه كان يتدرب دون ربط الحذاء وكان يركض بالتدريبات في مسار المضمار الأقرب للملعب توفيرا للوقت والجهد".

يتابع المدير الرياضي للأتلتي حديثه "أتذكر أن المدرب خابيير أجيري جاء في يوم ما وقال لي (ألن تعيره وتبعده عنا؟ إنه ممل وكسول ويتدرب بشكل كارثي بل ويركض دون ربط أحذيته)".

وأردف "فأجبته وقتها (أن تعرف طبيعة عملك أليس كذلك؟ عليك أن تعلمه إنه ليس لاعبا في الثلاثين من عمره، بل هو في الـ18، وجهه واشرح له ما يجب القيام به)، بعدها بفترة سألته عنه وأخبرني أنه بدأ في التحسن".

- سيلتا فيجو وذكريات ميدو:

كانت أول مباراة يخوضها كوستا مع الأتلتي في 11 أغسطس 2007 ببطولة كأس فيجو الودية أمام سيلتا فيجو، حيث جذب اهتمام مسؤولي الأخير وزاد هذا الاهتمام بعد مشاهدته لاحقا في مواجهة خيتافي التي حل فيها بديلا وقدم مستوى طيب للغاية حيث سجل هدفا وحصل على بطاقة صفراء.

يقول بيتارتش إنه لاحقا جرى اجتماع مع مسؤولي سيلتا حيث وافق على إعارة ماريو سواريز وكوستا للفريق الذي كان يلعب حينها في دوري الدرجة الثانية، ولكنه شدد على ضرورة المتابعة المستمرة لدييجو و"تربيته رياضيا".

يضيف المسؤول "لم يكن لعب تقريبا في أي ناد. لا يعرف أي شيء عن أجواء غرف الملابس أو آداب الزمالة داخل الفريق الواحد، اذا لم تراقبوه ستكون كارثة وستخسروا نقودكم!".

كان تأقلم كوستا مع سيلتا فيجو في الدرجة الثانية سريعا حيث لم يتأخر في التسجيل وأيضا إثارة الجدل، ففي الجولة السابعة أحرز هدفا في مرمى خيريث ولكنه كان بطلا لواقعتين مؤسفتين في نفس المباراة.

فأثناء التوجه لتسديد ركلة ركنية ظل يلف ويدور حول الكرة بشكل مستفز مما أدى لإثارة غضب لاعبي الخصم، ولكن الأسوأ كانت الاشارات الساخرة التي وجهها لهم بعدها ليبدأ شجارا عنيفا على أرض الملعب ليحصل على بطاقته الصفراء الثانية ويطرد.

بعدها قرر مدرب سيلتا في تلك الفترة خريستو ستويشكوف استبعاده لفترة من الفريق ثم رحل الأخير وجاء بدلا منه خوان رامون لوبيز كارو، حيث كان من ضمن الأشياء الغريبة التي تحدث هو أن دييجو لم يكن يتدرب بشكل جيد ولكنه يظهر بمستوى طيب في المباريات.

كان هذا الأمر يدفع بعض جماهير الفريق لتذكر المهاجم المصري أحمد حسام "ميدو"، للتشابه بينهما في مسألة التمتع بموهبة كبيرة، تذبذب المستوى، التدريبات القليلة والمباريات الجيدة، العصبية والمزاج السيء، وإحراز الأهداف.

التعليقات