فن الحرب – (1) دييجو كوستا يحكي: قصة البطة السوداء.. وأول لكمة "غير شرعية"

الأحد، 13 مارس 2016 - 12:16

كتب : محمد الفولي

هذه ليست القصة الرومانسية التي قرأتها دائما عن حالة من العشق والوله بكرة القدم. إنها قصة البطة السوداء القبيحة التي تلطخت بالوحل ولكنها في النهاية تحولت إلى طاووس. إنها قصة دييجو كوستا.

في مدينة لاجارتو الصغيرة، التي لا يتعدى تعدادها 100 ألف نسمة ويعمل أغلب سكانها بالزراعة ولد دييجو في السابع من أكتوبر عام 1988 لأم تعمل كمدرسة في الروضة وأب مزارع يهوى لعب كرة القدم.

كان والد دييجو يأمل في أن يخرج من نسله لاعب لكرة القدم، لذا أسمى ابنه الأولى جايير تيمنا بالأسطورة البرازيلي جاييرزينيو، فيما حصل الثاني على اسم أسطورة الأرجنتيني دييجو أرماندو مارادونا.

تعلم دييجو الكرة في الشارع مع أصدقاءه وهو الأمر الذي ربما يفسر كثيرا طريقة لعبه الحالية.

يقول كوستا: "في الشارع عليك أن تكون أكثر مكرا، لم أكن أقدر على السيطرة على نفسي داخل هذا الإطار. كان أقل شيء يشعرني بالضيق والاستياء".

فوضوية

بعيدا عن كرة الشارع، فإن أول احتكاك لكوستا باللعبة كان في مدرسة "بولا دي أورو" أو "الكرة الذهبية" هو في التاسعة من عمره، ولكن قلة الإمكانيات جعلت عملية التعلم فوضوية وغير منظمة.

ورغم هذا لا يزال يحتفظ فلافيو أوجوستو ماتشادو مدربه في تلك المدرسة البسيطة، التي أصبح كوستا يمولها في الوقت الحالي، بذكريات عن ذلك الطفل المتمرد صاحب التسع سنوات.

ويحكي مدرب المدرسة يقول: "لم أدرب أحدا يقاتل في الملعب مثله، كان يرغب فقط في الفوز. ظل معي حتى عمر الـ13".

وحينما أصبح عمر كوستا 14 عاما انتقل لمدينة ساو باولو وحينها فكر في ترك الكرة حيث كان كل ما يرغب فيه هو جمع النقود حيث يقول: "شقيقي بدأ في الخروج للحفلات الليلية، ولم تعد لدي رغبة في لعب الكرة".

وتابع "كنت مهتما بالمال لسد احتياجاتي. لم أكن ما أحصل عليه من والدي كافيا، فلنقل أنني لم أكن أقدر على دعوة فتاة للخروج لتناول الطعام. لم أكن أستمتع. وكنت سأخجل من أن تسدد هي الحساب".

عتال

لهذا السبب بدأ دييجو في العمل مع عمه كعتال على شاحنة كان يمتلكها الأخير، حيث كان يذهب للحدود مع باراجواي لجلب البضائع ثم يعودا لاحقا لبيعها لأحد المراكز التجارية.

ولكن العم الطيب إدسون رأى أن هذا الأمر غير مناسب لقدرات ابن أخيه.

يضيف كوستا "كان عمي يخبرني بضرورة عدم نسيان الكرة. كان له عدة صلات بلاعبين وأندية وطالما أوصى معارفه بتجربتي في الوقت الذي كنت أرفض فيه لعب الكرة مفكرا فقط في النقود".

وتابع "الحقيقة أنه كان يدفع لي أكثر مما أستحق بسبب صلة القرابة، هذا بخلاف أنني كنت أبيت وأتناول الطعام في منزله بالمجان، لدرجة أنني تمكنت من الإدخار وشراء دراجة نارية للسفر للاجارتو لزيارة أمي ولكنها أجبرتني لاحقا على بيعها".

تمكن ادسون في النهاية من إجبار كوستا على خوض تجربة مع برشلونة اسبورتيفو كابيلا، أحد الأندية الموجودة في ساو باولو والتابعة لإحدى الشركات المحلية التي كانت تستثمر في اللاعبين الشباب، الأمر الذي كان يتسبب في وجود حضور دائم لكشافي الأندية لمتابعة المواهب الجديدة واصطيادها.

يقول كوستا: "عمي أقنعني بالأمر بعدما قال لي إنه سيسدد لي راتبي دون العمل معه طالما سأوافق على كلامه، ولكن هل تدري ما الذي فعله؟ لم يدفع لي شيئا بعدها".

كان أداء كوستا مع أول فريق حقيقي يلعب له مرضيا للغاية، خاصة مع الأخذ في الاعتبار أن عمره كان 16 عاما وهذه أول مرة يدخل في منظومة كروية حقيقية، ثم اختاره النادي ضمن مجموعة من اللاعبين لخوض تجربة تعايش مع نادي يوراكان المعروف في كل أنحاء البرازيل بأنه الفريق الذي لعب له دوندينيو والد الأسطورة بيليه.

شارك كوستا هناك في مجموعة من الوديات وبطولة ريو دي جانيرو تحت 17 عاما حيث يقول رئيس يوراكان، أماوري جراسياني في ذكرياته عنه: "كان دائما يسعى وراء هز الشباك، سجل بعض الأهداف حينها، لا أتذكر كم مرة، ولكن كان له بصمته".

لكمة أولى

عاد كوستا لناديه الأصلي وشارك معه في عدة مباريات ولكنه كان على موعد مع حدث سيغير حياته حيث يقول "أتذكر جيدا أنه كانت هنالك مباراة لم يكن يجب أن ألعبها لأنني في الأساس كنت موقوفا بعدما لكمت لاعبا وهاجمت الحكم بعدما طردني، ولكن لا أعرف ما هي الخدعة التي قاموا بها لكي ألعب".

يشير دييجو بكلماته إلى مدربه وأرماندو سيلفا، صائد المواهب المتعاون مع شركة (جيستيفوتي) الخاصة بأشهر وأنجح وكيل لاعبين على مستوى العالم: جورجى مينديش الذي طلب التقرب من اللاعب بعد وصول تقارير ايجابية بخصوصه.

يقص كوستا "عقب نهاية المباراة وجدت ذلك الرجل الذي أخبرني بأنه يعمل مع مينديش وقادر على تمكيني من اللعب في أوروبا، تحديدا في سبورتنج براجا، لذا لم أتردد في تحرير العقد سريعا".

لم تتقبل عائلة كوستا الأمر في البداية لدرجة أن والده وعمه ذهبا لنادي ساو كايتانو مع العقد كعنصر ضغط للحصول على عرض بنفس الراتب وهو ما حدث ولكن دييجو رفض لأنه كان عازما على خوض التجربة.

التعليقات