جوارديولا وطرق أخرى للفوز – (5) عن فان جال وشائعة الإيدز.. والرحيل عن برشلونة

الخميس، 07 يناير 2016 - 13:30

كتب : محمد الفولي

تعرض جوارديولا في مطلع الموسم التالي بمواجهة سكونتو ريجا اللاتفي في دوري الأبطال لإصابة عضلية لم يتم تشخصيها إلا بعد فوات الأوان، ليغيب بيب عن أغلب فترات موسم 1997-1998 الذي خضع في نهايته لجراحة ولكن الفريق تمكن من التتويج بثنائية الليجا والكأس.

كانت عملية التعافي من الإصابة بطيئة ومملة واستغرقت حوالي 15 شهرا، فلم يكن بيب قادرا على اللعب دون آلام إلا في منتصف موسم 1998-1999 ، حيث كانت أول مباراة له أمام ديبورتيفو لاكورونيا على ملعب رياوزور في الخامس من ديسمبر

خلال تلك الفترة كان هناك من يظنون بسوء نية أن غياب جوارديولا الطويل الذي تزامن مع وصول فان جال لم يكن صدفة أو بسبب الإصابة!

وصل الأمر بالبعض لقول إن اللاعب كان يتجنب العمل تحت إمرة الهولندي وربما يكون السبب وراء انتشار هذه الأخبار العلاقة الصعبة بين فان جال ووسائل الاعلام البرشلونية.

كان الواقع عكس هذا تماما.

فان جال كان يرى بيب بمثابة الوريث الطبيعي لجييرمو أمور. بينما كان جوارديولا شغوفا بالتعلم من المدرب الذي كان يكن له إعجابا كبيرا لذا كان يقضي معه وقتا طويلا يتحدث عن كرة القدم والتكتيكات ومراكز وتمركز اللاعبين وأساليب التدريبات.

يقول بيب بنفسه: "كان فان جال بجانب خوانما ليو أكثر مدرب تحدثت معه، وبالأخص في البداية لأن الحديث في النهاية كان قليلا للغاية في الكم والمحتوى".

بيب يفهم هذه الأمور

كان فان جال يرى في بيب منذ اليوم الأول القدرة على قيادة باقي زملاء الفريق والنقاش والتأنيب اذا ما وقعت أخطاء.

لذا يقول الهولندي "جعلت جوارديولا قائدا للفريق لأنه كان فتى يعرف كيف يتحدث عن كرة القدم. كان يبدو لاعبا صاحب معرفة تكتيكية مرتفعة، جوارديولا كان يتحدث كمدرب، وهو شيء لا يقدر لاعبون كثيرون على القيام به".

يضيف فان جال "جوارديولا كان يعتاد توجيه تعليماتي للاعبين مثل فيجو حول أين يجب أن يتموضعوا أمامه على طرفي الملعب لتلقي الكرة في أفضل صورة.. بيب يفهم هذه الأمور، هذا بخلاف كونه شخص جيد، كل هذه الأشياء تساعد حينما كان يوجه زملاءه".

بمرور الوقت وتطور العلاقة بين المدرب والقائد بيب أصبح الأخير يتجرأ على القيام بما هو أكثر من نقل تعليمات فان جال للاعبين، حيث كان يضيف من جانبه بعض البدائل التي كان يرى أنها ربما تصب في مصلحة الفريق.

يقول فان جال حول هذا الأمر: "بيب كان دائما شخصا متواضعا، كنا نتحدث كثيرا وكان يقترح أفكارا أخرى ولكن دون محاولة فرضها".

ستويشكوف والقواعد

ويضيف فان جال "سأقص مثلا ما حدث مع ستويشكوف الذي لم يكن يرغب في قبول قواعدي، الانضباط بالنسبة لي هو عنصر لا يمكن الاستغناء عنه، اذا ما كان الانضباط غير متوافر خارج الملعب لا يمكن أن يطبق داخله".

"دائما ما كنت أقول له اذا لم تطعني لا يمكنني ضمان استمرارك في الفريق، بل حتى أجبرته على المران مع برشلونة (ب)، ولكن بعض اللاعبين كانوا لا يرون هذه فكرة صائبة، لذا فإن جوارديولا القائد حينها طلب مني منحه فرصة اخرى ووافقت ولكنه عاد ليحبطني مجددا وأنذرته مرة أخرى".

"هنا وجدت بيب يقترب مني ويقول: افعل ما شئت منحناه فرصة ولكنه لم يستغلها.. جوارديولا كان يعرف أهمية ستويشكوف للفريق، ولكن توجد قواعد وحدود أهمها أن الفريق يجب أن يكون أولا".

لا يمكن أبدا التقليل من حجم آثار الدروس التي تعلمها جوارديولا من فان جال حيث يقول بيب "لست متأكدا من كونه أفضل مدربا في العالم، ولكنه بكل تأكيد من ضمن أفضل المدربين في العالم، لقد تعلمت الكثير منه".

إيدز

كان رئيس برشلونة جوزيب لويس نونييز متشككا بخصوص حالة جوارديولا وقدرته على الاستمرار لذا استشار أحد أطباء النادي والذي أعطاه تقريرا ايجابية ولكن المسؤول أصر على السؤال بخصوص الحالة الذهنية والنفسية للاعب بشكل غير طبيعي.

تنامى إلى مسامع بيب ما يثار بخصوص انعدام ثقة الرئيس فيه وبدأت تسري في شوارع برشلونة شائعات تربط "الإصابات الغامضة" لجوارديولا بتعرضه لعدوى مرض الايدز!

بيب كان مؤمنا بأن مثل هذه الشائعات لم تبدأ من داخل الفريق أو زميل أو حتى صحفي بل وحتى جماهير الفرق المنافسة، لذا انصب كل تفكيره على الإدارة خاصة وأنها لم تفعل شيئا لإسكات تلك الأقاويل والدفاع عن قائد الفريق.

أصبحت قدرة بيب على الاستمتاع بالكرة في ناد لا يشعر فيه بالاحترام أو الدعم صعبة للغاية، هذا بخلاف الأجواء السلبية في الفريق وانخفاض معنوياته الشخصية بصورة قوية نتيجة للمفاجأة التي نفذها صديقه لويس فيجو وأذهلت العالم بانتقاله لريال مدريد.

انقلبت الأمور والأجواء من ناد يتمتع بمناخ كروي استثنائي كاد يقارب ما حدث ابان حقبة الـ"دريم تيم" إلى مؤسسة تعاني من الإحباط والتأنيب والتخبط، فيما صبت جماهير برشلونة إحباطها وغضبها ومشاعرها السلبية على لويس فيجو في زيارته الأولى لكامب نو بعد أن كان قبلها بشهور بطلها المفضل.

من جانبه كان بيب يواجه صعوبة تلك اللحظة في معرفة كيفية التحكم في مشاعره المتناقضة تجاه النجم البرتغالي الذي كان يكن له الكثير من الود، ولكن في النهاية كان الاستياء والرغبة في الابتعاد عن كل هذا هو ما انتصر حيث قرر جوارديولا أن وقت الرحيل قد حان.

وقت الرحيل

يقص وكيل جوارديولا، جوزيب ماريا أوروبيتج كواليس تلك الفترة قائلا "حينما يتخذ قراره، فلا يوجد أي سبيل لتغيير رأيه"، موضحا أن بيب أخبره بعدم بدء مفاوضات لتمديد تعاقده مع برشلونة.

وأقيمت مراسم وداع بيب قبل نهاية الموسم بشهرين في مؤتمر صحفي حضره عدد كبير من المراسين في كامب نو حيث حضره اللاعب وحده دون ممثل عن الإدارة كما تجري العادة حيث كان الرئيس الجديد جوان جاسبارت مشغولا في رحلة عمل.

تحدث بيب بنبرة مكسورة حينها وقال "كان عمري 13 عاما حينما دخلت النادي وعمري الآن ثلاثين عاما وأنا رب عائلة".

"مسيرتي قاربت على الانتهاء وأرغب في خوض تجارب جديدة بالخارج للتعرف على دول وثقافات ودوريات أخرى، بشكل ما أشعر أنني أكثر حرية وهدوء وراحة".

كريستينا

رحل جوارديولا عن برشلونة في 24 يونيو 2001 بعد 11 موسما قضاها في الفريق الأول، كأخر الرموز المتبقية من الـ"دريم تيم" بين جدران الكامب نو بعد أن شارك في 379 مباراة وتسجيل 10 أهداف والتتويج بـ16 لقبا تتضمن ستة دوريات وكأس الأندية الأوروبية البطلة مرة وكأس الملك مرتين وكأس الكؤوس الأوروبية مرتين.

وكانت أخر مباراة لعبها برشلونة في كامب نو هي اياب نصف نهائي كأس الملك حينما خسر الفريق من سيلتا ولكن هناك ظلت رفيقته كريستينا تنتظره بعد أن أصبح الملعب فارغا، لدعمه كما فعلت دائما منذ اليوم الأول الذي التقيا فيه بأحد محلات الملابس بالصدفة، حيث سارا معا وبجانبهما وكيله في طرقات وجنبات الملعب لتوديعه وانتظار ما سيجلبه المستقبل.

يتذكر كارليس ريكساش قصة رحيل جوارديولا بقوله "حينما رحل بيب، كان شيئا صعبا، شوهوا سمعته بصور يصعب تخيلها، كان بيب يشعر بالارهاق وعانى كثيرا على الرغم كونه واحدا من هؤلاء الأشخاص الذين لا يتأثرون بسهولة، الحمل كان صعبا، لذا شعر كما لو كان قد تحرر حينما رحل".

--

يستعرض FilGoal.com كتابا جديدا.. "طريقة أخرى للفوز" الذي يحكي حياة المدرب الإسباني بيب جوارديولا منذ طفولته وحتى رحيله عن برشلونة.

هو واحد من انجح الكتب الرياضية في السوق الإسباني وترجم لعدة لغات، ويقدم الكثير من القصص والحكايات عن مسيرة جوارديولا ولاعب والصعوبات التي واجهها بجانب شرح الكثير من الجوانب الفنية والتكتيكية في مسيرته التي قادته ليصبح واحد من أبرز المدربين في الوقت الحالي، هذا بجانب حوارات مع المدرب نفسه وعدد من لاعبيه ومنافسيه.

وألف الكتاب الصحفي الإسباني المخضرم جييم بالاجيه، صاحب الخبرة الكبيرة في المجال الرياضي بالعمل مع كل من (سكاي سبورتس) و(آس) و(تيليجراف) و(بليتشر ريبورت).

اقرأ الحلقة الأولى.. (اضغط هنا)

اقرأ الحلقة الثانية.. (اضغط هنا)

اقرأ الحلقة الثالثة.. (اضغط هنا)

الحلقة الرابعة.. (اضغط هنا)

التعليقات