هر بيب (11): سر بكاء جوارديولا.. وعدم مصافحة مورينيو

الأحد، 24 مايو 2015 - 13:57

كتب : أحمد مصطفى

الحلقة 11 - عنوان الكتاب يعني بالألمانية "السيد بيب". ويتضمن مذكرات ينشرها الكاتب الكتالوني مارتي بيراناو المقرب من جوارديولا.

تدور المذكرات حول كواليس وأسرار الموسم الأول لجوارديولا في بايرن ميونيخ. عن نجاحاته وإخفاقاته ومشاكل عانى منها بعد الرحيل عن برشلونة، وذلك بالاستعانة بشهادات جوارديولا نفسه بجانب لاعبي ومسؤولي بايرن.

والكاتب مارتي بيراناو هو بطل أوليمبي سابق في القفز بالزانة، من أبناء مدينة برشلونة، تخصص في الاعلام الرياضي بعد اعتزال ألعاب القوى.

جوارديولا منح بيراناو فرصة دخول كل الأماكن وتسجيل المحاضرات لـ200 يوم شرط ألا يكتب أي شيء في الكتاب إلا بعد انتهاء الموسم. وهو ما حدث فعلا.

- سر بكاء بيب:

لم يتمكن جوارديولا من السيطرة على دموعه.

اللاعب الشاب هويبرج كان يبكي في غرفة مدربه، تم تشخيص مرض والده بإنه مصاب بالسرطان، شقيقه الأكبر مسافر، ويتعين عليه أن يرعى والده وأن يترك التدريب.

احتضن بيب اللاعب صاحب 17 عاما وظل يبكي، تذكر كوابيس عاشها من قبل مع أبيدال وفيلانوفا، عانا من السرطان ايضا.

أخبر بيب اللاعبين والصحفيين بأنه سيفتقد للاعب مهم للغاية بسبب ظروف خاصة.

ظهر المدرب متأثرا خلال المران، تذكر صديقه ومساعده السابق فيلانوفا، الذي رحل عن الحياة. تذكر أيضا أبيدال.

جوارديولا طلب التعاقد معه حين وصل الى بايرن، لكن رومينيجه وأوينس لم يحبذا الفكرة, شعرا بالارتياب لأن برشلونة لم يجدد عقده.

كان بيب يرى في أبيدال خيارا ممتازا للعب كقلب دفاع أو ظهير، كان سيساعد ديفيد ألابا كثيرا، كما سيلعب دورا معنويا لتحفيز اللاعبين.

الإيطالي كلاوديو رانييري مدرب موناكو اتصل هاتفيا بجوارديولا، استشاره في مسألة التعاقد مع أبيدال.

أجاب بيب بلا تردد "تعاقد معه فورا، لن تندم".

بعد أشهر اتصل رانييري بجوارديولا مجددا، شكره على النصيحة. أبيدال يلعب أساسيا مع فريق الإمارة بل ويتألق.

- صدام جديد مع مورينيو:

سافر الفريق الى براغ لخوض مباراة السوبر الأوروبي. مواجهة جديدة لبايرن امام تشيلسي، ومواجهة جديدة لجوارديولا امام مورينيو بعد ترك إسبانيا.

الخطة أمام تشيلسي كانت التحكم في الكرة، منع الهجمات المرتدة، والهجوم ثم الهجوم ثم الهجوم.

هذه المواجهة رقم 16 بين جوارديولا ومورينيو، الأفضلية الرقمة لبيب، 7 انتصارات، مقابل 5 تعادلات و3 هزائم، يعرفان بعضهما تمام المعرفة.

يعرفان بعضهما منذ كان بيب قائدا لبرسا، ومورينيو كان المدرب الثاني بالفريق، تاريخ طويل من الذكريات في غرف الملابس والتدريبات والمباريات، قبل أن تنقلب الصداقة لمنافسة خططية عنيفة.

مورينيو يعرف أن جوارديولا يريد الاستحواذ على الكرة والهجوم، وجوارديولا يعرف أن مورينيو يبحث عن كرة مخطوفة ليركض مثل الفهد في مرتدة سريعة ليسجل منها.

- مصاب ينقذ رقبة بيب:

كان خابي مارتينيز يحتاج للتدخل الجراحي لعلاج إصابته. بيب كان يفكر بعمق داخل حافلة الفريق، وفجأة اتصل بالطبيب:

"أوقف العملية الجراحية لمارتينيز، نحتاجه في براج".

كان نهائيا متوترا للغاية، بايرن نجح في التعادل (2-2) قبل 9 ثوان فقط على انتهاء الدقيقة 121 ، بعد امتداد المباراة لشوطين إضافيين.

مارتينيز هو الذي سجل الهدف الحاسم.

الحكم السويدي جوناس إريكسون قام بتمديد وقت الشوط الإضافي الثاني دقيقة واحدة بسبب توقف اللعب.

أنقذ مارتينيز جوارديولا من خسارة ثاني نهائي على التوالي خلال شهر واحد، أعطى بايرن فرصة أخرى ليجرب حظه في ركلات الترجيح.

قبل ثلاثة ايام من المباراة كان مارتينيز على أعتاب غرفة العمليات، وخرج منها بمكالمة بيب، لأن شفاينشتايجر تعرض لإصابة بالكاحل، وكذلك أصيب تياجو ألكانتارا، وجوتزه ليس جاهزا تماما، كان لا بد أن يلعب مارتينيز ولو بساق واحدة.

رفض بيب إشراك توماس مولر في وسط الملعب لأنه وعده بذلك، كان أدائه غير جيد في هذا المركز.

مورينيو أفضل من يلعب في ظهر لاعبي الوسط، ويستغل الهجمات المرتدة.

- الرعب من ركلات الجزاء:

مرة أخرى ستحكم ركلات الترجيح بين بايرن وتشيلسي بذكريات نهائي دوري الأبطال في أليانز أرينا قبل عام واحد.

لو كان الأمر بيد جوارديولا لما لعب ركلات الترجيح، الفريق ليس بارعا فيها، خلال الأسابيع الأربعة الماضية سجل 3 ركلات ناجحة من أصل 5.

تشيلسي هاجم بضراوة منذ البداية، وسجل أول هدف عن طريق فرناندو توريس، مرتدة سريعة قادها هازارد، راوغ أكثر من لاعب، وتعاون معه شورله.

بيب استشاط غضبا من التخاذل الدفاعي.

- لام نقطة التحول:

بعد نصف ساعة من المباراة حدث أمر مفاجيء أصبح بعد ذلك قاعدة ثابتة في الموسم.

كروس يعاني في الملعب. تشيلسي يمرر الكرات من وراء ظهره، يبذل جهدا كبيرا للدوران بجسده والعودة للدفاع.

في تلك اللحظة قال دومينيك تورينت مساعد بيب: "لماذا لا نضع فيليب لام في الوسط كمحور ارتكاز بجانب كروس؟".

احتاج بيب لثانيتين للتفكير في الأمر، شرب جرعة ماء ثم تقدم نحو خط الملعب وبدأ في الصراخ "توني..أنت وفيليب..رقم 6 ورقم 8".

لام يلعب في صفوف بايرن منذ كان في الـ11 من عمره، كان مدربه في مرحلة الناشئين هيرمان جيرلاند، مساعد هاينكس السابق ومساعد بيب الحالي، كان يعتمد عليه في أكثر من مركز، وأشركه في خط الوسط.

يقول دومينيك تورينت "اذا فزنا بشيء هذا الموسم سيكون بفضل لام، وجوده في الوسط ينظم الفريق بأكمله".

بدأ بايرن يسيطر على اللقاء بفضل لام، رافينيا ايضا اتجه للهجوم، وأصبحت الخطة 3-1-3-3 ، أصبح كروس أكثر راحة وتحررا في الملعب، وكذلك مولر.

بعد الاستراحة تعادل ريبيري من قذيفة بعيدة، ريبيري ركض بحماس واندفع بجنون نحو بيب، أمسكه بيب من عنقه ولصق ريبيري رأسه في رأس مدربه.

بعد 6 ايام فاز ريبيري بجائزة أفضل لاعب أوروبي، وأهدى الجائزة لجوارديولا.

سيطر بيب على اللقاء، وقرر في الدقيقة 55 سحب رافينيا والدفع بمارتينيز في الوسط، لام عاد كظهير أيمن.

تبادل الفريقان الفرص الخطيرة، وكانت نقطة التحول طرد راميريز من صفوف تشيلسي اثر تدخل عنيف ضد جوتزه في الدقيقة 85.

انتهى الوقت الأصلي، وفي الاستراحة طالب بيب لاعبيه بـ"العدائية"، الهجوم دون توقف والدفاع باستبسال، وعدم تكرار خطأ هدف توريس.

لم تمر أكثر من دقيقة ونصف على الشوط الإضافي الأول حتى حدث النقيض تماما.

ازار يتلاعب بدفاع بايرن، يخترق من الجانب الأيسر، يراوغ لام وبواتينج دون ضغط، ونوير يخطيء لتهتز شباكه بهدف من البلجيكي الرائع.

مورينيو يتقدم 2-1 وهو بـ10 لاعبين.

رد فعل جماهير بايرن كان مذهلا وسريعا، أصواتهم هزت الملعب، أبطال أوروبا بوسعهم التعادل.

الخدعة كانت تقدم مارتينيز كمهاجم.

بايرن سدد 38 كرة على مرمى بيتر تشيك، ضاعت الكثير من الفرص، ثم نجح مارتينيز المصاب في إدراك التعادل قبل النهاية بـ9 ثوان.

مورينيو اتجه الى مقاعد بدلاء بايرن، قام بإشارة معناها أن جوارديولا يملك حظ الدنيا كله.

صحيح، أهم 4 أبطال في تلك اللعبة: الكرة، المساحات، الزمن، والحظ.

- لم أسدد ركلة في حياتي:

تتبقى ركلات الجزاء.

لم يكن بيب معتادا على تكليف لاعب واحد بتسديد ركلات الجزاء، يترك اللاعبين لتحديد ذلك بأنفسهم.

بايرن لديه عدد من اللاعبين البارعين في التسديد: ألابا ومولر وكروس وشفاينشتايجر، لكن ركلات الجزاء لها ذكريات سيئة للنادي البافاري، يتذكر كيف خسر نهائي دوري الأبطال على ملعبه امام تشيلسي دي ماتيو (3-4) سجل لام وماريو جوميز ونوير، وأضاع أوليتش وشفايني.

في وسط الحماس وتوتر الأعصاب، كان بيب باردا. قام بتجميع كل اللاعبين وحتى المساعدين، كلهم انتظروا خطابا حماسيا، لكن بيب كان هادئا ومبتسما.

اختار جوارديولا في تلك اللحظة الصعبة الحديث عن "كرة الماء".

قال بيب: "أنا لا أعرف تسديد ركلات الجزاء، لم أسدد أي ركلة في حياتي، لكن هذا الرجل هو أفضل من يسدد ركلات جزاء في العالم".

أشار الى مساعده مانيل استيراتي بطل العالم السابق في كرة الماء.

استيراتي بدأ في تلاوة نصائحه وسط صمت الجميع: "أمران فقط لا ثالث لهما، أولا تحديد المكان الذي ستسدد به قبل التسديد، احسم قرارك أولا ولا تفكر مطلقا في التراجع، ثانيا قل في سرك 1000 مرة أنك ستسجل قبل التسديد، لا تخف".

أخبر جوارديولا لاعبيه "لا توجد قائمة لاختيار المسددين، اختاروا فيما بينكم، حرية الاختيار متروكة لكم، وبالترتيب الذي تريدونه، لا يهم، سنسجل من كل تسديدة".

سجل بايرن ركلاته الخمسة، ألابا - كروس - لام - ريبيري - شاكيري على الترتيب، وتصدى نوير لركلة لوكاكو الأخيرة.

بايرن توج باللقب الوحيد الذي كان ينقصه، وجوارديولا حقق لقبه الأول مع فريقه الجديد، وثالث سوبر أوروبي في مسيرته.

ريبيري اختير كأفضل لاعب في السوبر، ونسب الفضل الى بيب.

مورينيو ترك الملعب دون مصافحة جوارديولا.

عينا بيب كانتا تلمعان، كان بحاجة لانتصار كهذا، اعترف بأن لولا هذا الكأس لواجه أزمة مع بايرن.

ركلات الجزاء التي كانت ترعبه سابقا أزاحت حملا ثقيلا اليوم من على صدره.

التعليقات