"يااااه.. ده الماتش ده عمره أكبر منك.. انت عندك كام سنة؟" .. هكذا بدأ الكابتن عبد الرؤوف عبد العزيز الحكم المساعد الدولي السابق حديثه عن مباراة القمة الشهيرة عام 1982، التي حولت – بقرار منه - اتجاه درع الدوري في غمضة عين من القلعة البيضاء، إلى القلعة الحمراء.

كنت جالسا مع محمد حسام الدين منذ أيام، وفي سياق الحديث تطرقت معه إلى مباراة الأهلي والزمالك التي أدارها، وفيها واحدة من أهم لقطات الكرة المصرية في تاريخها الحديث.

هدف شرعي بنسبة 100% لحسن شحاتة، ألغاه محمد حسام بسبب تسلل غير موجود بالمرة.

فسألت كابتن محمد حسام عن حكم الراية الذي زامله في هذا اللقاء "هو فين الكابتن عبد الرؤوف صحيح؟" فأجابني "كان عيان بس الحمد لله بقى كويس"، فطلبت منه رقمه للاطمئنان عليه.. وجاءت المكالمة

أتم عبد الرؤوف عبد العزيز عامه الحادي والثمانين في فبراير الماضي، فهو من مواليد عام 1933، ورغم ذلك، ذاكرته تبدو قوية وضحكته قوية.. بل وقاده حدسه إلى أن عمر المباراة الشهيرة أكبر من عمري، وهي بالفعل تكبرني بست سنوات.

اطمأن FilGoal.com على صحة عبد الرؤوف، وسأله عن ذكرياته عن المباراة "التي لا تنسى" بحسب حديثه، وعن أمور أخرى.

"اكتئاب السنين"

الأهلي كان يحتاج إلى التعادل فقط لتأمين لقبه الثامن عشر في بطولة الدوري المصري الممتاز والرابع على التوالي، أما الزمالك فكان يبحث عن لقبه الخامس بشرط أن يفوز، ففوز الفريق الأبيض بأي نتيجة يحصد له الدوري بفارق الأهداف.

هدف فوز الزمالك جاء بالفعل، فقط قبل ست دقائق من نهاية الوقت الأصلي من المباراة، لاعبو الأهلي ندبوا حظهم لأن لا وقت لديهم للتعويض، لاعبو الزمالك احتفلوا بهدف البطولة العائدة بعد غياب أربع سنوات، والجمهور الأبيض بدأ في الرقص بالأعلام.. لكن كان لعبد الرؤوف رأي يختلف عن الكرة الأرضية بأسرها، لقد ألغى الهدف..

الهدف ليس جدليا، فإذا أردت اختراع أي قانون يجعل هدف حسن شحاتة في مرمى الأهلي يعتبر تسللا، لن تعرف في حدود المنطق.

يقول عبد الرؤوف، وهو بالمناسبة والد حكم الساحة الدولي ياسر عبد الرؤوف، لـFilGoal.com "والله ما عارف حسبتها أوفسايد ازاي".

وأضاف "هي لحظات سرحان تحدث للحكم، هذا هو التفسير الوحيد.. أنا لا أدري كيف رأيتها تسللا"

سألناه هل علمت بالخطأ خلال المباراة أم بعدها؟ قال "لما روحت البيت عرفت، فضلت قاعد في اكتئاب مش عارف انزل من البيت".

لكن المثير أن عبد الرؤوف لم يشاهد لقطة الهدف إلا بعد أربع سنين، بحسب روايته. فيقول "كنت في ندوة مع عبد المنعم الأسطى (صحفي الأهرام) في نادي طلعت حرب، وتحدثت معه عن القرار الخاطئ.. وعندما ذهبت للمنزل فوجئت باللقطة تعاد أمامي على التلفاز فاضطررت لرؤيتها".

كواليس القرار

- FilGoal.com: حاول أن تضعني في الحدث أكثر، خاصة أن الناس يتذكرون محمد حسام بهذا الخطأ أكثر منك.

يرد مازحا: "الحكم المساعد عندما يخطئ لا يمكنه التراجع، فالراية لن تختفي أو توضع في جيبي، بعكس صافرة الحكم التي يمكن أن تتأخر.. وما حدث أنني – ولا أدري كيف – رأيت أن حسن شحاتة متسلل، فرفعت رايتي".

وأضاف "محمد حسام كان ذكيا، فقد ظل يشير لي من على بعد (هل تقصد أنها تسلل؟ هل أنت متأكد؟ إذا فهي تسلل وأنت المسؤول).. هو أراد أن يزيل المسؤولية عن نفسه طبعا".

في إحدى حلقات برنامج تليفزيوني قال طارق يحيى لاعب الزمالك وقت المباراة "كنا صغيرين، ما كناش نعرف نعترض بعنف حتى.. مع إننا كنا مش مصدقين نفسنا، وإبراهيم يوسف راح لعبد الرؤوف يعترض عليه".

إذا، هل حدث وأن قابلت أيا من لاعبي الزمالك بعد المباراة؟ هل قابلت حسن شحاتة نفسه؟ سأله FilGoal.com فرد "قابلت حسن شحاتة كثيرا، هو راجل راجل.. شهامة ولاد البلد وأخلاقهم. انت عارف إن مفيش ولا مرة من اللي اتقابلنا فيهم فتح معايا سيرة الجون ده؟"

عبد الرؤوف عبد العزيز تولى أعمالا فنية وإدارية في أكثر من لجنة حكام باتحاد الكرة على مدار سبع سنوات مع إبراهيم الجويني ومحمد حسام وجمال الغندور، قبل أن يقرر الابتعاد لرفضه التدخل في شؤونه واختصاصاته.. طلبنا منه أن يتخيل أنه كان في منصب إداري عند وقوع هذا الخطأ، ماذا سيكون قراره؟ هل يعيد المباراة أو يحتسب الزمالك فائزا؟

رد الحكم الذي قرر الاستراحة في منزله والابتعاد عن العمل "طبعا لن أتراجع عن القرار، القرار طالما طلع مفيش رجوع عنه مادام الماتش خلص".

رأيه في الحكام

عبد الرؤوف عبد العزيز ابتعد عن العمل الإداري، لكنه كذلك ابتعد عن إلقاء المحاضرات للحكام مبررا ذلك بأن "الحكام غلسين، وبيوجعوا القلب، وتلاقي واحد عاوز يبان ويتعرف اسمه فيسأل سؤال أي كلام ويتعبني.. فأنا كبرت ومافيش صحة للكلام ده".

وأضاف "الفترة الماضية ظهر العديد من الحكام الجيدين.. لكن خد بالك، ماينفعش تحكم على حكم من غير وجود جمهور، أغلب الحكام الحاليين مادخلوش في اختبارات تخلينا نقول إنهم شاطرين".